icon
التغطية الحية

أنشودة العاطلين عن الوطن | شعر

2023.06.16 | 06:59 دمشق

حسين ضاهر
(لوحة: مصطفى الحلاج)
+A
حجم الخط
-A

"أنشودة العاطلين عن الوطن"*

 

العصفور فكرة الشّجرة

يعشّش في رأسها.

في الشّتاء

خرجنا لالتقاط أفكارٍ مُبلَّلة

"أفكار ما بعد العاصفة"

هكذا اعتدنا تسميتها،

كانت خائفة وهشّةً تحت أضراسنا.

في غرفتي قفص

في القفص فكرتان بذاكرةٍ هزيلة.

الأفكار الصّباحيّة

لعينةٌ كدرس الرّياضيّات

"ضع فزّاعةً قرب سريرك"

هي حكمة صيّادٍ عتيق.

عند المساء تعود الأفكار جميعها

لتنقر رأس الشّجرة

جالبةً الأرق.

(2)

هذي البلاد لا ناقة لي فيها ولا أمل

فلتكن دافئة

فلتكن باردةً مع إشراقة ربيع

فلتكن منتصرة

فليصعد رجالها إلى المرّيخ

ولتسقط نساؤها من الجنّة كـفاكهةٍ ناضجة

هي أمورٌ لا تعنيني

أنا الذي سقطت هنا

كـتفاحةٍ نخرتها ديدان الحرب

(3)

تعال أيّها الغريب

لأحدّثك بلسانٍ أكلته قطّة الحرب

هل ستفهم؟

أنا مثلك لي ثلاثة أطفالٍ من طين

كلّما أمطرت السّماء ينبت وطنٌ جديد

فوق جباههم

أهو أمرٌ طبيعيٌّ أيّها الغريب؟

(4)

تمرّين بشارع الشّعر الطّويل

وبكلّ خطوةٍ تخضع قصيدةٌ جامحة

كلّ اللواتي لبسن سحاب الصّيف من قبلك

قطفن حرفًا واحدًا من حروف الشّمس

إلّا أنتِ

خرجتِ بمفردك عن وصايا الفصول

لتولد فراشةٌ في وضح النّهار

أمّا أنا

فقد جئت إلى الشّعر متأخّرًا

بعد أن تفتّقت أشجار المصيبة في حقلنا

زهرًا يستحقّ النّواح

فنُحت

لو لم تكن هذي القصائد حُفرًا

لما دُفنت فيها عظام الذّكريات

***

تنصبين الفخاخ لأربعةٍ من أصابعي

تُلغّمين مساحةً شاسعة

من سهول هذه الغرفة الباردة

وقبل الخديعة بشبرين أدرك الحكمة

"أصابع في اليد، خيرٌ من عصافير الخطيئة كلّها"

أنتِ يا سرب نملٍ

يسحل قمح أفكاري .. حَبّةً .. حَبّة

أنا

يا أنشودة العاطلين عن الوطن

***

من على الأريكة البنيّة "مملكتك"

تطلقين شعركِ غرب الفرات

فيتحسّس ذئبٌ من الشّرق خنصره المضمّد بالحنّاء

ويعوي.

 

* من مجموعة (مياه صالحة للقتل)

 

كلمات مفتاحية