القرارات الأممية وحاجة السوريين لإجماع دولي

2023.11.02 | 07:42 دمشق

القرارات الأممية وحاجة السوريين لإجماع دولي
+A
حجم الخط
-A

دعونا نبقي الحديث والتحليل في سوريا، سوريا المتروكة للريح ولقوى الأمر الواقع ينهبون فيها في الليل والنهار، ولنفكر معاً بعيداً عن الأوهام والاستقطابات الحادة هنا وهناك.

 تحتاج سوريا الآن وبشكل عاجل إلى حل سياسي حسب القرار الأممي 2254 والذي ينصّ على تشكيل هيئة حكم انتقالي، أحلم أن يفرّغ السوريون في كل مكان في هذا العالم ساعة واحدة بالشهر لإطلاق هاشتاغ بكل اللغات، من أجل تطبيق هذا الحل السياسي.

فنحن الآن أضعف شعب موجود على ظهر الكرة الأرضية، لذلك نحتاج إلى سياسيين وإعلاميين وحقوقيين يقودون الناس بشكل منظم من أجل تطبيق هذا القرار.

ولأننا نحتاج لجميع الدول ماعدا إيران فإن لغة الكراهية والانتقام في السياسة لا تنفع، إنما تمزّق أكثر. ولغة التكاذب والكذب تدمر البشر أكثر وأكثر.

ومن أجل هذه الغايات السياسية علينا جميعاً التحرك. فزمن انتظار المعجزات في السياسة وفي غير السياسة انتهى، ولكي لا نتخابث على بعضنا بعضا الآن وفي كل وقت، السوريون يحتاجون إلى جميع دول العالم لبناء بلدهم ولمساعدتهم في تحقيق الحلّ السياسي. وبدون ذلك سنبقى كما نحن، أي كما أراد الأسد لسوريا.

على النخب السورية في كل المجالات أن تعرف كيف تخاطب العالم الغربي وبلغته، فالصراخ والنباح الإعلامي الطائفي المقيت يفتت البشر ولا يفيد.

للأسف مازالت الكثير من الأقلام تبحث عن منافع أنانية بحتة وتعمل في الليل والنهار لإرضاء مصالحها الشخصية وكل انشغالها بالشأن العام ليس إلا وسيلة لتحقيق غاياتها الفردية

وأفترض نظرياً أننا تعلمنا مما حلّ بنا، ولكن للأسف مازالت هناك أقلام طائفية تبحث عن أمجاد فردية أنانية وتعمل لصالح منظمات معينة وتكتب بلغة داعشية في جوهرها، فكلما دقّ الكوز بالجرّة يقول لك أحدهم إنّ هذا القسم من الشعب هو أكثر من دفع الثمن والضريبة.

للأسف مازالت الكثير من الأقلام تبحث عن منافع أنانية بحتة وتعمل في الليل والنهار لإرضاء مصالحها الشخصية وكل انشغالها بالشأن العام ليس إلا وسيلة لتحقيق غاياتها الفردية، ويكفي أن نفكر في القاموس العام ومكوناته الذي يكتب به هؤلاء لنحصل على حصيلة طائفية ربما تكون كافية لإشعال حروب أهلية قادمة.

ينصّ الدستور الألماني وفي مادته الأولى على "أن كرامة الإنسان لا يجوز المساس بها". وأرى أن كتابتها في الدستور السوري القادم كما هي أمر مفيد لكل السوريين في هذا العالم.

وبالقياس لهذه الكرامة الواجب حمايتها، أرى أن الكثير من الكتابات الطائفية أو القومية المنتشرة في عموم وسائل التواصل الإجتماعي تسيء للكرامة السورية وللإنسان السوري.

ولأجل العمل لصالح حفظ كرامة السوريين، لا يجوز لنا استعداء المحيط العربي المجاور والبعيد عنّا جغرافياً، فسوريا الجريحة تحتاج إلى كل دول الخليج العربي وإلى كل الدول المستعدة لمساعدتنا من أجل مصالحها العادية.

وضمن هذه الرؤية أرى أن الخطر المرعب كان ومازال هو النظام الإيراني الذي يعمل في الليل والنهار على تدمير المجتمع السوري من الداخل، عبر نشر التشيع وصرف المليارات على شراء الأراضي، في دمشق وفي الساحل السوري وغيرها، وما كشفته مؤخراً شبكة الفساد السورية التي نشر عنها الإعلامي نضال معلوف في تسجيل منفرد يكفي لمعرفة مدى الخطر الإيراني المتغلغل في الليل والنهار في عموم سوريا.

ونحن هنا لا نحتاج إلى التذكير في بدهيات السياسة والقول إن بقاء نظام الأسد بات مستحيلاً، حتى لو بقي في الشكل "صوريا" لسنوات.  فهذا النظام معزول دولياً ومعاقب وكل ما في الأمر أن إخراج الجنازة النهائية يحتاج إلى توافق دولي وإقليمي.

لا بدّ لنا من معاودة التحذير من أنّ أي تلاعب لغوي سياسي سيجعل سوريا عرضة لمزيد من التفتت. فابن الساحل كما ابن السويداء كما ابن الرقة أو ابن الحسكة، الكل يحتاج إلى دولة مبنية على أسس قانونية، لخدمة جميع السوريين

سوريا تحتاج لإجماع دولي من أجل تطبيق الحلّ السياسي، ومن أجل بناء دولة تحفظ كرامة الناس وتؤمن لهم سبل العيش الكريم، وبناء الدولة لا يكون من دون مفاهيم دستورية عصرية. وأول بديهياتها وجود قانون وضعي عصري علماني لخدمة جميع السوريين. ولا بد من فصل الدين كلياً عن الدولة. وهنا لا بدّ لنا من معاودة التحذير من أنّ أي تلاعب لغوي سياسي سيجعل سوريا عرضة لمزيد من التفتت. فابن الساحل كما ابن السويداء كما ابن الرقة أو ابن الحسكة، الكل يحتاج إلى دولة مبنية على أسس قانونية، لخدمة جميع السوريين.

فألغام سوريا ليست ألغاماً عسكرية فقط إنما لدينا ما يكفي من الألغام الطائفية والعرقية والسياسية، وتنظيفها من عموم الألغام يحتاج إلى عقول النخب السورية النظيفة والمتعاونة مع العالم المتحضر.

وأرى أنه كفانا بناء ألغام إضافية في العقول والضمائر وكفانا بناء أوهام جديدة لمغازلة من يدفع أكثر.

فنحن إما أن نكون جزءاً من العالم المتحضر أو لا نكون.