icon
التغطية الحية

بازارات إدلب اليومية توفر المال وفرص العمل لسكان المحافظة

2019.10.24 | 18:22 دمشق

bazar_002.jpg
إدلب - منصور حسين - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

يوضب "عمر" عدداً من الأكياس الكبيرة الممتلئة بالألبسة والأمتعة، ويقسمها حسب القياس والفئة، مولياً اهتماماً زائداً لبعض القطع التي حاكتها شقيقاته لبيعها، ثم ينقلها إلى العربة الحديدية الصغيرة المثبتة على دراجة والده النارية، استعداداً لرحلة بيع جديدة مركزها لهذا اليوم بازار الإثنين في مدينة "الدانا" بريف إدلب الشمالي. 

"عمر" طفل في الحادية عشرة من عمره، نازح من ريف حلب الجنوبي، يعيش برفقة عائلته في مدينة إدلب، ورغم أنه لم ينقطع عن الدراسة، فإنه يرافق والده منذ عام تقريباً خلال رحلات العمل في بيع الألبسة والستر القماشية، معتمداً على البازارات اليومية المقامة في مدن وبلدات إدلب، والتي وجد فيها الأب فرصة عمل جيدة توفر مردوداً مادياً لهم.

يعتبر عمر أن الدوام المدرسي قد حَدَّ من أيام العمل بالنسبة له، لكن العطل تعد فرصة مهمة لكسب المال الذي يضاعف مصروفه الشخصي ويساعد أسرته في الوقت نفسه.

يقول والد عمر إن ابنه ماهر جداً في البيع والشراء على عكسه، فهو قادر على استمالة الزبون والتحدث معه بلباقة كما يمتلك قدرة على الإقناع تجعل المشتري راضياً عن دفع السعر المطلوب، كما أنه يتمتع بنشاط كبير، فهو لا يكف عن الصياح والحركة والقيام بكل ما يلزم، من ترتيب وتجميع ومنع سقوط البضاعة على الأرض، وهو ما يحتاج إليه البائع في البازارات.

تحولت البازارات اليومية التي تقام في مدن وبلدات محافظة إدلب الرئيسية، إلى طقس أسبوعي يجتمع فيه السكان من مدن وبلدات مختلفة، وتشكل فرصة جيدة للمدنيين من أجل الحصول على لوازمهم الأسبوعية بأسعار مخفضة عن الأسواق، حيث تلغي دور الوسيط بين المنتج والمشتري، كما أنها توفر فرص عمل للكثير من الرجال والنساء على حد سواء.

ويعد بازار "الإثنين" في مدينة "الدانا" بريف إدلب "الشمالي"، واحداً من أهم الأسواق الشعبية، إلى جانب بازار الأربعاء في مدينة إدلب وبازار مدينة آفس، التي تجذب عشرات الباعة والتجار من مختلف المدن لعرض بضائعهم، نظراً للكثافة السكانية في المدينة، وكونها مركزاً تجارياً لعشرات القرى الصغيرة القريبة منها.

ويغطي بازار الإثنين في مدينة "الدانا" كامل سوقها الشعبي (سوق البازار) وعدداً من الأزقة الفرعية الملاصقة له، حيث تتراصُّ البسطات والعربات المحملة بمختلف أنواع السلع والبضائع، الجديدة منها والمستعملة، إلى جانب المحال التجارية التي تعرض سلعها بأسعار مخفضة، بحيث لا يبقى سوى متسع ضيق للزبائن ورواد المكان.

 لكن ورغم ذلك تجد التنظيم العالي في عملية توزع البضائع، إذ تتموضع بسطات الخضر والفواكه عند مدخل السوق عادة، ثم تليها بسطات الموالح والفواكه الجافة والمعلبات، والألبسة المقسمة بدورها إلى "رجالية، ونسائية، وولادية" ثم بسطات بيع المنظفات وتلك المختصة ببيع الأواني المنزلية، وليس انتهاءً ببسطات بيع القطع الإلكترونية والمعدات الزراعية القديمة، حتى نهاية السوق حيث تنتشر بسطات "الخردة".

وتشغل بسطات بيع الخضر والفواكه المحلية حيزاً واسعاً من السوق، والتي يكون أصحابها غالباً المزارعون ذاتهم الذين وجدوا في البازارات مكاناً آخر لبيع محاصيلهم اليومية عوضاً عن انتظار التجار، ودائماً ما تشهد معروضاتهم إقبالاً كبيراً من الزبائن الذين يتوافدون لشراء مؤونتهم الأسبوعية.

