icon
التغطية الحية

الشركات الروسية تخل بالاتفاقيات... مصير عمال مرفأ طرطوس مثالاً

2019.11.20 | 11:21 دمشق

74701662_3141721742568088_4264050012574449664_n.jpg
سفينة راسية في مرفأ طرطوس (فيسبوك)
حسام جبلاوي - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

على خلاف ما أعلنته حكومة النظام عند إعلانها تأجير مرفأ طرطوس لصالح شركة روسية بأنّ حقوق عماله "محفوظة" ولن يتم الاستغناء عنهم أو تغيير عملهم، ضربت الشركة الروسية "إس تي جي أنجينيرينغ" بهذا الاتفاق عرض الحائط بعد أيام قليلة فقط من تسلمها إدارة مرفأ طرطوس إثر تأجيره لها مدة 49 عاماً، وفرضت عقودا جديدة على العاملين وهددت بالاستغناء عن عدد كبير منهم بحجة الزيادة.

كما فسخت الشركة مع بدء تسلمها لإدارة المرفأ في 9 من تشرين الأول الماضي عقود جميع الشركات التي كانت تستأجر أو تشغل مساحات أو هناكر داخل المرفأ، وطلبت إبرام عقود جديدة معها.

وألزمت الشركة الروسية جميع العاملين الحاليين بتقديم إجازة بلا أجر حتى توقيع العقد الجديد معها، ما يعني إمكانية استبعاد عدد منهم.

وتخالف هذه الإجراءات مزاعم وزير النقل في حكومة النظام على حمود الذي قال في تصريحات صحفية سابقة إنّ "الاتفاق مع الشركة الروسية تم على أساس ألا يتم الاستغناء عن أي عامل من العاملين في المرفأ".

عقود غير قانونية:

وفي التفاصيل التي كشفت عنها صحيفة "الوطن" المقربة من النظام مؤخراً فقد اجتمع مندوبون من "شركة صدى" المتعاقدة مع الشركة الروسية المستثمرة مع العمال بعيداً عن تنظيمهم النقابي في محاولة منهم لإبرام عقود عمل جديدة بعيداً عن قانون العاملين الأساسي الساري في الدولة والمعينين على أساسه، الأمر الذي قوبل من طرف الموظفين بالرفض بسبب الخوف من فصلهم، والاستغناء عنهم لاحقاُ خلافاً لعقودهم القديمة.

ولم يشر العقد الذي طرحته الشركة الروسية عبر الشركة الوسيطة "صدى" والذي تم نشر بنوده كاملة في صفحة "الفساد في محافظة طرطوس" إلى قيمة الأجر المادي، حيث نصت المادة الخامسة منه على أنه "يدفع للموظف أجر(يشار إليه فيما بعد)بمبلغ ___ ليرة سورية".

كما أشار العقد إلى وجود فترة تجريبية للموظف تستمر لمدة ثلاثة أشهر، وإلى إمكانية تخلي الشركة الروسية عن العامل في حال وجود أسباب قانونية لذلك.

ويقدر عدد العمال في مرفأ طرطوس بقرابة 3600 عامل، قالت الشركة الروسية في دراسة سبقت تسلم المرفأ ونشرها موقع "روسيا اليوم" إنها لا تحتاج لأكثر من 36% منهم.

وتكمن المشكلة الأساسية للعاملين في المرفأ وفق المحامي غسان فندو المقيم في اللاذقية إلى اعتماد الروس مبدأ "التشغيل بالعقود" في ظل القانون رقم /17/ لعام 2010، في حين أنّ معظم العاملين هم مثبتين ويستفيدون من القانون الأساسي المعمول به في سوريا لموظفي القطاع العام.

ويؤكد المحامي المطلع على تفاصيل القضية أنّ صيغة العقود التي طرحت على العمل ليست قانونية لأنها تخلو من تحديد قيمة البدل المادي الذي يجب أن يكون مكتوبا في أي عقد، كما أن هناك مشكلة قانونية أخرى تتعلق بنقل الموظفين المثبتين من القطاع العام ليصبحوا وفق بند التشغيل بالعقود، وهذا أمر مخالف لقانون العمل السوري.

وتابع فندو في حديثه الخاص لموقع "تلفزيون سوريا" " الشركة الروسية خالفت العقد الذي وقعته مع وزارة النقل، وهي المخولة حاليا بالدفاع عن مصلحة العمال وإلزام الشركة الروسية بالالتزام بالعقد المبرم".

تهديد بالفصل:

من جانب آخر قال عبد الله وهو موظف في المرفأ إنّ "معظم العمال من أصحاب العقود المؤقتة قاموا بالتوقيع فعلا ًعلى هذه العقود لفترة تجريبية تمتد لثلاث أشهر، والراتب كما أبلغ به البعض هو نفس راتبهم السابق، بينما الموظفون في القطاع العام امتنعوا عن ذلك خوفا من خسارة تعويض نهاية الخدمة، ومعاش الشيخوخة وقطع في الخدمة لا يغطيها قانون التأمينات الاجتماعية".

