icon
التغطية الحية

"حاميها حراميها" مقولة ترتبط بالجريمة في دير الزور

2021.03.12 | 04:48 دمشق

20170903175617afpp-afp_s3260.h.jpg
+A
حجم الخط
-A

لا يخفى خبر في مدينة صغيرة مثل دير الزور مهما حاول أحد إخفاءه، وهذا ما يحدث في جرائم القتل التي يمنع نظام الأسد نشر أي تفاصيل عنها إن كان الجاني ينتمي إلى قوات النظام أو لإحدى الميليشيات المرتبطة بها، إذ يكفي في مدينة يرتبط جميع سكانها بعلاقات قرابة أو مصاهرة أو نسب أو حتّى صداقة، أن يجتمع اثنان لسرد كل الأخبار اليومية بتفاصيلها، ومنها طبعاً، الجرائم ومرتكبوها بأسمائهم وطبيعة عملهم وكيف تمت الجريمة وكيف تم القبض على الجاني، ليكتشف السامع أنّ جرائم القتل بداعي السرقة كلّها مرتبطة بجناة يعملون في جيش النظام وميليشياته، وعلى رأسها الجرائم الثلاث التي هزّت المدينة، قتل فوزية الحويج وقتل سعاد ووداد فاكوش وآخرها جريمة قتل إبراهيم ياسين العبد العزيز.

يقول مصدر من دير الزور لـ موقع تلفزيون سوريا: إنّ الجرائم في مدينة دير الزور تقع بشكل يومي ابتداء من التحرّش وحتى القتل، حتّى إنّ كثيرا من السكان يخشون الخروج ليلا خوفاً من تعرّضهم للسرقة أو الاعتداء أو القتل.

ويضيف أنّ "التشليح" هو أكثر ما يتعرض له المدنيون، وأمّا جرائم القتل بهدف السرقة فغالبا ما يكون الجاني فيها من الدفاع الوطني أو الجيش النظامي، وهذا أمر لا يخفى على أحد في المدينة.

ذوو الضحايا يتحدثون

القاسم المشترك بين الجناة في مدينة دير الزور أنّهم ينتمون إلى قوات النظام أو إلى إحدى الميليشيات المرتبطة بها، وهذا ما أجمع عليه ذوو الضحايا الذين التقاهم موقع تلفزيون سوريا.

يقول "محمود الحمدة" نجل المغدورة "فوزية الحويج" التي قتلت في حزيران من العام الفائت: إنّ ثلاثة أشخاص دخلوا منزل والدته وارتكبوا جريمتهم بهدف سرقة مصاغها الذهبي، وبعد معرفة القتلة تبيّن أنّ اثنين منهم في ميليشيا لواء القدس بينما ينتمي الثالث لميليشيا الدفاع الوطني، مضيفا أنّه تمّ القبض على (أ.م) وشريكه العاملَين في لواء القدس، بينما هرب الثالث ولم يتم القبض عليه حتّى الآن.

في حين يؤكد قريب المغدورتين سعاد ووداد فاكوش اللتين قتلتا في شهر تموز من العام الفائت أيضاً، أنّ القاتل (ف.ج) متطوّع في ميليشيا الدفاع الوطني، واستدرجهما إلى منزله بحكم القرابة بينهما، وقد اعترف أنّ هدفه من ارتكاب الجريمة هو سرقة مصاغها الذهبي.

من جهته قال شقيق المغدور خالد الخاروف الذي قتل في حي الضاحية إنّ القتلة ينتمون إلى ميليشيا الدفاع الوطني، وبينما كانوا يحاولون سرقة محل تجاري في الحي رآهم أخي فقتلوه حتى لا يفتضح أمرهم، ومع أنّ القتلة أكثر من شخص إلا أنّ من اتّهم هو أصغرهم سنّا وتم تحويله إلى محكمة الأحداث لأنه لم يتجاوز سن الثامنة عشرة.

أمّا أحد أقارب المغدور إبراهيم العبد العزيز الذي قتل الشهر الفائت وسرقت سيارته فقال إنّ القاتل (غ.ا) ضابط في الدفاع الجوي، غادر بالسيارة التي سرقها بعد تنفيذ جريمته إلى اللاذقية وغيّر مواصفاتها إلا أنّه كان موضع شك منذ البداية.

الدوافع والأسباب

تتجلى المقولة الشهيرة "السلطة المطلقة مفسدة مطلقة" في مدينة صغيرة مثل دير الزور إذ يتحكّم جيش نظام الأسد وميليشيا الدفاع الوطني والفروع الأمنية برقاب الناس في كل مفاصل الحياة، ابتداءً من المؤسسات الحكوميّة وليس انتهاءً بأفران الخبز، وهذا ما يعطي المنتمي شعوراَ بالسلطة المطلقة.

يقول المعالج النفسي "محمـد السيد" لموقع تلفزيون سوريا: إنّ هناك مجموعة من العوامل دفعت هؤلاء الأشخاص لارتكاب جرائمهم، تبدأ من إطلاق أيديهم في ظل غياب القانون وغياب التراتبية العسكرية وغياب العقيدة القتالية وأخلاقيات الحرب، سواء كانوا من ميليشيات الدفاع الوطني أو ممّن تبقى من قوات النظام، فضلا عن العقلية التي تم العمل عليها وصناعتها منطلقة من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة الذي أنتج مقولة "الأسد أو نحرق البلد" وهذه العقلية لن تبقى لاحقاً في الإطار السياسي أو العسكري، ولن يتبناها حاملها في إطار الحرب على المعارضة، إنّما سيتبناها كنهج حياة.

ويضيف أن غياب العقاب وغياب الأخلاقيات فضلاً عن الوضع الاقتصادي المتردي، وبالتالي هذا التمركز حول الذات والشعور الزائد بالنرجسية حيث يمكن لهم فعل ما يريدون، كل تلك العوامل تلعب دورا في صناعة وحوش بشرية تتحرك بمنطق الرغبات والحاجات بعيداً عن منطق الأخلاق وعقلية الحدود والحقوق انطلاقاً من "أنا أقوى فأنا أحق".

ويرى أنّ استسهال الدم البشري وتشييء الإنسان وتحويله إلى شيء يمكن التضحية فيه لأمر أسمى، من وجهة نظرهم، كالتضحية بالقرى والمدن والإنسان من أجل بقاء السلطة السياسية، تتحول لاحقاً إلى فكرة التضحية بأي شخص من أجل الحصول على هدفهم.

ويلفت إلى أنّه في المرحلة القادمة لن تكون المشكلة في انتزاع أداة الجريمة، بل في كيفية نزع عقلية الجريمة ومعالجة الأمر على المستوى النفسي والاجتماعي ما بعد مرحلة الحل، أعتقد أنّ هذا هو التحدي الحقيقي.

تتنامى جرائم القتل في مدينة دير الزور دون أي رادع قانوني أو أخلاقي، فالإنسان الذي تم تحريره من يد الإرهاب –كما يدّعي النظام - يقتل على يد ميليشيات النظام ذاته، لتصبح المقولة الدارجة عند وقوع أي جريمة في المدينة "حاميها حراميها".