icon
التغطية الحية

"بيلي هوليداي" التي قتلتها أغنية لم تُعجب عنصرية الأميركيين

2021.02.13 | 16:06 دمشق

بيلي هوليداي (1915- 1959)
بيلي هوليداي (1915- 1959)
إسطنبول- أحمد طلب الناصر
+A
حجم الخط
-A

"بيلي هوليدي/ Billie Holiday"‏ مغنية أميركية من أصول أفريقية، ولدت في فيلادلفيا/ ولاية بنسلفانيا الأميركية، عام 1915، وتوفيت في نيويورك عام 1959. وتعتبر من أشهر مغنّي موسيقا الـ (جاز).

ماتت هوليداي بسبب أغنية لم تعجب حكومة الولايات المتحدة الأميركية، وتوفيت بأبشع الطرق داخل مشفى، فما هي قصتها وما سر الأغنية الغريبة التي تسببت في وفاتها؟

سيرة حياة مؤلمة

ولدت "إليانورا فاجان" بعد علاقة غير شرعية بين فنان أميركي وخادمة بعمر الـ16 عاماً. تبرأ منها والدها ولم يعترف بها، فعاشت مع والدتها التي لم تستطع تحمّل مسؤوليتها فتركتها هي الأخرى عند شقيقتها (خالة إليانورا).

وبالرغم من محاولة الخالة الاعتناء بها والحرص على تعليمها، لم تكن إليانورا تحب المدرسة، وهربت منها مرات عديدة، ما دفع الجهات المسؤولة لنقلها إلى مدرسة إصلاحية كاثوليكية للإشراف على توجيه وتحسين سلوكها.

في سن الـ10 من عمرها، تعرضت إليانورا لاعتداء جنسي من قبل أحد الأشخاص، فأرسلتها السلطات إلى والدتها التي كانت تقيم في نيويورك آنذاك، وأجبروها بتربية ابنتها.

ونتيجة فقر الحال الذي كان يحيق بالزنوج من جراء التعامل العنصري وعدم السماح للكثيرين منهم بالعمل ضمن مجالات العمل المتاحة، راحت والدتها تعمل في مجال الدعارة، واصطحبت ابنتها للعمل معها في ذلك المجال السيئ وهي لم تتجاوز آنذاك الـ14 من عمرها.

بعد مدة قصيرة، تم القبض على والدة إليانورا ومحاكمتها وإطلاق سراح الفتاة لصغر سنها ولجهلها بما كانت تفعله. بعد ذلك قررت الفتاة العيش بمفردها والعمل بالغناء في نواد ليلية رخيصة.

وفي ذلك الحين، غيّرت إليانورا اسمها إلى "بيلي هوليداي" في محاولة لنسيان حياتها السابقة والمضيّ قدماً في حياة جديدة.

اكتشاف هوليداي

قصة بيلي، في معظم أجزائها، تتطابق مع قصة حياة المغنية الفرنسية الشهيرة "إديث بياف"، وخصوصاً في عملها مع والدتها ثم الغناء في النوادي الرخيصة، بالإضافة أيضاً إلى اكتشافها من قبل أحد المنتجين وتبنيه لها.

فكما اكتشف "لويس ليبلي" صاحب أحد الملاهي الشهيرة في باريس، إديث بياف؛ كذلك حصل الأمر مع بيلي هوليداي. فعندما بلغت بيلي الـ17 من عمرها، استمع إليها المنتج "جون هاموند" وذهل بقوة صوتها وأدائها، وقال عنها آنذاك: "كانت المرة الأولى التي أشاهد فيها فتاة بهذا السن، تغني وكأنها أكبر فنانات الجاز".

 

resize.jpg
المطربة الفرنسية إديث بياف

 

بعد اللقاء بينها وبين هاموند، بدأت بيلي بتسجيل العديد من الأغاني التي حققت نجاحاً مبهراً، بالإضافة إلى حصولها على عروض تمثيل أدوار رئيسة في أفلام موسيقية، فامتلكت جمهوراً واسعاً في المجتمع الأميركي.

