ترتيبات إقليمية.. تفادياً لمواجهات عسكرية

2023.03.10 | 07:22 دمشق

ترتيبات إقليمية.. تفادياً لمواجهات عسكرية
+A
حجم الخط
-A

هل تقف المنطقة على شفير توتر كبير؟ السؤال أكثر من ضروري في ظل تضارب الحسابات والمواقف لدى أكثر طرفين متقابلين ومتوترين في هذه المرحلة، أي إسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى. الطرفان في وضع حرج بالاستناد إلى وقائعهما داخلياً وخارجياً. وعندما تصل جهة ما إلى مثل هذا الحرج تستسهل الذهاب إلى خيارات أمنية أو عسكرية خارجية في سبيل البحث عن إعادة تشكل مقومات وحدة داخلية للالتفاف على الصراع الداخلي. أكثر من يقرأ في حراجة الموقف هي الولايات المتحدة الأميركية. والتي سارعت إلى إرسال وفود عسكرية إلى المنطقة، من شمال سوريا إلى العراق وإسرائيل، مع خروج مساعدة وزير الخارجية الأميركي باربارا ليف بموقف سياسي واضح حول الوجود الأميركي في المنطقة وإنشاء شبكة أمان مشتركة والتعزيز مع الحلفاء.

تسارع وتيرة إيران في عملية تخصيب اليورانيوم وسط تهديدات إسرائيلية مستمرة في إمكانية اللجوء إلى استهداف مواقع نووية إيرانية وهو ما لا تريده واشنطن على الإطلاق

في مقابل هذا الموقف السياسي، تعمل أميركا على دوزنة أي تطور عسكري يمكن أن يقود إليه جنون أحد الطرفين. فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعيش خطراً وجودياً، وهو مطوق بمجموعة نزاعات أو تطورات، أولها النبض الفلسطيني المستمر في تنفيذ عمليات ضد قوات الاحتلال وضد مستوطنين. ثانيها، الانقسام العمودي الحاد داخل إسرائيل المعطوف على تظاهرات ضخمة جداً بفعل الاعتراض على كل ما تقوم به الحكومة. ثالثها، تسارع وتيرة إيران في عملية تخصيب اليورانيوم وسط تهديدات إسرائيلية مستمرة في إمكانية اللجوء إلى استهداف مواقع نووية إيرانية وهو ما لا تريده واشنطن على الإطلاق. رابعها العمليات الأمنية الإسرائيلية المستمرة ضد مواقع إيرانية في سوريا.

على الجانب الإيراني، أيضاً الحرج قائم، بفعل انسداد مسار المفاوضات النووية بين إيران والغرب، التوتر الإيراني الأميركي المستمر، والتوتر الإيراني الأوروبي بفعل انخراط طهران إلى جانب موسكو في الحرب على أوكرانيا وهو ما سيكون له تبعات سياسية خطرة، كذلك فإن طهران تحتاج للالتفاف على كل الواقع السياسي والاجتماعي المتضعضع في الداخل. وهي راقبت عن كثب جولة المسؤولين الأميركيين في المنطقة، لتثبيت الوجود في سوريا تحديداً وهذا لا ينفصل عن الموقف الأميركي الذي هدف إلى لجم أي محاولة للانفتاح العربي على النظام السوري.

عملياً، لا تريد واشنطن حصول تدهور عسكري كبير في المنطقة سيكون قابلاً لأن يؤدي إلى حرب واسعة، إلا أن الأميركيين يغطون مسألة "حروب الظل" أو المعارك بين الحروب من قبيل العمليات الأمنية الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية، وتحاول واشنطن حصر تركيز العمليات الإسرائيلية في سوريا وتجنّب الداخل الإيراني لمنع تدهور الأوضاع، فيما إسرائيلياً لا يمكن لأحد أن يتوقع ما يمكن أن يقوم به نتنياهو. كل هذه التطورات ترجمها تهديد لبناني من قبل أمين عام حزب الله حسن نصر الله لإسرائيل أيضاً يضاف إلى التهديدات التي يطلقها مسؤولون إيرانيون، تهديد نصر الله جاء من بوابة إعادة التلويح باستهداف حقل كاريش الذي بدأت إسرائيل تستخرج منه الغاز وتصدره. وإشارة نصر الله هنا ترتبط بمعادلة "ترابط الجبهات" بين أركان محور المقاومة.

لا يمكن إغفال التقارب الخليجي الكلّي مع تركيا، بناء على التحالف الإستراتيجي الثابت بين قطر وتركيا، بالإضافة إلى التحسن في العلاقات السعودية التركية والإماراتية التركية

على وقع هذه التطورات، ثمة نقلة أخرى تعيشها منطقة الشرق الأوسط في العلاقات بين الدول، أبرزها استمرار إيران بالسعي إلى تجديد الحوار مع المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى زيادة منسوب التنسيق والتكامل والتطابق بين السعودية ودولة قطر، وهذا تنسيق يطول مختلف الملفات وصولاً إلى الملف اللبناني الذي يعتبر آخر ملف يحتلّ سلّم الأولويات. من هنا لا يمكن إغفال التقارب الخليجي الكلّي مع تركيا، بناء على التحالف الاستراتيجي الثابت بين قطر وتركيا، بالإضافة إلى التحسن في العلاقات السعودية التركية والإماراتية التركية والتي تترجم بإيداع ودائع مالية في المصرف المركزي التركي، وهذا الدعم له سياقه السياسي المتعلق بدعم الرئيس رجب طيب أردوغان بشكل أو بآخر على مشارف استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية. في المقابل أيضاً، فإن التنسيق القطري المصري يتزايد أيضاً ما يثبت حصول هذه التطورات الإيجابية في المنطقة في سبيل تحصين المواقف والمواقع في مواجهة أي أخطار أو تداعيات قد تنجم عن أي تصعيد قد يحصل بين إسرائيل وإيران.