قالت صحيفة "نيزافيسمايا غازيتا" الروسية إن "واشنطن دعمت بشكل غير علني هجوم القوات الجوية الروسية وقوات الأسد على الجبهة الجنوبية، في إطار تنازلات متبادلة مع موسكو تمهيداً للقاء المرتقب بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب، والروسي فلاديمير بوتين".
وأشارت الصحيفة في مقال كتبه المعلق السياسي فلاديمير موخين إلى إعلان روسيا سحب جزء من قواتها الجوية من سوريا، واعتبرته خطوة روسية ضمن التنازلات المتبادلة بين الجانبين.
وقال موخين "يبدو أن التحضيرات للقاء الرئيسين الروسي والأميركي، تبدأ من تنازلات متبادلة في الشرق الأوسط"، مشيراً إلى قرار وزارة الدفاع الروسية مؤخراً حول تقليص ملموس للقوات الجوية الروسية في قاعدة حميميم في سوريا، حيث أعلنت الوزارة عودة 11 طائرة مقاتلة ومروحية إلى قواعدها الدائمة على الأراضي الروسية.
أما الجزء المتبقي من القوات الجوية الروسية في سوريا، فإنه قادر على مواصلة مهام التصدي للإرهاب، وفق رأي كاتب المقال، الذي عبر عن اعتقاده بأن "الولايات المتحدة تغير علاقتها نحو الأفضل تجاه روسيا فيما يخص هذه الحرب ضد الإرهاب في الشرق الأوسط".
ولدعم وجهة نظره هذه والتنازلات المتبادلة، أشار إلى "خبر تناقلته وكالات الأنباء العالمية حول رفض واشنطن تقديم الدعم لقوات "الجيش السوري الحر"، في المنطقة الجنوبية، على الحدود مع الأردن وإسرائيل"، معيداً للأذهان أن هذا الموقف الجديد جاء بعدما وجهت وزارة الخارجية الأميركية قبل 10 أيام فقط تحذيرات لدمشق وموسكو باتخاذ تدابير حازمة وشديدة، إن قرروا تنفيذ الهجوم المعلن عنه في مناطق جنوب-غرب سوريا".
وتؤكد الصحيفة أن القوات الجوية الروسية منذ صدور ذلك التحذير الأميركي، لم تنفذ أي عمليات قصف ضد "الجبهة الجنوبية"، وأضافت: "يوم (الأحد 24 من حزيران) فقط، قالت وسائل إعلام عربية إن المقاتلات الروسية شنت أكثر من 20 غارة عنيفة على الأراضي الواقعة ضمن منطقة خفض التصعيد قرب هضبة الجولان، والحدود السورية مع إسرائيل والأردن، أي المناطق التي بدأت فيها قوات النظام هجومها منذ نحو أسبوع".
ونقلت الصحيفة الروسية تصريحات أحمد أبازيد، ممثل قوات المعارضة في محافظة درعا، والتي تحدث فيها عن "وجود اتفاق روسي –إسرائيلي حول دعم هجوم قوات النظام، وأن عمان وواشنطن تتراجعان عن مواقفهما ضد ذلك الهجوم، وفي الأيام القريبة سيتم الكشف عن كل تلك الاتفاقيات"، وتابعت الصحيفة "بعد تلك التصريحات أعلنت مجموعات تابعة للجيش الحر عن الانتقال إلى جانب القوات الحكومية، وأبدت استعدادها للقتال معه ضد التنظيمات الإرهابية مثل "داعش" و "جبهة النصرة"، وجرت عملية الانتقال بوساطة وتنسيق مع مركز حميميم" وفق ما أكدته وزارة الدفاع الروسية.
كما توقف الكاتب عند موقف رأس النظام السوري، ووضع الإيرانيين في ظل هذه المستجدات، وأشار إلى تصريحات للأسد قال فيها إن الروس أبلغوه باقتراحهم حول إتاحة فرصة لتسوية سلمية في مناطق أخرى من سوريا، وأنه رد على ذلك قائلاً: "هذا الاقتراح يناسبنا". أما إيران، فتقول الصحيفة: "في غضون ذلك يعرف الجميع أن إيران والميليشيات الشيعية الكثيرة التي تدعم نظام الأسد، تنظر بحذر إلى الاتصالات الروسية مع الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، لاسيما مع إسرائيل".
وأعادت إلى الأذهان ما ذكرته وسائل إعلام حول اتفاق بين روسيا وإسرائيل تم التوصل إليه خلال زيارة وفد عسكري إسرائيلي على رأسه وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان إلى موسكو يوم 30 من أيار الماضي، وينص على "عدم مشاركة التشكيلات الشيعية، بما في ذلك "حزب الله" في الهجوم المرتقب لقوات النظام على مواقع "داعش" في مناطق هضبة الجولان".
وبعد أن أشارت إلى أن "تلك المجموعات الشيعية رفضت حتى آخر يوم مغادرة المنطقة بالقرب من الحدود السورية مع إسرائيل"، عادت "نيزافيسمايا غازيتا" وقالت "يبدو أن تلك المجموعات رغم ذلك ابتعدت عن المنطقة، وإلا ما كانت الولايات المتحدة وإسرائيل لتسمحا لموسكو ودمشق بالهجوم على فصائل (الجبهة الجنوبية)".
وفي الختام تستعرض الصحيفة الروسية وجهات نظر خبراء روس، منهم الخبير العسكري ألكسندر أوفتشينكوف، ضابط الاحتياط في القوات الروسية، الذي عبر عن قناعته بأن "الخلافات بين موسكو وواشنطن في سوريا والعراق لن تتلاشى بعد القمة المرتقبة بين بوتين وترمب.
وقدم الأميركيون تنازلات بالنسبة للوضع جنوب –غرب سوريا لأن هذا يخدم مصالحهم. وكذلك لأنه وبمساعدة من روسيا تم لمصلحة إسرائيل تنظيف المنطقة التي كانت سابقا تحت سيطرة الإيرانيين". لكن التوافق حول الوضع في المنطقة الجنوبية حالة استثنائية، وفق ما يلمح إليه الخبير الروسي، حين عبر عن يقينه بأنه من المستبعد أن يتم التوصل إلى مثل هذا الإجماع مع الأميركيين، بالنسبة للوضع في المناطق الأخرى التي يسيطرون عليها.
وأضاف: "ما زال ترمب على استعداد لتدمير نظام الأسد، وألا يذهب أبداً إلى تقديم مناطق شرق الفرات الغنية بالثروة النفطية لموسكو ودمشق دون فائدة". وختم أوفتشينكوف لافتاً إلى أن "موسكو في الحوار مع الولايات المتحدة وإسرائيل، مستعدة للمضي على نهج الحلول الوسط في الشرق الأوسط. لكنها تنوي حل تلك المسائل على أساس وحدة الأراضي السورية، والحق الشرعي لدمشق بثرواتها الطبيعية، والتي قرر الأسد الاستفادة منها بالتعاون مع موسكو".