icon
التغطية الحية

"إسرائيل تسير على حبل رفيع".. العلاقات مع روسيا في أزمة

2024.03.22 | 08:47 دمشق

آخر تحديث: 22.03.2024 | 08:47 دمشق

بوتين ونتنياهو - المصدر: الإنترنت
بوتين ونتنياهو - المصدر: الإنترنت
The New York Times- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

على الرغم من اعتماد إسرائيل بشكل كبير على الدعم القادم من الولايات المتحدة وألمانيا وغيرهما من الدول الغربية، لوحظت مؤخراً بأنها لم تعد تنسجم مع تلك الدول فيما يتعلق بعلاقاتها مع روسيا وحربها الساعية للسيطرة على أوكرانيا.

قبل زمن طويل من الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول الماضي، رفضت إسرائيل مطالبة أوكرانيا بإرسال أسلحة أو فرض عقوبات شاملة على روسيا، تشمل وقف الرحلات الجوية إليها، وعلى الرغم من تلهف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لزيارة إسرائيل وإبدائه لتضامنه معها بما أنه يهودي بالأصل، فإن تلك الزيارة لم تتم حتى الآن.

علاقة غير متوازنة

تعبر أسباب ذلك عن الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية الفريدة وعن العلاقة الحساسة التي تربط بين رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الرغم من أن الأخير يعتبر أحد كبار الداعمين لأعداء إسرائيل في المنطقة.

مع دخول الحرب بين حماس وإسرائيل شهرها السادس، أصبح نتنياهو بحاجة لنوايا حسنة يبديها له بوتين وذلك حتى يساعده على حشر إيران في الزاوية، مع مواصلة استهداف المواقع الإيرانية في سوريا والسعي لتجنب إيذاء القوات التي استبقتها روسيا هناك.

وهذا يعني أن نتنياهو أعطى بوتين مساحة واسعة من حرية التصرف والعمل، حتى إن كان يخاطر بذلك بإثارة نفور أهم حلفاء إسرائيل في أوروبا والولايات المتحدة.

 

وعن ذلك يقول إيمانويل نافون المدير التنفيذي لمنظمة إيلنيت غير الحكومية التي تسعى لتمتين العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل وأوروبا: "إسرائيل تسير على حبل رفيع"، ولكن حتى في الوقت الذي تخفف فيه إسرائيل الوطء عندما يتصل الأمر بروسيا، تبقى العلاقة بينهما غير متوازنة إلى حد بعيد، فلقد انتقد بوتين إسرائيل بحدة وصلت إلى شجب حرب إسرائيل على غزة حتى يعجب بتصرفه هذا الدول النامية والفقيرة في العالم بما أن بعضها ينتقد الولايات المتحدة وأوروبا والنظام العالمي القائم حالياً.

بعد هجوم حماس، وإعلان السلطات الإسرائيلية عن مقتل 1200 شخص، لم يتفوه بوتين بأي تصريح طوال ثلاثة أيام، ثم ومن دون توجيه أي تعزية لإسرائيل، أخذ بوتين يكيل انتقاداته للولايات المتحدة واصفاً هجوم السابع من تشرين الأول بأنه: "مثال واضح على فشل السياسة الأميركية في الشرق الأوسط".

ومنذ ذلك الحين، أصبحت روسيا تشجب وبكل صراحة حرب إسرائيل على غزة التي قتل فيها أكثر من 31 ألف إنسان بينهم نسبة كبيرة من النساء والأطفال بحسب ما أعلنته وزارة الصحة في غزة.

تعليقاً على ذلك يقول آرون ديفيد ميللر وهو دبلوماسي أميركي سابق يتبع لمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: "مع قيام أحداث السابع من تشرين الأول وجد بوتين قضية جاهزة تقوم على عدم قطع العلاقات مع إسرائيل، مع البدء بالابتعاد عنها".

إذ في هيئة الأمم المتحدة، شككت روسيا بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وطالبتها بوقف إطلاق النار مرات عديدة وبوقف أي عمل عسكري إسرائيلي، كما عملت روسيا على تضخيم الآراء المؤيدة لحماس عبر شبكة الإنترنت، وأعرب المسؤولون الروس عن تعاطفهم ودعمهم لدولة جنوب إفريقيا في القضية التي رفعتها أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل بسبب ارتكابها لإبادة جماعية، بيد أن إسرائيل أنكرت ضلوعها بذلك.

