icon
التغطية الحية

تدخلات روسيا العسكرية... "مالا يُحتل كله لا يُترك جله"

2018.09.30 | 19:09 دمشق

كاريكاتير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين (تعديل تلفزيون سوريا)
تلفزيون سوريا - ماهر وكاع
+A
حجم الخط
-A

لم تتعدّ حروب بوتين التي كان الدافع الأكبر لها إعادة الهيبة لروسيا، الجمهوريات السوفيتية السابقة وسوريا، وفي كل تدخل كان لبوتين أسباب كثيرة للنصر، كغياب الحدود الواضحة بين روسيا والجمهوريات المتاخمة لها (مولدوفا، الشيشان، جورجيا)، أو الاعتماد على أقلية من أصل روسيا (أوكرانيا) فضلاً عن تراجع غربي كما في سوريا وجورجيا.

لكن القاعدة الأهم في الحروب التي شنها هي أنه في البلد الذي لا يمكن السيطرة عليه بالكامل، يمكن لروسيا أن تأخذ جزءا منه وكلما كان هذا الجزء أكبر كلما كان نصر بوتين أعظم.

 

أوكرانيا: بوتين يحصد زرع ستالين

أوكرانيا بلد ممتد بين روسيا وأوروبا ويساوي حجمها مساحة سوريا والعراق مجتمعتين، كانت جزءًا من الاتحاد السوفياتي حتى عام 1991، ومنذ ذلك الحين كانت الديمقراطية فيه أقل من مثالية مع اقتصاد ضعيف وسياسة خارجية ضعيفة للغاية بين مؤيد لروسيا وآخر لأوروبا.

بدأت الأزمة في تشرين الثاني 2013، عندما رفض الرئيس فيكتور يانوكوفيتش المؤيد لروسيا اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، ما أثار احتجاجات شعبية، حاول يانوكوفيتش قمعها بعنف، فدعمت روسيا حليفها، في حين دعمت الولايات المتحدة وأوروبا المتظاهرين.

أسقطت الاحتجاجات في شباط من نفس العام، يانوكوفيتش الذي يتحدث الروسية أكثر من الأوكرانية وينتمي إلى الأقلية الروسية في شرق البلاد. في هذه اللحظة بدأت روسيا خطواتها لإنقاذ نفوذها المفقود في أوكرانيا، لتغزو البلاد وتضم شبه جزيرة القرم ويبدأ المتمردون الانفصاليون الموالون لها الاستيلاء على الأراضي في شرق أوكرانيا، في صراع خلف أكثر من 2500 قتيل.

 

ولفهم عمق الأزمة الأوكرانية وكيف استغلها بوتين يجب العودة أبعد من ذلك، إلى اسم البلد، الذي كان في حقبة الاتحاد السوفياتي الـ "أوكرانيا" The Ukraine وليس أوكرانيا Ukraine الذي اكتسبته بعد انفصالها عام 1991.

أوكرانيا لديها تاريخ طويل جدا من الخضوع، وتاريخ قصير جدا من الاستقلال الوطني. قد يكون هذا في الواقع السبب الذي جعل البلاد تعرف باسم الـ"أوكرانيا"، والتي يعتقد العديد من المؤرخين أنها تعني "الحدود" في لغة السلاف القديمة. بعبارة أخرى، ربما كان يُطلق عليها الاسم لأنها كانت تعتبر إقليما أكثر من كونها بلدًا مستقلًا.

واحد من من كل ستة أوكرانيين هو في الواقع من أصل روسي، واحد من بين ثلاثة يتحدث الروسية كلغة أم (الثلثان الآخران يتحدثان الأوكرانية)، ومعظم وسائل الإعلام في البلاد باللغة الروسية. وهذا هو السبب أيضاً في أن موضوع روسيا مثير للانقسام في أوكرانيا: فالكثير من السكان يعتبر موسكو محتله لأوكرانيا على مدى التاريخ لذلك يمكن مقاومتها، في حين تنظر الأقلية الروسية في البلاد إلى روسيا باعتزاز أكثر، مع الشعور بالمشاركة في التراث والتاريخ.