وبالرغم من أن غالبية جمهورها ومحبيها من البيض، إلا أنها لم تتمكن من الإفلات من الظلم وخطاب العنصرية ضدها. إذ كانت تدخل من الأبواب الخلفية للنوادي الليلية وتحصل على راتب أقل من بقية المغنين (البيض) رغم أنهم أقل مرتبة منها.

 

billie-holiday_vert-00924698a8987275fd49205a5f1e95b1ae0723ed-s800-c85.jpg

 

في ذلك الوقت (النصف الأول من القرن العشرين) كان أصحاب البشرة السمراء ما زالوا يتعرضون لأبشع مظاهر العنصرية في الولايات المتحدة الأميركية. لذلك ردّت بيلي على تلك المعاملة الدونية التي كانت تتعرض لها هي وأصحاب البشرة السمراء عبر أغنية رفضت معظم شركات الإنتاج تسجيلها أو نشرها خوفاً من جمهور البيض.

الأغنية كانت تتحدث عن حالات إعدام أصحاب البشرة السمراء وشنقهم على الأشجار، من دون محاكمات أو ذنب اقترفوه، أطلقت بيلي على أغنيتها اسم "الفاكهة الغريبة/ Strange Fruits"، وتمكنت في نهاية المطاف من نشرها عبر شركة مستقلة.

الأغنية وردود الفعل

يقول مطلع الأغنية: "على أشجار الجنوب فاكهة غريبة.. دمٌ يلوّن الأوراق ودم منسدل فوق الجذور.. أجسادٌ سوداء تتأرجح مع نسيم الجنوب.. فاكهة غريبة تتدلى من أشجار الحور.."

 

billi-holidej-biografiya-luchshie-pesni-interesnie-fakti-slushat-16.jpg

 

أثارت الأغنية غضب الشعب الأميركي الأبيض، ومن بينهم العديد من معجبي بيلي. بالمقابل أصبحت الأغنية شبه نشيد رسمي لمناضلي السود من أجل الحصول على حقوقهم الإنسانية.

بدورها، أصدرت الحكومة قراراً بمنع نشر الأغنية بصورة نهائية، إلا أنها استطاعت الوصول بطرق عديدة إلى العامة. ولعب ضابط المخابرات الأميركي العنصري "هاري آنسلينجر" دوراً رئيساً في محاربة بيلي ومعاقبتها.

وكان آنسلينجر يرى أن أصحاب البشرة السمراء ليس لهم الحق في إبداء رأيهم وأنهم مجرد "عبيد للبيض"، فطلب من بعض رجاله تلفيق أي تهمة لبيلي بهدف حبسها وتغريمها. وهذا بالضبط ما حصل حين ثبت اتهام بيلي بتعاطي مخدّر الـ "هيرويين" ليُقبض عليها ويتم سجنها لمدة عام.

وبعد الإفراج عنها، عانت بيلي من فشلٍ كلوي جعلها طريحة الفراش داخل أحد المشافي. وبالرغم من سوء حالتها إلا انها كانت تصرّ على مغادرة المشفى، وكانت تقول لأقربائها: "سوف يقتلوني، سوف يقتلوني هنا، لا تسمحوا لهم".

وعلى ضوء ذلك، أرسل هاري آنسلينجر بعض عناصره ليمنعوا أقارب وأصدقاء بيلي من زيارتها داخل المشفى، بالإضافة إلى إيقاف العلاج عنها ووضعها داخل غرفة معزولة وسيئة في المشفى، ما أسفر في النهاية عن موتها.

توفيت بيلي هوليداي عام 1959، وكانت وفاتها أحد أهم أسباب ثورة السود ضد الأنظمة العنصرية في الولايات المتحدة الأميركية، وتم اعتبارها رمزاً من رموز حركة الحقوق المدنية الأميركية- الأفريقية، وأسطورة لموسيقا الجاز التي أبدع فيها المغنون السود، قبل بيلي وبعدها.

تم تمثيل حياتها في السينما الأميركية في فيلم "السيدة التي تغني البلوز/ Lady Sings the Blues" وهو عنوان إحدى أغاني بيلي هوليدي، وأدت دورها المغنية الأميركية السوداء "ديانا روس" ورشحت فيه لنيل جائزة الأوسكار.

 

41J7WA402RL._SY445_.jpg