icon
التغطية الحية

تقلص المساعدات واستمرار هجمات النظام يزيدان من معاناة السوريين إثر الزلزال

2024.02.06 | 12:39 دمشق

خيمة تؤوي الناجين من الزلزال موضوعة في موقع مبنى مدمر ضربه الزلزال المميت في 6 فبراير 2023 في بلدة جندريس
خيمة تؤوي الناجين من الزلزال نصبت في موقع مبنى مدمر ضربه الزلزال في بلدة جنديرس - رويترز
Associated Press- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

 قبل عام على الآن، استفاق سيدو ناجي على اهتزاز منزله في شمال غربي سوريا، وعلى الرغم من أنه كان معتاداً على أصوات القصف والقذائف طوال أكثر من عقد من الحرب، تبيّن له بأن هذا الهجوم كان بفعل قوة طبيعية، ألا وهي قوة الزلزال المدمر.

تمكن هذا الشاب البالغ من العمر 16 عاماً من الفرار برفقة أبيه قبل أن ينهار البيت، وخلال سيرهما المتعرج وسط الشارع المزدحم بالناس في جنديرس التابعة لمحافظة حلب، انهار جدار حجري فوقهما، فهشمَ ساق الفتى، وكسر ذراعه.

في السادس من شباط 2023 قتل الزلزال المدمر الذي بلغت شدته 7.8 درجات أكثر من 59 ألف إنسان في سوريا وتركيا.

ولكن بالنسبة لمن نجَوا في سوريا، فإن الزلزال المدمر قد فاقم الفقر المتفشي بالأصل، ودمّر المشافي ونظم الكهرباء والماء، وأجبر عدداً كبيراً من النازحين بسبب الحرب على النزوح مجدداً والعيش في الخيام.

في جنديرس، وكغيرها كثيرٌ من المناطق التي تضررت بسبب الزلزال، لم تقم أي عملية لإعادة الإعمار، فبقيت أبنية كاملة على حالها أي مجردَ ركام، أمّا ناجي الذي بُترت ساقه فقد صار يعيش في خيمةٍ أرضُها مُوحلة، وعن ذلك يخبرنا فيقول: "الطقس بارد ليلاً، ولا يوجد حطب ولا غيره من أجل التدفئة".

 

 

الاحتياجات تصل إلى ذروتها

تعرضت سوريا لخراب شديد منذ عام 2011، فأصبح النزاع الذي قام في معقل الثوار بشمال غربي سوريا الأسوأ من نوعه طوال سنوات، وهذا التصعيد من روسيا والنظام ما زال مستمراً وتسبب بمقتل كثير من الناس وتشريد أكثر من 100 ألف إنسان منذ آب الماضي.

قتل الزلزال ما لا يقل عن ستة آلاف إنسان في سوريا، جلُّهم في شمال غربي سوريا حيث يعتمد معظم الأهالي البالغ عددهم 4.5 ملايين نسمة على المساعدات الإنسانية ليتدبروا أمور معيشتهم، في حين يحتاج نحو 800 ألف نسمة ممن يعيشون في الخيام إلى مساكن تُؤويهم.

وقدَّر البنك الدولي خسائر الزلزال في الشمال السوري بما يزيد على خمسة مليارات دولار.

ولكن سرعان ما انخفضت المساعدات الدولية التي كانت تصل بكميات كبيرة في السابق، فقد ناضلت وكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لتموّل برامجها التي تدعم شريان الحياة في سوريا، إلا أنها أنحَتْ باللائمة على الإرهاق الذي أصاب المانحين، وعلى جائحة كوفيد-19، وعلى النزاعات التي ظهرت في مناطق أخرى والتي تسببت بانقطاع تلك المساعدات خلال السنوات القليلة الماضية.

 

أما برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة والذي قدّر بأن هنالك أكثر من 12 مليون سوري يفتقرون إلى مصدر غذائي منتظم، فقد أعلن في كانون الأول الماضي عن عزمه على وقف برنامج المساعدات الأساسية في سوريا خلال عام 2024.

وعن ذلك تُخبرنا تانيا إيفانس وهي المديرة الإقليمية في سوريا للجنة الإنقاذ الدولية بأن الاحتياجات على كلا جانبي خط الجبهة في سوريا لم تكن أعلى مما هي عليه اليوم، وأضافت: "تواجه العائلات حالة تضخم متفشية مترافقة مع فقدان الوظائف، ولهذا يتعين عليهم اتخاذ قرارات مؤلمة بالنسبة لما سيقدمونه من طعام على الوجبات، أو إمضاء اليوم وهم جائعون".

"لا يمكنك أن تقدم أكثر وأنت تحصل على الأقل"

ترتجف ياسمين العلي في مخيم صلاح الدين بريف إدلب وهي تحاول أن تثبت خيمتها البالية وتحفر في الطين لتمنع الماء من التدفق إلى خيمتها، ثم تقول وهي تضع يدها فوق حصيرة مبللة داخل الخيمة: "انظروا! كلها ماء وطين... نحتاج لخيام جديدة".

أما مدير المخيم ياسين الأحمد الذي يشرف على أكثر من 500 عائلة فيخبرنا بأن سعر حطب التدفئة أصبح مرتفعاً جداً، ولهذا يقوم معظم الناس بإحراق البلاستيك بدلاً عنه، وهذا ما يملأ المخيمات بدخان سام وذلك لأنهم يفعلون ما بوسعهم ليدرَؤوا عن أنفسهم بردَ الشتاء، كما أصبح كثيرون لا يتناولون ثلاث وجبات في اليوم بسبب انعدام الأمن الغذائي والتقنين، في حين ذكر ديفيد كاردن وهو نائب المنسق الإنساني الإقليمي المعنيّ بالأزمة السورية لدى الأمم المتحدة خلال زيارة لشمال غربي سوريا في أواخر شهر كانون الثاني: "ثمة مشكلات في تأمين محطات للمياه، والخدمات التعليمية والدعم الطبي في المشافي... أي لا يمكننا أن نقدم أكثر عندما يصبح الدعم أقل".

 

 

لم تؤمن الأمم المتحدة سوى 37% من 5.3 مليارات دولار تحتاج إليها من أجل الاستجابة الإنسانية في سوريا لعام 2023، ويعلق كاردن على ذلك بقوله إن هذا التمويل هو الأدنى منذ بدء النزاع.

ومع عدم وجود أي حل سياسي يلوح في الأفق، أصبح النزاع في سوريا عقبة كبيرة أمام المنظمات الإنسانية.

وعن ذلك تقول روزا كريسانتي، رئيسة مكتب منظمة الصحة العالمية في غازي عنتاب: "من الصعب إقناع المانحين بالاستثمار في التنمية لفترة أطول، لأننا ما نزال في وضع إنساني بسبب استمرار النزاع، وهذا هو السبب الرئيسي لعدم وجود خطط بعيدة المدى".

يخبرنا أحمد قطيش وهو عامل في مجال البناء بأن الناس لم يعودوا ينتظرون المساعدة ولهذا يحاولون جمع كل ما بوسعهم من الموارد حتى يعيدوا متاجرهم ومزارعهم إلى وضعها السابق وليمدّوها بالبضاعة واللوازم، ويضيف: "يدّعي المجتمع الدولي بأنه يقف إلى جانب الأهالي، ولكن ذلك لا يحدث إلا في أفكارهم وأقوالهم، بَيد أن هذا الكلام لا يفيد أحداً هنا".

المصدر: Associated Press