قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنها وثقت في أيلول الفائت، ما لايقل عن 162 حالة اعتقال تعسفي من بينها طفلان وست سيدات، مشيرة إلى أنها الحصيلة الأعلى للاعتقالات منذ بدء تفشي وباء كوفيد-19.
وثَّق التقرير في أيلول ما لا يقل عن 162 حالة اعتقال تعسفي واحتجاز بينها طفلان و6 سيدات على يد القوى المسيطرة في سوريا، تحوَّل 127 منها إلى حالات اختفاء قسري. كانت 86 حالة اعتقال بينها 1 طفلة و3 سيدات على يد قوات النظام، تحول 65 منهم إلى مختفين قسرياً.
كما وثق 31 عملية اعتقال على يد قوات سوريا الديمقراطية، بينهم طفل واحد، تحول 23 منهم إلى مختفين قسرياً. في حين سجَّل التقرير 34 حالة على يد الجيش الوطني، تحول 30 منهم إلى مختفين قسرياً. و11 حالة على يد هيئة تحرير الشام، تحول 9 منهم إلى مختفين قسرياً.
واستعرض التَّقرير توزُّع حالات الاعتقال التعسفي في أيلول بحسب المحافظات، حيث كان أكثرها في محافظة حلب ثم دير الزور تلتها ثم ريف دمشق.
وأشار التقرير إلى أن النظام أصدر ما يقارب 17 مرسوماً للعفو كان آخرها في آذار 2020، اتَّسمت بكونها متشابهة في كثير منها وركَّزت على الإفراج عن مرتكبي الجرائم والجنايات والمخالفات، وشملت أعداداً قليلة جداً من المعتقلين المحالين إلى المحاكم الاستثنائية كمحكمة قضايا الإرهاب، ومحاكم الميدان العسكرية، واستثنت الحصيلةَ الأكبر من المعتقلين الذين لم يخضعوا لأية محاكمة على مدى سنوات من اعتقالهم وتحولوا إلى مختفين قسرياً.
قوات النظام تلاحق المعارضين
وأكد التقرير على أن قوات النظام لم تتوقف في شهر أيلول عن ملاحقة المواطنين السوريين على خلفية معارضتهم السياسية وآرائهم المكفولة بالدستور والقانون الدولي، وأشار إلى أن الملاحقات والاعتقالات التعسفية طالت عدداً من المواطنين السوريين لمجرد انتقادهم تدهور الظروف المعيشية والاقتصادية في مناطق سيطرة النظام.
ومن بين المعتقلين محامون ومدرسون احتجزتهم قوات النظام عبر مداهمة منازلهم وأماكن عملهم. كما سجل التقرير عمليات اعتقال وملاحقة بحق مواطنين على خلفية مشاركتهم في وقت سابق في تظاهرات وأنشطة معارضة للنظام في محافظة السويداء، من بينهم طلاب جامعيون، وحصلت معظم عمليات الاعتقال تلك في أثناء مرورهم على نقاط التفتيش التابعة لقوات النظام في مدينتي دمشق والسويداء.
وطبقاً للتقرير فقد فرضت قوات النظام طوقاً أمنياً حول بلدة كناكر بمحافظة ريف دمشق، واستهدفت عبره بعمليات الاعتقال عدداً من الأهالي لدى دخولهم أو خروجهم من البلدة، كما شنَّت قوات النظام حملات اعتقالات جماعية على نقاط التفتيش في محافظة ريف دمشق ولم تستثنِ الأطفال والنساء.
ولم تتوقف قوات النظام في أيلول عن ملاحقة واعتقال الأشخاص الذين أجروا تسوية لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقَّعت اتفاقات تسوية مع النظام، وتركَّزت هذه الاعتقالات في محافظة درعا، وحصل معظمها ضمن أُطر حملات دهم واعتقال جماعية بحسب التقرير.
