icon
التغطية الحية

تنظيم الدولة يكثّف عملياته ضد قوات النظام وروسيا في البادية السورية

2021.06.19 | 07:15 دمشق

160174412439834064.jpg
عناصر من قوات النظام في البادية السورية ـ إنترنت
إسطنبول ـ حسن النايف
+A
حجم الخط
-A

أصبحت البادية السورية مسرحاً لعمليات تنظيم الدولة، وموطنا جديداً لخلاياه وبمنزلة ثقب أسود يبتلع أرتال وعناصر ميليشيات نظام الأسد والإيرانيين وأيضاً الروس، ولم تفلح تلك القوات خلال أشهر طوال في التعامل مع بضع عشرات من عناصر التنظيم الذين يتخفون في ثنايا صحراء تضاريسها ليست بالصعبة أمام الطائرات الروسية.

تنظيم الدولة يكثف هجماته

يتخذ التنظيم الجزء الشرقي الأوسط من البادية السورية والممتد من شمال التنف "بادية الحماد" مروراً بمحيط مدينة تدمر ووصولاً إلى بادية ريف دير الزور الجنوبي ومحيط جبل البشري ساحة لتنفيذ عملياته. ويتحرك في تلك المناطق الواسعة والمكشوفة بغالبيتها بسهولة مطلقة مشكلاً فزاعة للميليشيات وجاعلاً من البادية السورية مكانا مرعبا لعناصرها.

فمنذ مطلع شهر حزيران الحالي قتل وأسر وأصيب العشرات من عناصر ميليشيات الأسد وإيران حيث أفادت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا بمقتل أكثر من 37 عنصراً من قوات النظام بينهم 3 ضباط بالإضافة إلى مقتل 17 عنصراً من الميليشيات الإيرانية بينهم قياديّون في باديتي تدمر ودير الزور، فضلاً عن فقدان الاتصال بمجموعة من مرتبات النظام مؤلفة من "30" عنصراً في 27 من شهر أيار المنصرم في منطقة "روضة الوحش" بمحيط مدينة تدمر، وبذلك فإن الأيام القليلة الماضية شهدت نشاطاً لتنظيم الدولة هو الأكبر على الرغم من شن نظام الأسد والميليشيات الإيرانية معه حملة عسكرية كبيرة بغرض تأمين طريقي دمشق ــ دير الزور وحلب ـ أثريا.

وفي السياق تداولت مواقع وصفحات إيرانية صوراً لقتيلين اثنين من عناصر ميليشيا فاطميون، قتلا في بادية تدمر في الثالث من حزيران الحالي وهما "علي حسين زادة و محسن عباسي"، وقال ناشطون إن القتيلين كانا من مرافقة قاسم سليماني قائد ميليشيا الحرس الثوري السابق.

 

ويأتي التصعيد من قبل تنظيم الدولة بالتزامن مع حملة عسكرية هي الأكبر "بحسب شبكات محلية ومواقع موالية" تشنها قوات النظام وميليشيا الدفاع الوطني مدعومة بطائرات الاحتلال الروسي من جهة والميليشيات الإيرانية "فاطميون و زينبيون و ميليشيا لواء القدس" من جهة أخرى، على عدة محاور في البادية السورية من أبرزها محيط مدينة السلمية وعقيربات بريف حماة الشرقي ومحيط مدينتي تدمر والسخنة بريف حمص الشرقي، حيث بدأ النظام التحشيد للحملة التي انطلقت في الثامن من شهر حزيران 2021 قبل أسبوع منها بحسب مصادر خاصة بموقع تلفزيون سوريا.

حرب عصابات

ويرى محللون عسكريون بأن تنظيم الدولة بات أقوى من ذي قبل وذلك يبدو من خلال عملياته الأخيرة ولا سيما أن معظم هجماته من دون خسائر كبيرة مقارنة بخسائر الميليشيات المستهدفة بالإضافة إلى وجوده في مناطق فضفاضة استثمرها بكمائن محكمة أدت إلى عرقلة أرتال تلك الميليشيات التي تكبدت عشرات الخسائر في العناصر والآليات، والتطور اللافت هو قيام خلايا التنظيم بأسر عناصر إيرانيين وسوريين اقتادهم إلى جهة مجهولة وهذا ما يعني أن التنظيم يمتلك مقار وأوكاراً آمنة.
ويقول المحلل والباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام "رشيد حوراني" لموقع تلفزيون سوريا: إن التنظيم كثّف من هجماته أخيراً سعياً منه في تشكيل ضغط على خصومه "النظام وحلفائه" في وقتٍ يعانون فيه من ظروف ضاغطة كـ الضربات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي بشكل متكرر ضد الميليشيات الإيرانية ما يجعلها في حالة توتر دائم، ويؤثر بطبيعة الحال على قدراتها القتالية فضلاً عن تناقص تعداد مقاتليها خصوصاً في نقاط البادية التي تشكل محل خوف للعناصر.