إن الديمغرافية التي سمحت لبوتين التصرف في أوكرانيا، كانت من ترتيب الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين الذي تسبب في الثلاثينيات القرن الماضي بمجاعة في أوكرانيا أودت بحياة عدة ملايين من الأوكرانيين، معظمهم في الشرق. ثم أعاد ملء المنطقة بالروس في الأربعينيات أيضًا، نقل ستالين التتار الذين شكلوا الأغلبية في شبه جزيرة القرم، واستبدلهم بالروس.

 

كيف بدأ التدخل العسكري

في أواخر شباط 2014، بعد أيام قليلة من الإطاحة بالرئيس الأوكراني الموالي لموسكو من السلطة، بدأت مجموعات غريبة من المسلحين في الاستيلاء على المباني الحكومية في شبه جزيرة القرم. عقدت بعض جماعات القرم مسيرات لإظهار الدعم للرئيس المخلوع، وفي بعض الحالات، الدعوة إلى الانفصال عن أوكرانيا والانضمام إلى روسيا. نمت عصابات المسلحين حتى أصبح من الواضح أنهم كانوا من القوات العسكرية الروسية، الذين وضعوا شبه الجزيرة بأكملها تحت الاحتلال العسكري. في 16 من آذار، صوت سكان القرم بأغلبية ساحقة في استفتاء مثير للجدل لتصبح شبه الجزيرة جزءا من روسيا.

تمتلك روسيا قاعدة بحرية كبيرة في شبه جزيرة القرم، التي ترى أنها ضرورية من الناحية الاستراتيجية لإبراز القوة الروسية في البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط.

ترى معظم دول العالم أن انفصال شبه جزيرة القرم غير شرعي، وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية على روسيا لمعاقبتها على ذلك، لكن لا توجد أي إشارة لعودة شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا.

 

قصة الشرق الأوكراني

بدأ النزاع في شرق أوكرانيا (ذو الأغلبية الروسية) في نيسان 2014، باشتباكات متقطعة بين الجيش الأوكراني والمتمردين الانفصاليين المدعومين من روسيا، الذين استولوا على بعض البلدات. ومنذ ذلك الحين تصاعد الوضع إلى حرب مباشرة غير معلنة بين روسيا وأوكرانيا.

بدأ المتمردون الانفصاليون في الظهور في شرق أوكرانيا بعد فترة وجيزة من غزو روسيا وضمها شبه جزيرة القرم، حيث تبين أن الانفصاليين من القرم المفترضين هم قوات خاصة روسية. فقد استولوا على بلدات مثل سلوفينسك ودونيتسك، في المنطقة الشرقية المعروفة باسم دونباس، في غضب عارض ضد الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا، فيكتور يانوكوفيتش ابن المنطقة الشرقية.

ساءت الأمور في أوائل شهر حزيران، عندما شنت الحكومة الأوكرانية هجومًا لطرد المتمردين نهائيًا. بدأت روسيا تسليح المتمردين بصواريخ أرض-جو عالية التقنية. في السابع عشر من نفس الشهر، تم إسقاط طائرة مدنية ماليزية على متنها 298 شخصًا فوق شرق أوكرانيا، واتهمت روسيا بالحادثة.

يعلق تيموثي سنايدر في كتابه "حروب بوتين" على تناول الإعلام الروسي للأزمة ويصف سردياته عن إسقاط الطائرة الماليزية التي اتهمت بها روسيا قائلاً: في اليوم التالي للكارثة تداول الإعلام الروسي رواية خيالية، ومتناقضة، وأحيانًا بغيضة. أطلق عليها الروس قصة "الزومبي"، تقول إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ملأت الطائرة بالجثث ثم فجرتها بطريقة التحكم عن بعد. التكتيكات الروسية تنفع مع الروس حيث أغلبية كبيرة منهم (86% في عام 2014، و85 %في عام 2015) يلوم أوكرانيا لإسقاط الطائرة."

بعد الحادثة المؤسفة ضاعفت أوكرانيا هجومها على المتمردين الذين كانوا على مشارف الهزيمة. وفي أواسط آب صعدت روسيا من الدعم السري للمتمردين، حيث تغير الوضع إلى غزو علني بالقوات العسكرية الروسية.

