icon
التغطية الحية

أكثر من نصف أطفال إدلب مهددون بالحرمان من التعليم

2019.10.05 | 16:30 دمشق

img_0393.jpg
أطفال يتعلمون ضمن مشروع "المكتبة المتنقلة" بريف إدلب (تلفزيون سوريا)
حسام جبلاوي - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

يواجه قطاع التعليم في محافظة إدلب أزمة حقيقية هذا العام تهدد مستقبل آلاف الطلاب في المحافظة، لا سيما بعد توقف جهات مانحة عن الدعم، وعدم قدرة المدارس على استيعاب الأعداد الكبيرة، والوصول إلى الطلاب المنتشرين في مخيمات عشوائية.

ومع انطلاق العام الدراسي الجديد قبل أيام قليلة حذرت منظمات دولية وفريق "منسقو استجابة سوريا "من الوضع الكارثي لقطاع التعليم في إدلب. وقالت منظمة "أنقذوا الطفولة" في بيان لها في الرابع من سبتمر أيلول الماضي إن آلاف الأطفال قد لا يتمكنون هذا العام من الدراسة، وقدرت أعدادهم بما لا يقل عن 350 ألف طفل من أصل 600 ألف طالب.

تجميد الدعم المادي
ورغم صعوبة الأوضاع وتأثير النزوح على الأطفال السوريين جاء قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي قبل أيام قليلة بإيقاف الدعم المقدم لمديرية تربية إدلب ومدراسها ليعّقد الأمور أكثر ويهدد بتسريح مئات المعلمين.

ووفق معاون مدير التربية في إدلب محمد الحسين فقد تم إيقاف المنحة المادية المقدمة لبرنامج "مناهل" عبر منظمة "كومنكس"، والذي كانت يغطي مايقارب 65% من مجموع الدعم المقدم لمديرية التربية في المحافظة.

وأوضح الحسين في حديثه الخاص لموقع "تلفزيون سوريا" أنّ هذا الدعم كان يوفر الرواتب الشهرية لعدد كبير من المدرسين العاملين، والذي يبلغ 120 دولاراً، كما يوفر أيضا الكلفة التشغيلية لما يقارب 794 مدرسة في المحافظة.

وأكد معاون مدير التربية أنّ "عدد الطلاب المتأثرين من توقف هذه المدراس يصل إلى 160 ألف طالب وطالبة، الأمر الذي سيساهم في زيادة أعداد الأطفال المتسربين من المدراس في المحافظة، والذي قدّر العام الفائت بـ 30% من مجموع أعداد الطلاب".

في السياق ذاته ذكر الحسين أّنّ عدد المدرسين المتأثرين بإيقاف هذه المنحة قد يصل إلى 4400 مدّرس، موزعين على 500 مدرسة في كل المراحل، وفي حال عدم تأمين داعم بديل فإن هذا الأمر يشكل خطرا حقيقياً على العملية التعلمية برمتها وفق قوله.

من جانبه قال محمود برغش مدرس لغة عربية في مدينة معرة مصرين بريف إدلب إنّ "الكادر الدراسي لم يتلقَ حتى الآن إشعاراً بإيقاف رواتبهم" مضيفاً في الوقت ذاته : "إن صحت أخبار تجميد الدعم المادي عن المدارس فهذا يعني دق المسمار الأخير في نعش العملية التعليمية المتهالكة أصلاً".

نقص في المدارس:
وكانت أزمة النزوح الأخيرة، وإقامة عدد كبير من الأهالي في مخيمات عشوائية قرب الحدود السورية التركية، وتناقص عدد المدارس بفعل قصف قوات النظام للمنطقة، أعاق وصول آلاف الطلاب في إدلب هذا العام إلى مدارسهم.

وتفتقر معظم المخيمات العشوائية التي أقيمت مؤخراً على أطراف المدن والبلدات الرئيسية للبنية التحتية المناسبة، وأبرزها المدراس، كما تعاني بعض المخيمات القديمة السابقة من الازدحام وعدم توفر أبنية مناسبة.

