icon
التغطية الحية

النظام يصادر أراضي الفستق الحلبي لمهجرين من حماة وإدلب

2020.07.21 | 20:00 دمشق

photo5816427545162265289.jpg
أشجار الفستق الحلبي في ريف إدلب الجنوبي (تلفزيون سوريا)
تلفزيون سوريا - ديما السيد
+A
حجم الخط
-A

يحاول نظام الأسد سلخ ملكية السوريين لأراضيهم في ريف حماة، بحجة اهتمامه بمحصول الفستق الحلبي الذي بدأ موسم قِطافه، حيث نشرت شعبة محردة التابعة لحزب البعث، أمس الإثنين، إعلان مزاد علني لضمان استثمار الأراضي المشجرة بالفستق الحلبي لموسم واحد (2020) في مجال منطقة محردة.

وفي البيان الصادر عن الشعبة، سيتم "إجراء مزاد علني لضمان استثمار الأراضي المشجرة في مجال منطقة محردة في كل من (اللطامنة – لطمين- كفرزيتا- الزكاة) العائدة لأشخاص مقيمين خارج أراضي سيطرة الدولة الوطنية السورية والموجودين في الأراضي التي تسيطر عليها المجموعات الإرهابية"، موضحا أن المزاد سيتم اليوم الثلاثاء "في مقر المركز الثقافي في محردة"، وأُرفق الإعلان بشروط التقديم.

وتضمن البيان عدة مواد أولها تحديد موعد قطاف وجني محصول الفستق الحلبي اعتباراً من 25 يوليو/ تمّوز الجاري، كما نص البيان على الطلب من "المستثمرين والضامنين" لتلك الأراضي تقديم قوائم بأسماء العاملين لديهم بجني المحصول مع أسماء الحراس القائمين لحراسة الأراضي. متناسياً أن عملية مصادرة الأراضي الزراعية بطريقة تعسفية وتسليمها لغير أصحابها يعتبر انتهاكا.

 

Capture.PNG

 

وهُجر أهالي مناطق (اللطامنة – لطمين- كفرزيتا- الزكاة) مؤخرًا من مناطقهم نتيجة الحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام مدعومة بالميليشيات الإيرانية والطيران الروسي، كما أن شعبة محردة نشرت سابقاً عدة قرارات حول موعد حصاد محاصيل حقول "الفستق الحلبي"، بعد إصدار قرار سابق يقضي بأن ريع المحاصيل الزراعية التي جرى الاستحواذ عليها لهذا العام سيعود إلى قتلى النظام.

 

"النظام سرق مصدر رزقنا"

ويعبر إبراهيم الأطرش، أحد أهالي قرية موقا شمالي خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، عن أسفه وغضبه قائلاً: "ننتظر هذا الموسم طوال العام لنجني المحصول، ونشتري حاجاتنا من مردوده الذي يساعدنا على الاستمرار بالحياة، أما الآن بعد احتلال عصابات الأسد لأراضينا ومصادرة أرزاقنا لم يبقَ لنا مصدر رزق آخر نعيش منه".

ويضيف خلال حديثه إلى موقع تلفزيون سوريا: "هذه الأرض التي ورثتها عن والدي كنت طوال العام أعمل بها وأقوم بحراثتها وتعشيبها وسقايتها ورشها بالمبيدات، الآن لا يوجد من يعتني بها، مما سيؤدي إلى ضعفها وإصابتها بالأمراض وتغلغل الحشرات بالساق والجذور وبالنهاية جفافها"، وعقّب: "بخسارتنا لهذه الشجرة (الفستق) نكون قد خسرنا مصدر رزقنا الوحيد".

وتعتبر حماة بالمرتبة الأولى في إنتاج الفستق كمّا ونوعاً، وتأتي حلب في المرتبة الثانية في عدد الأشجار (4 ملايين شجرة مقابل 3 ملايين شجرة في إدلب)، بحسب تصريحات مدير مكتب الفستق الحلبي في وزارة الزراعة حسن إبراهيم عام 2011.

 

 

وأشار بحث نشر في المجلة السورية للبحوث الزراعية الشهر الفائت أن "سوريا تحتل المرتبة الخامسة عالميا في إنتاج الفستق الحلبي حيث تبلغ المساحة المزروعة بأشجاره (59966) هكتاراً بإنتاج قدره (51048) طناً، تتركز زراعته في محافظات (حلب، حماه، إدلب، ريف دمشق، حمص)، وتقدر المساحة المزروعة بأشجاره في محافظة حماه بحوالي (21175) وأعطت إنتاجاً مقداره (17566) طناً حسب وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي عام 2017".

وبحسب الناشط الإعلامي أحمد الأطرش فإنه "تتوزع أماكن زراعة الفستق على الشكل التالي: كفرزيتا واللطامنة ومورك والزكاة ولطمين في ريف حماه الشمالي، وخان شيخون والتمانعة واسكيك ومنطقة التل وأم جلال والتح بريف إدلب الجنوبي، وفي مناطق شمالي حلب وأيضا في عين العرب‘‘. وأضاف أن "سوق الفستق الحلبي كان في العام الفائت في الغدفة في ريف إدلب، وكان سعر الكيلو حوالي 3 دولار".

ويتم بيع هذا المحصول للتجار ويصدر لكثير من الدول مثل لبنان وتركيا، حتى إلى مناطق النظام في سوريا، ويقوم البعض أيضاً قبل بيعه بتقشيره نظرا لأن ربحه أعلى في البيع.