نفت روسيا أنها قامت بغزو أراضٍ أوكرانية، لكن الأدلة على ذلك ساحقة: في 15 آب، قالت أوكرانيا إن جيشها اشتبك مع دبابات روسية تعبر الحدود. في 16 من آب، زعيم المتمردين الذين يحظون بدعم روسي أعلن أنه تلقى دعم بـ 1200 جندي من روسيا. في 21 من نفس الشهر، رصدت صور الأقمار الصناعية المدفعية الروسية التي تعبر الحدود لإطلاق النار على القوات الأوكرانية. في 26، صور شخص ما شريط فيديو لدبابات روسية تتحطم عبر المدينة، وهلم جرا.

من غير الواضح ما إذا كانت القوات الروسية ستحاول ضم أجزاء من شرق أوكرانيا أيضًا، وكيف ستنتهي المعارك هناك، وماذا يعني ذلك بالنسبة لمستقبل أوكرانيا - ولروسيا المعادية. لكن المسؤولين الروس يلمحون إلى إمكانية الموافقة على نظام فيدرالي لحل الأزمة.

مقاتلون انفصاليون في دونيتسك شرق أوكرانيا (رويترز)

 

جورجيا: حدود بوتين المتحركة

جمهورية ثانية من حقبة الاتحاد السوفياتي كانت مسرحا لإظهار جبروت القومية الروسية الذي تبناه بوتين.

في آب 2008، بينما كان العالم مشغولاً بالألعاب الأولمبية الصيفية في بكين، دخلت قوة غزو روسية جورجيا. بعد قرابة عقد من الزمن، ما زال الآلاف من القوات الروسية تحتل أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، يشار إليهما أيضا باسم إقليم تسخينفالي الذي يساوي 20 بالمئة من أراضي جورجيا.

في أعقاب الثورة "الوردية" عام 2003، تم انتخاب ميخائيل ساكاشفيلي، رئيسا لجورجيا، الذي تلقى تعليميًا في جامعة جورج واشنطن وكولومبيا، وكان رجل أميركا الذي أطاح ببيروقراطي من العهد السوفياتي.

جعل ساكاشفيلي من توحيد البلاد حجر الزاوية في جدول أعماله، كانت حينها الاحتكاكات بين جورجيا وأوسيتيا الجنوبية، التي أعلنت استقلالاً فعلياً منذ تسعينات القرن الماضي، قد تراجعت لسنوات، لكن ساكاشفيلي، الحليف الأمريكي الذي سعى للحصول على عضوية حلف الناتو لجورجيا، حاول استعادة المنطقة الانفصالية، لتبدأ الطائرات الروسية قصف عمق جورجيا.

في هذه الأثناء، دخل الانفصاليون من منطقة أبخازيا الجورجية في النزاع، معلنين أنهم بدأوا عمليات عسكرية لإجبار القوات الجورجية على الخروج من وادي متنازع عليه بنيران الطائرات والمدفعية الروسية.

زعمت روسيا أن تدخلها كان لاستعادة السلام بين الحكومة الجورجية والولايات الانفصالية الموالية لروسيا في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وحماية سكانها الروس.

وبعد الغزو الروسي لجأت جورجيا عبثاً للحصول على الدعم الأمريكي، وقال ساكاشفيلي لواشنطن "لم يعد هذا الأمر يتعلق بجورجيا." "هذا يتعلق بالقيم الإنسانية الأساسية، والقيم الأمريكية التي كنا نؤمن بها، نحن أنفسنا إذا لم يكن العالم قادراً على إيقاف روسيا هنا". وقال سياسي جورجي: "يمكن أن تظهر الدبابات الروسية والمظليين الروس في كل عاصمة أوروبية".

بعد عشر سنوات من خوض الدولتين حرباً قصيرة، مازالت روسيا تستولي بهدوء على مزيد من الأراضي على حدود متنازع عليها مع جورجيا، وتحذر الناتو من الاعتراف بالبلد الصغير الأوراسي كدولة عضو.

في كل صباح يستيقظ الجورجيون على أطراف المنطقة المتنازع عليها ليجدوا القوات الروسية قد طوقت عشرات المنازل القروية بسياج شائك لضمها إلى المنطقتين الانفصاليتين بعد أن اعترفت باستقلالهما. وعلى الرغم من تحذيرات واشنطن فإن روسيا وحلفائها الانفصاليين كانوا يبتلعون المزيد والمزيد من الأراضي في السنوات الأخيرة.