ويرجع الباحث "حوراني" ازدياد نشاط التنظيم في البادية خلال الأشهر الستة الأخيرة إلى عدة عوامل من أهمها: تغيير أسلوب المواجهة من حرب تقليدية معروفة الجبهات إلى حرب العصابات، واستنزاف قوات الخصم بالكمائن والضربات الخاطفة، ومعرفته أيضاً بجغرافية المنطقة وقدرته على التحرك فيها، خاصة أنها كانت تحت سيطرته في فترة سابقة وأصبحت موطنه منذ أكثر من عامين ونصف، حيث يتم الكشف عن بعض مقاره فيها "أي البادية السورية" بين الحين والآخر عن طريق المصادفة؛ وقد يستخدم هذه المقار التي ما يزال بعضها خفيا في عملياته.

ويضيف الباحث في سياق حديثه لموقع تلفزيون سوريا بأن التصريحات الصادرة عن مسؤولين عراقيين حول مسألة ضبط الحدود مع سوريا، سواء من خلال حفر الخنادق أو من خلال الكاميرات الحرارية وذلك قد يكون بالتنسيق مع الجانب الأميركي يلاحظ المراقب منها رغبة الأخير في أن يكون دور التنظيم في سوريا لتقليم أظافر الميليشيات الإيرانية بالدرجة الأولى، ولاستنزاف النظام وروسيا بالدرجة الثانية لعدم تجاوبهم مع الحل السياسي وذلك يبدو فعلياً خلال حصر التنظيم مسرح عملياته في البادية السورية.

البادية السورية.. مثلث برمودا

وحول مناطق وجود التنظيم في البادية السورية أوضحت شبكة "الشرقية 24" المحلية في معلومات خاصة بها نقلتها لموقع تلفزيون سوريا بأنه من الصعب تحديد مكان وجود خلايا تنظيم الدولة التي تتنقل بين أوكار جهزتها مسبقاً "خلال فترة سيطرتها الكاملة على مساحات واسعة من سوريا" في مناطق أشبه بالوديان في الصحراء التي تشكل قلب سوريا وخاصرتها ولا تقيم الخلايا في تلك الأوكار لمدة زمنية طويلة وهذا الأمر يعود لتكتيكات التنظيم التي توهم ميليشيات النظام وإيران وروسيا في تحركها بأن أعداد عناصر التنظيم كبيرة لتغطي مساحات واسعة، وفي الواقع لا يتجاوز تعداد التنظيم بضع مئات تنتشر في منطقة الحماد السورية ومناطق ما يعرف بـ "الوادي الأبيض" و "الروضة" في محيط مدينة تدمر، كما يوجد التنظيم في المنطقة الصحراوية الممتدة من جنوب جبل البشري ولديه ممرات وطرق يتنقل فيها نحو ريف حماة الشرقي وهو الطريق ذاته الذي يعتمده التنظيم في التهريب نحو الشمال السوري.

ومنذ مطلع العام 2021 جعل تنظيم الدولة من المنطقة الواقعة بين محطة الـ كم  "T2" و جبل البشري على محاذاة محافظة دير الزور وصولاً إلى محيط مدينة السخنة في العمق منطقة عالية الخطورة بالنسبة للنظام وميليشياته الذين يشنون بين الحين والآخر عمليات عسكرية بغرض ما يسمونه تطهير المنطقة من خلايا التنظيم، وكلفتهم مئات القتلى حيث أطلق ناشطون" على تلك المناطق مسمى "مثلث برمودا" لأنها شهدت عمليات للتنظيم بشكل أكبر لعل من أبرزها في 3 من شهر حزيران الحالي، حين استهدفت رتلاً عسكرياً لميليشيا فاطميون كان متوجهاً لتمشيط البادية ليقع فيها العشرات بين قتيل وجريح وأسير من الميليشيا المستهدفة بثلاثة كمائن بالتزامن، وذلك في منطقة الشولا قرب مدينة دير الزور. ويبدو أن عمليات وحملات التمشيط تلك تسهل على التنظيم اصطياد أعدائه، وهو ما يلاحظ من خلال ارتفاع أعداد القتلى من القوات المتعددة عند شنها حملات عسكرية في البادية.