icon
التغطية الحية

الغارات على غزة والقنصلية الإيرانية.. ما حدود نفوذ بايدن على إسرائيل؟

2024.04.04 | 17:02 دمشق

سيارة تابعة لمنظمة World Central Kitchen دمرتها غارة جوية إسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة في 2 نيسان 2024
سيارة تابعة لمنظمة World Central Kitchen دمرتها غارة جوية إسرائيلية على دير البلح بوسط قطاع غزة في 2 نيسان 2024
Bloomberg- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

خلال هذا الأسبوع، بات من الصعب على الرئيس الأميركي جو بايدن أن يتصرف بطريقة متوازنة مع إسرائيل بعد هجومها على قافلة مساعدات في غزة وكذلك إثر الغارة الجوية التي نفذتها على مبنى القنصلية الإيرانية بدمشق.

اختبرت هاتان الحادثتان حدود استراتيجية بايدن التي رأينا الرئيس الأميركي من خلالها يؤيد حرب إسرائيل على حماس مع انتقاده في الوقت ذاته لسلوكها، كما لفتت الحادثتان الأنظار للبحث في أمر النفوذ الأميركي وحجم النفوذ الذي يتمتع به بايدن على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهل هو على استعداد لممارسة هذا النفوذ أم لا.

أثمان باهظة

وعن ذلك يقول جوناثان بانيكوف مدير مبادرة سكوكروف لأمن الشرق الأوسط لدى المجلس الأطلسي: "لا يتعلق الأمر كثيراً بخسارة الولايات المتحدة لنفوذها على إسرائيل بقدر ما يتصل برفض واشنطن لممارسة هذا النفوذ الذي ستترتب عليه أثمان باهظة، وهي محقة في ذلك"، ويعني بالأثمان الباهظة تزويد إسرائيل بأسلحة متطورة والدفاع عنها أمام هيئة الأمم المتحدة.

ويخطط بايدن لمحادثة نتنياهو يوم الخميس بحسب ما ذكره مسؤول أميركي، ومن المرجح خلال تلك المحادثة أن يكرر الرئيس الأميركي انتقاده اللاذع الذي صرح به يوم الثلاثاء عقب الغارة العسكرية الإسرائيلية التي أسفرت عن مقتل سبعة من عمال الإغاثة لدى منظمة World Central Kitchen التي أسسها الطباخ خوسيه أندريس، إذ قال بايدن وقتئذ: "لم تقم إسرائيل بما يكفي لحماية عمال الإغاثة وهم يحاولون تسليم المساعدات التي أصبح المدنيون بحاجة ماسة إليها".

وقبل ذلك بساعات، تسببت الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في سوريا بفتح الباب على مصراعيه أمام مواجهة مع إيران التي بقيت حتى الآن تنشط من خلال وكلائها المناهضين لإسرائيل في المنطقة ومنهم الحوثيون في اليمن، وحزب الله في لبنان، وحماس في غزة. بيد أن الهدف العسكري لإسرائيل في غزة هو القضاء على حماس التي شنت هجوماً مباغتاً على إسرائيل في السابع من تشرين الأول الماضي، كما أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي صنفا حماس ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية.

وتعقيباً على ذلك يقول بانيكوف: "إن لم تجر إسرائيل ما يكفي من التغييرات على عملياتها، فستتعرض إدارة بايدن لمزيد من الضغط حتى تمارس نفوذها الذي سيكلفها كثيراً، حتى في الوقت الذي يبدو لنا وبكل وضوح أنها غير راغبة في ذلك".

وفي سياق متصل، تواصلت يوم الأربعاء الانتقادات التي وجهها أرفع المسؤولين الأميركيين لإسرائيل، وذلك عندما أعرب وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، عن غضبه الشديد بسبب الغارة الإسرائيلية على غزة وذلك في حوار مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت.

وبحسب ما أوردته وزارة الدفاع الأميركية حول سبب الاتصال، ذكر أوستن بأنه حث غالانت على "فتح تحقيق سريع وشفاف في الموضوع، ونشر نتائجه للعامة، ومحاسبة المسؤولين عن الغارة" كما طالب إسرائيل "بالقيام بخطوات ملموسة" لحماية المدنيين الفلسطينيين وكذلك عمال الإغاثة.

زاد الضغط السياسي الأميركي على إسرائيل بسبب ما فعلته، وذلك خلال العام الذي ستقام فيه انتخابات رئاسية في أميركا، بيد أن حكومة نتنياهو لم تدرك إلا بعد وقت طويل بأن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة قد تتسبب برد فعل هائل ضدها بحسب ما ذكره مسؤول أميركي رفض الكشف عن اسمه لمناقشته مسائل حساسة.

