icon
التغطية الحية

الحرب تدمّر مستقبلهم.. الطلاب السوريون في السودان يواجهون مصيرا مجهولا

2023.06.10 | 05:46 دمشق

الحرب تقضي على مستقبلهم.. الطلاب السوريون في السودان يواجهون مصيرا مجهولا
طلاب يقدمون امتحانا في إحدى الجامعات السودانية (الإنترنت)
القاهرة - لجين عبد الرزاق دياب
+A
حجم الخط
-A

يواجه الطلاب السوريون في السودان مصيرا مجهولا، في ظل ظروف الحرب الدائرة التي تمر بها البلاد، ينام العديد منهم على الأرصفة وفي الجوامع أو داخل خيام في الشوارع، ويتقاسمون مع السودانيين مرارة التهجير.

يعاني الطلاب السوريون من صعوبات كثيرة بعد توقف الدراسة في السودان، حيث صدر قرار حكومي بإغلاق الجامعات نتيجة تصاعد المعارك، ولا يبدو أن الأوضاع السياسية ستستقر قريبا في البلاد مما يعني الاستمرار في تعطيل الدراسة في الجامعات.

يدرس عدد لا بأس به من السوريين في الجامعات السودانية، ولكن يبقى عددهم غير معروف بسبب غياب الإحصائيات الرسمية، موزعين على 38 جامعة حكومية، وأكثر من 100 مؤسسة تعليم خاصة في أرجاء السودان.

الحرب تسلب الطلاب سنوات الدراسة

مع اشتداد المعارك، قدم عدد من الطلاب السوريين جوازات سفرهم لمكتب شؤون الطلاب الأجانب، وهو مكتب مسؤول عن إقامات الطلاب المغتربين، من أجل الحصول على الإقامة، ولكن تسببت فوضى الحرب بضياع جوازات السفر.

ما يعني أنهم سيبقون عالقين من دون أوراق رسمية وبانتظار من ينتشلهم من أتون الحرب.

فاروق الحمصي، طالب سوري يدرس في السنة الثالثة بكلية طب الأسنان في جامعة ابن سينا، يقول لموقع “تلفزيون سوريا" ضاع جواز سفري في أثناء الهجوم على جامعتي، ولا أعلم كيف سأقوم بتجديده، حتى أهلي لم يستطيعوا إرسال المال إليّ، ولا أملك جواز سفر أو أوراقي الجامعية.

ويضيف فاروق، أنا عالق في بورتسودان، وحاولت الهروب إلى أثيوبيا في البداية، ولكنها أقفلت أبوابها في وجه السوريين، أما مصر فتحتاج أموالا كثيرة لدخولها، أشعر أن مستقبلي على حافة الهاوية وأحاول طوال الوقت التفكير بإيجاد حل لإنقاذه.

سامي الرافع، سوري يدرس في كلية طب الأسنان في السنة الرابعة بجامعة ابن سينا، هرب من الخرطوم إلى بورتسودان وينتظر العبور إلى مصر.

يقول، أصدرت الحكومة السودانية قرارا بعد الحرب يقضي باستخراج إذن عبور لمن يرغب بالسفر، ويجب أن يدفع المسافر غرامات تأخير الإقامات.

ويضيف سامي، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، تراكمت عليّ غرامات تأخير الإقامة، مما جعل المبلغ كبيرا جدا، لم أستطع تسديده لأني أنفقت كل مدخراتي للحصول على تأشيرة الدخول إلى مصر.

يتشارك سامي غرفة مع أصدقائه في بورتسودان، ولا يستطيع استكمال دراسته في مصر بسبب ارتفاع رسوم الدراسة للوافدين، ولا توجد أمامه فرص أخرى، على حد تعبيره.

طبيبة مع وقف التنفيذ

هرب العديد من الطلاب الأجانب من العاصمة الخرطوم من دون أن يستطيعوا الحصول على أوراقهم الجامعية، فمنهم من أنهى دراسته ولا يستطيع الحصول على وثيقة التخرج ويقف عاجزا أمام هذه المشكلة التي لا يعرفون من سيجد لهم حلاً لها.

ومنهم من أمضى عدة سنوات في الدراسة ولا يستطيع الحصول على أوراق تثبت ذلك، فالحرب لم تمهلهم لاستخراج كشف علامات.

سيدرا محمد، طالبة سورية من درعا، أنهت الدراسة في كلية الطب البشري بجامعة إفريقيا الدولية، مستقبلها متوقف على ورقة تثبت أنها تخرجت من الكلية.

تقول سيدرا، كنت أنتظر الحصول على وثيقة التخرج قبل اندلاع الحرب، ولكني اضطررت للسفر إلى السعودية حيث يقيم أهلي، قبل استخراج الوثيقة لأن العمل توقف في الدوائر الحكومية والجامعات.

تضيف سيدرا، أنا طبيبة مع وقف التنفيذ لأن ورقة واحدة (وثيقة التخرج) تحدد شكل حياتي القادمة، فلا أستطيع العمل أو حتى استكمال التخصص في بلد آخر.

