يحتشد المتظاهرون العراقيون اليوم الأحد في مناطق عدة من العاصمة بغداد بعد ساعات الصباح التي شهدت هدوءاً حذراً، في حين ارتفع عدد الضحايا في مظاهرات الأيام الخمسة الماضية إلى 100 قتيل بعد مقتل 5 متظاهرين يوم أمس السبت.
وبدأ المتظاهرون بالتجمع في مناطق ساحة الخلاني القريبة من المنطقة الخضراء وسط بغداد ومناطق مدينة الصدر والأعظمية والشعلة والزعفرانية، استعداداً لاستئناف الاحتجاجات اليوم، في حين ما زالت العديد من الشوارع الرئيسية في بغداد مغلقة أمام السيارات والمواطنين.
وقتل 5 متظاهرين، يوم أمس السبت، بإطلاق نار خلال الاحتجاجات الشعبية المناهضة للحكومة العراقية، وذلك بحسب ما نقلته وكالتا رويترز والأناضول عن مصادر طبية في وزارة الصحة، في حين أصيب 15 آخرون على الأقل بجروح نقلوا على إثرها إلى مستشفيات العاصمة بغداد.
وبعيد ساعات على بدء سريان قرار رفع حظر التجوال في العاصمة يوم أمس، تجمّع عشرات المتظاهرين أمام مقرّ وزارة النفط في بغداد حيث تعرّضوا لإطلاق النار عليهم بالرصاص الحيّ، بحسب ما أفاد مصور في وكالة فرانس برس.
وتمكّنت قوات الأمن التي تصدّت للمتظاهرين من تفريقهم إلى مجموعات صغيرة قبل أن تنفّذ عمليات دهم من بيت إلى بيت بحثاً عن مطلوبين.
ومع القتلى الخمسة الذين سقطوا السبت في بغداد ترتفع الحصيلة إلى 99 قتيلاً، بحسب مفوضية حقوق الإنسان في العراق، وهي هيئة رسمية تابعة للبرلمان العراقي، مشيرة إلى أنّه إضافة إلى هؤلاء القتلى فقد سقط قرابة أربعة آلاف جريح، غالبيتهم من المتظاهرين
وأوضحت الهيئة أنّ 60 من القتلى سقطوا في بغداد التي استقبلت مستشفياتها 250 جريحاً أصيبوا بالرصاص الحيّ.
استمرار المظاهرات رغم حزمة قرارات إصلاحية من الحكومة العراقية
وفي محاولة منها لتخفيف الاحتقان الشعبي المتزايد، أعلنت الحكومة العراقية يوم أمس عن الحزمة الأولى ما وصفتها بـ"القرارات المهمة" إثر جلسة استثنائية دعا إليها رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي.
وحسب وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) انعقدت الجلسة الاستثنائية استجابة لمطالب المتظاهرين وعموم المواطنين.
وصدرت عنها قرارات مهمة أبرزها فتح باب التقديم على الأراضي السكنية المخصصة لذوي الدخل المحدود والفئات الأخرى في المحافظات كافة، واستكمال توزيع 17 ألف قطعة سكنية على المستحقين في محافظة البصرة (جنوب) خلال فترة زمنية لا تتجاوز 4 أسابيع.
وتضمنت القرارات إعداد وتنفيذ برنامج وطني للإسكان يشمل بناء 100 ألف وحدة سكنية موزعة على المحافظات، ومنح الأولوية للمحافظات والمناطق الأكثر فقرا، على أن يتولى المحافظون كافة تشكيل لجان لفرز أسماء العوائل الأكثر حاجة للسكن في محافظاتهم، ورفع الأسماء إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء خلال مدة أسبوعين.
ونصت القرارات على أن تتولى وزارة المالية تعزيز رصيد صندوق الإسكان من أجل زيادة عدد المقترضين وتمكينهم من بناء الوحدات السكنية على قطع الأراضي التي ستوزع على المواطنين، وتضمين ذلك في موازنة 2020، وتكون القروض معفاة من الفوائد.
إضافة إلى منح 150 ألفا من العاطلين ممن لا يملكون القدرة على العمل منحة شهرية قدرها 175 ألف دينار (147دولارا) لكل شخص ولمدة 3 أشهر.
وشملت القرارات إنشاء مجمعات تسويقية حديثة (أكشاك) في مناطق تجارية في بغداد والمحافظات تتوزع على العاطلين الـ150 ألفا المذكورين خلال مدة 3 أشهر.
فضلا عن إعداد برنامج لتدريب وتأهيل 150 ألفا من الشباب الخريجين وغير الخريجين مع صرف منحة مالية خلال فترة التدريب البالغة 3 أشهر قدرها 175 ألف دينار لكل شخص، وتشغيل من يجتاز منهم الدورات التدريبية بنجاح في الشركات الاستثمارية العاملة في العراق، أو منحهم قروضا ملائمة لتأسيس مشاريع متوسطة أو صغيرة.
كما تضمنت القرارات أن تتولى وزارة الدفاع فتح باب التطوع للشباب، وقيام وزارتي الدفاع والداخلية باتخاذ الإجراءات الأصولية لإعادة المفسوخة عقودهم في المحافظات كافة، وتولى وزارة التربية اتخاذ الإجراءات اللازمة للتعاقد مع المحاضرين المتطوعين، وتولى وزارة الزراعة اتخاذ الإجراءات الأصولية لإعفاء الفلاحين من مبالغ استئجار الأراضي الزراعية المترتبة بذمتهم سابقا ولغاية نهاية العام الجاري.
ويتولى المحافظون وبالتنسيق مع دوائر الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية تهيئة قوائم بالعوائل المحرومة المستحقة لغرض منحهم رواتب الرعاية الاجتماعية وبعدد 600 ألف عائلة.
أيضا، قرر مجلس الوزراء اعتبار الضحايا من المتظاهرين والأجهزة الأمنية "شهداء"، وشمولهم بالقوانين النافذة، ومنح عوائلهم الحقوق والامتيازات المترتبة على ذلك.
وتعهد بأن تتولى وزارة الصحة تقديم الخدمات العلاجية للجرحى من المتظاهرين والقوات الأمنية وتوفير كامل الاحتياجات على نفقة الحكومة بما في ذلك العلاج خارج العراق إن تطلب ذلك.
وقالت "واع" إن مجلس الوزراء وجه الوزارات والجهات المعنية الأخرى بتنفيذ هذه القرارات بحسب الاختصاص.
كما قرر المجلس مناقشة الحزمة الثانية من القرارات المتعلقة بالإصلاحات ومطالب المتظاهرين في الجلسة المقبلة، والاستمرار باتخاذ القرارات اللازمة في الجلسات اللاحقة.
ويشهد العراق احتجاجات عنيفة منذ الثلاثاء بدأت من بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد، قبل أن تمتد إلى محافظات في الجنوب والوسط ذات أكثرية شيعية.
ورفع المتظاهرون سقف مطالبهم وباتوا يدعون لاستقالة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي؛ إثر لجوء قوات الأمن إلى العنف لاحتواء الاحتجاجات ما أوقع أكثر من 100 قتيل فضلا عن آلاف الجرحى.
ويتهم المتظاهرون قوات الأمن بإطلاق النار عليهم، في حين تنفي الأخيرة ذلك وتقول إن "قناصة مجهولين" تطلق الرصاص على المحتجين وأفراد الأمن على حد سواء لخلق فتنة.