أثار توغل آليات عسكرية إسرائيلية إلى عمق 3 كيلومترات داخل الحدود الشرقية لقطاع غزة وصولاً إلى شارع صلاح الدين على تخوم مدينة غزة، ضجة إعلامية وتساؤلات حول كيفية وصول هذه القوات إلى منطقة متقدمة بالقطاع.
واستمر التوغل الإسرائيلي في منطقة شارع صلاح الدين الذي يربط شمالي القطاع بجنوبه لفترة قصيرة لا تتعدى الساعة الواحدة فقط، قبل أن تتراجع الآليات العسكرية لداخل الأراضي الزراعية شرقاً.
توغل وتراجع
أعلنت الحكومة في قطاع غزة، انسحاب آليات عسكرية إسرائيلية "بعد وقت قصير من توغلها بشكل محدود" في شارع صلاح الدين جنوب شرق مدينة غزة.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في بيان نقلته وكالة "الأناضول"، إنّه "جرى توغل بضع دبابات وجرّافة لجيش الاحتلال (الإسرائيلي) على شارع صلاح الدين انطلاقاً من المنطقة الزراعية المفتوحة بمنطقة جحر الديك".
وأضاف: "لا يوجد أي تقدم برّي داخل الأحياء السكنية في قطاع غزة بشكل قاطع، وما جرى على شارع صلاح الدين هو توغل بضع دبابات لجيش الاحتلال وجرّافة انطلاقاً من المنطقة الزراعية المفتوحة بمنطقة بلدة جحر الديك".
من جانبه قال جيش الاحتلال الإسرائيلي، إنّ قواته "تتقدم تدريجيا في قطاع غزة"، مع دفع المزيد من القوات إلى القطاع، مضيفاً متحدث الجيش دانيال هاغاري في مؤتمر اليوم: "نقوم بعملية برية موسعة داخل القطاع، والقوات البرية والدبابات وقوات المشاة والمدرعات تتجه نحو "الإرهابيين".
ماذا حدث؟
بدأت تطورات الأحداث تدريجيا منذ أيام حيث واصلت المدفعية الإسرائيلية والطائرات الحربية قصف منطقة التوغل بكثافة ضمن سياسة "الأرض المحروقة".
وزادت كثافة الغارات المدفعية والجوية بشكل غير مسبوق، الليلة الماضية، بمحاولة إسرائيلية لتدمير أي دفاعات لفصائل المقاومة الفلسطينية في تلك المنطقة، وذلك قبل التوغّل برياً إليها.
والمنطقة التي نتحدث عنها تقع ضمن بلدة "جحر الديك" وهي أراض زراعية وتخلو من أي منازل أو مبان وتعد بمفهوم الفصائل الفلسطينية منطقة "رخوة".
وحصلت المنطقة على هذه التسمية نظراً لكونها أراض زراعية مفتوحة علاوة على أنها تعد أقرب نقطة بين شارع صلاح الدين والحدود الشرقية للقطاع، وبالتالي فإن حركة فصائل المقاومة فيها تكون مكشوفة ومحدودة.
وبالعودة إلى تسلسل الأحداث، فإنه بعد سلسلة أحزمة نارية نفذتها المقاتلات الجوية والمدفعية الإسرائيلية خلال الليلة الماضية بدأت عدة دبابات وجرافة مدرعة بالتقدم من الحدود الشرقية لبلدة "جحر الديك" داخل الأراضي الزراعية حتى وصلت خلال وقت قصير إلى شارع صلاح الدين.
3 عوامل
ساعد الآليات العسكرية الإسرائيلية على التقدم السريع ثلاثة عوامل: الأول هو أن المنطقة زراعية مفتوحة كلياً وأي حركة للفصائل الفلسطينية تكون مكشوفة، والثاني أن المسافة بين الحدود شارع صلاح الدين قصيرة لا تتعدى الـ3 كيلو مترات.
أما العامل الثالث فيرتبط بحرق الطائرات الحربية والمدفعية لأراضي المنطقة بصواريخ وقنابل ثقيلة ومضادة للتحصينات والأنفاق تحت الأرض على مدار الأيام الماضية.
بعد وصولها تمركزت الدبابات الإسرائيلية في شارع صلاح الدين عند نقطة متاخمة لحدود مدينة غزة، لكنها لم تمكث هناك إلا نحو ساعة واحدة فقط قبل أن تتراجع، بحسب شهود عيان والمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وذكر الشهود أن الآليات الإسرائيلية ما تزال داخل أراضي القطاع، لكنها في نقطة أقرب من الحدود الشرقية وبعيدة عن مركز مدينة غزة.
بالتزامن مع التراجع الإسرائيلي، أعلنت "القسام" أنّها استهدفت بقذائف "الياسين 105"، ثلاث آليات عسكرية إسرائيلية بينها ناقلة جند، كانت قد "توغّلت" في حي الزيتون شرقي مدينة غزة.
ما هو شارع صلاح الدين؟
شارع صلاح الدين أحد طريقين يربطان جميع مدن قطاع غزة، فهو يمتد من معبر رفح على الحدود مع مصر وصولاً إلى معبر بيت حانون (إيرز) أقصى الشمال الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل.
أمّا الطريق الثاني الذي يربط مدن القطاع فهو شارع "الرشيد"، وهو يمتد على طول الشريط الساحلي لغزة.
ورفض المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي خلال مؤتمره الصحفي، صباح اليوم، التعليق على تقارير فلسطينية بشأن وجود دبابات إسرائيلية على مشارف مدينة غزة، قائلاً: "نواصل العمل ولن نكشف أماكن تواجد قواتنا".
وأضاف: "في اليوم الأخير قمنا بتوسيع عمليات القوات في غزة، ودخلت إلى القطاع قوات إضافية من المشاة والمدرعات والهندسة والمدفعية".
كل هذه المعطيات تشير إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تصل فعلياً إلى أي من المناطق السكنية في قطاع غزة، وإنما توغّلت داخل أراض زراعية مكشوفة فقط.