icon
التغطية الحية

حرب الاغتيالات السرية.. عمليات بوتين ضد أعدائه خارج روسيا

2019.11.13 | 17:17 دمشق

http_d254andzyoxz3f.cloudfront.net_ap_435565766086d.jpg
تلفزيون سوريا - متابعات
+A
حجم الخط
-A

أعلنت صحفية التحقيق البريطانية هايدي بليك عن موعد إطلاقها لكتاب "من روسيا مع الدماء.. حرب وبرنامج اغتيالات بوتين السري في الغرب"، والذي كشفت فيه عن 14 حادثة اغتيال مشبوه بها وقعت على الأرض البريطانية، بحق معارضين لبوتين، كان آخرها عملية تسميم الجاسوس الروسي السابق المزدوج سيرغي سكريبال وابنته التي أخرجت بريطانيا عن صمتها.

ويأتي الإعلان عن موعد إطلاق الكتاب في الـ 18 من الشهر الجاري، بعد يومين من العثور على جيمس لو ميسورييه، مدير مجموعة "ماي داي" أكبر داعم للدفاع المدني السوري، وضابط الجيش البريطاني السابق، ميتاً تحت شرفة منزله في مدينة إسطنبول التركية.

وبدأت قصة الكتاب في آذار من عام 2015 عندما تلقت بليك مكالمة هاتفية مجهولة، وأخبرتها المتصلة بأن لديها قصة مهمة، ليتبيّن أنها ميشيل يونغ زوجة رجل الأعمال والمطور العقاري سكوت يونغ (52 عاماً)، والذي عُثر على جثته أسفل نافذة الطابق الرابع من شقة صديقته في غرب لندن، في كانون الأول من عام 2014.

 

blake_fromrussiawithblood_hc.jpg

 

واحتلت وفاة يونغ عناوين الصحف، مما أثار مخاوف من ارتباطها بسلسلة من الوفيات المشبوهة لرجال الأعمال في المملكة المتحدة.

وسلمت زوجة يونغ الصحفية بليك ثروة من الأدلة حول شؤون يونغ التجارية. وسرعان ما أصبح واضحاً أن لديه صلات عميقة بالعديد من الأوليغارشيين الروس، الذين فروا إلى الولايات المتحدة هرباً من بوتين عندما وصل إلى السلطة عام 2000.

وبعد عامين من التحقيق تبيّن أن يونغ ما هو إلا حالة من 14 حادثة مثيرة للشكوك حصلت في الأراضي البريطانية، ويشتبه مسؤولو المخابرات الأميركية في الأراضي البريطانية أنهم قُتلوا على أيدي أجهزة الأمن الروسية أو مجموعات المافيا.

ومن بين هذه الحالات الملياردير بوريس بيريزوفسكي الذي عُثر عليه مشنوقاً في شقته في لندن في 22 آذار من عام 2013، واستبعدت الشرطة البريطانية حينها وجود " شبهة جنائية" وراء الوفاة الغامضة، وأوضحت بريطانيا حينها أنها فتشت منزله بحثاً عن أي آثار لمواد كيماوية أو بيولوجية أو نووية، ودون أن تذكر علناً أسباب هذه الفحوصات إلا أنها مؤشر كاف عن الشكوك بوقوف المخابرات الروسية وراء مقتل بيريزوفسكي.

وانتقل بيريزوفسكي، للإقامة في لندن في العام 2000، وأصبح منتقداً شرساً لسياسة بوتين بعد أن لعب دوراً في صعود نجم بوتين في أواخر التسعينيات، قبل أن ينقلب عليه الأخير. وكان مقرباً من بوريس يلتسن رئيس الاتحاد الروسي، في الأعوام الأخيرة من حكمه، وشغل منصب سكرتير مساعد لمجلس الأمن الروسي.

العميل السابق ألكسندر ليتفينينكو.. قُتل وسط لندن باليورانيوم

ومن بين الحالات الغامضة، وفاة العميل الروسي السابق ألكسندر ليتفينينكو عام 2006، عن عمر يناهز 43 عاماً في لندن بعد أيام من تسممه بمادة البولونيوم - 210 المشعة، التي يعتقد أنه تناولها في كوب شاي خلال اجتماع مع عميل روسي سابق آخر.

وانضم ليتفينينكو عام 1988 للـ "كي جي بي"، وتمت ترقيته لرتبة مقدم عندما تحولت الكي جي بي إلى الإف إس بي في التسعينيات. وكان بوتين هو قائده الأعلى في الإف إس بي ولكن يتردد أن خلافا نشب بينهما حول الفساد داخل الجهاز.

