icon
التغطية الحية

تحت شعار "اكتفينا من الحروب الأبدية".. ميقاتي يقترح خطة سلام من أجل غزة

2023.11.02 | 11:00 دمشق

رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي
رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي
The Economist - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

في خضم سعيه الحثيث لإبعاد الحرب القائمة في غزة عن بلده، اقترح رئيس وزراء لبنان، نجيب ميقاتي، خطة سلام، بعدما جال عواصم المنطقة وناقش دبلوماسيين وسياسيين غربيين محاولاً إقناعهم بالبحث عن سبل لوقف تصعيد العنف، كما يرغب بمنع حزب الله من الانضمام لحرب ضد إسرائيل يمكن أن تشعل فتيل نزاع إقليمي، ولهذا أعلن ميقاتي من مكتبه في العاصمة بيروت بأنه يضغط بأقصى ما لديه داخلياً وإقليمياً ودولياً ليمنع نشوب الحرب.

"حان وقت السلام"

في مقابلة أجرتها معه مجلة إيكونوميست، حدد ميقاتي خطته التي تعتمد على نقاط ثلاث، أولها: رغبته بالتوصل إلى تهدئة إنسانية، تمتد لخمسة أيام، وخلالها ستحرر حماس بعض الرهائن المحتجزين لديها، وعلى رأسهم المدنيون والأجانب، في حين ستوقف إسرائيل إطلاق النار وستستمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، كما ستكف حماس عن إطلاق صواريخها.

وفي حال استمر وقف إطلاق النار، عندئذ يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية، والتي سيتحول وقف إطلاق النار بموجبها إلى وقف إطلاق نار دائم، وبمساعدة وسطاء، يصبح بمقدور حماس وإسرائيل التفاوض على تبادل الأسرى. عندئذ سيبدأ القادة في الغرب والمنطقة بالعمل على المرحلة الثالثة، والتي تبدأ بمؤتمر سلام دولي يحقق تسوية حل الدولتين بالنسبة لإسرائيل وفلسطين، ويتابع بالقول: "سنراعي حق إسرائيل وحق الفلسطينيين، فقد حان الوقت ليصبح السلام ممكناً في المنطقة بأكملها".

 

 

في الوقت الذي تستعر فيه حمى الحرب في عموم الشرق الأوسط، لا بد أن يحجم أغلب العرب عن الاعتراف الضمني بالدولة اليهودية الذي يقدمه ميقاتي، لكنها ليست المرة الأولى التي يقدم فيها زعيم عربي خطة سلام في حالة حرب، إذ عندما بلغت الانتفاضة الفلسطينية الثانية ذورتها، أطلق عبد الله بن عبد العزيز الذي كان وقتئذ ولي عهد المملكة العربية السعودية وأصبح ملكها فيما بعد، مبادرة سلام عربية، اقترح من خلالها تطبيعاً كاملاً للعلاقات العربية مع إسرائيل، مقابل انسحاب كامل من الأراضي التي احتلتها منذ انتصارها في حرب 1967، وقد صدق القادة العرب على هذه الخطة في قمة عقدت ببيروت في عام 2002.

إيران عنصر أساسي هذه المرة

تمضي خطة ميقاتي لما هو أبعد من ذلك عبر إشراك إيران، التي تعتبر المنسق الأكبر لما يعرف بمحور المقاومة ضد إسرائيل، وهو عبارة عن شبكة تضم قوات رديفة لإيران -ومنها حزب الله- تنتشر في عموم المنطقة، ويؤكد ميقاتي ذلك بقوله: "سيكون الإيرانيون جزءاً من السلام الشامل"، فقد كان أول من استقبلوا وزير خارجية إيران، حسين أمير عبد اللهيان، خلال الأيام الأولى من الحرب الجارية على غزة. كما أن لحزب الله الذي يعد أقرب قوات وكيلة لإيران في المنطقة، تمثيلا في حكومة ميقاتي، ولهذا يقول: "في حال اتفقنا على السلام الدولي والشامل، فأنا على يقين من أن حزب الله وحماس سيضعا أسلحتهما جانباً".

يخبرنا أحد المقربين من ميقاتي بأن علاقاته مع الغرب والخليج وإيران جعلته يتبوأ منزلة مميزة تخوله طرح خطة سلام، إذ يقول بأنه ناقش تلك الخطة مع وزراء الخارجية في أميركا وبريطانيا وفرنسا، وتلقى منهم رداً مرحباً بها، وفي 29 تشرين الأول، سافر ميقاتي إلى قطر ليناقش خطته مع أميرها الذي ألفى نفسه وسط موجة النشاط الدبلوماسي الساعي لإيقاف الحرب بما أن قطر استقبلت ديفيد برنياع رئيس الموساد والاستخبارات الخارجية لدى إسرائيل.

هنالك عقبة تعترض سبيل هذه الخطة وهي عدم تمتع ميقاتي بأي نفوذ، فهو يترأس دولة مفلسة ومحطمة، يصفها هو شخصياً بأنها كذبة، فلبنان ليس لديه رئيس، ولا يمكن مقارنة جيشه النظامي بقوات حزب الله، كما أن ارتفاع أعداد القتلى الفلسطينيين في غزة يقلص فرص إحلال السلام بشكل فوري، ثم إن حماس توسلت إلى حزب الله حتى يفتح جبهة ثانية، فحدثت حالات متقطعة لتبادل إطلاق النار على الحدود بين لبنان وإسرائيل طوال الأسابيع الماضية أسفرت عن مقتل نحو 50 مقاتلاً لدى حزب الله وخمسة جنود إسرائيليين.

كما أطلق حزب الله صواريخ استهدفت مقار عسكرية إسرائيلية، بيد أنه أحجم عن استهداف مدن تقع في شمالي إسرائيل مثل حيفا وصفد. ولذلك يخشى كثيرون من احتمال توسيع حسن نصر الله، بوصفه الأمين العام لحزب الله، نطاق النزاع، وذلك بعد الخطاب المنتظر الذي سيلقيه في الثالث من تشرين الثاني.

اللبنانيون يريدون حرباً مع إسرائيل

يطالب بعض المتدينين من الطائفة التي ينتمي لها ميقاتي، أي المسلمين السنة، بعمل عسكري دعماً لحماس، إذ خلال الأيام القليلة الماضية، أبلغ الجناح المسلح لهذه الطائفة، أي الجماعة الإسلامية، وقلة من سمعوا بها، أنصاره بالتعبئة والاحتشاد إلى جانب حزب الله على الحدود مع إسرائيل، وبحسب مسح أجري مؤخراً في لبنان، فقد أعرب ثلث السنة في هذا البلد ونصف الشيعة و13% فقط من المسيحيين عن رغبتهم بخوض الحرب ضد إسرائيل.

ومع ذلك، مايزال أغلب الشعب اللبناني يخشى الانجرار إلى حرب أخرى من الحروب التي قامت بين العرب وإسرائيل لأن هذه الحرب من شأنها أن تشل لبنان وتدمره أكثر فأكثر، فقد تعرضت معظم مناطق جنوب لبنان وجنوبي بيروت للدمار عندما خاض حزب الله آخر حرب له ضد إسرائيل في عام 2006، لذا فإن غالبية اللبنانيين يتعقبون حالة التراجع التي أصابت البلد منذ ذلك الحين وحتى ظهور الأزمة اليوم، إلا أن ميقاتي يرى بأن تسوية النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي لن تريح كلا الطرفين المتحاربين فحسب بل لا بد أن تريح جيرانهما أيضاً، ولهذا قال: "اكتفينا من الحروب الأبدية".

 

المصدر: The Economist