icon
التغطية الحية

المتفوقون السوريون في جامعات تركيا: تحدّيات مثمرة ومعاناة مزهرة

2020.07.20 | 18:38 دمشق

photo_2020-07-20_13-37-48.jpg
تلفزيون سوريا - أحمد طلب الناصر
+A
حجم الخط
-A

وتستمر كوكبة الطلبة السوريين خرّيجي 2020 بالتألق والسطوع، وتتسع لتغطّي الجامعات الحكومية على امتداد الجغرافيا التركية وولاياتها من أقصى شرقها إلى غربها.

لا يمكن وصف مشاعر الفرح والفخر التي تغمر طيفاً واسعاً من السوريين لمجرد سماعهم أخبارَ تخرّجِ أبنائهم ونيلهم مراتب الشرف الأولى من بين أقرانهم الذين تجاوزوا 3,5 ملايين طالب جامعي موزّعين على الجامعات التركية، من مختلف الأعراق والأجناس والأصول.

وبإمكان أيّ واحد منّا تخيّل مدى الغبطة التي تسيطر على جوارح الطلاب السوريين المكلومين، المهجّرين من بلدهم، حين نعلم بأن العام الدراسي الحالي سُجّلت فيه 13 حالة تفوّق سورية حتى اللحظة، من مختلف الاختصاصات والجامعات، في نسبة لا تتجاوز 0.6% من بين كامل الطلبة الجامعيين في تركيا!

  • نور جبران: المهندسة التي درست تحت الدمار دون مدرسة

تخرجت نور في قسم الهندسة الكيميائية بعد أن حافظت على المرتبة الأولى طوال أعوام الدارسة الجامعية الأربعة، لتحصل اليوم على المرتبة الأولى في الهندسة الكيميائية، بمعدل 3.81 من 4، وبالمرتبة الثانية على مستوى كلية الهندسة بجميع اختصاصاتها، فتفوقت على جميع زملائها في جامعة "عثمانية- كوركوت أتا" وحازت بذلك مرتبة الشرف العليا.

تصف نور لموقع "تلفزيون سوريا" الظروف العصيبة التي منعتها من الدراسة في المدارس الثانوية خلال وجودها في سوريا نتيجة القصف الذي طال مدينتها ( الطبقة) ودمّر مدارسها.

تقول نور: "نعم، لم أستطع إكمال دراستي الثانوية نتيجة القصف، لكني قررتُ الاعتماد على نفسي كلياً. وبرغم النزوح المتكرر والمعاناة المصاحبة لبحثنا عن ليل آمن وسماء خالية من الطائرات والبراميل، كانت كتبي الثانوية رفيقي الوحيد أينما حللت مع أهلي".

photo_2020-07-20_13-37-48.jpg

 

في إحدى بلدات النزوح، تمكنت نور من تقديم امتحانات الشهادة الثانوية من خارج المدارس (تقديم حر)، وبتفوّق لافت حصلت على الشهادة الثانوية لتحملها وتهاجر بها في بدايات عام 2015 إلى تركيا.

 

اقرأ أيضاً: طلاب سوريون تفوّقوا في الجامعات التركية (صور)

 

وكغالبية الطلبة السوريين، شكلت رحلة تعلّم لغة البلد الهمّ الرئيس لنور فجاهدت عامين كاملين حتى أتقنت اللغة ونالت (التومر)، وبعدها جاء القبول في جامعة "العثمانية"، ورغم الصدمة النفسية العنيفة التي مرّت بها في عامها الجامعي الثاني، بعد مقتل جدها وجدتها وكامل عائلة عمها المكونة من ستة أشخاص في قصف نظام الأسد، تابعت نور مشوارها بنشاط وثبات وختمته بتفوّق وافتخار، وحصلت خلاله على 6 شهادات شرف عليا من الجامعة.

  • عبد المنعم العران: المتفوّق الذي تطوّع لخدمة الطلبة السوريين

ينتمي عبد المنعم إلى أقصى الشرق السوري، إلى أول مدينة خرجت عن سيطرة النظام في ريف ديرالزور، مدينة "البوكمال" التي دفعت ضريبة لطرد نظام الأسد منها، الكثير من أبنائها، وما زالت تدفع حتى اللحظة بعد خضوعها للسيطرة الإيرانية.  

