icon
التغطية الحية

تقرير حقوقي: وثائق تكشف تجسس سفارات النظام على السوريين في الخارج

2023.05.04 | 14:19 دمشق

وثائق تكشف تجسس سفارات النظام على السوريين في الخارج
ناشطون يكتبون عبارات مناهضة للأسد على السفارة السورية في تونس / 2012
إسطنبول - أحلام إبراهيم
+A
حجم الخط
-A

نشر المركز السوري للعدالة والمساءلة مراسلات استخبارية داخلية في سوريا تكشف عن كيفية استخدام النظام السوري لسفاراته في الخارج لفرض سيطرته على المجتمعات السورية في الداخل والخارج والتجسس عليها من خلال عملائه، لتحسم هذه الأدلة التقارير السابقة التي تحدثت عن استخدام مسؤولين حكوميين تابعين للنظام السوري السفارات كنقطة انطلاق لمراقبة وترهيب المعارضين السياسيين السوريين.

ويكشف التقرير الذي حمل عنوان "آليات المراقبة الخارجية: شبكة السفارات السورية في الخارج"، عن شبكة مراقبة متطورة، مكونة من أجهزة مخابرات وسفارات للنظام في 17 دولة، ويوضح كيف كان التجسس على اللاجئين السوريين، أحد أعمدة السياسة الخارجية للنظام السوري.

ويقول التقرير: "بينما كان الناجون من زلزالين مميتين في جنوبي تركيا وشمالي سوريا قد بدؤوا للتو في معالجة آثار الدمار في ربيع 2023، كانت هناك حملة دبلوماسية على قدمٍ وساق في دمشق، ففي شباط، سافر بشار الأسد إلى سلطنة عُمان في ثاني زيارة رسمية له منذ عام 2011. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر،  استقبل  وزراء خارجية الإمارات والأردن ومصر في دمشق، وبحلول شهر نيسان، بدا أن قَطعَ عدد من الدول العربية علاقاتها الدبلوماسية مع النظام بين عامي 2011 و2013 قد أصبح جزءاً من الماضي".

ويضيف التقرير: "إن تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع النظام وإعادة فتح السفارات سيوفر وسيلة حاسمة لإحكام قبضته على المواطنين السوريين في الخارج"، وذلك استنادا إلى تحليل 14،408 صفحات من وثائق ذات أولوية عالية متعلقة بمراقبة السوريين في الخارج، صادرة بين عامي 2009 و2012، إذ اكتشف المركز السوري للعدالة 43 صفحة جديدة تتعلق بمراقبة السوريين في بيلاروسيا وبلجيكا وقبرص ومصر وفرنسا واليونان والعراق واليابان والأردن ولبنان وروسيا والمملكة العربية السعودية وتركيا وأوكرانيا والمملكة المتحدة واليمن.

آليات المراقبة:

وعلى سبيل المثال "في السعودية تم تمرير طلب للحصول على معلومات عن سجين سوري في سجن سعودي عبر سلسلة طويلة امتدت وقتذاك من سفارة النظام في الرياض، ومرّت إلى مسؤولي وزارة الخارجية، قبل إرسالها إلى وزارة الداخلية ورئيس شعبة الأمن السياسي، وانتهى بها المطاف إلى رؤساء فروع الأمن السياسي في المحافظات"

يب
وثائق تكشف تجسس سفارات النظام على السوريين في الخارج

توضّح المستندات التي حصل عليها المركز السوري للعدالة والمساءلة أن المراقبة الخارجية أجريت بشكل منهجي عبر شبكة البعثات الدبلوماسية التابعة لحكومة النظام السوري، وبدلاً من التركيز على البلدان التي يوجد فيها أعداد كبيرة من المغتربين أو اللاجئين السوريين، قام النظام بمراقبة السوريين بشكل منهجي في جميع أنحاء العالم.