سيدرا ليست الوحيدة لديها شقيقان يدرسان في السودان أيضاً، واحد في كلية طب الأسنان والآخر في كلية الهندسة، يحاولان الآن الحصول على قبول في الجامعات المصرية، ولكن حتى الآن لم يستطيعا الحصول على أوراقهما الجامعية.

الجامعات السودانية (تلفزيون سوريا)

 

متروكون لمصيرهم من دون أي دعم

علاوة على مشكلة الأوراق، لا يجد الطلاب السوريون جامعات بديلة تحتضنهم وتحمي مستقبلهم الدراسي.

لا توجد العديد من الخيارات المتاحة أمام الطلاب السوريين الدراسين في السودان حتى وقتنا الحالي، فمن يود استكمال دراسته في مصر عليه أن يدفع مبالغ كبيرة، ومن يود العودة إلى سوريا فإنها لا تقبل أن يدرسوا في جامعاتها، أما من بقي في السودان فمستقبله يبدو غامضا.

لا يستطيع العديد من الطلاب الراغبين بالعودة إلى سوريا، استكمال دراستهم في الجامعات السورية لأنها ترفض استقبالهم بموجب القرار 183 الذي يقضي بالسماح للطلاب بالانتقال إلى الجامعات السورية ما عدا طلاب كليات (الطب، طب الأسنان، الصيدلة، الهندسة المعلوماتية).

صورة عن قرار لوزارة التعليم العالي في سوريا حول انتقال الطلاب من الجامعات غير السورية، صادر في عام 2006 (الإنترنت)
صورة عن قرار لوزارة التعليم العالي في سوريا حول انتقال الطلاب من الجامعات غير السورية، صادر في عام 2006 (الإنترنت)

 

ويذكر أن معظم الطلاب في السودان يدرسون في كليات الطب البشري، وطب الأسنان، والهندسة، والصيدلة.

هاني علي، طالب سوري من حلب، قصد السودان منذ خمس سنوات للدراسة في كلية الطب، جامعة ابن سينا يقول، بدأت الاشتباكات عندما كنت في إجازتي في سوريا، البيت الذي كنت أقيم فيه مع أصدقائي في الخرطوم تعرض للسرقة، ولا يمكنني العودة لسحب أوراقي بسبب أن كل الدوائر الحكومية لا تعمل.

ويضيف هاني، وزارة التعليم العالي في سوريا، لا تساعدنا "إطلاقا"، بل إنها رفضت أن نكمل دراستنا في الجامعات السورية العامة والخاصة، حتى لو وافقنا على نزول سنة دراسية.

ويشير طالب الطب إلى أنه خاطب وزارة التعليم العالي التابعة لنظام الأسد، ولكنه لم يجد رداً.

ويقول هاني بحسرة وقلق، مستقبل كامل وسنوات دراسة طويلة تذهب هباء.

لماذا يختار الطلاب السوريون الجامعات السودانية؟

يتم التقديم على الدراسة في الجامعات السودانية عبر الموقع الإلكتروني للإدارة العامة للقبول، أو عن طريق مكاتب خاصة للتسجيل تساعد الطلاب على استكمال الأوراق.

ويدرس غالبية السوريين في جامعة ابن سينا وهي جامعة في الخرطوم تأسست عام 2000، وجامعة إفريقيا العالمية في الخرطوم التي تأسست في عام 1966.

تبلغ رسوم كلية الطب نحو 3000 آلاف دولار في جامعة ابن سينا، و6500 دولار في جامعة إفريقيا العالمية.

يقول مصطفى حسين، مدير مكتب الرشيد للخدمات التعليمية في مصر، يختار الطلاب الدراسة في السودان لأنها تقبل معدلات أقل من الدول الأخرى، فيمكن للطالب أن يختار الكلية التي يختارها بمجموع يبدأ من 60%.

ويضيف مصطفى، أن انخفاض الرسوم الدراسية مقارنة بالدول الأخرى يعد سببا مهما أيضا لاختيار الطلاب جامعات السودان، ومعظم السوريين الذين يقدمون عن طريق مكتبنا مقيمون في دول الخليج العربي.

الطلاب السوريون القادمون إلى مصر

دخل العديد من الطلاب السوريين إلى مصر بعد اندلاع الاشتباكات في السودان عن طريق شراء تأشيرة دخول.

وتعد تكاليف الدراسة في مصر عالية سواء في الجامعات الحكومية أو الخاصة حيث يعامل السوريون القادمون من السودان على أنهم أجانب فيتم دفع الرسوم كاملة من دون تخفيض.

عاصم أمين، سوري مقيم في مصر، تخرج في جامعات السودان والآن يكمل دراسته في مصر، يحاول عاصم مساعدة الطلاب السوريين وتأمين منازل لهم، بالإضافة إلى البحث عن حلول من أجل استكمال الدراسة.

يقول عاصم، جميع الطلاب دخلوا إلى مصر بشكل نظامي، ولكن لا يمكن التسجيل حاليا لأنهم لا يملكون الأوراق الجامعية الخاصة بهم.

ويشير عاصم إلى أن الطلاب السوريين وجهوا خطاباً لوزارة التعليم العالي ورئاسة الوزراء المصرية من أجل الحصول على تسهيلات، كما أن هناك مفاوضات تجري في الوقت الحالي مع الجامعات الخاصة.