icon
التغطية الحية

اعتصام الطريق "M4" كما يراه ناشطو إدلب.. لماذا لم يشارك الجميع؟

2020.03.16 | 12:41 دمشق

2020-03-15t144440z_1876420689_rc2ekf9a7cnx_rtrmadp_3_syria-security-turkey-russia.jpg
معتصمون على الطريق الدولي M4 قرب بلدة النيرب لمنع مرور الدوريات التركية الروسية (رويترز)
تلفزيون سوريا - أحمد إسماعيل عاصي
+A
حجم الخط
-A

على ما فيه من شك وريبة وضعف، أعاد اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بارقة أمل للكثيرين ممن فقدوا بلداتهم وقراهم في إدلب، حالمين بعودة قد تكون قريبة، فيما ظنه آخرون ممن تقطعت بهم السبل أنه قد يكون سبيلا ليس لإنهاء المأساة السورية إنما لرسم حدودها على شكلها الحالي بما نص عليه من بقاء آخر المناطق المحررة خارجة عن سيطرة الأسد، وانسحاب قواته وميليشياته إلى حدود المحافظة مقابل وضع الطريقين الدوليين حلب - دمشق وحلب - اللاذقية تحت سيطرة القوات الروسية والتركية.

ويبدو أن هذا الحل لم تكتمل أسبابه انطلاقا من وجود شريحة أعلنت رفضها الكامل وتمكنت من حشد أنصارها تحت ذريعة منع الروس من السيطرة على المناطق المحررة جنوب الطريق الدولي "إم فور" لتتحول الحشود إلى اعتصام شارك فيه عدد من أبناء المنطقة، وتمكن في نهاية المطاف من منع تسيير أول دورية مشتركة كان من المقرر أن تتحرك صباح أمس الأحد.

غير أن اللافت بهذا الاعتصام كان غياب الفعاليات الثورية المعروفة من أبناء محافظة إدلب، واقتصاره على ناشطين وشخصيات مقربة من هيئة تحرير الشام، إضافة إلى عدد من أبناء المناطق المجاورة، وقد برر محمد عاصي رئيس اتحاد تنسيقيات الثورة غيابهم عن الاعتصام بأنه مناقض تماما للحراك الثوري الذي طالب خلال الحملة العسكرية على المنطقة تركيا بإيقاف الهجوم، ودعا إلى تدخل تركي كامل في المنطقة والوصول إلى حل يجنبها وأهلها العودة إلى نظام الأسد وحلفائه.

وأضاف عاصي أن تنسيقيات الثورة وناشطي المحافظة ما زالوا يدعمون التدخل التركي فكيف يمكن أن نساهم بإجهاض الاتفاق الذي لولا التوصل إليه بجهود تركية كبيرة كانت محافظة إدلب تحت سيطرة النظام، وتساءل عاصي هل وصل الحال بنا إلى مرحلة لا نعرف ماذا نريد؟ وأين كان المعتصمون عندما ذهبت معرة النعمان وسراقب وكفرنبل ومعظم قرى وبلدات المنطقة؟ وما زال التساؤل الأكثر أهمية الآن والذي يتردد على ألسنة الجميع ماذا إن نقضت روسيا ونظام الأسد الاتفاق وانسحبت تركيا من المنطقة هل خطر ببال أحد أن يسأل عن حجم الكارثة التي ستقع حينها؟.

 تنسيقيات الثورة لم تكن الجهة الثورية الوحيدة التي غابت عن الاعتصام، حيث شاركتهم مخاوفهم الهيئة السياسية في محافظة إدلب، وهي من الجهات الناشطة في المحافظة وتضم عدداً كبيراً من النخب الثورية، وأوضح عاطف زريق رئيس الهيئة أنهم ضد أي تحرك روسي في المنطقة، لكنهم في الوقت ذاته على ثقة بالضامن التركي ويرحبون بجهوده المبذولة، ويرى زريق أنه يجب ترك فرصة لاختبار جدية تنفيذ الاتفاق فالهدف الأساسي اليوم الذي يجب أن يلتفت إليه الجميع هو وقف المأساة الإنسانية وإعادة أكثر من مليون نازح تقطعت بهم السبل من جراء العمليات العسكرية في المنطقة.

ولم ينفِ زريق مشاركة بعض أعضاء الهيئة بشكل شخصي في الاعتصام، لكنه علل عدم حضور الهيئة بعشوائية الحراك ومشاركة جهات غير منضبطة ولا يهمها حالة الاستقرار في المنطقة، وكذلك عدم وجود جهة ثورية موثوقة توجه الاعتصام وتنظمه وتحدد أهدافه والغاية منه، وبالتالي فإن النتائج لا شك أنها ستصب في مصلحة الأسد وروسيا وإيران الذين يبحثون عن ذريعة من أجل نقض الاتفاقات والتفاهمات والعودة إلى الخيار العسكري.

ومن جانب آخر فقد شهد الاعتصام مشاركة من بعض أبناء المنطقة دفعهم إلى ذلك حالة التشتت التي يعيشها أبناء إدلب، وغياب أية بارقة أمل لحلول جدية وبحسب عبد الرحمن أحد المشاركين فإنهم فقدوا الثقة بكل شيء بدءاً من هيئة تحرير الشام ووصولاً إلى معظم فصائل المعارضة وانتهاء بالضامنين ولم يبقَ لديهم ما يخسرونه، ولا بد من التحرك وإن كان ذلك أقل ما يمكن لمن فقد بيته وقريته على أمل أن يتحسن الواقع ويتحرك المجتمع الدولي بشكل فعلي يرغم الأسد وحلفاءه على وقف هجموهم ليتمكن آلاف المهجرين من العودة إلى بلداتهم وقراهم.

في حين يبقى الوجود الكبير لهيئة تحرير الشام ووقوفها وراء الاعتصام سببا كافيا لغياب معظم الجهات الثورية الفاعلة نظرا لانعدام الثقة بالهيئة بحسب ما يرى عامر البكري أحد ناشطي المنطقة والذي أشار إلى أن تحركات الهيئة في السنوات الأخيرة أثبتت بما لا يترك مكان للشك أنها ستساهم بتعطيل أي حل يهدف إلى إنهاء حالة الحرب، لأن الهدوء والاستقرار سيؤجج الشارع ضدها جراء الاحتقان الكبير الذي تسبب به سلوك الهيئة المتمثل بانتهاكاتها الكثيرة التي لم تعد تحصى ابتداء من اعتقال الناس والتضييق عليهم في جميع جوانب الحياة اليومية.

وبالعودة إلى التصريحات الروسية والتركية حيال التطورات التي طرأت على تنفيذ البند الأول يظهر مدى استفادة الروس من الاعتصام ولا سيما من خلال مشاركة هيئة تحرير الشام فيه بشكل واضح، وهو ما سهل على الإعلام الروسي اتهام جهات إرهابية بعرقلة تنفيذ الاتفاق، وانتهى الأمر إلى تمديد الفترة الزمنية واضعا تركيا أمام عدة خيارات أولها يتلخص بالتوصل إلى طريقة تنهي الاعتصام وتؤمن مرور الدوريات على الطريق الدولي، وثانيها الاستعداد لحرب باتت وشيكة في ظل عدم التمكن من تنفيذ الاتفاق والميول الروسية نحو تقديم الخيار العسكري، وثالثها الانسحاب من المنطقة وإفساح المجال أمام تحالف الشر الثلاثي لإكمال السيطرة على ما بقي من مناطق محررة.