icon
التغطية الحية

إيكونوميست: أوروبا تحلم بأن تبعد المهاجرين.. لكنها لن تفعل ذلك

2024.03.01 | 15:43 دمشق

جدار مزود بأسلاك شائكة أقيم على حدود إحدى الدول الأوروبية
جدار مزود بأسلاك شائكة أقيم على حدود إحدى الدول الأوروبية
The Economist - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

عندما بدأت إسبانيا بتسييج سبتة ومليلة التابعتين لها في الشمال الإفريقي، وذلك خلال الفترة الواقعة ما بين عامي 1993 و1996، لم يعتقد أحد بأن هذا العمل سيمتد إلى مختلف أنحاء القارة الأوروبية، فقد كانت فترة التسعينات في أوروبا فترة واعدة، إذ سقط خلالها جدار برلين، بيد أن الأمور قد تغيرت للأسف، إذ خلال الفترة ما بين 2014-2023، زاد طول الجدار الحدودي الذي يحيط بدول الاتحاد الأوروبي من 315 إلى 2163 كيلومتراً، كما سيزيد طول هذا السياج لمسافة تمتد على 245 كيلومتراً خلال هذا العام.

الهندسة الروسية لمخطط الهجرة

زادت شعبية هذه الأسوار للمرة الأولى خلال أزمة اللجوء السورية خلال الفترة ما بين 2015-2016، والآن وبعد رفع القيود التي فرضت خلال فترة الجائحة، عادت الهجرة غير النظامية لسابق قوتها، إذ سجلت وكالة فرونتكس 380 ألف حالة عبور غير نظامية للحدود خلال العام الفائت، ليكون هذا العدد هو الأعلى منذ عام 2016. ولهذا لجأت أوروبا لتشييد الأسوار لتوقف مد الهجرة ولتتصدى للاعتداءات الروسية، التي صارت واضحة وجلية على الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي، بعدما صارت روسيا وبيلاروسيا تهندسان عمليات تدفق كبيرة للمهاجرين نحو بولندا ولاتيفيا وليتوانيا وفنلندا، فردت كل دولة من تلك الدول عبر إقامة سياج من الأسلاك الشائكة.

 

كلفة عالية

بيد أن التكاليف هائلة، فبولندا التي قررت تشييد سياج كهربائي على حدودها مع بيلاروسيا في عام 2021، كلفها 353 مليون يورو (ما يعادل 407 مليون دولار)، كما نشرت على حدودها مع روسيا أحدث الكاميرات وأجهزة كشف الحركة بكلفة وصلت إلى 80 مليون يورو خلال العام الماضي، في حين خصصت فنلندا مبلغاً قدره 380 مليون يورو لتشييد سياج طوله 200 كيلومتراً، أو بالأخرى على مسافة تعادل 15% من حدودها مع روسيا التي تمتد مسافة 1340 كيلومتراً، وسينتهي تشييد السياج بحلول عام 2026، أما تكلفة الصيانة فتضاف لتلك المبالغ.

لا تقدم الأسوجة قيمة كبيرة مقابل ما يصرف عليها من أموال، إذ على الرغم من المعدات المتطورة التي زودت بها بولندا حدودها المحصنة، لم يمنع ذلك من زيادة عمليات العبور بطريقة غير قانونية وبشكل كبير خلال العام الفائت، أما سلوفينيا فقد هدمت السياج الذي بنته على حدودها مع كرواتيا في عام 2022 بعدما لم تتمكن من إفشال عمليات العبور وتقليل عددها، كما أن أي نوع من العوائق المادية التي تظهر في منطقة معنية ستؤدي إلى تحول حركة موجة الهجرة نحو مناطق أخرى وذلك برأي كريس بوروفيسكي من فرونتيكس.

"لابد من الاستعداد"

بيد أن أوروبا بالكاد غرقت في موجة الهجرة، وذلك لأن عدد عمليات العبور غير القانونية يمثل 0.13% فقط من مجمل عمليات العبور من خارج الاتحاد الأوروبي إلى داخله، وذلك بحسب إحصائيات عام 2022، فأغلب المهاجرين يدخلون أوروبا عبر البحر المتوسط، وليس من دول البلقان أو الحدود البرية الشرقية. كما يعترف الكولونيل ماركو ساريكس نائب رئيس حرس الحدود البرية والبحرية بفنلندا بأن موجة الهجرة الكبيرة الآتية من روسيا لا تمثل: "خطراً كبيراً، ولكن علينا أن نستعد على أية حال".

اتفاقية هجرة جديدة

لقد أجبر استياء الناخبين القادة والزعماء الأوروبيين على التصرف بطريقة ما مهما كانت غير ناجعة، فقد شدد الاتحاد الأوروبي موقفه تجاه قضية الهجرة خلال السنوات الماضية، ورفع تمويله لفرونتيكس. وفي شهر كانون الأول الماضي، وافقت الدول الأعضاء على اتفاقية هجرة جديدة تسهل عملية ترحيل من لم يتمكن من تقديم طلب لجوء، وهذا ما دفع هيلينا هان من مركز السياسات الأوروبي للقول: "هنالك رغبة للقيام بما يلزم لمنع الناس من القدوم".

 

منذ أمد بعيد ودول حوض المتوسط تتحمل عبء الهجرة غير الشرعية، ولهذا قد تسهم هذه الاتفاقية الجديدة بتغيير الأمور (بما أنها تشترط على الدول إما أن تستقبل اللاجئين أو أن تدفع مقابل استقبال غيرها لهم)، لكنها تثير أحجيات وألغازاً قانونية وأخلاقية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وذلك لأن السياج يعتبر "خلاصة فشل سياسات الهجرة في القرن الحادي والعشرين" بحسب رأي سيرجيو كاريرا من مركز دراسات السياسات الأوروبية، ثم إن مئات المهاجرين فارقوا الحياة على الحدود المحصنة لليونان مع تركيا، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن أوروبا تسور مسؤولياتها تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء بسياج من عدم الاكتراث واللامبالاة حسبما ذكر كاريرا.

 المصدر: The Economist