icon
التغطية الحية

المظاهرات ضد إسرائيل في ألمانيا تثير جدلية "معاداة السامية" مجدداً

2021.05.22 | 13:02 دمشق

almanya.jpg
إسطنبول - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

في اجتماع خاص للجنة الداخلية، قدم وزير داخلية ولاية شمال الراين، هربرت رول، تقريراً عن 62 حادثة "معاداة للسامية" في الولاية الأسبوع الماضي، شارك فيها 111 مشتبهاً بهم أحرقوا أعلام إسرائيل وهتفوا بشعارات معادية لليهود، تم تحديد 36 مشتبهاً به بالاسم.

وقال رول: "هؤلاء المشتبه بهم جميعهم يأتون من المنطقة العربية، مثل لبنان وسوريا، وبعضهم أشخاص من أصل عربي وولدوا هنا".

وطلب من السياسيين "الاهتمام بما نفعله مع الشباب الذين عانوا من مثل هذه التنشئة الاجتماعية"، بحسب وصفه.

مظاهرات وجدل في ألمانيا لأجل فلسطين

تبدو القضايا السياسية في العالم العربي ليست بعيدة كل البعد عن بلدان المهجر.

وتلقي تداعياتها السياسية على أوروبا بشكل عام، وألمانيا بشكل خاص ولا سيما مع موجة من المظاهرات والوقفات المناصرة التي شهدتها عدة مدن ألمانية خلال الأيام القليلة الماضية، حيث خرج وبأعداد تجاوزت المئات متظاهرون مناصرون لفلسطين في العاصمة الألمانية برلين وهانوفر وغوتنغن وإيسين وهامبورغ ومدن ألمانية أخرى، رغم ما تشهده ألمانيا من تشديد إجراءات التباعد بسبب فيروس كورونا.

وحمل المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وهتفوا بشعارات ضد إسرائيل وطالبوا بالحرية لفلسطين بالتزامن مع تصعيد أعمال العنف ضد الفلسطينيين داخل القدس، والعدوان الذي شنه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

انتقاد المظاهرات من الجانب الألماني

نقلت الصحافة الألمانية تجاوزات قانونية كانت قد جرت في المظاهرات المؤيدة لفلسطين من ضمنها حرق علم إسرائيل. وفي مدينة غيلسينكيرشين ومدن أخرى انطلقت عبارات عنصرية، وهتافات باللغة الألمانية ضد اليهود خلال تلك التظاهرات، وتم الاعتداء على معابد يهودية من قبل بعض المتظاهرين. الأمر الذي دفع مسؤولين ألمان إلى إدانة تلك الاعتداءات واعتبارها مخالفة للقوانين الألمانية.

وفي هذا الصدد، قال متحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل "إن التظاهرات ضد سياسة إسرائيل في ألمانيا هو أمر ممكن وبديهي. لكن من يستخدم هذه التظاهرات، كي يطلق كراهيته ضد اليهود، فهو يسيء استخدام حق التظاهر، والمظاهرات المعادية للسامية لن تتسامح معها ديمقراطيتنا".

ودعا فيليكس كلاين مفوض الحكومة الألمانية لمكافحة معاداة السامية، الاتحاد الإسلامي في ألمانيا إلى "التهدئة والنأي بنفسها عن العنف ضد اليهود وعن الاعتداءات على أماكن عبادتهم، والدعوة إلى اللاعنف على مستوى الطائفة المسلمة في ألمانيا".

وفي السياق ذاته، دان المجلس المركزي للمسلمين الاحتجاجات المعادية للسامية أمام المعابد اليهودية، وجاء ذلك على لسان رئيس المجلس أيمن مازيكي، الذي قال: "من يريد نقد إسرائيل لكنه يهاجم المعابد اليهودية واليهود، يهاجمنا جميعاً، وسوف يلقى معارضتي".

وطالب وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، مواطنيه "بعدم تحميل من يعتنقون الديانة اليهودية في ألمانيا مسؤولية الأحداث في الشرق الأوسط، سواء في الشارع أو على شبكات التواصل الاجتماعي".

ذكرى النكبة واشتباكات مع الشرطة الألمانية

رغم بعض الدعوات السياسية الألمانية لحظر هذه التظاهرات خوفاً من إثارتها لأعمال الشغب، انطلقت عدة مظاهرة في ألمانيا يوم السبت الماضي، وذلك لإحياء ذكرى النكبة وتنديداً بالقصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وأطلقوا شعارات مثل (إسرائيل قاتلة الأطفال) و(إسرائيل قاتلة النساء).

أما وفي المظاهرة الكبرى التي شهدتها العاصمة برلين في ذكرى النكبة والتي شارك فيها ما يقارب 3500 شخص، فقد تحولت إلى مواجهة بين المتظاهرين والشرطة، وذلك بعد تدخل الشرطة البرلينية لفض المظاهرة بسبب مخالفتها لقواعد التباعد الاجتماعي، مما أسفر عن إصابة 93 شرطياً والقبض على 59 متظاهراً.