قانون المساعدات الخارجية الأميركي

من جانبه، تعرض بايدن لمزيد من الضغط من قبل النواب الديمقراطيين، مثل السيناتور كريس فان هولين الذي يمثل ولاية ماريلاند، وذلك حتى يقطع عن نتنياهو المساعدات العسكرية التي تشمل القنابل إلى أن تسمح إسرائيل بتدفق المساعدات الإنسانية من دون أي قيود.

وحث فان هولين بايدن على تطبيق قانون المساعدات الخارجية الذي يحظر تقديم المساعدة لدول تفرض قيوداً سواء مباشرة أم غير مباشرة على عملية تسليم المساعدات الإنسانية الأميركية ما لم يقرر الرئيس الأميركي تقديم تلك المساعدات لأن ذلك يصب في مصلحة الأمن القومي الأميركي.

وعن ذلك يقول خالد الجندي وهو عضو رفيع لدى معهد الشرق الأوسط بواشنطن، عمل في السابق مستشاراً لدى القيادات الفلسطينية: "حتى التهديد بقطع المساعدات العسكرية يمكن أن يتحول إلى مصدر نفوذ فعال، لكنهم لن يفعلوا حتى هذا، لأنهم قالوا وبكل صراحة بأن السلاح خط أحمر".

ويرفض المسؤولون لدى الإدارة الأميركية المقترحات التي ترى بأن الولايات المتحدة تصرفت بنعومة تجاه إسرائيل، أو أن الدبلوماسية الأميركية لم تتمخض عن أي تغيير في سلوكيات إسرائيل، في حين تحدث مسؤولون عن هدن إنسانية خلال فترات القتال إلى جانب فتح ممرات إنسانية أمام عمال المساعدات، وعلى الرغم من الخلاف الصريح مع نتنياهو بشأن التهديد بالهجوم على مدينة رفح في غزة والتي تؤوي أكثر من مليون نازح فلسطيني، لم تصل القوات الإسرائيلية إلى هناك بعد.

على الرغم من أن وزارة الصحة التابعة لحماس قد أعلنت بأن أكثر من 32 ألف مدني قتلوا منذ بدء إسرائيل هجومها على حماس، ضربت الغارة التي قتل فيها عاملون في المجال الإنساني من منظمة World Central Kitchen على وتر حساس، إذ في تصريح لبايدن يوم الثلاثاء الماضي ذكر بأنه غضب أشد الغضب ودعا لفتح تحقيق سريع في الموضوع، في حين اعتذر مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع عما جرى وقال إن الضربة وقعت بالخطأ وإن إسرائيل ستقيم مركزاً للتنسيق حتى تحسن من إجراءات الترتيب لتوزيع المساعدات في منطقة الحرب.

وفي مؤتمر صحفي عقد يوم الأربعاء، قال الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض، جون كيربي: "لا أعتقد أنه بوسعكم أن تنظروا لكل ما قلناه وما فعلنا بل حتى لتصريحات الرئيس التي خرج بها ليلة البارحة ثم تحكموا علينا بأننا تساهلنا مع إسرائيل، وذلك لأننا ما نزال نعمل وفقاً لإيماننا بأن إسرائيل تتمتع بحق الدفاع عن نفسها أمام خطر حماس الذي ما يزال ماثلاً، أي أنهم ما يزالون يتمتعون بالحق والمسؤولية تجاه شعبهم ليقضوا على ذلك الخطر".

غير أن منتقدي هذه السياسة يرون بأنه في الوقت الذي صعدت فيه إدارة بايدن انتقاداتها الخطابية حديثاً ضد سلوكيات إسرائيل في الحرب، نجدها لم تبارح مسار سياستها في معظم الأحيان، بل إنها وقفت مع إسرائيل في تأكيدها بأن جيشها يستعين بأسلحة قدمتها له الولايات المتحدة ويستخدمها بشكل مناسب ، على الرغم مما أعلنته منظمات حقوقية حول انتهاكات للقانون الإنساني الدولي وقطع للمساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة.

أما نانسي عقيل رئيسة مركز السياسة الدولية بواشنطن، وهذا المركز أصدر يوم الأربعاء ورقة بحثية حول السياسة أوصت بتعليق فوري لشحنات الأسلحة الأميركية الموجهة لإسرائيل، فقد علقت على الوضع بقولها: "لقد تأخرت الولايات المتحدة وأبطأت في رد فعلها كما غيرت خطابها ورسائلها".

وعلى الرغم من ظهور مزيد من الانتقادات من داخل الإدارة الأميركية، ترى عقيل بأن: "ثمة تأخراً وبوناً بين الخطاب والسياسة، إلا أن السياسة هي ما قد يغير فعلياً توجهات إسرائيل في عملياتها العسكرية".

المصدر: Bloomberg