اقرأ أيضا: قوات النظام تتحضر لاقتحام بلدة كناكر في ريف دمشق
اعتقال الصرافين والعائدين إلى سوريا
وأشار التقرير إلى تسجيل عمليات اعتقال بحق لاجئين عادوا من لبنان عبر أساليب غير نظامية، ووجهت إليهم تهم واسعة وغير دقيقة تتعلق بالإرهاب، إضافة إلى توثيق عمليات اعتقال عند انتقال المواطنين السوريين وسفرهم من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام باتجاه مناطق أخرى.
وأضاف التقرير أن بعض حوادث الاعتقال قد وقعت بحق أشخاص عاملين في مجال الصرافة وتحويل العملات، ورأى أن عمليات الاحتجاز هذه تهدف غالباً إلى الابتزاز المادي للحصول على مبالغ مالية طائلة من ذوي المعتقل مقابل الإفراج عنه.
أما على صعيد عمليات الإفراج فقد رصد التقرير إخلاء قوات النظام سبيل 14 شخصاً، من محافظات سورية مختلفة، أفرج عنهم من مراكز الاحتجاز التابعة له في محافظة دمشق، معظمهم أفرج عنهم بعد انتهاء أحكامهم التعسفية، وتراوحت مدد اعتقالهم بين أربع إلى ثماني سنوات وفقاً للتقرير.
وجاء في التقرير أن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" استمرت في سياسة الاحتجاز التَّعسفي والإخفاء القسري لنشطاء وأفراد من منظمات المجتمع المدني المعارضة لسياساتها، أو المدنيين الذين تربطهم صلات قربى مع أشخاص في الجيش الوطني، كما شنت حملات دهم واعتقال جماعية للعديد من المدنيين بينهم أطفال بذريعة محاربة خلايا تنظيم الدولة.
وتركَّزت هذه الاعتقالات في محافظة دير الزور، ورصد التقرير في أيلول تنفيذ قوات سوريا الديمقراطية عمليات اعتقال بحق عائلات عدة مستهدفة عدة أفراد من العائلة الواحدة بينهم مسنون، دون توجيه تهمٍ واضحة، واقتادتهم إلى جهة مجهولة. بينما سجل التقرير إفراج قسد عن 18 مدنياً من مراكز الاحتجاز التابعة لها تراوحت مدد احتجازهم بين ثمانية أشهر إلى عامين اثنين، وأفرج عن معظمهم عقب وساطة عشائرية.
اعتقالات في مخيمات النزوح
أما هيئة تحرير الشام فقد أكد التقرير على أن شهر أيلول قد شهد عمليات احتجاز قامت بها الهيئة بحق مدنيين تركزت في مخيمات النازحين، وشملت نشطاء في مؤسسات المجتمع المدني وإعلاميين ومحامين، حصلت معظمها على خلفية التعبير عن آرائهم التي تنتقد سياسة إدارة الهيئة لمناطق سيطرتها، أو على خلفية مشاركتهم في تظاهرات مناهضة لها، وتمَّت بطريقة تعسفية على شكل مداهمات واقتحام وتكسير أبواب المنازل وخلعها، أو عمليات خطف من الطرقات أو عبر نقاط التفتيش المؤقتة. وسجل التقرير أيضا عمليات احتجاز قامت بها الهيئة بحق مدنيين موجهة إليهم تهمة سبِّ الذات الإلهية.
من ناحيتها وبحسب التقرير، قامت "المعارضة المسلحةـ ـ الجيش الوطني" بعمليات احتجاز تعسفي وخطف معظمها حدث بشكل جماعي استهدفت في العديد من الحالات عدة أفراد من عائلة واحدة ولم تستثنِ المسنين، وأضاف التقرير أنه رصد حالات احتجاز جرت على خلفية عرقية وتركَّزت في مناطق سيطرة الجيش الوطني في محافظة حلب، وحدث معظمها دون وجود إذن قضائي ودون مشاركة جهاز الشرطة وهو الجهة الإدارية المخولة بعمليات الاعتقال والتوقيف عبر القضاء، وبدون توجيه تهمٍ واضحة.
وأوضحَ التَّقرير أنَّ معظم حوادث الاعتقال في سوريا تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية، ويتعرَّض المعتقل للتَّعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه. كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
اقرأ أيضا: مقتل أكثر مِن 100 مدني في سوريا خلال شهر أيلول الفائت