icon
التغطية الحية

أعراس بلا عريس.. كيف يتزوج السوريون في مصر؟

2024.02.23 | 06:59 دمشق

آخر تحديث: 23.02.2024 | 06:59 دمشق

أعراس بلا عريس.. كيف يتزوج السوريون في مصر؟
عراضة سورية في حفل زفاف سوري في مصر، القاهرة، ٢٠٢٣ (تلفزيون سوريا)
القاهرة - لجين عبد الرزاق دياب
+A
حجم الخط
-A

حمل السوريون عاداتهم وتقاليدهم الخاصة بالزواج معهم إلى دول اللجوء، ولكن ظروف سنوات البعد والحرب لا بد لها أن تؤثر على هذه العادات، بشكل متفاوت حسب البلد المضيف.

عادة، يحاول اللاجئون التمسك بعاداتهم التي تربوا عليها، بينما يختار البعض منهم الاندماج بمجتمعاتهم الجديدة وإضافة طقوس على ما اعتادوا عليه في مناسباتهم الكبيرة والمهمة.

لكن في مصر حيث يجد السوريون احتضاناً وقبولاً بدرجة لافتة مقارنة مع باقي البلدان التي لجؤوا إليها، الأمر الذي ساعدهم على ممارسة حياتهم وعاداتهم من دون اختلافات جوهرية عما كان في بلدهم الأم.

يعيش السوريون في مصر حياة تشبه تلك التي عاشوها في سوريا، فلم يختلف الوضع عليهم، ولا يزالون يقيمون الأفراح بنفس الطريقة ويسيرون على نفس العادات.

 تتنوع عادات الزواج وحفلات الزفاف في سوريا وتختلف من منطقة إلى أخرى، تبعا لطبيعة المنطقة التي تترك أثرها على العرف السائد، فتختلف عادات طلب الفتاة والمهور من بلدة إلى أخرى، حتى طريقة الاحتفال بالزفاف أيضا مختلفة، فيفضل قسم كبير من السوريين حفلات الزفاف المنفصلة (صالة للرجال وأخرى للنساء) بينما يفضل البعض الحفلات المختلطة حيث يجتمع العروسان وعائلاتهم وأصدقاؤهم معا.

طقوس طلب العروس.. وتفاصيل المهر

يعيش في مصر مليون ونصف المليون سوري، يتوزعون على محافظات عدة، ويقيمون بالقرب من بعضهم البعض داخل مجمعات خاصة بهم، ويتشاركون المدارس والنشاطات والأسواق، مما يجعل مسألة الحصول على فتاة للزواج أسهل، في مجتمع غريب عنهم.

تبدأ طقوس طلب الفتاة بذهاب والدة العريس ونساء من عائلته إلى منزل العروس ليتعرفوا عليها ويطلبوها، وعند المواقفة يتم البدء بإجراءات الخطبة والزواج.

ينقسم المهر عند السوريين إلى مقدم ومؤخر صداق يتفق عليه الطرفان، كما يقدم الزوج مبلغا من المال من أجل جهاز العروس يطلق عليه "ملبوس البدن"، كما يتم الاتفاق على الذهب أيضا، ويختلف الأمر من عائلة إلى أخرى بحسب ظروف الشاب المالية، ويكون تجهيز المنزل بالكامل أيضا على أهل العريس.

الأمر مختلف في مصر

ديما فتح الله (23 عاما) سورية تعيش مع عائلتها في منطقة العبور التابعة للعاصمة القاهرة، تقول تختلف عاداتنا عن عادات المصريين، فهم يشعرون بالاستغراب كلما تحدثنا عن طريقة الزواج عندنا.

العريس في مصر يجهز المنزل مع الفتاة مناصفة، وتدفع العروس ثمن كل الأجهزة الكهربائية في المنزل وتجهز نفسها من ملابس، وأدوات مطبخ، ومفارش المنزل، في حين يترتب على العريس تأمين الشقة السكنية وأثاث المنزل، أما الذهب ففي بعض الأحيان لا يتم الاتفاق عليه، بل يكون بمثابة هدية.

تضيف ديما، في حيديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، رفض والدي أن يزوجني بهذه الطريقة، وتقدم شاب سوري لخطبتي، والآن نستعد للزواج وفقاً لعاداتنا.

وأمام الواقع الجديد والأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم ومصر، اختلفت وجهة نظر الشباب السوريين، حيث يرى بعضهم أن الزواج أصبح استثمارا بالنسبة لعائلة العروس، فأصبحت العائلات تطلب مهرا غاليا جدا مقارنة بالدخل المتوسط للشباب،

وفي بعض الحالات تكون الطلبات تعجيزية للعريس كامتلاك شقة، وذهب بمقدار معين، الأمر الذي يثقل كاهل الشباب اللاجئين الذين بالكاد يعملون من أجل الاستقرار وتأمين قوت يومهم.