وفي هذا السياق قال عبد الحميد بكري مسؤول مجمع تربوي في إدلب إنّ "مدارس المحافظة هذا العام تأثرت كثيراً بأعداد النازحين من ريف حماة، ومن خروج عدد كبير من المدراس في ريف المحافظة لا سيما في منطقة خان شيخون، وهو ما أدى إلى ضغط كبير على المدارس فاق قدرتها الاستيعابية".

وأضاف بكري في حديثه الخاص لموقع تلفزيون سوريا "أيضا واجهتنا هذا العام مشكلة سكن بعض النازحين في المدارس بسبب عدم توفر مأوى بديل لهم، وحتى اليوم نواصل جهدنا مع المنظمات المحلية لحل هذه المشكلة".

ووفق إحصاءات مديرية التربية في إدلب خرجت 250 مدرسة منذ بدء حملة النظام الأخيرة على المحافظة من الخدمة بشكل كامل، من مجموع 1190، في حين تأثر بعضها جزئياً بسبب القصف.

أحمد وإبراهيم أخوان؛ الأول في الصف الرابع والآخر في الصف الثاني نزحَا مع أسرتهما من حاس بجبل الزاوية إلى مخيم عشوائي أقامه مجموعة من النازحين قرب بلدة سلقين. ورغم فرحتهما بقدوم المدرسة وشوقهم لرؤية زملائهم ومدرسيهم إلا أنهما لم يتمكنا وسائر أطفال المخيم من حمل الحقيبة المدرسية والدفاتر والتوجه لأي مدرسة بسبب بعدها عن مكان إقامتهم.

حال الأخوين مشابه لآلاف الأطفال الآخرين حالياً في محافظة إدلب، والذي تصفه مدرسة المرحلة الابتدائية عبير حاج يوسف بـ"المحزن" و"الخطير" الذي يهدد مستقبل هؤلاء الأطفال ومعهم بلدنا.

وترى حاج يوسف أنّ تسرب الأطفال من المدرسة لا سيما في أعمار صغيرة وبهذه الأعداد الكبيرة سيكون له نتائج اجتماعية كارثية على المدى المتوسط والبعيد، أبرزها ضياع مستقبل هؤلاء الأطفال، وزيادة نسبة الجرائم، والأمية، والزواج المبكر، وانتشار عمالة الأطفال، والجهل.

تحركات محلية: 
وإزاء هذا الواقع المأساوي للعملية التعليمية في المحافظة بدأت بعض الفعاليات الاجتماعية بالتحرك، ومحاولة تسليط الضوء على مخاطر انهيار التعليم بشكل كامل في المحافظة.

وأطلقت مجموعة من ناشطات المجتمع المدني يوم السبت 28 أيلول الماضي حملة بعنوان "لا تكسروا قلمي" نصرة للعملية التعليمية في إدلب وريفها.

ووفق منظمي الحملة فإن النشاطات بدأت بوقفة احتجاجية وهي مستمرة لمدة 15 يوما، وهدفها الضغط على المجتمع الدولي كي يتدخل ويتدارك الموضوع.

كما نظم معلمون وأهالي في قرية بلشون جنوب إدلب وقفة احتجاجية يوم الأحد 29 أيلول احتجاجاً على وقف الاتحاد الأوروبي الدعم للمدرسين والطلاب السوريين في المحافظة.

وفي السياق ذاته أصدر فريق "منسقو استجابة سوريا" بيانا حذّر فيه من تداعيات إيقاف الدعم المادي لمدارس ومعلمي إدلب والذي سيؤدي إلى حرمان عشرات الآلاف من الطلاب من استكمال العملية التعليمية في تلك المدارس.

ولفت البيان إلى تزايد المخاوف من خطورة التسرب الدراسي للطلاب، حيث سيسبب إيقاف الدعم عن قطاع التعليم إلى تسرب أكثر من 350 ألف طالب وطالبة في جميع المراحل التعليمية.