icon
التغطية الحية

المخدرات في مناطق "قسد".. خطر متفاقم يهدد المجتمع والأمن والاقتصاد شرقي سوريا

2021.10.31 | 06:21 دمشق

2018-11-06-12.27.47.jpg
الرقة - إياد ابو اليمان
+A
حجم الخط
-A

لا أعلم كيف أصبحت مدمناً، كان أصدقائي في المدرسة يتناولون الحبوب المخدرة (الترامادول والكبتاغون)، وغيرها من الأنواع من دون علم الأهل، كان سعرها زهيداً ولم يخبرني أحد أنني سأصبح مدمناً بهذا الشكل، وبعد فترة وجيزة استعملت الحقن والهروين، وأخبرني أصدقائي أن من ينضم لوحدات حماية الشعب (PYD) يحصل عليها بالمجان، فانضممت. هذا ما قاله الفتى عبد القادر (16 عاماً) من مدينة الرقة.

تحدث عبد القادر لموقع تلفزيون سوريا عن قصة إدمانه على الحبوب، وهي حالة تنطبق على الكثيرين في مدينة الرقة، حتى بات تعاطي الحبوب المخدرة ظاهرة شبه علنية بين المراهقين من الشباب والبنات في المدارس.

يقول عبد القادر: أول مرة تناولت فيها الحبوب اشتريتها من كشك المدرسة.. قال لي أصدقائي إنها تسعد الشاب وتهون عليهم هموم الدنيا ومشاكلها الكثيرة فبدأت بتناولها بشكل كبير حتى أدمنت عليها.

ويضيف: كان الدافع الوحيد لانضمامي لوحدات حماية الشعب PYD هو توفر الحبوب المخدرة التي توزع على المجندين والمجندات في أثناء القتال على الجبهات، واستطعت أن أخزن الكمية التي تحلو لي عندما كنت أقف على الحواجز، لأن عمليات التهريب تمر من حواجزنا بشكل شبه يومي.

انتشار المخدرات بكل أشكالها أصبحت ظاهرة شبه علنية في مدن الحسكة ودير الزور والرقة ومنبج التي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، إذ تعيش محافظات شمال شرقي سوريا أوضاعاً اقتصادية صعبة بعد انتشار فيروس كورونا مؤخراً والإغلاقات التي قامت بها "الإدارة الذاتية".

وتقول مصادر محلية لتلفزيون سوريا إن أغلب هذه المواد المخدرة التي تنتشر في مناطق سيطرة "قسد" هي عبارة عن حبوب ترامادول وكيبتاغون، بالإضافة إلى أنواع متعددة من مادة الحشيش المخدر، ومادة الكريستال المشهورة، والتي تعتبر إيران من أكبر منتجيها. وأصبحت المواد المخدرة منتشرة في الطرقات والأسواق وأمام المدارس بشكل كبير بحسب المصادر.

وعن كيفية دخول وخروج المخدرات استطاع تلفزيون سوريا التحدث مع أحد التجار في منطقة عين العرب ويبين أن المخدرات تأتي من عدة جهات أبرزها المناطق المحاذية للحدود العراقية قرب نهر الفرات في مدينة دير الزور والتي تسيطر عليها الميليشيات الإيرانية وتتحكم بكل منافذها منها المعابر الرسمية وغير الرسمية/الداخلية (التهريب)، والقسم الآخر يأتي عن طريق مدينة منبج التي تعتبر بوابة قسد من الشرق وأبرز معابرها "عون الدادات".

وأشار التاجر إلى أن عملية التهريب تتم عن طريق شخصيات ومندوبين عن "الإدارة الذاتية" وعن الميليشيات الإيرانية لتيسير الرحلات والإشراف على عدم تعرضها للتفتيش على الحواجز التابعة لسيطرتهم، واكتشاف أي عملية تهريب لا يشرف عليها هؤلاء الشخصيات والمندوبون تتم معاقبة من يقوم بها وتصادر كمياته.

وكشف المصدر أن مسؤولين في قوات سوريا الديمقراطية "قسد" قادمين من قنديل (معقل حزب العمال الكردستاني) يشكلون نواة تدير عمليات التهريب وتجارة المخدرات بين المحافظات السورية التي يسيطرون عليها والميليشيات الإيرانية عن طريق وسطاء ومندوبين. وأن الرقة ومنبج وأرياف الحسكة أصبحت بؤرة منتجة للحشيش والخشخاش والتي يتم تصدير قسم منها للمناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة في أرياف حلب وإدلب، والقسم الآخر يباع في مناطق سيطرة النظام وأن قسماً آخر يهرب إلى تركيا.

