icon
التغطية الحية

الأهالي في الريف الإنكليزي يساعدون اللاجئين على الاختباء في وضح النهار

2023.07.03 | 16:28 دمشق

منطقة سومرسيت الريفية بإنكلترا
منطقة سومرسيت الريفية بإنكلترا
The Times- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

عندما رأت آنجي بوال رجلاً لا تعرفه عند محطة الحافلات في القرية، اعتقدت أنه لا بد أن يكون طالب لجوء وجد مأوى في أحد الفنادق القريبة، فما كان منها إلا أن توقفت بجانب الطريق لتجمعها المصادفة برجل أرتيري رفض سائق الحافلة أن يقلّه بحافلته، وهذا ما دفعها لتكوين شبكة من أهالي المنطقة أخذت تقيم ورشات عمل فنية ودروساً في الطهي، مع تبرعها بالدراجات والهواتف، وتأمين فرص عمل تطوعية في الكروم والبساتين للقاطنين في تلك الفنادق.

تخبرنا بوال، 41 عاماً، وهي المديرة التنفيذية لمجموعة تريغر الفنية الشعبية، بأن إيواء طالبي اللجوء في فنادق الريف يصعّب مسألة اندماجهم في المجتمع، أو الالتزام بمواعيدهم الطبية أو القانونية، أو التواصل اجتماعياً مع الناس، وتضيف: "إنها لطريقة جيدة أن تخفي الناس مع تركهم يظهرون أمام الجميع وذلك عندما تكون في فندق ريفي يستقبل لاجئين لا توجد بالقرب منه أي حديقة أو متنفس، ولهذا يتطلب الأمر من الشخص أن يخرج ويكون واسطة لإقامة علاقة طويلة الأمد مع هذا المجتمع الريفي، وذلك لأن معظم الناس لا يرغبون في الذهاب إلى أحد الفنادق والبدء من هناك، ولهذا لا عجب كيف تتدهور الصحة العقلية للاجئين بما أنهم يعيشون في عزلة، وبما أن البنية التحتية والدعم المخصص للاجئين لا يتوفر إلا في المدن".

يساعد مشروع فندق الإنسانية، الذي أقامته مؤسسة تريغر، أكثر من 180 طالب لجوء يقيمون في فندقين ريفيين دون أن يتوفر لهم أي مجال للعيش في كنف المجتمع أو الوصول إلى شبكة الإنترنت أو الحواسيب. وهنالك متعهد من قبل الدولة يقدم وجبات يمكن تسخينها بالفرن، إلا أن قاطني الفندق يشتكون من طعم تلك الوجبات وقيمتها الغذائية، وعن ذلك تحدثنا بوال فتقول: "يحصلون على مبلغ قدره 8.50 جنيهات إسترلينية بالأسبوع حتى يعيشوا عليه، وبينهم وبين بريستول مسافة لا تتعدى النصف ساعة، وهنالك حافلة تتوجه إلى بريستول وهي تكلف كثيراً، إلا أنهم حصلوا على بطاقات مجانية لركوب الحافلة بعد أن طرحنا مشكلة حرمان بعضهم من ركوب الحافلة".

أسست مؤسسة تريغر منظمة قائمة على التمويل الجماعي في تشرين الأول الماضي وذلك لتقديم الدعم لطالبي اللجوء، كما جمعت مبلغ خمسة آلاف جنيه إسترليني لتدفع أجور التنقلات وبطاقات الدخول إلى النادي الرياضي أيام الأربعاء تحديداً، إلى جانب دفع أجور حافلة صغيرة تتسع لعشرة أشخاص وذلك حتى يحضروا دروساً في الطهي أيام الأحد، وتتوقع المنظمة الحصول على تبرعات لتزيد من عدد الأشخاص الذين تمدهم بالمساعدة.

يقيم هذا المشروع أيضاً جولات في الطبيعة سيراً على الأقدام، كما يؤمن وظائف تطوعية للمقيمين في فنادق اللاجئين، بما أنهم لا يسمح لهم بالعمل في مهنة تدر عليهم دخلاً، بيد أن بعض المتاجر في المنطقة رفضت تقديم فرص عمل تطوعية.

وعن ذلك تقول بوال: "بدأنا بإدخال الأطفال إلى المدرسة، إذ ذهبت إلى أحد الفنادق فوجدت 15 طفلاً هناك، وكلهم لا يرتادون المدرسة، ولهذا قمنا بتسجيلهم في المدرسة، والآن وبعد أن نجحنا في التعامل مع هذا العدد الكبير صار بوسعنا إقامة ورشات عمل فنية لهم، تعتمد على الرسم والحياكة، وذلك لأنهم لا يخرجون من الفنادق أبداً، وهذا ما جعل السأم يتسلل إلى نفوسهم، بما أنهم ليس لديهم أي شيء يشتغلون به، فهم عاطلون عن العمل ويسعون جاهدين لبدء حياتهم من جديد، كما تعرضوا لصدمات كبيرة، ولهذا أعتقد بأن الفن له تأثير شاف عليهم".

معظم المقيمين في الفنادق، ومعظمهم أتوا من السودان وأرتيريا وإيران والعراق وسوريا والصومال والهند، دخلوا ضمن نظام اللجوء في بريطانيا قبل أكثر من عام، وبعضهم تجاوز بضع سنوات، إذ يقول مسيحي تاميلي عمره 30 عاماً، فرَّ من الاضطهاد في جنوب شرقي الهند: "إنهم يساعدوننا عبر دفعنا نحو الاسترخاء والاندماج مع المجتمع، إذ عندما أحضر دروس الطهي وجوقة الغناء أقيم صداقات بما أني ألتقي بأشخاص جدد".

يستخدم هذا الشاب، وهو طالب في الهندسة الميكانيكية، دراجة هوائية تم التبرع بها وذلك ليَجُولَ في مختلف أرجاء ريف سومرسيت بإنكلترا، كما يعمل بوظيفة تطوعية لدى شركة تقوم بحفظ الأغذية وتعليبها، إلى جانب عمله في أحد الكروم، ويرتاد أيضاً النادي الرياضي وذلك بفضل بطاقة التنقلات والدخول المجاني للنادي الرياضي التي أمَّنتها مؤسسة تريغر، وعن ذلك يقول: "عندما يصفني الناس بأني أهدر أموال دافعي الضرائب ويطلبون مني العودة إلى الهند وإلى العنصرية التي عوملت بها، أخبرهم بأني لم أختر ذلك، بل إن الحكومة هي من فرضت علينا ألا نعمل".

وحول ذلك يعلق الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية البريطانية، فيقول: "وصل عدد من يصلون إلى المملكة المتحدة ليطلبوا اللجوء فيها ويحصلوا على سكن إلى مستويات قياسية، ما تسبب بضغط غير مسبوق على نظام اللجوء، ولقد حددت وزارة الداخلية وشركاؤها مواقع السكن بناء على مدى أمانها وتوافرها، وفي الوقت الذي نقر فيه بأن الفنادق لا تقدم حلاً طويل الأمد، نجد أنها تقدم مأوى آمناً ونظيفاً لمن يمكن أن يتحولوا إلى معوزين بدونها".

المصدر: The Times