في الوقت نفسه، استغلت روسيا الحرب في غزة لتبرر حربها على أوكرانيا، إذ ذكرت بأن الغرب منافق في شجبه للهجمات الروسية التي قتلت مدنيين في أوكرانيا في الوقت الذي يدعم فيه هجمات إسرائيلية مشابهة تستهدف المدنيين في غزة.

في أواخر شهر تشرين الأول الماضي، استقبلت روسيا وفداً من حركة حماس في موسكو، واعتبرت وزارة الخارجية الإسرائيلية هذا الفعل شائناً ويستحق التوبيخ، وفي أواخر شباط الماضي، استقبلت روسيا وفداً آخر من حماس في إطار اجتماع ضم شخصيات فلسطينية عقد في موسكو.

انتقادات متبادلة

وبعد اتصال هاتفي جرى في شهر كانون الأول بين نتنياهو وبوتين رأى فيه ميللر بأنه يعبر عن توتر بين الدولتين، أعلن نتنياهو بأنه انتقد روسيا على دعمها لإيران، في حين ذكر بوتين بأنه انتقد إسرائيل بسبب الأزمة الإنسانية في غزة.

في الماضي، كان نتنياهو يتباهى بعلاقته المتميزة ببوتين وبقدرته على التعامل مع القوى العظمى، أما اليوم، فقد أضحت تلك العلاقة برأي ميللر عائقاً أكثر من كونها ميزة.

إذ في يوم الجمعة الفائت، استدعت وزارة الخارجية الإسرائيلية السفير الروسي إلى تل أبيب، أناتولي فيكتوروف، وذلك للاحتجاج على تصريحات أدلى بها مسؤولون روس في الأمم المتحدة وذلك لأن هؤلاء المسؤولين شككوا بصحة تقرير أممي يؤكد الأدلة التي تثبت تورط حماس بارتكاب عنف جنسي. وفي مطلع شهر شباط الماضي، استدعت روسيا السفيرة الإسرائيلية إلى موسكو، سيمونا هالبيرين، وذلك بسبب تصريحات غير مقبولة تشوه صورة السياسة الخارجية الروسية.

ثم إن العلاقة الوطيدة بين روسيا وإيران خلال حرب أوكرانيا أثارت قلق المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين، بما أن طهران أمدت موسكو بالمسيرات والصواريخ وغيرها من الأسلحة.

 

وتعليقاً على ذلك يخبرنا أركادي ميل-مان، وهو السفير الإسرائيلي السابق إلى روسيا وعضو اليوم لدى معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب بأن نتنياهو يبدو كمن يتجاهل بأن إسرائيل تعتبر عدواً للروس.

لم تزدد العلاقات بين إسرائيل وروسيا إلا سوءاً بحسب رأيه، وذلك لأن روسيا اختارت الجانب المعادي لإسرائيل بكل وضوح، بيد أنه لا يمكن لإسرائيل أن تتحمل قطع علاقاتها مع روسيا. وذلك لأن عدداً كبيراً من الإسرائيليين هاجروا من الاتحاد السوفييتي السابق ليستقروا في إسرائيل، وما تزال لإسرائيل مصلحة في الاهتمام بالجالية اليهودية التي بقيت في روسيا، إذ في أواخر تشرين الأول الماضي، اقتحمت مجموعة من الدهماء أحد المطارات الروسية بحثاً عن يهود قادمين على متن الطائرات الآتية من إسرائيل.

وبالحديث عن الموضوع، تخبرنا سارة فينبيرغ مديرة برنامج الأبحاث المعنية بدور روسيا والصين في الشرق الأوسط لدى جامعة تل أبيب، فتقول: "نريد أن نبقي الباب مفتوحاً"، إذ من المهم إبقاء عمل الوكالة اليهودية التي تساعد اليهود على الهجرة إلى إسرائيل في روسيا، وتضيف: "نريد أن نصبح قادرين على إنقاذ هؤلاء السكان في وقت الأزمات".

وفي الوقت الذي لم تعد فيه معاداة السامية أمراً جديداً على روسيا، تخبرنا فينبيرغ بأن حالة العداء الجديدة التي أبداها بوتين لإسرائيل أثارت قلقاً كبيراً، وأضافت: "في السابق كنا نعتقد بأن روسيا معادية للسامية، لكن رئيسها موال لليهود، بيد أن الأمور تغيرت اليوم".

 

المصدر: The New York Times