icon
التغطية الحية

الأمثال الشعبية هل أنصفت المرأة أم ظلمتها؟

2022.06.25 | 15:36 دمشق

76033cc57fac3e75-1024x682.jpg
صورة تعبيرية (الإنترنت)
أنقرة - وضحى عثمان
+A
حجم الخط
-A

الأمثال الشعبية هي المرآة التي تعكس الثقافة الاجتماعية للمجتمع، من حيث حكمته ومعالجته للمسائل الحياتية، ويشتهر مجتمعنا الشرقي بمخزون كبير من هذه الأمثال.

وقسم كبير منها تناول النساء، فهل أنصفت الأمثال الشعبية المرأة في مجتمعنا أم ظلمتها؟

تتغلغل الأمثال الشعبية في حياة الناس ناقلة معها أفكارا وتجارب وحكم الأجيال السابقة وذلك لسهولة تداولها مع لغتها البسيطة من جيل لآخر، فهي بشكل غير مباشر تشكل نمطا قيميا للمجتمع.

المرأة في الأمثال الشعبية

بعض هذه الأمثال التي تناولت المرأة في مجتمعنا رسخت فكرة ضعف المرأة وتبعيتها للذكر بشكل كبير، على سبيل المثال:

"البنت يا تسترها يا تقبرها"، "اللي تموت بنيته من صفا نيته"، "لما قالوا لي ولد اشتد ظهري وانسند ولما قالوا لي بنيه مالت الحيطة علي"، "هم البنات للممات"، كلها أمثال تُرسّخ فكرة أن الأنثى عار وكارثة يجب إخفاؤها والتخلص منها.

وتدعو بعض الأمثال إلى قمع المرأة وتعنيفها بالتربية كمثل "البنت باللدح والولد بالمدح"، واللدح بمعنى الضرب، بينما عمدت أمثال أخرى لشيطنتها وجعلها مصدراً للشر "النسوان مصايد الشيطان"، "المرأة كالنحل تهبك العسل لكنها تلسعك".

وفي المقابل بعض الأمثال رسخت ذكورية المجتمع وجعلت من المرأة مجرد أداة خاضعة له "اللي جوزها بقول لها يا عورة يلعبوا بيها كورة واللي يقول لها يا هانم يوقفولها على السلالم"، "المرة بلا رجال مثل البستان بلا سياج".

الأمثال ظلمت الأنثى منذ ولادتها

فاديا حريري، ناشطة سورية في قضايا المرأة، وأم لستة أولاد وسبعة أحفاد مقيمة في السويد منذ ٢٢ عاماً، ترى أن الأمثال الشعبية في الشرق الأوسط ظلمت المرأة بسبب ذكورية المجتمع.

وتضيف فاديا، أجحفت الأمثال الشعبية بحق المرأة، أذكر من طفولتي حينما كانت امرأة تنجب أنثى يقولون لها "ياريتك جبتي مخدة ولا هالمهدة" وكأنها عار.

 

وترى أن مثل "هم البنات للممات" يرسخ الكره للأنثى منذ قدومها إلى الدنيا، وتعتبره طريقة أخرى للوأد، موضحة أن الوأد لا يكون دفن المولودة بالحفرة فحسب، بل عندما يعادونها معنوياً ونفسياً ويخلقون لها الكثير من العقد النفسية كونها أنثى.

 وتشير فاديا إلى استخدام اللغة بالإشارة إلى الإناث فيه إهانة في بعض الحالات، وتقول نستخدم نون النسوة وألف وتاء جمع المؤنث للتعبير عن العادات السيئة، عندما يريدون تسخيف كلام ما يقولون لا تشيل ببالك هذا كلام نساء، وعندما يريدون مدح امرأة يصفونها بأخت رجال، هذه كلها مصطلحات بسيطة لكنها أجحفت بحق النساء.

ومن المفارقات التي توردها فاديا أيضا مثل "عقربتين على الحيط ولا بنتين بالبيت"، وتتساءل لماذا كل هذا الكره مع أن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أوصى كثيرا بالأنثى وقال "مَن كان له بنتان فأحسن تربيتهما وعلّمهما أوجب الله له الجنة".

"لماذا يحكمنا الأموات؟"

في المقابل، ريم قرامي، لها أيضا رأي بالأمثال الشعبية التي تتناول المرأة ومدى أهميتها وتأثيرها.

وتقول في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، باعتقادي أن لكل إنسان تجربته الخاصة التي يكون منها حكمته ومثله في الحياة وهذا لا يعني أننا لا يجب أن نستفيد من بعض ما ورد من أمثال فبعضها بُني على خبرة، بالمقابل بعضها قيل بناء على تجربة فردية.

وتورد ريم قرامي مثلا شائعا في عموم بلاد الشام "طب الجرة على تمها بتطلع البنت لامها"، وتقول أجد هذا المثل مجحفاً جداً فليس كل البنات هم نسخة من الأم سواء كانت جيدة أم سيئة والكثير من حالات الزواج توقفت بسبب هذا المحتوى فتكون الأم سيئة لكن الابنة صالحة وتمتلك وعيها الخاص.

وتعلق ريم على مثل آخر "مكتوب على باب الجنة بعمرها حماية ما حبت كنة" أيضا، وتقول: هذا ظلم للحماية والكنة وينفي وجود نساء صالحات في الحياة.

وتضيف مثل هذه الأمثال تجعلنا لا نحكم على الشخص نفسه إنما نأخذه بجريرة المحيط.

"المرأة كل المجتمع"

قيل "المرأة نصف المجتمع"، لكن يجمع من استطلع التقرير آراءهم وتجاربهم على أن الواقع يثبت أن المرأة كل المجتمع، لأنها هي من يربي النصف الآخر.

ومن هنا تُطرح الحاجة إلى إنصاف لدور المرأة ومكانتها في المجتمع والحياة، وعلى مجتمعاتنا الشرقية التي تسعى إلى التقدم أن تعيد النظر في منظومة المفاهيم وتوعية وتثقيف المرأة لتخرج جيلاً قادرا على النهوض بالمجتمع من تحت أنقاض الموروث البالي وقادرا على إنهاء حكم الأموات للأحياء عبر العادات والتقاليد الموروثة والتي لم تعد تتماشى مع روح العصر وتطوراته.