icon
التغطية الحية

المركز العربي يطلق أعمال ندوة "الرياضة والسياسة والمجتمع"

2022.10.02 | 13:22 دمشق

ت
اليوم الأول من أعمال ندوة "الرياضة والسياسة والمجتمع"
إسطنبول ـ متابعات
+A
حجم الخط
-A

بدأت أمس السبت، 1 تشرين الأول 2022، أعمال ندوة "الرياضة والسياسة والمجتمع"، التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات على مدار يومين في مقره بالدوحة.

استُهلّت الندوة بكلمة افتتاحية رحّب فيها رئيس قسم الأبحاث في المركز العربي، حيدر سعيد، بالباحثات والباحثين المشاركين والحضور، مشيرًا إلى أن هذه الندوة تأتي تفاعلًا مع استضافة دولة قطر لفعاليات بطولة كأس العالم 2022، وإلى أن المركز يطمحُ من خلالها، بوصفه مؤسسة متخصصة في العلوم الاجتماعية والإنسانية، إلى تناول موضوع الرياضة عبر مقاربات نقدية، تهدف إلى فهم هذه الظاهرة، من خلال مداخل علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والتاريخ والعلوم السياسية والعلاقات الدولية والدراسات الثقافية، وما يدور في دائرتها من حقول العلوم الاجتماعية والإنسانية، مع أخذ فقر الإنتاج العربي في الاعتبار في هذا المجال.

يشارك في الندوة نحو عشرين باحثًا وباحثةً من المتخصصين في الموضوع، وستُنشر مساهماتهم البحثية في عددين خاصَّين من دوريتَي "سياسات عربية" و"عمران"، جرى الإعداد لهما منذ أكثر من عام.

العلوم الاجتماعية وإسهامها في دراسة الظاهرة الرياضية

ترأست الجلسة الأولى من الندوة، أمل غزال، أستاذة التاريخ وعميدة كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، وشارك فيها باحثان. قدّم محفوظ عمارة، الأستاذ المشارك في السياسات والإدارة الرياضية في جامعة قطر، ورقةً بعنوان "الاتجاهات العالمية والمحلية لدراسات الرياضة في المنطقة العربية"، ناقش فيها الكيفية التي يُنظر بها إلى سياسات البحث في الرياضة، مع التركيز على النظرية البنائية، مشيرًا إلى أن البنائية توفر رؤى متعددة في دراسة الرياضة، بوصفها ظاهرة اجتماعية معقدة. وتطرّق الباحث إلى الكيفية التي هيمنت بها سرديات الحداثة على دراسات الرياضة، والتي تُعرّف عادةً بأنها من نتاج الغرب. وفي المقابل، نظر في تأثير الثقافات والحضارات الأخرى في البناء نحو الحداثة؛ بمعنى المعرفة والعلم والابتكار. واختتم الباحث مداخلته بمساءلة متعلقة بثراء نظرية المعرفة البنائية وتحدياتها عربيًّا، من خلال دراسات الرياضة، وما يشمل ذلك من مفهوم التعددية والتغير في الدراسات الرياضية، وتطبيق التحليل الخطابي لدراسة الرياضة في مختلف التقاليد الثقافية واللغوية، والنقد فيما يتعلق بنسبيّتها المحتملة.

وفي السياق نفسه، قدّمَ حيدر سعيد ورقةً بعنوان "العلوم الاجتماعية والظاهرة الرياضية"، تناول فيها تطور دراسة الرياضة في العلوم الاجتماعية الغربية، ولا سيما الأوروبية، منذ ستينيات القرن العشرين. وتعرّض للاتجاهات الرئيسة في هذا المجال، متوقفًا عند منظّرَين سوسيولوجيَين، أنجزَا مدونة واسعة في فهم الرياضة وتطورها في المجتمعات الأوروبية؛ هما السوسيولوجي الألماني نوربرت إلياس، والسوسيولوجي الفرنسي بيير بورديو، اللذان وصف مساهمتيهما بـ "النصين الافتتاحيين" لسوسيولوجيا الرياضة. وتوقف الباحث أيضًا عند إمكانية تسكين دراسة الرياضة بوصفها موضوعًا في حقل الدراسات الثقافية؛ ذلك أنّ الأخيرة إذا كانت قد تطورت بوصفها نقلًا لدراسة الثقافة من المجتمعات البدائية إلى المجتمعات الرأسمالية، فإن الرياضة ستحتل مكانًا مهمًّا في هذه النقلة، بوصفها من أهم الملامح الثقافية للمجتمعات المعاصرة.

