icon
التغطية الحية

الحكم بالسجن لمدة 13 عاماً على رجل أعمال سوري في أميركا بسبب دعمه للإرهاب

2024.02.28 | 12:27 دمشق

آخر تحديث: 28.02.2024 | 12:29 دمشق

تمويل الإرهاب- صورة تعبيرية - المصدر: الإنترنت
تمويل الإرهاب- صورة تعبيرية - المصدر: الإنترنت
San Antonio Express News - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

أصدرت محكمة أميركية حكماً بالسجن لفترة تمتد لأكثر من 13 عاماً على رجل أعمال سوري حاصل على الجنسية الأميركية بعد توجيه ثلاث تهم له تتصل بالإرهاب.

ضبط مكتب التحقيقات الفيدرالي عماد الدين الوادي، 66 عاماً، متلبساً بعد عملية مراقبة استمرت مدة ثلاث سنوات حاول خلالها أن يختتم صفقة تجارية ذكر الادعاء أنها أسهمت في تمويل تنظيمات إرهابية متحالفة مع تنظيم القاعدة في سوريا، بيد أن المال لم يرسل إلى تلك التنظيمات، لكن الحديث عن المال والأمور المتصلة بذلك كان كافياً بالنسبة للمحكمين حتى يُدينوا الوادي في شهر أيار الماضي.

ورفض القاضي الأميركي فريد بيري طلباً من الحكومة بالحكم على الوادي بالمؤبد في السجن، ولذلك حكم عليه بالسجن لمدة 160 شهراً، مع مراقبة مدى الحياة بعد خروجه من السجن، وذلك بالنسبة لكل تهمة من التهم الثلاث المنسوبة له، وسيحتسب تنفيذ عقوبته في السجن لكل الإدانات الثلاث في آن معاً.

"أنا ضد الإرهابيين"

وقد علق القاضي على الأمر بقوله: "وجدت المحكمة بأن التوجيه المناسب هو المؤبد، بيد أن المحكمة ارتأت بسبب كل العوامل المرتبطة بالقضية، وعلى رأسها سن المتهم وعمره المتوقع، ونظراً لتعاطف المحكمة، بأن عقوبة المؤبد التي يفارق معها المحكوم الحياة في السجن يجب أن تخصص لجرائم أفظع، ومع أن ما ارتكبه هذا الرجل يمثل جريمة، إلا أن المحكمة لم تعتبر جريمته شنيعة لدرجة تأييد فكرة مكوث الوادي في السجن بقية حياته".

أما الوادي الذي تعثر عدد من مشاريعه التجارية في الولايات المتحدة بعد نجاحه كرجل أعمال، فقد زعم بأنه كان يحاول فقط أن يحقق صفقة أحلامه المتمثلة بمعالجة اللحم الحلال الذي يناسب المسلمين، وذلك حتى يبيع تلك اللحوم في الخارج، وذكر بأن عميلاً متقاعداً لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي لكنه أصبح يعمل بموجب عقد في مجال التحقيقات المتصلة بالإرهاب صادقه وهو مخبر فعلاً وقد شجعه على القيام بحيلة لتمويل صفقة سلاح تشمل قنابل يدوية وأسلحة نارية وأجهزة تفجير يجري التحكم بها عن بعد، وذلك لصالح تنظيمات إرهابية، وقد وصف الوادي كلامه عن تلك الصفقة بالمبالغة وذلك لأنه كان يعتزم عقد صفقة بملايين الدولارات لصالح مشروعه التجاري، وهذا ما دفعه للقول في حضرة القاضي: "عندما ظهرت لي تلك الفكرة كانت مجرد حلم، ثم إنها عملية تمتد لثلاث سنوات، وهي عملية تجارية، كما أنني لم أرسل مليماً واحداً لأحد فأنا ضد الإرهابيين".

 

وفي أثناء مخاطبته للمحكمة، بكى الوادي وأخذ يعتذر لأسرته التي تركها بمفردها وهو يسافر إلى هنا وهناك ويحاول أن يعقد صفقات تجارية إلا أنه قد جر أهله إلى المصيبة القانونية التي وقع فيها.