وعلى ضوء ذلك تجددت الأصوات الداعية لتشديد قوانين معاداة السامية في ألمانيا، في حين اعتبر بعضهم أن نقد إسرائيل في ألمانيا صار غير ممكناً.

الهتافات ضد اليهود إساءة إلى القضية الفلسطينية

وقال منظمون وناشطون لموقع تلفزيون سوريا، إن الدافع من تنظيم المظاهرات هو إدانة إسرائيل والتضامن مع فلسطين والتذكير بمآسي الشعب الفلسطيني، وأن المخالفات القانونية التي حدثت في أثناء التظاهرات كانت بسبب الأعداد الكبيرة التي لم يتوقعوها، وهذه المخالفات لا تعبر عن الهدف المرجو من تلك الاحتجاجات والتي من المفترض أن تلفت الانتباه ضد ما أسموه "التطهير العرقي" الحاصل ضد الفلسطينيين منذ أكثر من سبعين سنة. وهذا ما دفعهم إلى التمسك بالبعد الإنساني والسياسي للقضية الفلسطينية وطرح شعارات مثل "لا سلام بدون عدالة" و "نقد إسرائيل لا يعتبر معاداة للسامية".

ومن ناحية أخرى، أعرب بعض المتظاهرين عن انزعاجهم من التعاطي السياسي والإعلامي الألماني لما يحدث في فلسطين. وقد وصفه بعضهم بأنه إعلام "مسيّس ومتحيز" لا يشير بشكل صريح إلى الانتهاكات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي، ويحشر ذلك كما لو أنه حالة من الحرب المتكافئة بين الطرف الفلسطيني وإسرائيل، وإنكار أساس المشكلة.

ويأتي ذلك النقد مع الدعم الكامل الذي أعرب عنه ساسة ألمان لإسرائيل، جاء أبرزه على لسان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في اتصال هاتفي أجرته يوم الإثنين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكدت فيه، على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الصاروخية القادمة من غزة.

وحيال الضحايا المدنيين الذين فقدوا حياتهم من الجانبين، جددت المستشارة الألمانية أملها بإيجاد نهاية للأعمال القتالية في أقرب وقت ممكن.

انتقاد إسرائيل.. الممنوع والمسموح في ألمانيا

في رسالة مفتوحة، أعرب 60 مثقفاً ومفكراً من ألمانيا وإسرائيل في آب من العام الفائت للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن قلقهم من "استخدام تضخمي، لا أساس له من الصحة ولا يستند على أسس قانونية لمصطلح معاداة السامية"، والذي يهدف إلى "قمع النقد المشروع لسياسة الحكومة الإسرائيلية".

هذه الرسالة ليست الأولى التي تعبر عن هذه المخاوف حول الحد الرفيع الفاصل بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية، ففي كثير من الأحيان يعتبر المسؤولون الألمان النقد الموجه إلى إسرائيل على أنه شكل من أشكال معاداة السامية، وهذا ما يجعل التظاهر ضد إسرائيل في ألمانيا أمراً خطيراً وقد يُتّهم المتظاهرون بمعاداة السامية.

وبحسب تقرير نشره موقع دويتشه فيله الألماني "الاتهام بمعاداة السامية يعد اتهاماً ثقيلاً في ألمانيا ما بعد الفترة النازية والجدل القائم حوله محتدم للغاية. وفي معظم الأحيان يدور الجدل حول أفراد يواجهون اتهامات بمعادية السامية. تبرر المنظمات اليهودية وكذلك الأفراد ادعاءاتهم بمعاداة السامية من حقيقة أن النقد الذي يوجه إلى إسرائيل يتجاوز بكثير طريقة النقد التي يتم بها انتقاد الدول الأخرى".

واتهم الموقعون على الرسالة مفوض الحكومة الألمانية لمكافحة معاداة السامية، فليكس كلاين، بدعم "الأصوات الإسرائيلية اليمينية الشعبوية"، ومن بينهم الكاتب الألماني الإسرائيلي من أصل فارسي، أري شاروز شاليكار، والذي يشغل أيضاً منصب رئيس قسم العلاقات الدولية في وزارة الاستخبارات الإسرائيلية.

هذا الاتهام يشير إلى أن إسرائيل نفسها تؤثر على طريقة تعاطي ألمانيا مع الملف المعقد.

ردت عدة منظمات يهودية، بما في ذلك المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، على رسالة المثقفين الـ 60، وأعربت عن تضامنها مع فيليكس كلاين. وأشادت بـ "جهوده المتواصلة في مكافحة جميع مظاهر معاداة السامية".