الرياضة والتنمية الاجتماعية والثقافية والسياسية: حالة استضافة قطر كأس العالم لكرة القدم 2022

اختصت الجلسة الثانية التي ترأسها عبد الفتاح ماضي، أستاذ السياسة بجامعة جورجتاون في قطر، ببحث الأثر الثقافي والاجتماعي والسياسي لاستضافة دولة قطر الأحداثَ الرياضية الدولية. ففي ورقة عنوانها "الأثر الثقافي لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في دولة قطر"، قدّم سنيد الدعية المري، أستاذ الإدارة الرياضية في جامعة قطر، وسعد الشمري، باحث الدكتوراه في جامعة ساوث كارولاينا في الولايات المتحدة الأميركية، تحليلًا للتأثيرات الثقافية التي تعيشها الدول المستضيفة للبطولات الدولية الكبرى، بما فيها بطولة كأس العالم، متطرقَين إلى الآثار الخاصة في دولة قطر الناتجة من استضافتها بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، وذلك من خلال مناقشة هذا الموضوع استنادًا إلى النسخ السابقة من البطولات؛ بدءًا من اليابان وكوريا 2002، حتى النسخة الأخيرة لبطولة كأس العالم في روسيا 2018. مُشيرَين أن إحدى النتائج المهمة لكأس العالم هي التحول الثقافي الذي ينتج من التفاعلات بين الأفراد من مختلف البلدان. فعادةً ما يسافر ملايين الأشخاص إلى البلد المضيف ليكونوا جزءًا من أكبر الأحداث في صناعة الرياضة.

أمّا كمال حميدو، أستاذ الإعلام في جامعة قطر، فركز في ورقته، "الإعلام والرياضة أداتين لبناء العلامة القومية والتسويق لها: الاستراتيجية القطرية أنموذجًا"، على الاستراتيجية القطرية القائمة على توظيف الإعلام والرياضة أداتين من أدوات الدبلوماسية العامة الهادفة إلى بناء صورة ذهنية دولية إيجابية عن بلد حديث النشأة وصغير بجغرافيته، لكنه بات من ضمن كبار الفاعلين المؤثرين في العالم، مستعرضًا في ذلك خصائص الاستراتيجية القطرية التي جمعت بين تنظيم الفعاليات الرياضية الضخمة والمشاركة فيها، وبناء المنشآت الرياضية ذات الصيت العالمي مع الاستثمار الإعلامي في الأحداث.

وعرّج وديع إسحاق، أستاذ التربية البدنية في جامعة قطر، في ورقته " تقييم التأثير الاجتماعي الناتج من استضافة قطر للأحداث الرياضية الدولية"، على الأسباب المتنوعة التي دفعت عددًا من دول منطقة الخليج العربية إلى الاستثمار في استضافة الأحداث الرياضية الكبرى أو الدولية؛ من بينها جذب السائحين، وتحسين الصورة، وتطوير العلاقات الدولية. وركّز الباحث في مداخلته على التأثير الناتج من استضافة الأحداث الرياضية داخليًّا في المجتمع المُضيف، مقارنًا بين الدخل النفسي Psychic Income الناتج من حدثَين رياضيَين دوليَين استضافتهما قطر في فترتَين زمنيتَين مختلفتَين؛ الأولى عام 2015 في أعقاب بطولة العالم لكرة اليد، والأخرى عام 2019 بعد بطولة العالم لألعاب القوى.

الرياضة والحكم والعلاقات الدولية

عُرضت ثلاثة أوراق في الجلسة الثالثة من الندوة، التي ترأسها مروان قبلان، الباحث في المركز العربي. قدّم عبد الكريم أمنكاي وعمار شمايلة، أستاذَا العلوم السياسية في معهد الدوحة للدراسات العليا، الورقة الأولى، وهي بعنوان "الحصيلة الأولمبية للأنظمة السلطوية: هل من أثر لشخصنة الحكم؟". واستعرضا فيها إشارات دالّة على وعي العديد من الأنظمة السلطوية بالحمولة السياسية للفوز بالألقاب والميداليات في الألعاب الأولمبية الصيفية الحديثة منذ نشأتها في نهاية القرن التاسع عشر، وعلى رأسها الأنظمة الفاشية في ألمانيا وإيطاليا قبل الحرب العالمية الثانية، والأنظمة الشيوعية في الاتحاد السوفياتي وألمانيا الشرقية في زمن الحرب الباردة، بالنظر إلى ما توفره من فُرصٍ لشحذ الشعور القومي وتعزيز شرعية النظام، وإبراز التفوق الأيديولوجي أيضًا في مواجهة الخصوم الداخليين والخارجيين. ومن خلال التركيز على دور شخصنة النظام السلطوي، بيّن الباحثان، من خلال تحليل معطيات تغطي الفترة 1948-2008، أنه كلما ارتفع مستوى شخصنة النظام السلطوي، انخفضت حصيلة البلد من الميداليات الأولمبية، بغضّ النظر عن طبيعة النظام السلطوي (حزبي، ملكي، عسكري، فردي).

