icon
التغطية الحية

بعد رفض طلب لجوئه.. ضرير سوري يتخذ من كنيسة ألمانية ملجأ له

2021.08.11 | 16:46 دمشق

f1354f17c880059a4b405e3cb5db172f5b78bae6.jpeg
إنفوميغرانتس- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

عاد الضرير السوري محيي الدين ساهو للإقامة في الكنيسة مرة أخرى بعدما لم يحقق طلب التظلم الذي قدمه، عقب صدور قرار بترحيله إلى إسبانيا، المرجو منه للمحكمة، وذلك بنهاية شهر حزيران الفائت.

وأكد محامي محيي الدين للصحافة بأن موكله يقيم في دير بولاية بافاريا الألمانية منذ يوم الإثنين الماضي، من دون أن يحدد اسم الدير أو مكانه، وذلك بسبب رفع العديد من الدعاوى الجنائية أخيراً ضد كنائس وأديرة تمنح اللجوء في ألمانيا، ولهذا رغب المحامي بحماية الكنائس من عواقب كل ذلك، بحسب قوله.

ولهذا من المفترض أن يقيم هذا الشاب السوري في الكنيسة وتحت رعايتها طوال ستة أشهر بحسب ما ذكر محاميه أمام الصحفيين، إذ يفترض بهذا المأوى المؤقت أن يحميه من الترحيل إلى إسبانيا التي تقدم فيها محيي الدين بطلب لجوء للمرة الأولى.

وبحسب اتفاقية دبلن، تعتبر الدولة الأولى التي دخلها اللاجئ في أوروبا مسؤولة عن معالجة طلب لجوئه، وفي حال دخول طالب اللجوء إلى دولة أوروبية أخرى وتقديمه لطلب لجوء آخر فيها، عندها يمكن أن يتم ترحيله إلى الدولة التي وصل إليها أولاً.

البند الخاص بالسيادة

في نهاية شهر حزيران، لم يحقق طلب التظلم الذي قدمه محيي الدين ضد عملية الترحيل إلى إسبانيا المرجو منه أمام محكمة ريجينبيرغ الإدارية، كما لم يطعن محاميه بالحكم الصادر، وأُبلغت المحكمة بذلك يوم الإثنين، وبذلك أصبح الحكم نهائياً، بحسب ما ذكرته وسائل الإعلام.

وبالرغم من حكم المحكمة الذي صدر، يرى محامي محيي الدين بأنه ما يزال هناك أمل في قضية موكله، إذ أشار إلى أن مكتب الهجرة الألماني ما يزال بوسعه الاستعانة ببند السيادة الوارد في اتفاقية دبلن (المادة 17 (1) اتفاقية دبلن الثالثة)، إذ يسمح هذا البند لأي دولة عضو بالاضطلاع بمسؤوليتها في دراسة طلب اللجوء على أساس تقدير الوضع، حتى لو لم تكن مسؤولة بشكل رسمي بموجب المعايير المحددة في اتفاقية دبلن.

ويمكن لهذه الأسباب أن تقوم على اعتبارات إنسانية، معظمها يتصل بمدى صحة وضعف مقدم اللجوء وشروط الدولة العضو المسؤولة عن معالجة ملف لجوئه، فضلاً عن الاعتبارات الأسرية والعائلية، والتوفير في النفقات، بحسب ما أوردته المفوضية العليا للاجئين.

المطالبة بالإقامة

بصرف النظر عن بند السيادة، بوسع ولاية بافاريا الألمانية عملياً إصدار إذن بالإقامة أو منع الترحيل بالنسبة لمحيي الدين، وهذا لا بد أن يساعده على الإقامة في ألمانيا إلى أن ينهي دراسته الجامعية، بحسب ما ذكره محاميه. وحالياً هنالك عدة عرائض استرحام تطالب برلمان ولاية بافاريا بمنح محيي الدين الإقامة الدائمة.

