icon
التغطية الحية

إيكونوميست: ما سبب مقتل كثير من الجنرالات الروس في أوكرانيا؟

2022.04.05 | 14:00 دمشق

اللواء ياكوف ريزانتزيف الذي لقي مصرعه في أوكرانيا
اللواء ياكوف ريزانتزيف الذي لقي مصرعه في أوكرانيا
إيكونوميست - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

شارفت الحرب على الانتهاء... هذا ما أكده ياكوف ريزانتزيف لجنوده في اليوم الرابع من الغزو الروسي لأوكرانيا. حدث ذلك قبل شهر، ولكن في 25 آذار، ورد نبأ وفاة هذا اللواء قائد الفيلق 49 للأسلحة المشتركة الروسية، حيث قتل بغارة بالقرب من مدينة خيرسون.

وذكر مسؤولون أوكرانيون أنه سابع جنرال روسي يلقى حتفه في عملية عسكرية داخل أوكرانيا، وقد صدّق على ذلك مسؤولون غربيون. إلا أن روسيا لم تؤكد مقتله، كما لم تؤكد حصيلة القتلى بصورة مستقلة، إلا أنه بات من الواضح أن كبار الضباط الروس يشهدون حالة استنزاف، ولكن لماذا؟

في معظم الجيوش، يترأس الضباط الجنرالات، أي من يحملون رتبة أعلى من رتبة كولونيل أو عميد، تشكيلات كبيرة عادة، مثل الفرق أو الفيالق، وتلك التشكيلات تدار من مقار كبيرة، وتكون تلك المقار عادة خارج مرمى المدفعية والصواريخ، أي إنها بعيدة جداً عن خطوط الجبهة، الأمر الذي يجعل موقع هؤلاء الجنرالات محمياً عادة.

مقارنات مذهلة

خسرت أميركا تسعة جنرالات في حرب فيتنام، لكن ذلك حدث على مدار عشرين عاماً، لا بضعة أسابيع، ثم إن معظمهم قضوا عند إسقاط مروحياتهم. وخلال العقدين الماضيين في الحرب على أفغانستان والعراق، لم يمت إلا جنرال أميركي واحد، بعد تعرضه لإطلاق نار على يد جندي أفغاني. وحتى خلال الاحتلال السوفييتي الدموي لأفغانستان ضمن الفترة الواقعة ما بين 1979-1989، لم يخسر الاتحاد السوفييتي أكثر من ستة جنرالات خلال الأشهر الستة الأولى من الحرب.

وهنا، علينا أن نرجع ثمانين عاماً إلى الوراء لنكتشف حالة استنزاف مماثلة لكبار الضباط في ذلك الزمان، إذ خلال الحرب العالمية الثانية، قتل نحو 235 جنرال سوفييتي في القتال، بحسب ما ورد في كتاب "سقوط الجنرالات السوفييت" الذي ألفه أليكساندر مازلوف (إلا أن مئتي ضابط آخر لقوا مصرعهم بطرق أخرى). وحتى في ذلك الحين، أي خلال أسوأ الفترات، ابتداء من حزيران 1941، عندما غزت ألمانيا الاتحاد السوفييتي، وحتى تشرين الثاني 1942، عندما طوق الجيش الأحمر قوات الفيرماخت الألمانية في ستالينغراد، لم يمت سوى أقل من ستة جنرالات بالشهر الواحد، وهذا العدد يماثل العدد الذي نشهده اليوم ضمن حصيلة القتلى بين صفوف الجنرالات.

