icon
التغطية الحية

الرحلة الغامضة لسيارة "جراند شيروكي" من سوريا إلى موسكو

2019.06.29 | 16:06 دمشق

عمر الخطيب - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

في 25 شباط الماضي قامت وزارة الحرب الروسية، وفي إطار الحرب الدعائية، بتسيير قطار محمل بمعدات وآليات عسكرية تقول روسيا إنها اغتنمتها في حربها على سوريا، وكان هناك بين المعروضات سيارة من نوع "جراند شيروكي" أثار وجودها تساؤلات حول هذه السيارة والغرض من وجودها بين الآليات العسكرية، ليتبين نتيجة البحث قصة مثيرة رافقت السيارة في رحلتها من سوريا إلى موسكو حيث عبرت عدة محطات قبل وصولها للقطار. قصة هذه السيارة تقدم من جديد مثالاً على كيفية عمل الدعاية الروسية وعدم اكتراثها بمصداقية ما تقوله، كما تُظهر القصة وطريقة كشفها أهمية ما تقدمه “المصادر المفتوحة” من إمكانيات للتحقق من مختلف الروايات والادعاءات.

معلومات مغلوطة

أثار هذا القطار وحمولته فضول الصحفيين والباحثين لدراسة هذه المعدات ومحاولة معرفة تاريخها، حيث تمثل فرصة لمؤرخي الحروب الحديثة للاطلاع عن قرب على الأسلحة والمركبات المستخدمة، ولكن المعلومات التي قدمتها موسكو عن هذه المعروضات كانت في معظمها غير صحيحة، وتقدم معلومات مغلوطة لمصلحة الدعاية الروسية في اتهام السوريين بالإرهاب، وهذا ما كان فريق "مخابرات الصراع CIT" وضحه بالأدلة في تقرير مفصل عن الكثير من المعروضات والتلاعب الروسي بالمعلومات.

وبالعودة لسيارة "جراند شيروكي" الغامضة التي تظهر في مقطع فيديو عن حمولة القطار، يتبين من الصورة أنه تم إضافة دروع للسيارة لحماية العجلات، وعلى ما يبدو أن السيارة كان تم تجهيزها كمفخخة، حيث يتم إضافة دروع لهيكل السيارة لحماية العجلات والمحرك والسائق بشكل أساسي، ويبقى السؤال الأهم حول الجهة التي فخخت السيارة وأين تمت السيطرة عليها؟.

 

 

الظهور الأول

في 27 شباط 2018 نشرت إحدى القنوات التابعة للنظام مقطع فيديو لسيارة مفخخة، وقالت إن عناصر النظام تمكنت من السيطرة عليها قبل تفجيرها وتدعي أن السيارة تابعة لفيلق الرحمن وأنه "تم إيقاف السيارة في الغوطة الشرقية قبل وصولها لدمشق".

من المعروف أن فيلق الرحمن هو أحد فصائل الجيش الحر وما كان يعرف بالجبهة الجنوبية، وكانت روسيا في تلك الفترة من العام الماضي، بالإضافةإلى ميليشيات المرتزقة الإيرانية وميليشيات النظام، تشن هجوماً شاملاً على الغوطة الشرقية، وسعت الدعاية الروسية لتصوير الأمر وكأنه حرب على "الإرهاب" وتنظيم داعش علماً أن داعش لم يكن موجوداً في الغوطة الشرقية.

 

 

لكن الباحث "هيوغو كامان" شكك في رواية النظام من خلال الفيديو نفسه وبرهن أن السيارة على الأغلب تابعة لتنظيم "الدولة"، وأن النظام وجدها أو تمكن من القضاء على سائقها في المناطق التي كانت تحت سيطرة التنظيم وليس في غوطة دمشق كما ادعى.

"هيوغو كامان" باحث معروف بتخصصه في السيارات والمركبات المفخخة "SVBIED" وله مدونة خاصة لدراسة ومتابعة العربات المفخخة، ويعتمد في أبحاثه على ما بات يعرف بـ "المصادر المفتوحة" أي الصور والفيديوهات القادمة من مواقع المعارك والتفجيرات، وبدأ بطرح ملاحظاته وتحليلاته عبر سلسلة تغريدات على تويتر، حيث قارن مع الصور ومقاطع الفيديو التي أصدرها تنظيم الدولة عن تحضيره للسيارات والعربات المفخخة وأوضح التشابه الكامل بينهما لا سيما من جهة شكل وضع العبوات المتفجرة في العربة، ولكن الباحث لم يستطع تحديد المكان الذي تم فيه إيقاف السيارة لأن الفيديو المنشور من قبل النظام لا يظهر أي صور للمحيط.

 

 

استثمار روسي

السيارة ستعود للظهور في أحد مراكز وزارة الحرب الروسية "المركز الدولي لمكافحة الألغام" في موسكو في شهر آذار 2018، في صور تم نشرها لزيارة وفد عسكري فيتنامي، وكما هو واضح بالصور فالسيارة هي ذاتها التي ظهرت في المقطع الذي نشره النظام، ونلاحظ أيضاً أن الصدأ يعلو الدروع الموضوعة فوق العجلات.

ولا يتوقف الاستثمار الروسي بالسيارة حيث تعود للظهور في معرض كبير أقامه الجيش الروسي في حديقة "باتريوت" قرب موسكو في شهر آب 2018، ليكون ظهورها الأخير كما ذكر سابقاً على متن قطار الغنائم.

 

الدليل من ميليشيا النمر

المفاجأة التي أكدت ما ذهب إليه كاهمان جاءت من تويتر، الذي نشر مؤخراً، 23 حزيران الجاري، في مدونته تقريراً تفصيلياً بعنوان "القضية الغامضة لسيارة "الغوطة الشرقية" المفخخة" عن رحلة السيارة وفند فيه ادعاءات النظام بتبعية السيارة لفيلق الرحمن، حيث جاء رد من  أحد الحسابات على تويتر "مورانت ماثيو" بأن ما توصل إليه الباحث صحيح بأن السيارة لم يتم إيقافها في الغوطة الشرقية بل في دير الزور في شهر أيلول 2017، ونشر ماثيو صورة للسيارة، وتظهر السيارة في الصورة وبقربها عنصر من ميليشيا النمر، حيث قام العنصر بنشر الصورة على حسابه على الفيس بوك قبل قيامه لاحقاً بإزالة الصورة، وشكلت الصورة دليلاً مباشراً على ماكان الباحث ذهب إليه في تحليلاته.