icon
التغطية الحية

الخارجية الأميركية: نظام الأسد يعيق عمل المنظمات الإنسانية

2021.04.14 | 16:40 دمشق

syria.jpg
فورين بوليسي- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

كشف تقرير لوزارة الخارجية الأميركية عن أن نظام الأسد ما يزال يعيق المنظمات الإنسانية ويمنعها من تسليم المساعدات لملايين السوريين الذين يواجهون أزمة بعد عقد من الحرب في بلادهم.

ففي المناطق التي يسيطر عليها النظام، لا يقدم الأخير ما يكفي لوصول تلك المنظمات للناس، إذ يستخدم قيوداً فرضها على سمة الدخول وغير ذلك من العقبات الإدارية لمنع المساعدات من الوصول، وذلك بحسب ما كشفه تقرير صدر في شهر شباط الماضي رفعته الخارجية للكونغرس، واطلعت عليه مجلة فورين بوليسي.

وقد أتت تلك النتائج في الوقت الذي خصصت فيه إدارة بايدن 600 مليون دولار لجهود إعادة الإعمار في سوريا، وذلك ضمن الحملة التي أطلقتها هيئة الأمم المتحدة لجمع نحو عشرة مليارات دولار أميركي بهدف مساعدة السوريين واللاجئين السوريين في دول الجوار.

ولهذا ترى منظمات حقوقية تلك العقبات أنها جزء من استراتيجية ممنهجة يمارسها النظام بهدف الاستفادة من تلك المعونات ولمعاقبة خصومه في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، في الوقت الذي يسعى فيه النظام لتعزيز مكاسبه من الحرب التي استمرت لعقد من الزمان.

وذكر تقرير وزارة الخارجية أن النظام طلب من المنظمات الإنسانية أن تدخل في شراكة مع جهات فاعلة محلية تم التدقيق بأمرها وذلك "لضمان تمرير الاستجابة الإنسانية بشكل مركزي من خلال جهاز الدولة ولصالحها، مقابل وصول المساعدات إلى الناس دون أي عوائق" وخصوصاً في المناطق التي استعادها النظام، والتي ما تزال تشهد حالات مستمرة لخرق اتفاقيات وقف إطلاق النار.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن 11.1 مليون نسمة في سوريا، أي ما يقارب ثلثي السكان، كانوا بحاجة للمساعدات الإنسانية خلال عام 2020، نصفهم أو يزيدون يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها النظام.

وفي التقرير الذي رفع إلى الكونغرس، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن الآتي: "إن غالبية تلك المجتمعات أصبحت بحاجة ملحة للمساعدات بسبب فترات الحصار السابقة التي عاشتها والتي امتدت لزمن طويل، وبسبب دمار البيوت والبنية التحتية، ومحدودية فرص كسب الرزق، ونقص الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والمياه الصالحة للشرب".

بينما ذكر مسؤولون رفيعون لدى إدارة بايدن أن إغلاق نقاط التفتيش الحدودية التي تخضع لرقابة الأمم المتحدة أجبر وكالات الإغاثة على التفاوض مع جماعات المعارضة، كما أجبرها على قطع العديد من خطوط السيطرة، وهذا ما تسبب بالمعاناة للسوريين الذين يحتاجون إلى المساعدة. أما وزير الخارجية الأميركي، أنطوني بلينكن، فقد أعلن في شهر آذار الفائت بأن: "النهج الحالي غير مبرر وغير فعال ولا يمكن الدفاع عنه بأي حال من الأحوال، لأنه يتسبب بزيادة معاناة الشعب السوري".

إذ لتقييم الوضع في المناطق التي يسيطر عليها النظام، يتعين على الوكالات الإنسانية أن تحصل على تصريح من قبل الدولة التي يسيطر عليها النظام، غير أن الموافقة على هذا النوع من التصاريح تأتي بشكل غير متوقع ومتناقض في معظم الأحيان، وذلك لأن النظام لا يكتفي بتقييد أو تأخير إصدار سمات الدخول التي تمنح لكوادر المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات غير الحكومية فحسب، وهذا بحد ذاته يقيد قدرة تلك الكوادر على تسليم المساعدات بصورة فعالة، بل إن النظام يفرض أيضاً قيوداً على بعض العمليات، كنقل مواد طبية معينة مثلاً.

فقد أورد مصدر يعمل لدى منظمة غير حكومية عمل في ظل النزاع القائم في سوريا واشترط عدم ذكر اسمه خوفاً من العقاب أو الانتقام ما يلي: "عليك أن تقوم بالتسجيل، وأن تكون حاضراً هناك، وأن تطلب الموافقة، أي أنك تعمل تحت رحمتهم حتماً".

