icon
التغطية الحية

الأوكرانيون والسوريون.. نظام لجوء من مستويين في أيرلندا

2022.12.06 | 08:41 دمشق

مهاجرون وطالبو لجوء في أيرلندا - المصدر: الإنترنت
مهاجرون وطالبو لجوء في أيرلندا - المصدر: الإنترنت
The Journal.ie- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

كتب الأيرلندي فيليب لوبيز وهو منسق عمليات التواصل والارتباط لدى مجلس الهجرة الأيرلندي، ومخرج ومصور وناشط، مقالة الرأي الآتية حول وضع اللاجئين في بلده:

تواجه أوروبا اليوم أكبر أزمة هجرة في تاريخها، إذ منذ أن غزت روسيا أوكرانيا في شباط الماضي، فرّ أكثر من 12 مليون أوكراني من بلدهم، فوصلوا إلى دول أخرى ضمن الاتحاد الأوروبي.

وقد وصل أكثر من 50 ألفاً من بين هؤلاء المهاجرين إلى أيرلندا في الوقت الحالي، وكانت الاستجابة الأولية لقدوم اللاجئين الأوكرانيين في أيرلندا قوية، إذ توحّد المجتمع على كلمة واحدة، ألا وهي جمع التبرعات، بالإضافة إلى ترحيب كثيرين بالأوكرانيين واستقبالهم لهم في مدنهم وقراهم وبيوتهم.

أتت استجابة الحكومة الأيرلندية بشكل سريع، حيث فتحت أبواب البلد للاجئين الأوكرانيين، وقدّمت لهم الحماية المؤقتة، بما يسمح للأوكرانيين بالإقامة والعمل في أيرلندا لمدة سنة واحدة في بداية الأمر، بالإضافة إلى حصولهم على الخدمات الاجتماعية، والسكن، وغير ذلك من الأمور التي تدعمها الدولة مثل الرعاية الصحية والتعليم.

أحقاً نحتاج إلى نظام مؤلف من مستويين؟

في الوقت الذي دعم فيه مجلس الهجرة بشكل كامل قرارات الحكومة التي تقضي بالترحيب باللاجئين الأوكرانيين في أيرلندا، تتمثل الحقيقة اليوم بوجود نظام للجوء مؤلف من مستويين على اللاجئين أن يخضعوا له.

من الضروري بالنسبة للاجئين القادمين من أوكرانيا أن يحصلوا وبشكل مباشر على الحق بالعمل والدراسة، مع تسهيل أمور اندماجهم على المستوى الاجتماعي وفي مجال التمكين الشخصي، بما أن ذلك يساعدهم على البدء من جديد، إلا أن اللاجئين من غير الأوكرانيين لا يحصلون على المزايا ذاتها، وفي ذلك مشكلة خطيرة.

إذ مؤخراً، رافقت لاجئة سورية، فسألتني عن الفرق بين القادمين من أوكرانيا وغيرهم من اللاجئين، ثم حدثتني عن  مدى سعادتها بالدعم المقدم للفارين من الحرب في أوكرانيا، لكنها ترى بأنه يجب معاملة الجميع بالمثل، وبوجود كثير من الحزن في عينيها، أطلعتني على التحديات التي تتمثل بالعيش في فندق، وبالرحلة الطويلة المضنية التي خاضتها لتصل إلى أيرلندا، وبعد وصولها إلى هناك، وصفت لي مدى اختلاف السياسات التي تجعل من عملية التأقلم أمراً غاية في التعقيد، إذ لديها أقارب في ألمانيا، لكنها لا تدري متى بوسعها أن تراهم. على الرغم من أن القدرة على زيارة الأهل والأصحاب وإمكانية زيارتهم لأيرلندا يعتبر جزءاً من الحياة الطبيعية، لكن الأمر لا ينطبق على تلك السورية، ليس لأنها تقدمت بطلب لجوء في أيرلندا، بل لأنها من سوريا.

احتجاجات مضللة

إذا قارنا الترحيب الذي حظي به اللاجئون الأوكرانيون بالمعاملة التي يتعرض لها طالبو اللجوء وذلك خلال الاحتجاجات التى قامت مؤخراً في بعض المناطق، فلن ينتابنا أي شك حول وجود فرق في التعامل.

إذ يقوم مجلس الهجرة في أيرلندا بدعم سياسات الاندماج، كما يؤيد من كل أعماقه قرارات الحكومة التي تعمل على استقبال اللاجئين القادمين من أوكرانيا، إلا أن هذه السياسات يجب أن تشمل اللاجئين كافة في مجتمع يسعى نحو عدالة أكبر. إذ في الوقت الذي أعلنا فيه بأننا نعيش مرحلة الأزمة، لم تتوفر لدينا القدرة على التخطيط الاستراتيجي والاستثمار في حل تلك المشكلات المعقدة والمتشابكة.

العمل معاً

ضمن استجابة مجلس الهجرة الأيرلندي للحالة الطارئة المتمثلة بالأزمة الأوكرانية، قام بتنظيم منتدى من أجل استجابة المجتمع المدني بصورة طارئة، وخلال فعاليات المنتدى ذاته الذي ضم 68 منظمة من مختلف أنرجاء أيرلندا، تعمل على تقديم الدعم للمواطنين الأوكرانيين، كان هنالك توجه للتعبير عن أن الاستجابة للوضع في أوكرانيا والاستجابة لطالبي الحماية من دول أخرى عموماً بما أن كلتا القضيتين تعبران عن مشكلتين لا يمكن الفصل بينهما، إذ لا يمكن حل مشكلة منهما بمعزل عن الأخرى.

وإضافة إلى ذلك، طالبنا بتنفيذ توصيات منظمة the White Paper on Ending Direct Provision، التي تقضي بإقامة وكالة للاجئين مع تأمين إجراءات الدمج على نطاق واسع ضمن البلد، ليستفيد منها كل من هو بحاجة إليها.

إلا أنه ثمة خطورة تتمثل باعتبار الظروف الحالية أزمة قصيرة الأمد، ولهذا كل ما ينبغي علينا فعله بكل بساطة هو أن نخرج منها سالمين وأن نترك الأمور حتى تمر. إلا أن هذا التفكير يتناقض مع حقيقة الهجرة في عالمنا المعاصر التي تسوده حالة العولمة، ولهذا لا يمكننا أن ننتقل من أزمة لأخرى، بل يجب علينا أن نخطط وأن نستثمر في احتياجات الاندماج والحاجات القانونية لكل من وصل إلى أيرلندا طلباً للأمان، أي لكل من اختار أيرلندا لتصبح وطنه الجديد.

أي أن الالتزام اليوم ليس أخلاقياً فحسب، بل إنه قومي أيضاً، لأن المجتمع الأيرلندي بكامله لا بد أن يستفيد من ذلك، وبوصفنا أمة وشعباً، علينا أن نمارس المساواة والاحترام، مع إظهار التضامن والتعاطف تجاه كل من يتعرض لأزمة.

كما علينا ألا ننجر لمصيدة الاستقطاب الذي يعيشه هذا الجدل، بل أن نسعى معاً لإيجاد بدائل من أجل مجتمع أكثر عدالة في تعامله مع الجميع.

المصدر: The Journal.ie