أمّا الورقة الثانية، وهي بعنوان "الرياضة وحقل العلاقات الدولية: كيف تعاملت النظريات الوضعية مع ظاهرة الرياضة؟"، فقدّمها أحمد قاسم حسين، الباحث في المركز العربي، وعالج فيها تنامي الظاهرة الرياضية في العالم وتأثيرها في النظام العالمي، إلى درجة أصبح فيها الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" قادرًا في مباراة بين منتخبين وطنيين، أو ناديين، في إحدى البطولات المحلية أو الإقليمية، أن يجاري الأحزاب السياسية في الدول الكبرى ذات التأثير في السياسة الدولية؛ من حيث القدرة على الحشد والتعبئة وإدارة البطولات وتنظيمها. ثمّ إنّ الدول باتت تخضع للقواعد والقوانين التي تضعها الفيفا. ومن هذا المنطلق، انتقل الباحث لتسليط الضوء على تأثير الظاهرة الرياضية في السياسة الدولية، ولا سيما أن الرياضة في عالم اليوم لم تعد هواية فحسب، بل صارت ظاهرة معولمة جرى إضفاء الطابع المؤسسي العالمي عليها، وهو ما يستدعي التوقف مليًّا عند تأثيرها في حركة التنظير داخل حقل العلاقات الدولية.

من ناحية أخرى، قدّم نديم ناصيف، الأستاذ المشارك في التربية البدنية والرياضة، ورقة بعنوان "قياس قدرات البلدان على استخدام الرياضة أداةً للقوة الناعمة: مؤشر القوة الرياضية العالمية"، مقترحًا مؤشرًا لقياس قدرات البلدان على استخدام الرياضة أداةً للقوة الناعمة. ففي أثناء تنفيذ سياسات الرياضة على المستوى الوطني، يكون أحد الأهداف الرئيسة للحكومات هو الاستثمار الرياضي، والهدف من ذلك تحقيق مكانة دولية. ونظرًا إلى عدم تمكّن مؤشرات القوة الناعمة التي جرى إنشاؤها حديثًا، ولا سيما "القوة الناعمة 30"، و"مؤشر القوة الناعمة"، و"مؤشر القوة الناعمة العالمية"، من استخدام التصنيفات الرياضية ذات الصلة بقياس قدرة البلدان على استخدام الرياضة أداةً للقوة الناعمة، هدفت الورقة إلى اقتراح تصنيف جديد من شأنه تقييم تحقيق سياسات الرياضة الوطنية التي تنفذها الحكومات النتيجةَ المتوقعة لتطوير القوة الناعمة.

الرياضة فضاءً للمقاومة: حالة فلسطين

خُصّصت الجلسة الأخيرة من اليوم الأول للندوة لتناول موضوع "الرياضة فضاءً للمقاومة: حالة فلسطين"، وقد ترأستها الباحثة في المركز العربي آيات حمدان، وشارك فيها باحثان. قدّم إيهاب محارمة، الباحث في المركز العربي، ورقة عنوانها "تحولات المقاطعة الرياضية لإسرائيل وتأثيراتها"، محلّلًا جذور المقاطعة الرياضية لإسرائيل، والتحولات التي مرت بها، وتأثيرها في نظام الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي، ومناقشًا الأسباب التي أدت إلى تطور المقاطعة الرياضية لإسرائيل في البطولات الرياضية الدولية الكبرى في العقد الأخير، وكيف أنّ اندلاع الثورات العربية في أواخر عام 2010 قد منح الرياضيين العرب فرصةً لتحويل البطولات الرياضية الدولية الكبرى إلى فضاء للعمل السياسي. وتطرّق الباحث إلى تأثير هذه المقاطعة في صورة إسرائيل، ومكانتها الدولية، وعلامتها التجارية الرياضية، وجهودها الدبلوماسية المتعلقة بتسويق شركاتها الرياضية الناشئة.

أمّا إبراهيم ربايعة، مدير الأبحاث والسياسات في مركز الأبحاث الفلسطيني، فقدّم ورقةً بعنوان "المؤسسة الرياضية في الأرض الفلسطينية المحتلة (1967-1995)"، تتبّع فيها تاريخ المؤسسة الرياضية الفلسطينية منذ نكسة 1967، التي شكّلت صدمةً لبنى الفعل الاجتماعي الفلسطيني ونواظمه في الضفة الغربية وقطاع غزة، مستعرضًا - من خلال مقابلات مع فواعل الحركة الرياضية الفلسطينية وأرشيف رابطة الأندية في الضفة الغربية - تطور تكوينات المؤسسة الرياضية الجمعية المتمثلة في الأندية، وبناءَها المتدرج لتكيفها المقاوِم في مواجهة منظومة السيطرة والتحكم الاستعمارية، وتطويرها لأدواتها وحضورها السياسي والاجتماعي.