وأوضح الشاب الثلاثيني لموقع تلفزيون سوريا أنّ الموظفين مازالوا ينتظرون رداً على الكتاب الذي أرسلته "نقابة عمال طرطوس" إلى وزارة النقل، حيث هناك تخوف كبير من قبل عمال مرفأ طرطوس من إمكانية تسريح عدد كبير منهم، لا سيما أنّ مسؤولي الشركة الروسية أبلغوا العمال مرارا أنّ عددكم فائض كثيرا عن الحاجة، وهذا الأمر حدث سابقا في شركة الأسمدة بحمص.

وحول المتغيرات التي طرأت على المرفأ بعد بدء الإدارة الروسية للمرفأ ووعود التوسيع والإصلاح قال الموظف الذي اشترط عدم ذكر اسمه الكامل لدواع أمنية إنّ "الشركة الوسيطة هي من تدير الأمور حيث آلية العمل ما تزال كما هي، والفساد والرشاوي، وآلية تخريج البضائع ماتزال نفسها ولم يطرأ أي تحسن يذكر".

ماهي قصة الشركة الوسيطة؟

من جانب آخر برز اسم شركة "صدى" وهي شركة وساطة سورية تم تكليفها من قبل الشركة الروسية المستثمرة لمرفأ طرطوس ومن شركة روسية أخرى اسمها "ستروي غاز إينرجي" التي تتولى إدارة معمل الأسمدة في حمص للإشراف على قضايا العمال السوريين في كلا الشركتين.

لكن خلال الفترة الأخيرة برزت العديد من الشكاوى تتعلق بتحكم هذه الشركة بالعمال وسلبهم بعض حقوقهم، بالإضافة لتساؤلات أخرى تتعلق بسبب إشرافها المباشر على قضايا التوظيف بديلاً عن هذه الشركات الروسية.

وفي هذا السياق تحدث الناشط الإعلامي في حمص مؤيد عمّوري عن مخالفات كبيرة وضغوط مارستها هذه الشركة(صدى) على العاملين لتقديم استقالاتهم بعد تحويلهم إلى نظام العقود، حيث تم تسريح عشرات العمال بحجة عدم الحاجة إلى خدماتهم.

وقال عمّوري في حديث خاص لموقع تلفزيون سوريا :" حقيقة الأمر الشركة الوسيطة هي من تدير الأمور على الأرض، وصل بعض الخبراء الروس فقط وعددهم قليل جداً لا يتجاوز الـ20، ويوجد بعض الجنود الروس في المنطقة التي بها المعمل، لكن لم يحدث أي تغيّر في طريقة العمل أو تحسين للإنتاج والآلات، أو حتى توسيع بل العكس جرى تسريح مئات العمال".

وكانت حكومة النظام وقعت عقدا مع الشركة الروسية ينص على أن تشغِّل الشركة معمل الأسمدة وتطوّره مقابل تقاسم صافي الأرباح بنسبة 35% لحكومة النظام و65% للشركة الروسية، علماً أنّ الشركة العامة للأسمدة لديها مستودعات تحتوي على مواد كيميائية، ووسائط إنتاجية، وقطع تبديلية مستوردة تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.

لكن وبحسب الناشط فإنّ تشغيل المعمل يتم حاليا عبر العمال السوريين السابقين الذين أبقتهم شركة السمسرة (صدى)، وبسقف أعلى للأجور بنظام العقود المؤقتة لا يتجاوز 75 ألف ليرة.

 ووفق عمّوري ظهرت العديد من الشكاوى تتعلق بعدم تسجيل "صدى" لإصابات العمل، وعدم توزيع لباس خاص بالعمل، بالإضافة لغموض مصير التأمين الاجتماعي بعد انتقال الموظف من القطاع العام إلى الخاص.

ويرجح الناشط الصحفي أن يكون إقحام الشركة السورية لتكون هي "المسيّر للأعمال على الأرض بدل الروس، على أن تحصل هذه الشركات على الربح دون القيام بالتطوير الذي تحدث عنه النظام"، مضيفا في الوقت ذاته "سيكون مصير عمال مرفأ طرطوس مشابه لما يحدث في معمل الأسمدة حيث لم يتدخل أحد للدفاع عن هؤلاء العمال، ويطالب الشركة الروسية ووسيطها بحفظ حقوقهم".

يذكر أن خصخصة حكومة النظام لموارد البلاد وإعطاء حق استثمارها لشركات أجنبية توسع خلال الفترة الأخيرة ليشمل بالإضافة إلى ما ذكر العديد من القطاعات الأخرى مثل الكهرباء التي حصلت شركات إيرانية قبل أيام قليلة على عقود لاستثمارها وتأهيلها بالإضافة إلى قطاع الإنشاءات الذي دخلته العديد من الشركات الروسية والإيرانية بشكل فاعل خلال الآونة الأخيرة.

 
 
 
كلمات مفتاحية