 

 

Capture3.مساحة وإنتاج وعدد اشجار الفستق الحلبي حسب المحافظات من عام 2009 الى عام 2018 حسب آخر احصائية لوزارة الزراعة في حكومة النظام
مساحة وإنتاج وعدد أشجار الفستق الحلبي حسب المحافظات من عام 2009 الى عام 2018 حسب آخر إحصائية نشرت لوزارة الزراعة في حكومة النظام

 

الفستق ثروة

يقول الصحفي عبد الله موسى لموقع تلفزيون سوريا إنه "قبل بداية الثورة السورية كانت الدونم الواحد من الفستق الحلبي في الأراضي المُعتنى بها ينتج ما بين 400 إلى 500 كيلو غرام"، مشيرًا إلى أن  "سعر الكيلو الواحد كان حينها ما يعادل 2 دولار أميركي، يعني وسطياً ينتج الدونم الواحد ما بين 800 إلى 1000 دولار".

وبحسب موسى، فإن "شجرة الفستق تعطي منتجاً بقيمة عالية مقارنة بباقي المزروعات لأنها أساساً تحتاج عناية فائقة وهي حساسة من ناحية حشرات عدة تضر بها وتحتاج إلى سقاية بشكل كبير وتكاليفها ليست بالقليلة"، ولذلك بعد أن باتت هذه المساحات الواسعة مهجورة من أصحابها "تعرضت لليباس والأمراض الحشرية الكثيرة لذلك كانت قابلة للحرق نتيجة القصف الشديد". 

وتابع موسى، أنه "منذ العام 2015 تقريباً وبعد انتهاء هجمات الفصائل على المنطقة وإحكام النظام سيطرته عليها تقاسمت مجموعات "الشبيحة"، وبحسب نفوذها مع الفروع الأمنية وضباط جيش النظام الأراضي الزراعية للعائلات النازحة والمهجرة"، لافتاً إلى أنه "في بعض الحالات نظرا لظروف اجتماعية كثيرة قدّم قادة الميليشيات لبعض أصحاب الأراضي صفقة جائرة بأن يعطوا لأصحاب الأراضي نسبة 50 بالمئة من ناتج المحصول ويأخذوا هم النصف الآخر، وانخفض إنتاج الدونم الواحد بسبب الإهمال بنسبة 30 -40 بالمئة، وبذلك لا يقدم الدونم الواحد حاليا أكثر من 250 كغ".

وعقّب: "قادة الميليشيات لا يقدمون للأراضي أي عناية على الإطلاق، وبالتالي تنتشر الأمراض أكثر، وفي كل عام تخرج نسبة جيدة من الأشجار عن الإنتاج، وإذا استمرت هذه الحالة فبعد 10 سنوات ربما ستموت كل أشجار الفستق الحلبي"

 

لا عدل في المحاكم

في السياق، قال مدير مكتب الفستق الحلبي بوزارة الزراعة التابعة للنظام حسن إبراهيم قبل شهر، أنهم يقدرون إنتاج الفستق الحلبي لهذا الموسم يتراوح ما بين 70 – 80 ألف طن، وأن 80 بالمئة منه للتصدير فيما لا تزيد نسبة الاستهلاك المحلي منه على 20 بالمئة، بحسب ما نشرت صحيفة الوطن التابعة للنظام.

وحول إمكانية مواجهة محاولات النظام التسلط على محصول وأراضي المدنيين، يرى المحامي إبراهيم القاسم، خلال حديثه إلى موقع تلفزيون سوريا أن "مثل هذه القرارات تحتاج إلى طعن أمام مجلس الدولة (القضاء الإداري) لإيقافها، وهذا العمل يأخذ كثيراً من الوقت، الموسم انتهى، وحاليا القضاء في عطلة قضائية تنتهي في أيلول".

وأضاف القاسم: "حال صدور قرار قضائي معاكس لهذا القرار، سيكون الموسم انتهى، وملاحقة المسؤولين صعبة جدا لأنهم محميون أصلا"، مؤكداً أنه "من الممكن إطلاق حملة قانونية (عبر أصحاب الأراضي) لردع النظام لأنه ينتهك ملكية ليست له"، وتابع: "أكبر مشكلة ستكون في المستقبل هي النزاع بين القوانين والمراسيم والقرارات الكثيرة التي أصدرها بشار خلال فترة قصيرة".

ولا يعتقد القاسم أن بيع المحاصيل المستولى عليها سيساعد النظام مالياً بالرغم من أن المنطقة غنية بالثروة النباتية، بل يرى أنها "تساعد الشبيحة أنفسهم الذين يقومون بأعمال التعفيش وسرقة أموال الناس بمباركة النظام وبعلمه"، وأوضح: "هذا المحصول يمول مجموعات الشبيحة التي على الأرض وقريبة من المناطق المستهدفة بحكم انتقامهم من الأهالي الذين وقفوا بوجههم".

كما قال إن "منطقة مورك وكفرزيتا وخان شيخون وغيرها من المناطق التي تزرع الفستق الحلبي من غير الممكن للأهالي جمع المحصول لأن أغلبهم هُجّر قسريا"، موضحاً: "أنا كنت شاهداً عام 2012 على قيام حاجز تابع للنظام بمنع الأهالي من جني المحصول لعدة أيام، وخلال هذه الأيام قام النظام بإحضار ورشات لجمع المحصول وأعطاهم أجوراً أكبر من المعتاد ليعملوا أكثر ولفترات أطول، وليجنوا أكبر كميات ممكنة خلال أيام".

وأشار إلى أنه في "بداية الثورة كانت الميليشيات تمنع الأهالي من جني المحصول لعدة أيام، وخاصة الحواجز الموجودة في تلك المناطق قبل سيطرة المعارضة عليها"، ولفت الانتباه إلى أن "مدناً مثل مورك وخان شيخون وكفرزيتا مستوى التدمير فيها كبير جدا، بالإضافة لقيام النظام بتجريف مساحات كبيرة للأراضي المزروعة بالفستق الحلبي".