غيرت مدافع هاوتزر الأميركية من عيار 155 ملم شكل الحرب في أوكرانيا، بعد أن أسهمت صواريخ الجافلين المضادة للدروع في تعزيز دفاعات القوات الأوكرانية، وإجبار موسكو على تقزيم هدفها من غزو كامل أوكرانيا والسيطرة على العاصمة كييف، إلى السيطرة على إقليم دونباس، والذي يبدو التقدم الروسي فيه شبه معدوم.
ومع وصول أول 18 مدفعاً من طراز هاوتزر M777 في الـ 24 من نيسان الفائت، ضمن الشحنة الأولى من حزمة الـ 800 مليون دولار الأميركية، لم تتوقف الصور والفيديوهات اليومية التي تظهر تدمير أرتال وكتائب للجيش الروسي بكاملها.
يمتلك الجيش الأوكراني حالياً ما لا يقل عن 90 مدفع هاوتزر M777، حيث أعلن مسؤول أميركي للصحافة قبل أيام تسليم واشنطن 70 مدفعاً، وقدمت أستراليا 6 مدافع أخرى وكندا 4 مدافع، وألمانيا التي سبق أن صرحت بداية الغزو الروسي بعدم تقديمها أسلحة ثقيلة لأوكرانيا، غيرت رأيها وقدمت 12 مدفعاً.
وقالت وزيرة الدفاع الهولندية كايسا أولونجرن إن كييف طلبت 12 مدفعاً من طراز هاوتزر، وتدريباً سريعاً عليها لنشرها بسرعة في ميدان القتال.
وسبق أن كشف الرئيس الأميركي جو بايدن أن بلاده ستقدم مع المدافع 144 ألف قذيفة، وكل ذلك ضمن الشحنة الأولى فقط.
كان الإعلان الأوكراني الأول لبدء استخدام المدافع يوم أمس الجمعة، عندما كتبت وزارة الدفاع الأوكرانية تغريدة على حسابها في تويتر: "تحيات وشكر خاص من رجال المدفعية للشعب الأميركي على مدفع هاوتزر M777"، مرفقة بصور ميدانية.
💬CinC AF of Ukraine:
— Defence of Ukraine (@DefenceU) May 13, 2022
Special greetings and thanks from our artillerymen to the American people for the M777 howitzer.
My guys know the price of artillery. First of all, they wanted to convey that this is a high-precision and very effective weapon.
Together to Victory! pic.twitter.com/x5mNB4YEmM
لكن سبق ذلك بأكثر من 10 أيام انتشار تسجيلات مصورة على حسابات التواصل الاجتماعي وخاصة تيك توك، تظهر استخدام المدفعية الأميركية المتطورة في استهداف تجمعات وأرتال الجيش الروسي، وخاصة في جبهة خاركيف المشتعلة.
وكشف مسؤول كبير في البنتاغون للصحفيين قبل أيام انتهاء تدريب أكثر من 310 من الجنود الأوكرانيين على استخدام مدافع هاوتزر M777.
وسبق أن أعلن المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي في 18 نيسان الفائت أن "عدداً صغيراً من الأوكرانيين" سيتدربون على مدافع الهاوتزر من الجيل الجديد خارج أوكرانيا، وبعد ذلك "يعودون إلى بلادهم لتدريب زملائهم".
وبعد الانتهاء من التدريب على الهاوتزر، بقي 50 جندياً أوكرانياً آخرون للتدرب على استخدام أنظمة دفاع جوي، في حين أكمل 15 آخرين تدريبهم على استخدام رادار أنظمة الدفاع الجوي، ونحو 100 شخص أكملوا دورة في استخدام السيارات المدرعة.
مواصفات مدفع هاوتزر M777
- مدفع هاوتزر M198 عيار 155 ملم، هو مدفع ميدان متنقل يمكن تنصيبه وجره بسهولة في أرض المعركة، بحسب مجلة ناشونال إنترست.
- المدى الأقصى: 30 - 40 كيلومترا
- سرعة القذيفة: 827 مترا في الثانية
- معدل إطلاق النار: 5 قذائف في الدقيقة
- فترة التجهيز لإعادة الاستخدام: أقل من 3 دقائق
- الطاقم: 10 جنود
سيف الملك آرثر.. القذيفة الموجهة الفتاكة Excalibur
في الحديث عن الهاوتزر لا يقتصر على المدفع فحسب، لأن السر يكمن في قذائف Excalibur الموجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
وجرت أولى تجارب إطلاق القذيفة Excalibur من مدفع M777 هاوتزر عام 2003. واستخدمت لأول مرة في العراق عام 2007.