وعلى سبيل المثال، طلب رئيس شعبة الأمن السياسي، في وثيقة عمّمها على رؤساء فروع الأمن السياسي في المحافظات، الحصول على معلومات حول "المحرّضين" المعارضين في جميع أنحاء فرنسا وبلجيكا وتركيا وروسيا ولبنان.

ءؤرلا
وثائق تكشف تجسس سفارات النظام على السوريين في الخارج

وفي البلدان التي يوجد فيها تمثيل دبلوماسي للنظام السوري أكثر رسوخاً مثل تركيا ولبنان، يتم حشد كامل موارده لتيسير المراقبة، وفي إحدى الحالات في مطلع عام 2012، شاركت قنصلية النظام في غازي عنتاب بتركيا معلومات متعلقة بمعارض سياسي ورد أنه قام بترديد عبارات سلبية ضد الرئيس والجيش.

ئءؤر
وثائق تكشف تجسس سفارات النظام على السوريين في الخارج

وتكشف إحدى الوثائق انتحال عميل لحكومة النظام صفة معارض وتمكنه من التسلل إلى صفوف المعارضة ومقابلته مجموعة من الناشطين السياسيين، وحصوله على معلومات حول تشكيل تيار سياسي جديد. ومما يقدّم دليلاً ملموساً على أن النظام السوري دفع أموالاً وأرسل مخبرين من داخل القطر إلى الخارج للتجسس على الاجتماعات؛ هو حصول العميل في وقت لاحق على دعم مالي للسفر إلى تركيا وحضور انطلاق الحفل الذي نظمته مجموعة المعارضة في مدينة أنطاكيا التركية.

ئءؤر
وثائق تكشف تجسس سفارات النظام على السوريين في الخارج

كما يعرض التقرير وثيقة لتبادل المعلومات بين سفارات النظام وأجهزة الأمن الداخلي، تعود لعام 2011 يجيب فيها رئيس فرع الأمن السياسي في دير الزور على برقية من قيادة الشعبة طلبت فيها الحصول على معلومات حول ستة أفراد تم رصدهم في احتجاج للمعارضة في كييف أمام السفارة السورية في أوكرانيا.

ءؤرلا
وثائق تكشف تجسس سفارات النظام على السوريين في الخارج

السفارات أداة لترهيب الشهود

يؤكد المركز السوري في العدالة والمساءلة في تقريره، على خطورة إعادة فتح سفارات النظام في الخارج، إذ تخلق أيضاً عقبات أمام الملاحقات القضائية بموجب الولاية القضائية العالمية، فعلى سبيل المثال كان إحجام الشهود عن المشاركة في التحقيق بسبب مخاوفهم من مواجهة أعمال انتقامية أو تعرّض عائلاتهم في سوريا لأمر مماثل قد شكّل عقبة كبيرة أمام جمع الأدلة، في محاكمة كوبلنز بألمانيا، عندما مثل كل من إياد الغريب وأنور رسلان أمام المحكمة، أما في المحاكمة الجارية في فرانكفورت لعلاء موسى وهو طبيب سوري سابق متهم بتعذيب ضحايا في مشافٍ عسكرية، أبلغ شهود عن تهديدات شخصية وترهيب لعائلاتهم في سوريا. وتم مؤخراً تسليم سوري مقيم في النرويج إلى ألمانيا لصلته المفترضة بترهيب الشهود.

أما عن محاولات بعض الحكومات الضغط لإعادة اللاجئين السوريين، فيلفت التقرير، إلى أن المعلومات التي حصلت عليها سفارات النظام في بعض الدول ومنها لبنان وتركيا، قد تعتبر مشكلة بارزة في تأمين حماية العائدين، حيث تم بالفعل اعتقال العشرات من العائدين في المطار.

وفي نهاية التقرير يؤكد المركز السوري للعدالة والمساءلة على أن فتح سفارات جديدة للنظام، يعني إحكاماً أكثر لقبضته على السوريين، ما يعني تقويضاً للجهود المبذولة لتحقيق العدالة وفق الولاية القضائية العالمية.