سياج فاصل وضعه الروس حديثاً في صيف عام 2018 بين جورجيا وأوسيتا الجنوبية (politico)

 

تمتلك روسيا الآن 19 قاعدة عسكرية في أوسيتيا الجنوبية وحدها، ولا تهدد روسيا في هذا المنطقة جورجيا وحدها بل تهدد أيضًا روابط النقل العام الرئيسية، والسكك الحديدية، وخطوط الأنابيب التي تربط قلب أوراسيا بأوروبا.

لحرب بوتين في جورجيا بعد اقتصادي، فبعد حل الاتحاد السوفياتي تحالفت الولايات المتحدة مع تركيا لنقل النفط والغاز الطبيعي المكتشفين حديثاً من حوض بحر قزوين إلى أوربا. وركزت التحالف على النفط والغاز الأذربيجاني والكازخستاني والتركمنستاني الذي سينقل ليس عن طريق روسيا، ولكن عبر الممر الممتد على طول بحر قزوين وتركيا مرورا بجورجيا.

 

الشيشان: مجازر بوتين ترد الاعتبار لجيش روسيا المهزوم

وافقت معظم الأراضي الروسية بسهولة على الشروط المنصوص عليها في المعاهدات الفيدرالية الروسية في 31 آذار 1991، ولكن بعض الجمهوريات المستقلة السابقة داخل الاتحاد الروسي، ولا سيما تلك التي تملك النفط، سعت إلى الحصول على درجة أكبر من الاستقلال.

كانت الشيشان مثالا على ذلك. جاء الطيار المقاتل جوهر دوداييف إلى السلطة بعد انتخابات تشرين الأول 1991 وفي 1 تشرين الثاني، أصدر مرسوما بعنوان "سيادة الدولة في جمهورية الشيشان". السلطات في موسكو، التي نجت للتو من محاولة الانقلاب، لم تعطها أهمية كبيرة.

بعدها تصاعد التوتر بين موسكو وغروزني بشكل مضاعف على مدار عام 1992. في النهاية، غادرت وحدات الجيش الروسي الأراضي الشيشانية بإرادتها، دون معارضة، تاركين مخابئ للأسلحة والذخائر. لكن دوداييف، بعد أن بنى قواته المسلحة، استمر في الإصرار على انفصال الشيشان عن روسيا.

 

الحرب الأولى

في 30 تشرين الثاني 1994، وقع الرئيس يلتسين مرسوماً "لاستعادة القانون والنظام الدستوريين في أراضي جمهورية الشيشان". لقد تم إعلان الحرب. في 11 من كانون الثاني، عبر نحو 100 ألف جندي من القوات الروسية الحدود إلى الشيشان.

وعد بافل غراتشيف، وزير الدفاع الروسي يومها، بأخذ غروزني بـ"حرب خاطفة" مع اثنين فقط من فرق القوات المحمولة جوا. فشل هجومه ودمرت الألوية بأكملها لتبدأ حرب دامية استمرت سنتين وحصدت أرواح عدة آلاف من الجنود الروس وعشرات الآلاف من المدنيين الشيشان.

في آب 1996 تم توقيع اتفاق سلام بعد عامين من القتال خلف نحو 120 ألف قتيل شيشاني و3000 جندي روسي. وفي نفس العام انسحب الروس، تاركين الشيشان مستقلة، وكان الانسحاب بمثابة إهانة للآلة العسكرية الروسية التي كانت قبل أقل من عقد تهدد العالم الغربي بأكمله.

 

حرب الشيشان الثانية

كان التمرد الشيشاني في البداية قوميا في المقام الأول، إلا أنه أخذ طابعا إسلاميا متزايدا على مر السنين.

في عام 1998ظهر أحمد قديروف، الذي عُين مفتيًا للشيشان، كمعارض للمتطرفين وأنصارهم الشيشان، لأنه رأى تطرفهم تهديدًا للحركة الانفصالية، فأعلن تخليه علنا عن المجاهدين.

في عام 1999 شن متشددون إسلاميون من الشيشان على رأسهم شامل باساييف على منطقة في داغستان المجاورة، وكان هدفهم تأسيس دولة تضم الجمهوريات السوفيتية المسلمة في القوقاز.

