بلينكن في المنطقة و"نتن ياهو" يهرب إلى لبنان

2024.01.06 | 19:09 دمشق

بلينكن يغادر تركيا إلى كريت ـ رويترز
+A
حجم الخط
-A

يأتي وزير الخارجية الأميركي للمنطقة في وقت تخرج فيه الأمور عن السيطرة رويداً رويداً، فأميركا التي وضعت حدودا لقواعد الاشتباك والتي التزمت بها ميليشيات إيران مثل الحوثي في اليمن وحزب الله في لبنان وغيرها من تلك الموجودة في سوريا والعراق تجد نفسها اليوم عاجزة عن ضبط الأمور. فجيش الاحتلال الذي عجز عن تحقيق هدف الحملة الأول والمتمثل بإعادة الرهائن دون مفاوضات وفشل في تحقيق الهدف الثاني المتمثل بتصفية قادة ورموز الفصائل الفلسطينية يبحث اليوم هذا الجيش عن توسيع نطاق الحرب عند حدود فلسطين الشمالية، الحدود التي عاد النقاش حولها مؤخراً وعن إمكانية تطبيق القرار 1701 والذي ينص فيما ينص على إبعاد ميليشيات حزب الله إلى حدود نهر الليطاني، وبالفعل جرت مباحثات مكثفة بين إسرائيل والحزب عبر وسطاء لكن يبدو أنها تعثرت في الأيام الأخيرة، ووصلت إلى طريق مسدود، رافق هذا التعثر تعثر آخر في مفاوضات ماراثونية جرت بين حكومة الاحتلال والفصائل الفلسطينية بوساطة قطرية-مصرية فبعد أن وصلت تلك المفاوضات إلى مراحل متقدمة كادت أن تفضي إلى اتفاق يوافق عليه الطرفان توقفت فجأة وعاد التصعيد الميداني وعاد معه القصف الإسرائيلي الوحشي  وسقط في يوم واحد أكثر من 200 شهيد مدني في غزة.

جولة بلينكن هذه تأتي أيضا في وقت تتصاعد فيه سخونة الأحداث والمواجهات في البحر الأحمر. إذا ما الذي يمكن أن يحمله بلينكن لنظرائه في المنطقة؟ جولة وزير الخارجية الأميركي بدأت من إسطنبول على وقع توتر بين البلدين بسبب الدعم الأميركي اللامحدود للاحتلال وبسبب ملفات عالقة بينهما مثل صفقة طائرات إف 16 وملف انضمام السويد للناتو والذي ينتظر موافقة البرلمان بعد أن صدّق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عليه في العام الماضي، وفي تفاصيل الزيارة يبدو أنها كانت إيجابية وودية أكثر من تلك التي سبقتها بداية العدوان، حيث استقبل الرئيس التركي بلينكن بحضور وزير الخارجية هاكان فيدان ورئيس جهاز المخابرات إبراهيم كالن، هذا اللقاء جرى عقب لقاء جمع الوزير التركي بنظيره الأميركي مما يعني أن هناك توافقا ما حصل وحلحلة لبعض الملفات.

هذه كلها رسائل تصعيدية متبادلة ومهما كان في جعبة بلينكن لدول المنطقة من مقترحات وضغوط لأجل احتواء الصراع وإبقاء المعارك في غزة لكن على ما يبدو أن الوقت قد فات

سيذهب الوزير الأميركي بعد تركيا إلى اليونان والأردن وقطر والإمارات والسعودية ومصر وإسرائيل والضفة الغربية، حرص إدارة بايدن على  زيارة هذه الدول في جولة واحدة وفي هذا التوقيت يشي بأن هناك مخاوف جدية لديها من أن حكومة الحرب الإسرائيلية لديها نية لتوسيع دائرة الصراع وتوجيهه نحو جنوبي لبنان، لأن فشل مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار أو هدنة طويلة يعني أن التصعيد الميداني هو الخيار الوحيد المتبقي لجنرالات الحرب في جيش الاحتلال بعد كل هذا التخبط الذي يعيشونه وبعد ازدياد الخلافات بين أركان الحكم في إسرائيل.

إيران الحاضرة في جولة بلينكن رغم غيابها عن جدول لقاءاته والتي التزمت هي وطلبت من وكلائها في المنطقة الالتزام بقواعد الاشتباك تعاني اليوم بعد أن استهدفت بشكل مباشر خلال عملية تصفية أكبر ضابط في الحرس الثوري مسؤول عن ملف سوريا في دمشق، رضي موسوي لم يكن مجرد ضابط عادي كان ذراع سليماني في سوريا وهو من أقدم القيادات التي جاءت إلى سوريا لدعم نظام الأسد بعد أن ثار ضده الشعب السوري وشاركت ميليشيات الحرس الثوري النظام بقمع المظاهرات ولاحقا بعملية الإبادة والتهجير القسري، على الرغم من مرور سنوات على مقتله لكن إيران لم تستفق بعد من تبعات مقتل سليماني لتأتيها ضربة جديدة قوية موجهة لنفوذها في سوريا، وقبل أيام وخلال مراسم إحياء ذكرى مقتل سليماني حدث تفجير ضخم راح ضحيته العشرات "91 قتيلا" وقالت إيران إن التفجير حدث بوضع حقائب فيها متفجرات تم تفجيرها عن بعد ليخرج بعدها تنظيم الدولة - داعش ليتبنى التفجير. استهداف قادة الميليشيات الإيرانية لم يتوقف في الأيام الأخيرة حيث قامت مسيرة يعتقد أنها أميركية بقتل قيادي في ميليشيا حركة النجباء وسط بغداد.

هذه كلها رسائل تصعيدية متبادلة ومهما كان في جعبة بلينكن لدول المنطقة من مقترحات وضغوط لأجل احتواء الصراع وإبقاء المعارك في غزة لكن على ما يبدو أن الوقت قد فات، فلا جدوى من الحديث مع دول المنطقة عن اليوم التالي وعن من سيحكم غزة، في وقت فشلت فيه مفاوضات الهدنة وعملية تبادل الأسرى، وبعد توقف مفاوضات تطبيق القرار 1701 المتعلق بجنوبي لبنان لم يبقَ أمام نتن ياهو سوى الهروب للأمام وفتح جبهة في شمالي فلسطين المحتلة، هذه المؤشرات القوية على توسيع دائرة الصراع ليست جديدة لأنها كانت واضحة منذ مدة طويلة، ومن خلال متابعة أداء حكومة الاحتلال السياسي والعسكري نجد أن هذه الحكومة الفاشية المتطرفة اتخدت قرار التصعيد والمواجهة بعد الضربة القاصمة التي تلقتها يوم 7 من تشرين الأول من العام الماضي وكان جلياً منذ الأسبوع الأول للعدوان على أن ما يحدث في غزة لن يبقى في غزة.