icon
التغطية الحية

تدريب على مرثيّة قادمة | شعر

2023.05.20 | 15:53 دمشق

عبد المولى
(لوحة: يوسف عبدلكي)
+A
حجم الخط
-A

تدريب على مرثيّة قادمة

 

المجدُ للشجرِ المصابِ بطعنةِ الرّيح المريضةِ في المدى

المجدُ للماءِ الذي حملَ الضّريحَ ضريحَ قلبي للصّدى

المجدُ للصّخر استوى فوق النسيمِ وطارَ محتفلاً بجنّازِ النّدى

المجدُ للإيقاعِ مغشوشاً على عكرِ السلالمِ وهي توقِعُ عازف الأشباحِ في بئرِ الرّدى

المجدُ دوماً سرمدا...

 

بيدي حفرتُ ترابَ كارثة الزّهورِ

مررتُ بالأجراسِ صامتةً على برج الكنيسةِ

قلتُ يا رعيانَ فجري أنقذوني

طاعنٌ في ذلّهِ العطريّ قلبي

وهو محمولٌ على نعش الجنونِ

ودخانُ غابات الحرائق في عيوني

 

بيدي دفعتُ إلى تخومِ اللامسمّى معولَ الصيف المهشّمْ

بيدي رسمتُ نهاية الأرض الصغيرة تحتَ ظلّي

وارتميتُ على بقايا صرختي

في معبدِ الضوءِ المحطّمْ

بيدي رجعتُ إلى رمادِ خطيئتي

إذْ عُـمّدتْ ببدايةِ التفاح والأفعى

وعطرِ خيانةٍ عفنٍ على النهدِ المُسمَّمْ

****

مهلاً على الأشلاءِ يا حفّارُ

خذ وارشقْ تراب الشّامِ فوقي

هذا هنا قبري الأخيرُ يكاد يدنو من سياج الدّارِ

حلقي غصَّةُ الصبّارِ في أبهى مساميرِ النّدمْ

هذا هو القبرُ الجديدُ يشيله حلمٌ ويردمه سريعاً شيخُ قرآنِ الألمْ

أأقولُ ما معنايَ في الجزر البعيدةِ

والشواطئ رميةُ النّردِ السّماويّ المدمّى

العب معي يا ساحرَ المعنى وأمهلني ولو عمراً قصيراً

كن بحجمِ سقوطِ عاصفةٍ على قبوِ النبيذْ

العب معي في فسحةٍ ولدَ الذّئابُ على بيادرها

وعمّرَتِ الثّعالبُ في كرومِ هشيمها

العبْ مع الفشلِ الخَريفيّ القبيحِ

ودرْ معَ الزوّار في فصلٍ بدأنا خَتمَه في خيمةِ الذّكرى

سنخلعُ عمرنا من جذرهِ

ندعُ الزهورَ لقاتلِ القنديلِ

نفركُ حفرةً بأظافر الوحش الضريرْ

سندقّ أخشاباً لمولانا السّهرورديّ الشهيدْ

ونشمّ رائحةَ الدمِ الصّافي المقدّس من جبينِ صديقنا الحلاّجِ

أو من روح بسطاميّنا المنفيّ في بيتِ اللغةْ

سنريقُ إعصاراً على أقدامِ آلهةٍ نفتنا في أسامينا

فقدّمنا قرابينَ القبولْ

لنحوزَ بعضاً من عناقيد الفصولْ

ماذا أقولُ و لاأقولْ؟

ماذا أقولُ ولم أزلْ أبني على رملٍ تراثاً قادماً؟

ماذا أقولُ وجولةُ الدّم أمعنتْ في الغشّ؟

ماذا يا حطبْ؟

سأقولُ للآتين من بعدي؟ أكنّا نأكلُ الأوثانَ حين نجوع

ثمّ نقيمُ أوثاناً جديدةْ؟

ماذا أقولُ وليس لي أحدٌ يصدّقني، ولا حتّى القصيدةْ...

****

يا بنت أرض الشّامِ

تحترقُ الثيابُ على مغازلها،

ويسقطُ نولنا في ليلةٍ عصفتْ

هنا سيعيّدُ الخفّاشُ

ينقرُ أعينَ الشّعراءِ

يكسرُ كلّ نافذةٍ وبابْ

ويراجع المهدومُ ما هدمَ البناءُ

وتحبلُ الأنثى الخرابْ

يا بنت أرض الشامِ !

هذا القلبُ مسحوقُ السّرابْ

 

أرضي وأنتِ: نهايتي...

أرضي وأنتِ: التّوأمان الحاملانِ جنازتي

****