دخل عبدالمنعم لاجئاً مع والديه إلى تركيا في العام 2014، وخلال عام واحد فقط أتقن اللغة التركية والإنكليزية وتجاوز امتحانات القبول لجامعة "الشرق الأوسط التقنية"، إحدى جامعات أنقرة المميزة.

photo_2020-07-20_13-42-04.jpg

اختار عبد المنعم دراسة "هندسة التعدين"، ثم تابع في العام 2017 بدراسة "هندسة الجيوتيكنيكال" إحدى فروع الهندسة المدنية، ليتخرج هذه السنة من الفرعين ويحصل على مرتبة الشرف العليا لـ 6 فصول دراسية، كزميلته نور في جامعة عثمانية. وحصل على المركز الأول في هندسة التعدين بمعدل 3,69.

يذكر عبد المنعم لموقع "تلفزيون سوريا" كيف ساهم اختلاف الأعراف والعادات والتقاليد في خلق تحدٍّ تجسّد في تطوعه ضمن اتحاد الطلبة السوريين في أنقرة" لمساعدة جميع السوريين القادمين حديثاً إلى تركيا أو أنقرة، "إذ كنت أرى فيهم نفسي حين أتيت منذ سنوات إلى هنا" يقول عبد المنعم ويضيف: "ما زلت متطوعاً في الاتحاد وإدارياً فيه رغم تخرجي في الجامعة".

ويوجّه العران "نصيحة أخوية" بحسب وصفه، لجميع الطلاب السوريين بأن "يحرصوا على التفوق وأن يكوّنوا حياة اجتماعية بعد التخرج من خلال التطوع ومساعدة غيرهم من الطلاب عموماً وأبناء سوريا بصورة خاصة".

ولم ينسَ عبد المنعم توجيه الشكر للشعب والحكومة التركية التي "وفرت له فرصة الدراسة والاجتهاد في أفضل الجامعات التركية بالإضافة لإعفائي من مصاريف الدراسة السنوية.. أهدي نجاحي لهم ولوالدي وعائلتي وأصدقائي الذين ساندوني، وأساتذة الجامعة الذين لن أنسى فضلهم".

 

اقرأ أيضاً: تفوّق المهجّرين السوريين: إنجازٌ جديد في الجامعات التركية

 

  • أفروديت: أخت الشهيد التي تحدّت الحزن فتفوقت وتميّزت

أفروديت بيطار، ابنة "معرة مصرين" التي أكملت حياتها في "معرة النعمان" بريف إدلب الصامد قبل هجرتها نحو الشمال.

تخرجت أفروديت في قسم إدارة الأعمال في جامعة "عثمانية" ونالت المرتبة الأولى على مستوى الكلية، بعد قصة مليئة بالعثرات والتناقضات والتحديّات.

تبدأ أفروديت قصتها "من الشباك الفاصل بين وطني والمهجر، بعد أن انطلقت الثورة السورية وتحولت منذ بداياتها لحمام دم، استشهد أخي، وخسرنا بيتنا في القصف" هكذا رغبت أفروديت أن تبدأ حديثها لموقع "تلفزيون سوريا".

فقدت أفروديت كل أمل بإكمال دراستها وسط ذلك الدم والدمار والحزن والانكسار. وجاء العام 2013 الذي شهد دخولها مع عائلتها إلى تركيا ليزيد من يأسها. إذ حاولت، ولمدة سنة كاملة، أن تتعايش مع محيطها الاجتماعي والثقافي لكنها فشلت.

108293755_4132112373527740_606411359117073691_n.jpg

 

وفجأة، وصلت إلى أسماع أفروديت أنباء عن مدارس تعلّم باللغة العربية وتمنح فرصاً للطلبة السوريين لإتمام دراستهم الثانوية. وجاء التحوّل الجذري حين التحقت بمدرسة منها وتحصل على الشهادة الثانوية بتفوق في نهاية السنة.

تقول أفروديت: "بدأت بارقة أمل تلوح أمامي، فقررت تعلم اللغة التركية وقدمت بعدها على الجامعات التركية للحصول على قبول فيها، ليكرمني الله بالقبول في جامعة العثمانية، قسم إدارة الأعمال".

عانت أفروديت في البداية من وجودها وسط طلبة جميعهم من الأتراك، بالإضافة للصعوبات المادية والبعد عن أهلها لأول مرة في حياتها، بحسب تعبيرها.

وتستدرك: "إلا أني قررت التحدي، وكنت أقرأ عن سير المشاهير وكيف وصلوا إلى مرادهم، وعرفت أن النجاح لا يولد إلا من رحم المعاناة".

وتختتم أفروديت حديثها لموقع "تلفزيون سوريا" بتوجيه رسالة لكل طالب سوري تقول فيها: "حين تكبو انهض، فالفشل لا يعني نهاية العالم؛ وحين تبحث ستجد أشياء جميلة في هذا العالم تستحق منك أن تبدأ من جديد".