تلى الهجوم سلسلة من الانفجارات في بنايات سكنية في موسكو ومدينتين روسيتين قتلت أكثر من 300 روسي، ألقت موسكو باللوم على المتمردين الشيشان وشرعت في "عملية مكافحة الإرهاب" الملحمية، التي أصبحت الحرب الشيشانية الثانية، لكن آخرون وجهوا الاتهام لبوتين الذي كان يحضر نفسه لتولي السلطة في روسيا.

في نفس العام كتب بوتين الذي عين حديثاً رئيساً للوزراء مقالا في صحيفة نيويوك تايمز الأميركية عنونه بـ لماذا علينا أن نتصرف قال فيه: أطلب منكم أن تضعوا جانباً التقارير الإخبارية الدرامية من القوقاز وأن تتخيلوا شيئاً أكثر هدوءاً: المواطنون العاديون في نيويورك أو واشنطن، نائمون في بيوتهم. ثم في لحظة، يقتل المئات في الانفجارات بووترغيت أو في مجمع سكني على الجانب الغربي من مانهاتن. الآلاف يصابون، وبعضهم يتشوه بشكل مروع." كان الهدف من المقال تبرير هجوم كبير ضد الشيشان.

في أيلول، بدأت الطائرات الروسية قصف العاصمة الشيشانية، وأعلن بوتين عدم اعترافه بسلطات الرئيس الشيشاني يومها أصلان مسخادوف. في أواخر أيلول عبر نحو ثلاثين ألف جندي الحدود الشيشانية، متقدمين باتجاه غروزني التي وصلوها في اليوم الأول من عام 2000، بعد يوم من تولي بوتين رئاسة روسيا.

حرب الشيشان الثانية لم تكن كالأولى، فحرب بوتين كانت هجومًا كلاسيكيًا على غرار الحرب العالمية الثانية بالقذائف والمدفعية، بينما الأولى كانت كعملية بوليسية كبيرة محصنة بسيارات مدرعة وطائرات هليكوبتر.

تم منع وسائل الإعلام من تغطية الحرب، وخصصت موارد كافية لإدارة حملة إعلامية على التلفزيون. التي استغلت سلسلة الأعمال الإرهابية في مدن وسط روسيا.

واصلت قوات بوتين عملياتها العسكرية، التي خلفت نحو 50 ألف قتيل معظمهم من المدنيين وفق تقديرات غير حكومية.

 

في تموز عام 2000 تم تعيين أحمد قادروف الذي قاد فرق شبه عسكرية معروفة باسم kadyrovtsy” " اشتهرت باختطاف وتعذيب وقتل الانفصاليين والمدنيين المشتبه في مساعدتهم، وفقا لجماعات حقوق الإنسان، رئيساً للشيشان التي باتت تحت الوصاية الروسية.

قتل أحمد قديروف في أيار 2004. وكان ابنه البالغ من العمر 27 عاماً، رمضان قديروف، صغيراً جداً على الترشح للرئاسة آنذاك، ولكنه أصبح رئيساً للأجهزة الأمنية لوالده بسرعة، وأصبح حاكم الشيشان الفعلي. في عام 2007، بعد أن أصبح في الثلاثين من عمره، تم انتخاب رمضان قديروف رئيسًا.

في نيسان 2009 أعلنت موسكو إنهاء عملية "مكافحة الإرهاب" التي استمرت 10 سنوات في الشيشان مع إبطال حركة التمرد إلى حد كبير.

على مدى سنوات، رأى فلاديمير بوتين أن تهدئة الشيشان هي إنجازه الرئيسي، وأنعش الانتصار طموحات موسكو الإمبراطورية، على الأقل في منطقة الاتحاد السوفييتي السابق.

اليوم يكمل بوتين طموحاته في سوريا التي طبق فيها خليطاً من تجاربه في جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقاُ. فمن الشيشان تعلم أن تدمير المدن وقتل الأبرياء ممكن، إذا رفع شعار محاربة الإرهاب، ومن أوكرانيا أدرك أن دعم أقلية -إثنية كانت أم دينية -متماسكة يساعد كثيراً في السيطرة على البقية، أما جورجيا فجرب فيها تردد الغرب، الذي منحه جزءا من بلاد لم يستطع السيطرة عليها كلها.