icon
التغطية الحية

الغارديان: النظام هدد مسعفي ضحايا هجوم دوما بالقتل

2018.04.18 | 17:04 دمشق

طفل يتلقى العلاج بعد هجوم دوما الكيماوي، 7 نيسان (رويترز)
صحيفة الغارديان- ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

 نشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن تعرض المسعفين الطبيين الذين شهدوا الهجوم الكيماوي على دوما لتهديد بالقتل من قبل النظام، وكيف تعاملت معهم قوات الأخير والضباط الروس عند خروجهم من المدينة.

وتنقل الغارديان عن رئيس أكبر وكالة إغاثة طبية في سوريا أن المسعفين الذين شهدوا على الهجوم الذي يشتبه في اعتماد الغاز خلاله في دوما، قد تعرضوا "للترهيب الشديد" من قبل مسؤولين في النظام. فقد بادروا بأخذ بعض العينات البيولوجية التي تعود لبعض الضحايا من الأطباء، في حين أجبروهم على التخلي عن المرضى، كما طلبوا منهم التزام الصمت.

في هذا الشأن، أورد الدكتور غانم طيارة، رئيس اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية، أن الأطباء الذين كانوا مسؤولين عن معالجة المرضى في الساعات التي تلت هجوم 7 من نيسان، قيل لهم إن عائلاتهم ستكون معرضة للخطر إذا ما قدموا شهادات عامة حول ما حدث هناك.

في سياق متصل، أقر عدد من الأطباء الذين تحدثوا إلى صحيفة الغارديان هذا الأسبوع، أن سياسة الترهيب من قبل النظام قد تفاقمت خلال الأيام الخمس الماضية، وذلك بالتزامن مع وصول فريق من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى دمشق، الذي يهدف إلى تحديد ما إذا كانت الأسلحة الكيماوية قد استخدمت بالفعل في دوما. وقد أصر جميع أفراد الطاقم الطبي على عدم الكشف عن هويتهم، مخافة تعريض حياتهم وحياة عائلاتهم للخطر.
 

الروس شاركوا في البحث عن الضحايا

يستقر دكتور غانم طيارة، الطبيب في مستشفى برمنغهام، في الوقت الراهن في تركيا، حيث يشرف على عملية إجلاء عدد من المسعفين من سوريا، وتحديدا من مدينة دوما. وقال الدكتور طيارة لصحيفة "الغارديان"، أن "هناك حضورا أمنيا مكثفا في المدينة وذلك منذ الهجوم. وقد عمدت قوات النظام إلى استهداف الأطباء والمسعفين بشكل مباشر". وأضاف طيارة أنه "وقع تفتيش كل طبيب حاول مغادرة مدينة دوما بشكل دقيق في محاولة لافتكاك أي عينات تثبت استخدام النظام للسلاح الكيماوي. وفي إحدى المراكز الطبية تم أخذ سبعة أشخاص مصابين بعيدا عن المنطقة. في الأثناء، شاركت القوات الروسية  بشكل مكثف في هذه العمليات، حيث تكفلت بتوجيه الأوامر".

وأردف غانم طيارة في حديثة للصحيفة، أن "قوات الأمن لم تكتف بذلك، فقد عمدت أيضا إلى فحص رسائل "الواتس آب" الخاصة بالأطباء وهواتفهم. لقد وقعت معاملة الأطباء بطريقة تعسفية، في حين أمسوا عرضة للتهديد منذ ذلك الحين. ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد هددوا عائلاتهم مؤكدين لهم أنهم سيدفعون الثمن، في حين أنه سيقع اعتقالهم إذا قاموا بتقديم أي دليل أو قاموا بإجراء مقابلات حول ما حدث في دوما".

تعتبر الشهادات التي يدلي لها أول المستجيبين وشهود العيان أمرا في غاية الأهمية، للكشف عما حدث في دوما على الساعة السابعة والنصف من مساء السابع من نيسان. وذكر المسعفون الذين كانوا في المنطقة للغارديان، أن عددا كبيرا من المصابين توافدوا عليهم في خضم سلسلة طويلة من الضربات الجوية، حيث ظهرت على البعض منهم أعراض تدل على استنشاقهم لغاز الأعصاب.
 

عدد الضحايا أكثر من المصرح به

في هذا الصدد، أفاد طيارة، قائلا: "لم نشهد على شيء من هذا القبيل في دوما من قبل. فقد سبق وأن شهدنا على آثار استعمال غاز الكلور، لكن ما رأيناه كان عبارة على تشنجات ورغوة كانت تخرج من أفواه المصابين فضلا عن عامل ما أدى إلى تضرر الجهاز العصبي المركزي". ويعتقد الدكتور طيارة أن عدد القتلى يتجاوز بكثير التقديرات التي تحيل إلى وفاة ما بين 40 و70 مدنيا.

