icon
التغطية الحية

بعد عامين على سقوط الباغوز... هل انتهى تنظيم الدولة في سوريا؟

2021.03.26 | 17:52 دمشق

isis-1-gty-er-190304_hpmain_16x9_1600.jpg
+A
حجم الخط
-A

ما زال تنظيم الدولة حاضرا شمال شرقي سوريا بهجمات وعمليات واغتيالات وبيانات لم تتوقف منذ إعلان قوات التحالف سيطرتها على بلدة الباغوز آخر معاقل التنظيم في ريف دير الزور قبل عامين من الآن، عقب معارك استمرت لأكثر من تسعة أشهر، كلفت المنطقة دمارا واسعا احتل المرتبة الأولى في الجغرافية السورية، حيث وثقت بعض المنظمات دمار بلدات وقرى بالكامل، في حين تعرضت بقية البلدات والقرى والمدن التي كانت تحت سيطرة التنظيم لدمار تجاوز في معظمها 85 في المئة.

ولم تكن الخسائر التي أسفرت عنها حرب التنظيم مرتبطة بالدمار الذي لحق المنطقة فحسب، بل خلف مئات القتلى والمفقودين من المدنيين على يد التنظيم، فضلا عن مقتل العشرات بغارات نفذها التحالف الدولي وبررها فيما بعد بأنها وقعت عن طريق الخطأ أو بسبب معلومات مغلوطة تلقاها التحالف، أو انطلاقا من استخدام عناصر التنظيم المنازل والأحياء المدنية هربا من الغارات الجوية.

وأيا تكن الأسباب فإن الأعداد التقريبية لحصيلة القتلى اقتربت من 10 آلاف شخص بين مدني وعسكري، ليعلن التحالف الدولي مسؤوليته عن مقتل 1319 من مجموع الضحايا في بيان صدر عنه أواخر عام 2019 في غاراته الجوية في سوريا والعراق منذ بداية تدخله ضد التنظيم عام 2014.

في حين تواصلت أعداد الضحايا حتى اليوم بالارتفاع وذلك نظرا للكشف عن مقابر جديدة في المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيم، والتي بلغ عددها حتى الآن 28 مقبرة بحسب فريق الاستجابة الأولية، تحوي أكثر من 6 آلاف جثة معظمها مجهولة الهوية ولم يتم التعرف إلى أصحابها.

اليوم وبعد حصاد سنوات مليئة بالجرائم والفظائع سواء على يد التنظيم أو قوات التحالف وقسد؛ يبدو إعلان انتهاء التنظيم حرباً إعلامية أكثر من كونه حقيقة، حيث إن تحركات التنظيم تنامت بشكل كبير وأعلن عن تعيين قيادة جديدة عقب مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي، وأصبح محط جدل ومسار تساؤل بشأن الآلية الجديدة والتحرك في مناطق تسيطر عليها أربعة جيوش منها أعظم جيشين في العالم الأميركي والروسي.

استراتيجية قتالية جديدة

تحركات التنظيم الأخيرة جاءت منضبطة ضمن استراتيجية قتالية جديدة لجأ إليها استدراكا لما خسره من معدات وأسلحة وأماكن سيطرة وعنصر بشري، ويعتبر الصحفي سامر الأحمد أن إعلان هزيمة التنظيم في الباغوز هي بداية لاعتماد الاستراتيجية الجديدة، حيث توقف نشاطه لفترة من الزمن ثم استعاده في البادية من خلال تنظيم صفوفه وتوزيع خلاياه في عدد من المناطق ولا سيما ريف دير الزور الشرقي الواقع تحت سيطرة قسد وكذلك ريف دير الزور الغربي الواقع تحت سيطرة النظام، ونقل ثقل تحركاته من شرق الفرات إلى غربها.

ويضيف الأحمد أن التنظيم اعتمد في مناطق قسد على التهديد والاغتيالات وترويع الأهالي، ونجح إلى حد ما بفرض سيطرة أمنية جزئية، غير أن التحالف حاول تدارك تلك العودة ضاغطا بشكل كبير على خلايا التنظيم من خلال عمليات عسكرية كبرى تخللها الكثير من الإنزالات الجوية فضلا عن قطع خطوط التواصل بين مناطق التنظيم غرب وشرق الفرات ليضعف مرة أخرى من نشاط تلك الخلايا.

التنظيم حاول استعادة تجاربه السابقة في العراق من خلال التخفي والقتال عبر مجموعات صغيرة والتمركز في مناطق صحراوية وعرة يصعب الوصول إليها في عمق البادية السورية مستهدفا نقاط إمداد النظام والطرق الواصلة بين المدن والأرياف والمناطق الرئيسية وتمكن خلال تلك الفترة من شن ضربات وتنفيذ عمليات نوعية ضد قوات الأسد خلفت أكثر من 400 قتيل إضافة إلى عدد كبير من الجرحى، وسيطر خلالها أيضا على كثير من المعدات والقوافل العسكرية خلال العام الماضي بحسب ما أعلنت مواقع محلية وشبكات مقربة من التنظيم.

وتلك الآلية الجديدة ساعدت التنظيم في تحقيق هدف استراتيجي أشار إليه سامر الأحمد، وقال إن التنظيم ركز عليه خلال السنتين الماضيتين هادفا إلى زعزعة الأمن والاستقرار وجعل المنطقة في وضع حرب مستمرة، وقد بدا ذلك واضحا أكثر من خلال عشرات الكمائن وعمليات الاغتيال التي طالت موظفين مدنيين وشخصيات اعتبارية وناشطين ولكن لم يمكن ذلك من عودة مباشرة للتنظيم إلى المنطقة.

وأشار الأحمد إلى أن عودة التنظيم الأخيرة أدت إلى تبدل الجبهات وبالتالي تبدل الأدوار حيث انتقل التنظيم من مواجهة قسد والتحالف، إلى مواجهة النظام ومن خلفه روسيا وإيران، الذين اعتمدوا خطة عسكرية جديدة عرفت بنظام الوثبات وهدفت إلى تمشيط المناطق التي نشط بها التنظيم تباعا، ومكنت قوات الأسد من تأمين طرق الإمداد، ودفعت بالتنظيم إلى الانحسار أكثر نحو جبال البادية في المنطقة الواقعة بين الرقة وحماة ودير الزور وهي منطقة جبال ووديان وصحراء لا يمكن هزيمة التنظيم فيها.

المعارك والمواجهات الأخيرة لم تصل إلى نهايتها إلا أنها وضعت التنظيم مرة أخرى على مسرح الأحداث العسكرية في منطقة يعرفها التنظيم جيدا ويحاول اللعب على عامل الوقت منتظرا فرصة جديدة تمكنه من العودة بشكل مباشر، ولا سيما أن له امتدادات وخلايا ما زالت موجودة في مناطق عديدة يمكن أن يستثمرها في حال عدم التوصل إلى حل جذري ينهي وجوده بالكامل.