أسباب انتشار المخدرات

وعن أسباب انتشار المخدرات في المدن التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، يقول الدكتور المختص بعلم النفس عماد العبد لموقع تلفزيون سوريا: "من أهم الأسباب الرئيسية في انتشار المخدرات هي البطالة التي يعاني منها الشباب وقلة فرص العمل وحصرها بالكوادر المقربة من قسد والعاملين فيها، وأيضا الانخفاض الكبير في المستوى المعيشي وغلاء الأسعار وغياب الرقابة والفوضى الأمنية والضغوط النفسية التي خلفتها الحرب، كلها عوامل تدفع الشباب للتعاطي والإدمان على هذه المواد المخدرة".

وأضاف: "قسد تغض الطرف عن تجارة المخدرات كونها متورطة بذلك لما تدره من أموال كبيرة، وكذلك أصبحت وسيلة لاستقطاب الشبان للانضمام لقواتها، وإن الحملات التي تقوم بها لمكافحة المخدرات ما هي إلا مادة إعلامية لإظهارها محاربة للمخدرات، لكن الحقيقة أن القيادات هي التي تشرف وتروج وتبيع وتربح".

وعن الخطر الذي يهدد المدن التي تسيطر عليها قوات قسد أوضح العبد أن معدلات الانتحار ارتفعت في مدن القامشلي والرقة ودير الزور، ولوحظ ازدياد كبير في نسبة الوفيات بسبب تعاطي جرعات زائدة من هذه المواد المخدرة، وشهدت المدن ازديادا كبيرا في حالات الطلاق والمشاكل الأسرية مؤخراً، ويعلل سببها للانتشار الواسع للمخدرات وسهولة الحصول عليها في تلك المناطق.

وحذّر المختص النفسي من أن انتقال سيطرة المدن من تنظيم داعش الذي كان يحرم التدخين ويلحق بأصحابه أقسى العقوبات كونه يعد عقوبة "يخالف عليها الشرع" بحسب زعمهم، إلى سيطرة "الإدارة الذاتية" التي تنتشر فيها الحبوب المخدرة والهروين والحشيش؛ نتج عن هذه التغيرات صدمة في المجتمع وتحولات فكرية تحتاج الوقف عليها.

مصدر رزق

أكدت مصادر محلية لموقع تلفزيون سوريا أن تجارة المخدرات أصبحت باب رزق للعديد من العوائل التي يعمل العديد من شبانها وفتياتها بالزراعة والتغليف والبيع؛ وتؤكد على أن زراعة الحشيش والخشخاش وتوزيعها وسائر المواد المخدرة الأخرى تكون عن طريق قياديين أكراد يعملون على نقلها بسيارتهم الخاصة ليتم توزيعها على المدن الواقعة تحت سيطرتهم وتصديرها للمناطق الأخرى.

وتضيف المصادر أن زراعة الحشيش أصبحت تدر أرباحاً كبيرة للمزارعين أكثر من غيرها من المحاصيل الزراعية الأخرى في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها المنطقة، وأن نبات الخشخاش تكثر زراعته في المناطق الواقعة في ريف الحسكة الشمالي الشرقي وبالقرب من مدينة منبج.

وأيضاً يُباع الحشيش والكبتاغون والترامادول والهيكزول والبالتان والكوكايين وأوراق القنب والماريجاونا في المناطق التي تسيطر عليها "قسد".

المجتمع في حالة غليان

يقول عبد السلام الأحمد أحد ناشطي مدينة الحسكة لموقع تلفزيون سوريا إن الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في مناطق سيطرة "قسد" في تدهور، فمنذ سيطرتها على مدن شمال شرقي سوريا لا يكاد يمر يوم من دون وقوع حالة سرقة أو خطف أو قتل أو انتحار.

ويؤكد أن انتشار المخدرات وعدم ضبطها وحالة الانفلات الأمني التي تشهدها المنطقة تساعد على انتشار هذه الحالات وبأن واستمرارها سيجبر الحاضنة الشعبية للخروج على "قسد" والمطالبة بحدها لأن العشائر العربية ووجهاء المدن قدموا شكاوى عديدة، ولكن لم تتجاوب "قسد" معهم.

وأوضح الأحمد أن قسد تدفع نحو زيادة أعداد المدمنين على المخدرات ليكونوا لاحقاً مجندين في صفوفها، وهي وسيلة لخطف المراهقين من منازلهم ومن المدارس ومن أماكن صالات الرياضة وتجنيدهم ضمن صفوفها، وتحدثت تقارير عدة عن تجنيد الأطفال المستمر التي تقوم به قسد.