icon
التغطية الحية

حرب الناقلات.. ساحة انتقام إسرائيلي لا تجيد إيران الإبحار فيها

2021.03.13 | 04:54 دمشق

ewmfmquxiaa2ckf.jpeg
إسطنبول - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

أصاب صاروخ يوم الخميس الفائت، سفينة إيرانية تسمى "شهر كرد" في شرق البحر الأبيض المتوسط بالقرب من السواحل السورية، مما أدى إلى تدمير عدة حاويات واشتعال نيران محدودة في بعض أجزاء السفينة المستهدفة.

وأشارت صور حاويات السفينة المستهدفة التي نشرتها وسائل إعلام سورية نقلاً عن صحفيين إيرانيين مقربين من وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية، إلا أن الهجوم قد نفذ باستخدام صاروخ جو - بحر فاقد للرأس الحربي القوي، أو بوساطة مدفعية دقيقة التوجيه لا تحتوي على رأس حربي متفجر.

 

 

هل كان رداً انتقامياً من إسرائيل؟

يشير قرب مكان الحدث من سواحل فسلطين المحتلة إلى أن الهجوم قد نفذ من قبل الجيش الإسرائيلي انتقاماً لهجوم بحرية الحرس الثوري الإيراني على السفينة التجارية الإسرائيلية "هليوس راي" في مياه خليج عمان يوم الجمعة الماضي 26 فبراير/شباط 2021.

وبالرغم من أن الجيش الإسرائيلي أطلق حينذاك عشرات الصواريخ البالستية الدقيقة وصواريخ كروز التي أطلقتها المقاتلات الإسرائيلية من طراز (إف 16 دي وآي) على عدة أهداف تابعة لفيلق القدس في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق، فيما وصف بأسرع رد إسرائيلي على هجوم الحرس الثوري الإيراني على السفينة التجارية الإسرائيلية؛ إلا أن نوعية استهداف السفينة الإيرانية والتشابه في طبيعة الاستهدافين السابقين يؤكد أن الرد الانتقامي الإسرائيلي السريع لم يكن الأخير.

من ناحية أخرى، تشير نوعية الصواريخ أو القذائف الفاقدة لرؤوس حربية قوية، والتي تم استخدامها في الهجوم على السفينة الإيرانية، إلى أن الجهة المنفذة لم تعمد لإلحاق ضرر شديد في سفينة "شهركرد"، أو إلحاق إصابات كبيرة في طاقم خدمتها.

حرب الناقلات ليس مكاناً آمناً لتشرع فيه السفن الإيرانية، واستمرار هذه الحرب في المستقبل سيهدد حتماً أمن الشحن الإيراني، الذي واصل على مدار السنوات العشر الماضية عمليات شحن النفط إلى سوريا في انتهاك واضح للعقوبات الأميركية المطبقة ضد إيران.

صحيح أن الاستهداف السابق للسفينة التجارية الإسرائيلية في بحر عمان قد أثار المخاوف الإسرائيلية ومنع تنقل السفن الإسرائيلية في مياه الخليج العربي لفترة وجيزة، إلا أن هذا الفعل قد عرض أمن العديد من السفن العسكرية والتجارية الإيرانية للخطر في المياه الدولية الأوسع.

 

20190613154706afpp-afp_1hh3f1.h-730x438.jpg

 

وبالرغم من أن الانفجار الذي أصاب سفينة "شهر كرد" الإيرانية لم يتسبب بأضرار مادية كبيرة، أو خسائر جسيمة في الأرواح هذه المرة، لكن استمرار وتكرار مثل هذه الاستهدافات المتشابهة في النوعية ومضمون الرسائل المتبادلة سيهدد حتماً أمن الشحن الإيراني في المياه الدولية والإقليمية وقد يلحق أضراراً جسيمة به في المرات المقبلة.

وما يؤكد ذلك، هو التجربة الكارثية التي عاشتها إيران في حرب الناقلات خلال حرب الثمان السنوات مع العراق، والتي أظهرت أن صناعة الشحن الإيرانية معرضة للضرر الشديد بسبب الهجمات الجوية العراقية، وأنه يمكن تعطيل هذه الصناعة بسهولة، الأمر الذي سيكون له تداعيات خطيرة على الاقتصاد الإيراني.

خلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، أدت هجمات طائرات ميراج العراقية المسلحة بصواريخ "إكزوست" المضادة للسفن على الموانئ والسفن الإيرانية إلى حدوث اختلال شديد في حركة الشحن البحري الإيراني، وانخفاض كبير في الإيرادات النفطية الإيرانية، التي كانت تدفع فاتورة الحرب الثقيلة.

وبالرغم من أن حرب الناقلات في الخليج العربي قد عادت للواجهة بعد تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران منذ مايو/ أيار 2019، يبقى من الملاحظ أن نطاق الاستهداف الإيراني ينحصر فقط في مياه الخليج العربي باستخدام الألغام اللاصقة في معظم الحالات. في حين كشف تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال يوم الخميس الفائت، أن إسرائيل استهدفت ما لا يقل عن 12 سفينة إيرانية متجهة إلى سوريا وتحمل معظمها نفطاً إيرانياً، منذ أواخر عام 2019 حتى اليوم.

في خضم ذلك، تبقى ملاحظة أن القوات البحرية التابعة لكل من الجيش الإيراني والحرس الثوري تفتقر إلى القدرات التي تمكنها من مواجهة التهديدات التي يمكن أن تتعرض لها سفن الشحن التجارية في جميع أنحاء العالم، في مياه الخليج العربي والبحر الأحمر والمتوسط والمحيط الأطلسي، خاصة إذا ما كانت الهجمات المنفذة باستخدام غواصات دولفين الإسرائيلية، التي تم نشرها في شمال البحر الأحمر وبالقرب من ميناء إيلات، وتقوم يومياً بالعديد من المهمات لرصد نشاطات الحرس الثوري الإيراني بالقرب من السواحل اليمنية مؤخراً.

لذلك، فإن عودة أسلوب حرب الناقلات، رغم أنه يهدد أهم شريان نفطي في العالم، إلا أنه لا يترك مجالاً كبيراً للمناورة الإيرانية المحصورة ضمن نطاق ضيق في مياه الخليج العربي بأساليب استهداف بدائية، ويشتمل في المقابل على تكاليف باهظة تهدد أمن صناعة الشحن الإيرانية في كل من المياه الإقليمية والدولية الأوسع.