يذكر أن وكالات الإغاثة، ومن بينها منظمات تحصل على تمويل أميركي، قد واجهت عوائق كبيرة في المناطق التي استعادتها القوات الموالية للنظام في عام 2018، ويشمل ذلك المناطق الموجودة في محافظتي القنيطرة ودرعا الواقعتين جنوب غربي البلاد، وذلك بحسب ما أوردته وزارة الخارجية الأميركية. وفي الوقت الذي تمكنت فيه هيئة الأمم المتحدة وبعض المنظمات من استعادة النذر اليسير من قدرتها على الوصول إلى الناس، إلا أن الأمر يختلف من وكالة إلى وكالة، وذلك لأن نظام الأسد يقيد وكالات الأمم المتحدة ويمنعها "من إنشاء مكاتب فرعية" لتقوم بإرسال المساعدات والمستلزمات نحو أقصى الجنوب في سوريا، وذلك بحسب ما ورد في التقرير الأخير الصادر عن وزارة الخارجية الأميركية. إلا أن مجموعة من المنظمات غير الحكومية التي تمولها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لم يكن بوسعها إلا أن تعدل من تلك العوائق "بعد أشهر من المفاوضات مع السلطات" حسبما ذكرت وزارة الخارجية الأميركية، في الوقت الذي حصلت فيه منظمات أخرى على مذكرات تفاهم.

ويخبرنا ذلك المصدر الذي يعمل لدى إحدى المنظمات غير الحكومية بوجود حالات تمت فيها: "مصادرة معدات طبية مخصصة لشمال شرقي سوريا في دمشق، قبل أن ترسل إلى تلك المنطقة".

بل حتى في المناطق التي تم تحريرها من براثن تنظيم الدولة، والتي بقي فيها نحو 900 جندي أميركي، نجح نظام الأسد في منع برنامج الغذاء العالمي من توزيع المساعدات خلال العام الماضي لقرابة شهرين من الزمان، الأمر الذي قطع المساعدات عن حوالي 200 ألف شخص. ثم أصبحت عملية الوصول أصعب بكثير منذ العام الفائت، بعدما فشل مجلس الأمن الدولي في ضمان وصول المساعدات الإنسانية وتمريرها عبر معبر اليعربية مع العراق. كما ذكرت وزارة الخارجية الأميركية بأن الذخائر التي لم تنفجر في دير الزور وأجزاء من حماة قد صعبت عملية تسليم المساعدات.

جهود أميركية لاستعادة معبرين أغلقتهما روسيا

هذا ولقد أثارت تلك القيود والعوائق حالة من الاستياء في أوساط الكونغرس وإدارة بايدن، إذ يقول السيناتور كريس مورفي وهو عضو في لجنة الشؤون الخارجية: "لقد تآمر بوتين والأسد على مدار سنوات لقطع المساعدات الإنسانية اللازمة ومنعها من الوصول إلى السوريين الذين هم بأمس الحاجة إليها. وعندما رفض وزير الخارجية السابق بومبيو التورط بشكل شخصي في قرار أممي يتصل بأمر التجديد خلال العام الماضي، استغلت روسيا الفرصة لتلغي معبرين حدوديين كانا يستخدمان لتمرير المساعدات الإنسانية إلى البلاد. إلا أنني سعيد لأن وزير الخارجية بلينكن قد أوضح بأن ذلك سيتحول إلى أهم أولوية لدى المجلس، وبأن الوفد الأميركي سيتعاون مع حلفائنا على استرجاع هذين المعبرين، وذلك لأنه لا ينبغي للمساعدات الإنسانية أن تتحول إلى مشكلة سياسية، ولأن الشعب السوري يستحق الأفضل".

إلا أن الدعم المالي الأميركي قد هبط من 720 مليون دولار تم تخصيصها خلال السنة الماضية، كما أن المملكة المتحدة قد خفضت هي أيضاً من تمويلها للمساعدات بنسبة الثلث، مما تسبب بموجة انتقادات شنتها وكالات الغوث الإنسانية.

فقد أخبرنا ذلك المصدر الذي يعمل لدى منظمة غير حكومية في سوريا بالآتي: "إن تلك المساهمة مهمة بكل تأكيد، بيد أن الاحتياجات أكبر بكثير منها، بل إنها أكبر من أي مساهمة أو التزام تقدمه الدول"، وقد أشار هذا المصدر إلى أن الجائحة قد فاقمت تلك التحديات والمخاطر التي كانت موجودة بالأصل.

بيد أن نقطة التحول قد تأتي في شهر تموز، عندما سيقرر مجلس الأمن الدولي أمر تجديد قرار ترخيص مرور المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى شمال غربي سوريا من عدمه. غير أن هذا التجديد يتعرض لعوائق سياسية مهمة، وهنا تأتي روسيا على رأس القائمة، لكونها دعمت نظام الأسد منذ وقت طويل وهي مستمرة على النهج ذاته، وعن ذلك يقول ذلك المصدر: "إنهم يريدون أن تمر كل المساعدات الإنسانية عبر دمشق".

ويبدو أن احتمال إنهاء وقطع ذلك الطريق المخصص للمساعدات في ظل استمرار العقوبات الأميركية ضد نظام الأسد يثير قلق الخبراء والمنظمات التي تقوم بتوزيع المساعدات تجاه ذلك الوضع الذي يمكن أن يسوء أكثر، الأمر الذي يحد من الطرق المتاحة أمام الولايات المتحدة للرد على ذلك.

 

المصدر: فورين بوليسي