وأحدثت قضية محيي الدين هزة في الشارع الألماني منذ عام 2019، وذلك عند حصول هذا السوري على لجوء لدى الكنيسة مدته شهر ونصف عقب رفض طلب لجوئه في البلاد، ولهذا طالب أبناء منطقة روتينبيرغ جنوبي بافاريا، حيث يقيم، بحقه في البقاء هناك، متذرعين بأنه "اندمج معهم بشكل كامل"، كما طالب رعايا الأبرشية البروتستانتية وكذلك الأسقف هينريتش بيدفورد-ستروم في تلك المنطقة بحق محيي الدين في ذلك.

يذكر أن محيي الدين الذي ولد ضريراً وصل إلى ألمانيا للمرة الأولى قبل سنتين ونصف السنة، وحالياً يحضر لماجستير في الدراسات الإنجليزية لدى جامعة لودفيغ-ماكسيميليانز بميونخ، ويعيش برفقة زوجين ألمانيين، هما جيزيلا وجيرنارد زيرير، اللذين استضافاه لمدة سنتين. وبعدما لم تجد الشكوى التي تقدم بها محيي الدين أمام المحكمة أي نفع، أعلن هذان الزوجان أن محيي الدين "أصبح بمنزلة ابن خامس" لهما.

وإثر مواجهته قرار الترحيل، أعلن محيي الدين أنه لن يحصل على أي دعم في إسبانيا وأنه سيبقى وحده هناك من دون أن يمد له أحد يد العون، كما أنه لا يفقه من اللغة الإسبانية شيئاً ولن يساعده أحد على الاندماج هناك، مبيناً أن قدرته على دخول المباني الحكومية والخدمية هناك لم تتطور بشكل جيد لتخدم الضريرين في إسبانيا، ما يشعرهم بالحرمان بشكل كبير.

غير أن القاضي أعلن أن قضية محيي الدين ليست قضية تتصل بمحنة معينة، وأنه بوسعه أن يعيش وحده وبشكل مستقل في إسبانيا.

ما اللجوء الكنسي؟

في بعض الحالات القليلة النادرة، يمكن للكنيسة أن تؤوي من رُفض طلب لجوئه إذا بات مهدداً بالترحيل، إذ يقيم هؤلاء تحت رعاية وحماية إحدى الأبرشيات، وهذا الإجراء المؤقت هدفه تفادي الترحيل، ويمتد لعدة أشهر في معظم الأحوال، غير أن المدة قد تتفاوت بحسب وضع الشخص.

ولهذا تأمل الكنيسة أن تتم عملية إعادة تقييم وضع طالب اللجوء والمضي بها قدماً طوال فترة اللجوء الكنسي، كما تطلب من السلطات المسؤولة عن الهجرة تغيير قرارها السلبي تجاه طالب اللجوء.

هذا ويمكن لمرحلة التفاوض مع السلطات أن تستغرق فترة طويلة يكون خلالها طالب اللجوء معتمداً بشكل كامل على الكنيسة، وفي الكثير من الحالات لا يحصل طالبو اللجوء على أي معونات من الدولة طوال فترة اللجوء الكنسي، ويحرمون من مغادرة بناء الكنيسة، ويطلب منهم أن يتحولوا إلى أفراد فاعلين ضمن ذلك المجتمع، إلا أن اللجوء الكنسي لا يأتي بنتيجة دوماً، وذلك لأن السلطات يمكن أن تصر على تنفيذ قرار الترحيل.

كما أن هذا الإجراء يعتبر إشكالياً من الناحية القانونية، إذ يعتبر ذلك في ألمانيا تجاوزاً لحكم القانون، غير أن الحكومة الألمانية تقبل باللجوء الكنسي في بعض الحالات القصوى الخاصة.

وبالعموم، يمكن القول إن اللجوء الكنسي يمنح في حالات نادرة، وفي ألمانيا، التي تتميز بتاريخ طويل مع اللجوء الكنسي، هنالك بضع مئات فقط من اللاجئين الذين خضعوا للجوء الكنسي خلال عام 2020، ومعظم تلك الحالات تخضع لقوانين اتفاقية دبلن، أي من المفترض أن تقوم دولة أوروبية أخرى بمعالجة ملف لجوئهم.

المصدر: إنفوميغرانتس