سامر زيدان (28عاما)، شاب سوري يعيش في مصر بمفرده منذ 7 سنوات ويعمل في محل للعطور، يقول عندما تقدمت لخطبة فتاة، طلب والدها مقدما ومؤخرا 20 ألف دولار بحجة أننا في الغربة ويريد ضمان مستقبل ابنته، للأسف العائلات هنا لا تريد تيسير الزواج ما عدا شريحة قليلة العدد.

يضيف سامر، حاولت أن أخطب من سوريا، ولكن من الصعب قدوم العروس إلى هنا فما بين تأشيرة دخول وتذكرة طيران، ومبالغ مالية للجهاز وتجهيز الشقة أحتاج عشر سنوات لتأمينها.

حفلات الزفاف والتحضيرات التي تسبقها

يحافظ السوريون في مصر على تقاليد حفلات الزفاف، ويفضل غالبيتهم الحفلات المنفصلة، التي يطلق عليها في مصر"أفراح إسلامية" حيث يحتفل العروس والعريس كل منهم بصالة أفراح خاصة به، ويزف العريس أقاربه وأصدقاؤه إلى الصالة بمرافقة فرقة العراضة.

يتم كتب الكتاب عند أغلب السوريين مع الخطوبة من دون فاصل زمني، ويكون عبارة عن "كتاب شيخ" أي عقد قران شرعي، وهي عادة تختلف كثيرا عما لدى المصريين، حيث يتم كتب الكتاب عندهم يوم الزفاف، أو قبله بأسبوع على الأكثر، عند المأذون ويتم تقييده فورا بالسجلات.

عادة ما يقدم السوريون في حفلات الزفاف البوظة العربية في حفلات الصيف، بينما في الشتاء تقدم حلوى"المحلاية" والتي يشتهر بها السوريون وهي عبارة عن حليب وسكر ونشا، تطهى ثم يرش عليها المكسرات وتقدم باردة.

يذهب العريس السوري إلى الحمام قبل ليلة العرس، ويحتفل به أصدقاؤه هناك، ويقدم العشاء خلال الاحتفال، كما تذهب العروس أيضا في وقت آخر للحمام مع صديقاتها وعائلتها.

بالنسبة لفساتين الزفاف، هناك العديد من المحلات السورية المشهورة في مصر التي ترضي الذوق العام وتساعد العروس على اختيار ما يناسب وضعها، ويوجد فساتين للشراء وللإيجار لمن لا يسمح وضعها المادي بالشراء.

جهاد مزين، صاحب محل سوري لفساتين الزفاف يقول، هناك العديد من الفتيات السوريات اللاتي يأتين إلى المحل من أجل شراء أو تصميم (تفصيل) فساتين زفافهن، ولدينا أسعار تناسب جميع الطبقات والأذواق.

سهى الجابي (25عاما) سورية تقول، لم يختلف الأمر علينا في مصر، كل شيء موجود كما كان في سوريا، محلات الفساتين ومفروشات العروس وحتى صالونات التجميل سورية، في حفل زفافي لم أشعر أني بعيدة فكل شيء كنت أريده وجدته هنا.

أعراس بلا عريس

انتشرت بسبب الحرب أيضا طرق جديدة للزواج، وهو الزواج عن بعد، حيث يتم طلب العروس عن طريق الإنترنت من دولة أخرى، وخصوصا الدول الأوروبية.

عند الموافقة على الزواج، يتم العرس ويحضر المعازيم (المدعون) وتقدم الضيافة، وترتدي العروس فستان العرس، ولكن من دون عريس، حيث يكون العريس في البلد المقيم فيها، وتنتظر العروس لمدة غير محددة بعد تقديم الأوراق من أجل إتمام عملية "لم الشمل".

ويحضر العريس الحفل أحيانا عبر السكايب ليرى عروسته في هذا اليوم كنوع من المشاركة في زفافه.

دانا بسام (26 عاما) سورية تقيم في القاهرة تقول، خطبني صديق أخي في ألمانيا، ولكن لم يستطع السفر إلى مصر، فتعارفنا عن طريق الإنترنت، وتمت الخطبة، وكتبنا الكتاب.

تضيف دانا، انتظر منذ سنة أن يتم لم الشمل، وقررنا أن يكون العرس بعد شهرين عندما تكون أوراق السفر جاهزة، أعلم أنها مجازفة ولكنني أثق به وأريد خوض التجربة.

لم تكن دانا هي الوحيدة التي قررت الزواج بهذه الطريقة، وعلى الرغم من أن الظاهرة ليست منتشرة كثيرا، لكنها موجودة، وترغب بها العديد من الفتيات في ظل صعوبة الأوضاع في مصر، وندرة الفرص في هذا الوضع.