كما ذكر أنه كان سعيداً عندما غادر بلده سوريا وعمره 40 عاماً، بحثاً عن فرص منحته إياها الولايات المتحدة هو وأسرته، وعلى رأسهم ابنه المجند لدى قوات البحرية الأميركية.

"الجانب المظلم"

أظهرت التسجيلات السرية التي جرى تشغيلها خلال المحاكمة بأن الوادي كان مستمتعاً بما سماه "نشوة الجهاد" خلال استماعه لأخبار حدثه عنها زميله المدان والتي تدور حول القتال ضد نظام بشار الأسد.

وفي أحد التسجيلات سمعه القاضي وهو يقول لرفاقه بأن عليهم أن يختاروا كلمات مشفرة لترمز إلى السلاح والقتل في سوريا بما أن مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لا يمكنهما أن يستخدما تلك المصطلحات كدليل ضدهم.

وفي رسائل اطلعت عليها المحكمة، وصف مؤيدون وداعمون لهذا الرجل بأنه رب أسرة وأب حنون، كما كتب الوادي هو أيضاً رسالة وجهها للمحكمة ورسم فيها صورة مغايرة لما سمعه القاضي في أثناء المحاكمة.

تعقيباً على ذلك قال القاضي: "هنالك تنافر في المعلومات: سمعت هذا هنا، سمعت ذلك هناك، لذا من الأسباب التي دفعتني للحديث عن هذا الأمر هو أن بعضاً من أفراد أسرتك حضروا هنا من أجل المحاكمة، بيد أن معظمهم لم يأتوا، لأنهم لا يعرفون سوى الرجل الذي كتبوا إليه رسائلهم، أي أنهم لم يسمعوا عن ذلك الجانب الآخر المظلم الذي تصفه اليوم بالمغالي والمبالغ".

خلال المحاكمة، ذكر الدفاع العام بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي أوقع بالوادي بصفته رجل أعمال مجتهد حاول أن يستقطب رأسمال بغرض الاستثمار لصالح مشروع بيع اللحوم للشرق الأوسط. وقد حدثت عملية الإيقاع في الشرك عندما شجع ضابط مسؤول عن فرض القانون رجلاً على ارتكاب جريمة لم يكن لهذا الشخص أن يرتكبها لولاه.

ومن خلال الحكم الصادر، رفضت هيئة المحلفين تلك الحجة، فدانت الوادي بالتآمر على قتل وتشويه شخص آخر في دولة أجنبية، وبتهمة التآمر لتقديم دعم مادي لجماعات أجنبية مصنفة على أنها إرهابية، وبتهمة تآمر أخرى على تقديم دعم أو موارد مادية لإرهابيين.

أما معاون المدعي العام الأميركي، مارك رومبيرغ، الذي يتعامل مع التحقيقات المعنية بالإرهاب في المنطقة، فقد ذكر بأن المتهمين كانوا يهدفون لقتل أو إصابة جنود سوريين وحلفائهم الروس خلال سنوات النزاع في سوريا، ولهذا يقول: "خلال فترة امتدت لثلاث سنوات، تعاون هذا المتهم مع المتآمر دانييل باردوي في محاولته الحصول على مبلغ قدره 450 ألف دولار وذلك ليمول عملية شراء أسلحة موجهة لأشخاص في سوريا، ولمقاتلين في سوريا، ولإرهابيين في سوريا، وقد كان المدعى عليه يتفاخر بذلك".

تعود أصول بارودي شريك الوادي في العمل إلى سوريا، لكن جرى ترحيله من ولاية تكساس قبل عدة سنوات، فأصبح يقيم مؤخراً في كولومبيا.

وأضاف رومبيرغ بأن هذه الجريمة لم تكن جريمة بلا ضحايا كما زعم محامو الوادي، وقال مخاطباً القاضي:
"لا يمكننا أن نستضيف في بلدنا أناساً يتخذون قرارات فردية بمن يجب أن يعيش أو يموت خارج البلد، ثم إن هنالك دعما للإرهابيين، ومحاولة اغتيال أشخاص في الخارج، أي إن الضحايا مدنيون من الولايات المتحدة ومن حكومة النظام لأنه لا يحق له أن يقرر من سيعيش ومن سيموت خارج البلد، بما أن هذا الحق حق حصري للحكومة، تستخدمه عند الضرورة بحق مواطنيها".