ويقول "أبو اسماعيل" صاحب عدة بسطات لبيع الخضار: إن بازار الإثنين اشتهر ببيع الخضر والفواكه وكان معروفاً بسوق الهال سابقاً، ويعتبر أحد أكبر أسواق الخضر والفواكه في إدلب، إلا أن الاكتظاظ السكاني وكثرة الوافدين إلى البازار أدى إلى توسعه وجعله سوقاً كبيراً تعرض فيه مختلف أنواع السلع ومركز بيع محبب لأصحاب البسطات المتنوعة، لكن ورغم التغيرات لايزال يحتفظ السوق بخصوصيته الكبيرة في عملية بيع الخضر والفواكه.

بازاراتت (002).jpg

"دوا غسيل أقوى من البرسيل، قيس وشيل، ذوق ولا تشتري، ثلاثة بمية والمراعاة حسب الكمية" وغيرها الكثير من العبارات التي تطغى على السوق منذ ساعات الصباح الأولى حتى غياب الشمس، وتكون في كثير من الأحيان مغايرة عن الأسعار المكتوبة على البضائع التي يقول عنها الباعة إنها أسعار للمفرق فقط.

بين زحام المارة وأصوات الباعة يكون لصوت "أبو إحسان" صاحب بسطة لبيع المنظفات والأواني البلاستيكية، إيقاع خاص، "دوا غسيل أقوى من برسيل، على النايلو كاسات وصحون وعصارات برتقال وليمون" وغيرها من العبارات التي يصيحها بإيقاعات وأوزان مختلفة.

ويقول أبو إحسان: إن البازارات اليومية والتنقل من مدينة إلى أخرى مع عربته المحملة بالمنظفات والأواني والقطع المنزلية البلاستيكية، أصبحت مهنته الجديدة بعد أن توقف عمله بالنجارة، وتدرّ له مردوداً مادياً جيداً يساعده على تحمل نفقات العيش، خاصة أن بضاعته مرغوبة اليوم بالنسبة إلى سكان المخيمات الذين يرتادون البازار للتبضع.

 أما "أم أحمد" التي تعيش في قرية على أطراف مدينة "الدانا" بريف إدلب الشمالي، فتعتبر يوم البازار يوماً خاصاً، يوفر لها جل احتياجاتها وحاجيات أخرى لا تكاد تذكرها إلا في السوق مثل شراء "بن القهوة، أكياس الكريما وعلب الزينة" وغيرها من السلع التي تعتبرها كماليات في هذا الوقت.

وإلى جانب مدخل أحد الأزقة، يوجد صندوق حديدي كبير لشاب في عقده الثاني تكدست فيه الألبسة المستعملة "البالة الأوربية غالباً" على شكل كومات متفرقة، صاحبه كثير الحركة والحديث يقوم بتجميع الألبسة بعد كل عملية نبش يقوم بها الزبائن بحثاً عن قطعة مناسبة تكون جديدة نوعاً ما، ولهذه البسطات زبائنها الخاصة وجلهم من النساء، اللواتي يفضلن البالة نظراً لجودة القماش والصنع.

بازارات ادلب (002).jpg

وبين الزحام قد تسمع صيحات "الطفل عمر" منادياً على بضائعه الممدودة على بسطة قماشية وعامود مثبت بقضبان بلاستيكية في القسم المخصص للألبسة، "بمية بمية ولادي محير بمية، رجالي تلاتة بألف والرابعة رايحة لف".. وليس غريباً أن تجد لديه العديد من الزبائن الذين يعتبرهم زبائن خواص، يقول أحدهم إنه أوصاه على فستان مشغول يدوياً لطفلته، في حين يقف والده مع عدد من الزبائن الذين ينتظرون هبوط الليل لشراء مستلزماتهم بأسعار زهيدة.

تنوع البضائع المعروضة في البازارات ووجود جل احتياجات السكان من المأكل والملبس واللوازم المنزلية والإلكترونية، جعلته مقصداً للسكان لاقتناء مستلزماتهم على اختلافها، ليكون أشبه بيوم تخفيضات أسبوعي يمكن القاطنين والوافدين من شراء جميع متطلباتهم الأسبوعية بأسعار منافسة، دون الحاجة إلى التنقل بين الأسواق.

كلمات مفتاحية