وتنقل الصحيفة عن الضابط السابق في برنامج سوريا للأسلحة الكيماوية، العميد زاهر الساكت، الذي هُجر في سنة 2013، بأن سكان دوما الذين عمل معهم في السابق قاموا بدفن ما يقارب 50 جثة في موقع غير معلوم في المنطقة، على أمل أن يتم العثور على هذه الجثث في نهاية المطاف لتأكيد الشكوك وإثبات استخدام غاز الأعصاب خلال هذا الهجوم.
 

ضباط روس ومن النظام أزالوا أدلة

كانت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تحاول جاهدة جمع عينات من موقع الهجوم وذلك في سباق مع الوقت. وكان الموقع بمثابة منزل متكون من ثلاثة طوابق في مدينة دوما، توفي فيه عشرات الأشخاص في الطابق السفلي. وفي هذا السياق، صرح جيري سميث، لصحيفة "الغارديان" الذي ساعد منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في الإشراف على عملية سحب الكثير من مخزون غاز السارين في سوريا سنة 2013، أن عينات غاز الأعصاب تتحلل بسرعة في الظروف البيئية العادية.

في الأثناء، أفاد العديد من شهود العيان للصحيفة أنهم قد وجدوا أسطوانات هواء استخدمتها قوات النظام لإطلاق غاز الكلور لا تزال على سطح المبنى. وقد تمكن ضباط النظام والروس من الوصول إلى المنزل منذ يوم الخميس الماضي، مما أثار مخاوف من احتمال تعرض الموقع للتلاعب. وأكد سميث أن عينات غاز الأعصاب ستظل على الأرجح لمدة أسبوع آخر على الأقل، حتى بعد محاولة تنظيف الموقع من أي أثار.

عمد المسعفون والناجون الذين بقوا في دوما وغيرهم ممن فروا إلى شمال سوريا، إلى السخرية من الادعاءات التي تفيد بأن الهجوم إما لم يحدث بتاتا أو لم يستخدم فيه الغاز. وفي الساعات التي تلت الهجوم، استسلمت أكبر فصائل المعارضة، في حين هُجر عشرات الآلاف من السكان المحليين إلى شمال سوريا، وتمت السيطرة بالكامل على المنطقة من قبل النظام.

وفي شأن ذي صلة، قال أبو الوليد، أحد الناجين من الهجوم، الذي توفيت على إثره زوجته الحامل وابنه الوحيد، للغارديان "رأيت ابني يسعل، أخبرته أن يتمالك نفسه ويصعد الدرج، أمسكت بزوجتي وركضت خلفه، وكل ما أذكر بعدها أن شخصا ما قام بفتح وغلق عيني وبعدها قام بسكب الكثير من الماء فوقي. لقد فقدت وعيي لمدة خمس ساعات، ولم أكن أعلم أين أنا. فيما بعد، قالوا لي إن هجوما كيماويا وقع، وأخبروني بأنني فقدت زوجتي وابني، واستشهد البقية. أخبرتهم أنني أتمنى لو أنهم لم ينقذوني".
 

الأطباء على تلفزيون النظام

ظهر بعض الأطباء على تلفزيون النظام لإنكار ما وقع في دوما. وفي هذا السياق، ذكر طبيب في تصريح لصحيفة الغارديان، أن "زملاءنا الذين ظهروا على شاشات التلفاز كانوا مجبرين على ذلك، لأن بعضهم لم يخدموا في الجيش أو لم يكملوا دراستهم. كما يعزى ذلك لأسباب أخرى، فقد كان للبعض منهم عائلة في دمشق لذلك قرروا البقاء مقابل التصالح مع النظام، الذي عمد إلى استغلالهم".

وتنقل الصحيفة عن مسعف كان يعالج الضحايا، أن "أي شخص على دراية بما حدث لا يمكنه الإدلاء بأي شهادة في الصدد، لأن هناك أخبار تفيد بأنه سيتم تدمير المراكز الطبية على رأس العاملين فيها. لا يمكن اعتماد شهادة أشخاص قدموها تحت الضغط. تخيل لو أنك تدلي بشهادة بينما أت تحت سيطرة أفراد كنت تجاهر بمناهضتهم، فماذا سيكون مصيرك؟".

وصرح طبيب آخر للصحيفة، قائلا: "لقد تلقينا تهديدات منذ بدء الحصار، وقبل الهجوم بالأسلحة الكيماوية. ولكن بعد الهجوم، أصبحت الأمور أكثر خطورة. لقد عمدوا إلى إزالة الأدلة التي تثبت الجريمة، في حين أجبروا الأطباء والأهالي الذين كانوا شهود عيان بتقديم إفادات تؤكد عدم حدوث أي شيء".