تصيب القذيفة الموجهة الهدف بهامش خطأ لا يتجاوز المترين. ويزيد من استقرار القذيفة الزعانف القابلة للطي.
ويبلغ ثمن القذيفة الواحدة 68 ألف دولار أميركي، لكن هذا السعر سيكون أرخص عندما نعلم أن القذيفة الموجهة قد تغني عن 30 - 50 قذيفة عادية لإصابة الهدف.
بالإضافة إلى نظام التوجيه عبر الـ GPS، تحتوي القذيفة Excalibur أيضاً على إرشادات بالقصور الذاتي، المضاد للتشويش المكثف.
هنالك عدة إصدارات من القذيفة لكن الإصدار الأساسي تزن حشوته المتفجرة 48 كغ.
يمكن برمجة الصمامات لتنفجر في الهواء، أو عند ملامسة السطح الصلب أو بعد اختراقه داخل الهدف.
معركة نهر سيفرسكي دونيتس.. مثال واضح على تأثير الهاوتزر
تصدت القوات الأوكرانية يوم الأربعاء الفائت لمحاولات متعددة من قبل الروس لعبور نهر سيفرسكي دونيتس الاستراتيجي في إقليم دونباس، وتكبدت القوات الروسية خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
وما إن وصل الرتل الروسي لعبور النهر، ومدت القوات الروسية الجسر العائم، وعبرت الدفعة الأولى من الدبابات والشاحنات، حتى بدأ القصف الأوكراني.
Artillerymen of the 17th tank brigade of the #UAarmy have opened the holiday season for ruscists. Some bathed in the Siverskyi Donets River, and some were burned by the May sun. pic.twitter.com/QsRsXmnJ65
— Defence of Ukraine (@DefenceU) May 11, 2022
خلال ساعات دمرت القوات الأوكرانية 73 قطعة من المعدات الروسية، بما في ذلك دبابات وعربات مصفحة، وذلك بحسب تقديرات خبراء عسكريين، وتصوير جوي بثته وزارة الدفاع الأوكرانية.
وكشفت المخابرات الدفاعية البريطانية يوم أمس الجمعة أن روسيا فقدت نحو 800 عنصر وعشرات المدرعات في معركة النهر.
#Ukraine: Even more Russian losses from the failed bridging attempt over the Siverskyi Donets River.
— 🇺🇦 Ukraine Weapons Tracker (@UAWeapons) May 12, 2022
In our estimation, we can see (Not previously posted images; we have removed all duplicates) no less than 28x BMP/BMD, 6x BTR/similar armour, 1x T-72B tank, 1x Truck, 1x MT-LB. pic.twitter.com/4WPIKAHH4v
وقال سيرهي هايداي حاكم منطقة لوغانسك إن القوات الأوكرانية تصدت لثلاث محاولات روسية لعبور النهر.
وأضاف الحاكم: "لقد قضينا على الزوارق السريعة والمروحيات الروسية التي استخدموها لتغطية محاولاتهم".
وجاءت المحاولات الروسية لعبور النهر لتطويق مدينة سيفيرودونتسك الواقعة في أقصى الشرق.
وبحسب محللين وخبراء عسكريين فإن مدافع هاوتزر M777 شاركت في معركة النهر الأخيرة بفعالية كبيرة، إلى جانب الطائرات المسيرة من دون طيار.
وتستقبل كييف معلومات استخبارية دقيقة من حلفائها في الناتو وأوروبا، لتحديد مواقع القوات الروسية.
كما تمتلك أوكرانيا أسراباً من طائرات البيرقدار التركية ما يسهم في زيادة بنك الأهداف لضربها على الفور، سواء عبر المجموعات الميدانية المنتشرة على طول أكثر من 500 كم من خط الجبهة، أو عبر الطائرات المسيرة نفسها أو عبر المدفعية.
قال مستشار كبير لقائد القوات المسلحة الأوكرانية الجنرال فاليري زالوجني عندما أعلنت الدول الغربية تقديم مدافع هاوتزر لكييف: "إن الصواريخ المضادة للدبابات أبطأت الروس، لكن ما قتلهم هو مدفعيتنا. هذا ما حطم وحداتهم".