وفي عام 1998، تم اعتقال ليتفينينكو لاتهامات تتعلق باستغلال السلطة بعد الكشف عن مؤامرة مزعومة لاغتيال بوريس بريزوفسكي،

وبعد تركه الجهاز، أصدر ليتفينينكو كتاب "تفجير روسيا: الإرهاب من الداخل"، وأكد فيه أن عملاء الإف إس بي مسؤولون عن تفجير شقق في موسكو ومدينتين أخرتين عام 1999، وتم اتهام الفصائل الشيشانية بالمسؤولية عن تلك التفجيرات، التي استخدمت كذريعة لشن غزو روسي ثان للشيشان.

وهرب ليتفينينكو إلى بريطانيا عام 2000، بعد تعرضه للتهديدات، وتم منحه حق اللجوء. ويعتقد أنه حصل على الجنسية البريطانية في عام 2006.

رفضت الحكومة البريطانية في البداية إجراء تحقيق علني، لكنها وافقت على ذلك بعد معركة قانونية خاضتها أرملة ليتفينينكو، وفي 21 كانون الثاني 2016 خلص التحقيق إلى أن مقتل ليتفينينكو "ربما" تم بموافقة بوتين.

وقالت أرملة ليتفينينكو "الكلمات التي تلفظ بها زوجي وهو على فراش الموت بشأن اتهام بوتين أثبت القضاء البريطاني صحتها".

أسباب الصمت البريطاني على مدار أعوام

وتطرقت بليك في كتابها عن أسباب تردد بريطانيا في أخذ الضربات الروسية المشتبه فيها على محمل الجد، وأشارت إلى أن الحكومة البريطانية وحكومات أوروبية أخرى والولايات المتحدة، كانوا حريصين على مغازلة بوتين وآملين في أن جلبه إلى التحالفات أمر يدعم الاستقرار العالمي، مدللة على أن بوتين بالفعل حصل على مكان في مجموعة الثماني، وعلى تعاون أكبر مع الناتو، وعلى مكانة مركزية في الحرب على الإرهاب، كما لعب دورا قياديا في إنجاز الاتفاق النووي مع إيران.

وفي لندن كانت الدوائر الحكومية ترى أن من الأفضل التعاون مع روسيا بدلاً من خوض معركة معها خاصة مع الاعتماد الكبير على الطاقة الروسية والحفاظ على الاستثمارات الروسية.

لكن في 2018، فجّرت حادثة اغتيال وتسميم الجاسوس الروسي السابق المزدوج سيرغي سكريبال وابنته لوليا غائبين باستخدام مادة من صنع سوفياتي الموقف بين لندن وموسكو، وأدت القضية إلى أزمة دبلوماسية.

وبحسب بليك، تقع الحكومات الغربية في مأزق كبير عند الرد على الهجمات الروسية، وأنه من الصعب تحديد النهج الصحيح للرد، حيث استخدم بوتين الرد البريطاني القوي على هجوم سكريبال، كأداة انتخابية وساعد نفسه على تحقيق أغلبية كبيرة في الانتخابات الرئاسية لعام 2018، وأن كل ذلك يلعب دوره في تكوين صورة "الرجل القوي" والشعور الذي يريد أن يخلقه بأن العالم خارج حدوده مليء بالخصوم وأن بوتين فقط يمكن الوثوق به للدفاع عن الوطن الأم.

وتقول بليك في كتابها أن هذه الحوداث وآخرها قضية سكريبال وضعت الحكومة البريطانية أمام حقيقة أن بوتين يخوض حربه السرية ضد خصومه ومعارضيه وأن حملة الاغتيالات الروسية قد خرجت عن السيطرة، وبات من الخطأ السكوت عن هذه العمليات القاتلة.

وذكرت بليك في كتابها بأن مجموعة كبيرة من المعارضين الروس الموجودين في بريطانيا يعيشون في حالة خوف كبير، بعضهم يتعين عليه استخدام تدابير أمنية مشددة للبقاء على قيد الحياة.

وفجر الإثنين الماضي، عثرت السلطات الأمنية التركية على جيمس لو ميسورييه، مدير منظمة Mayday Rescue، إحدى أبرز المنظمات الداعمة للدفاع المدني السوري، ميتاً تحت شرفة منزله في مدينة إسطنبول التركية، حيث تجري الشرطة التركية تحقيقاً واسعاً لمعرفة ملابسات الحادثة، وجاءت هذه الحادثة بعد 4 أيام من اتهامه من قبل موسكو بأنه عميل لجهاز الاستخبارات البريطانية ومرتبط بمنظمات إرهابية.