خطة الاستدراج

شارك في عملية مكتب التحقيقات الفيدرالي متعاقد قدم نفسه على أنه مندوب لشيخ كويتي ولذلك فإنه بحاجة لأدلة مسجلة على أن الوادي وبارودي كانا يحاولان ترتيب خطة تجارية حتى يتم دفع ثمن السلاح الموجه لأقارب بارودي الذين كانوا يحاربون نظام الأسد.

وبما أن هذا الشخص مخبر، لذا فقد صادق الوادي في أحد مساجد تكساس، وأدلى بشهادته عن الحوارات المفصلة التي شهدها أو سجلها مع الوادي وبارودي، فضلاً عن الاجتماعات التي ساعد في عقدها في دالاس وكولومبيا في عام 2018 والتي جمعت كلا المتهمين، وقد جرى تسجيل تلك الاجتماعات إما صوتياً أو مرئياً.

وبحسب ما ذكره المخبر، فإن الوادي وبارودي كانا يبحثان عن مستثمر ليقدم لهما مبلغاً يصل إلى 13 مليون دولار حتى يبتاعا مسلخاً في كولومبيا، حيث خطط الرجلان لإطلاق مشروع تجاري يعتمد على بيع اللحوم الحلال للزبائن خارج الولايات المتحدة. وقد شهد المخبر بأن الرجلين خططا للاستعانة بعوائد المشروع التجاري للإسهام في دفع ثمن القنابل اليدوية والبنادق والقذائف التي يتم التحكم بها عن بعد وغيرها من الأسلحة الموجهة لأقارب بارودي في سوريا.

 

وفي خضم تلك الحيلة، عرّف المخبر الوادي على عميل سري، قدمه على أنه مندوب لشيخ خليجي، وبعد مفاوضات، ذكر العميل السري بأن الشيخ يود أن يستثمر بمبلغ قدره تسعة ملايين دولار، بشرط أن يذهب مبلغ الاستثمار وقدره 450 ألف دولار لتمويل السلاح الذي سيرسل إلى المجاهدين بحسب شهادة العميل، كما أن مزيداً من التمويل للسلاح سيأتي من الأرباح المترتبة على مشروع اللحم الحلال بحسب ما ورد في شهادة العميل.

شهد كل من المخبر والعميل السري بأن الوادي كان يستخدم كلمات مشفرة ليخفي نواياه، حيث أخذ يزعم بأن مبلغ 450 ألف دولار سيوجه للأيتام ولقضايا إنسانية.

تبين بأن الوادي شارك بنسبة 100% بل مليون بالمئة في مشروع تمويل السلاح غير المشروع، وبأنه كان لديه مهرب أسلحة خاص به وسبق له أن تعامل معه، وذكر الوادي بأنه لم يعبأ بأمر القوانين الأميركي، وذلك بحسب ما ذكره القاضي وهو يقرأ الكلام المنسوب للوادي خلال جلسة الاستماع التي عقدت يوم الاثنين.

كما قرأ القاضي من خلال نصوص تفريغ التسجيلات: "بوسعهم أن يسجنوني، لكن لا يهمني ذلك البتة"، ثم سأل القاضي الوادي إن كان قد تفوه بهذا الكلام، فرد الوادي بالقول: "إنه مجرد مبالغة، إذ علي أن أوافق حتى أتمم مشروعي التجاري، ولم أعني أبداً ما قلته، لأني كنت سأرسل كل المال لأغراض إنسانية".

أعلن القاضي بأن المحلفين لم يسمعوا من الوادي نصيحة محاميه بألا يدلي بأي شهادة لأنه شخص عاطفي على حد تعبيرهم.

فسأله القاضي: "إذن هل تقبل بتحمل مسؤولية خرق قوانين الولايات المتحدة إن تبين لهيئة المحلفين بأنك دعمت الإرهاب وأثبتت الأدلة ذلك وتبين للمحكمة ذلك؟"

إلا أن أحد عناصر الدفاع العام، وهو تشارلز ديفيدسون سويفت، اعترض على السؤال لأن الوادي يخطط للطعن في الحكم، وقال: "بناء على نصيحة من مستشار، وحتى أحفظ له حقوقه، أنصح السيد الوادي بعدم الإجابة على السؤال".

المصدر: San Antonio Express News