اتصالات مخترقة

أحد أسباب ارتفاع عدد القتلى اليوم هو أن روسيا فشلت في تحقيق تقدم لا سيما في شمالي أوكرانيا، حيث ظهرت عدم قدرة كثير من القطعات الروسية على خوض حرب حديثة بالأسلحة المشتركة، حيث تغامر الدبابات بالتقدم نحو الأمام دون دعم مدفعي، ولهذا تراجعت الروح المعنوية، وضعفت الإمدادات اللوجستية فارتفع عدد القتلى. ويبدو أن ذلك أجبر الجنرالات على النزول إلى ساحات القتال، إذ في معظم الجيوش المحترفة، يشرف كادر مؤلف من الضباط الأرفع والأطول خدمة والذين يعرفون باسم ضباط الصف على الجنود، إذ يتولون عادة أمور قيادة القطعات الأصغر في زمن الحرب. يعتبر ضباط الصف "عماد حلف شمال الأطلسي" بحسب ما ذكره أحد الضباط في هذا التحالف. إلا أن الجيش الروسي يفتقر إلى هذه الرتبة ضمن القيادة، وهذا ما أجبر أرفع الضباط على المضي قدماً لمعاينة الوضع بأنفسهم، ولفرض سلطتهم وممارستها على القادة التابعين لهم.

وهذا الأمر ليس بسيئ في جوهره، إذ يحتاج القائد الجيد أن يحس بإحساس من يقاتلون على الجبهة، إلا أن المشكلة الأكبر قد تتمثل بتضعضع أمن هؤلاء القادة المغامرين، إذ تستخدم القوات الروسية أجهزة راديو مشفرة من نوع آزارت، إلا أن عددها ضئيل على ما يبدو، ولعل ذلك يرجع للفساد بحسب ما ورد في أحد التقارير الصادرة عن معهد الخدمات المتحدة الملكية، وهو مركز أبحاث بريطاني، ولذلك يلجأ الجنود الروس لاستخدام أجهزة راديو غير مشفرة وهواتف نقالة عادية.

إن هذه الأنواع من أجهزة الاتصالات لا يمكن اعتراضها فحسب، بل أيضاً يمكن تحديد موقع مصدرها عبر وسائل الحرب الإلكترونية والسيبرانية. فقد استخدمت روسيا تلك التقنية التي كان مفعولها جيداً ضد القوات الأوكرانية في الدونباس بعد عام 2014، إلا أن أوكرانيا أصبحت تستخدم اليوم تلك التقنية ضد الروس، كما استعانت بقناصين مهمتهم قتل أرفع الضباط أو المدفعية لقصف مواقعهم.

تدريب أميركي

تشير مصادر مقربة إلى أن أجهزة الاستخبارات الغربية وقواتها المسلحة قد تكون تساعد أوكرانيا في تحديد مواقع الجنود الروس (بالرغم من أن مسؤولين غربيين رفضوا الخوض في هذا الموضوع)، إلا أن ضباط استخبارات أميركيين سابقين ذكروا لموقع ياهو نيوز أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أمضت سنوات في تدريب القوات الرديفة الأوكرانية، والتي تضم قناصين بين صفوفها، إذ قال أحدهم: "أعتقد أننا نشهد تأثيراً كبيراً من قبل القناصين... فالتدريب قد آتى أكله بالفعل".

إن خسارة هذا العدد الكبير من الجنرالات بتلك الطريقة محرج بالنسبة للجيش الروسي، وذلك لأنه يلخص فشله على المستوى التكتيكي خلال الشهر الأول من الحرب. كما تم فصل العديد من القادة العسكريين، إلا أن مقتل أرفع الضباط قد لا يكون أسوأ ما في الأمر.

في 29 آذار، زعمت أوكرانيا أنها قتلت الكولونيل دينيس كوريلو قائد اللواء 200 المخصص للبنادق الآلية، وذلك بالقرب من مدينة خاركيف الواقعة شرقي البلاد، إلا أن هؤلاء الضباط يعتبرون أهم التروس المحركة للآلة العسكرية الروسية، لأنهم على اطلاع وعلم بدقائق الأمور التي تخص قطعاتهم المقاتلة، وهذا ما شرحه روب لي من جامعة الملك بلندن عندما قال: "أعتقد بأن الخسائر الفادحة بين قائدة الكتائب والأفواج والألوية الروسية قد تمثل مشكلة أكبر من مشكلة خسارة الجنرالات... وذلك لأنه من الصعب تعويض تلك الخسائر".

    المصدر: إيكونوميست