أزمة النخبة السورية في ظل المتغيرات

2022.11.13 | 05:51 دمشق

أزمة النخبة السورية في ظل المتغيرات
+A
حجم الخط
-A

نعيش بظل متغيرات متسارعة داخلية وخارجية، ومن يتابع النخبة السورية في الضفاف الثلاث الموزعة على الجغرافيا السورية، والتي تلوّن على الخريطة بالأحمر والأخضر والأصفر لمناطق التوزع العسكري والسياسي والوجود الدولي، يعلم حقيقة كم هذا الشعب مظلوم بنخبه، فمن يتابع زمرة المهرجين للأسد والطبقة المحيطة به من جوقة المصفقين ورجال الدين، ثم ينظر للنخبة الملتفة حول قسد التي تبرر دوماً قبل فهم ما يجري تبرير "ما جرى ويجري" لاسيما النخبة العربية، يعلم كم مصيبتنا بتلك النخب كبيرة، ثم بضفة المعارضة المنشطرة بين حكومتين في إدلب وريف حلب، والتي ينبغي أن يعوّل عليها لتكون نموذجا ينْشده السوريون لاسيما شمالي حلب، ليرى حالة نعيشها تسر العدو ولا تسعد الصديق.

حالة من التآكل والكيد والتآمر الرخيص على بعضنا بأساليب سيئة، فضلاً عن حالة تكلس القيادة التي تتكرر دوماً بذات الوجوه، لاسيما القيادة العسكرية ذاتها ونكباتها، وستتكرر معها أخطاؤها وستعطي نفس المنتج فهذه قواعد فيزيائية بديهة بل حتى قواعد سياسية إدارية مجربة. ويتكرر معها بالطرف المقابل والموازي لذات المعارضة خارج المؤسسات الرسمية نوع من النقد بنفس الأسلوب السلبي حيث ندغدغ مشاعر العامة بخطاب شعبوي عاطفي يدغدغ العاطفة ولا يخاطب العقل، يؤكد على العناوين المطلوبة والمرغوبة للشعب من دون الوقوف على أرضية الواقع وتبصير الناس بها وكيف السبيل المنطقي الواقعي لتغيير الواقع بدلاً من النقد لذاته.

لو سمحنا لأنفسنا بالحلم لحظة بسقوط مفاجئ للنظام، أو تطبيق للقرارات الدولية فماذا لدينا بظل هذه الفوضى العارمة والتشظي من استراتيجيات عمل

فنعرف ما لا نريد لكن ماذا نريد؟ والأهم كيف نحقق ما نريد؟

ومن ثم الإصرار على حالة التآكل الداخلي وقذف الإشاعات والوشايات من دون تبصر عاقل أو عقل حكيم، ولا أحد يجرؤ أن يغير التفكير أو يغير العمل، فقد اكتفى من نضاله بهذه الحال، ولا أعتقد لا هذا ولا ذاك سيقدم شيئاً عملياً مفيداً للسوريين بهذه الحال على الأقل.

ولو سمحنا لأنفسنا بالحلم لحظة بسقوط مفاجئ للنظام، أو تطبيق للقرارات الدولية فماذا لدينا بظل هذه الفوضى العارمة والتشظي من استراتيجيات عمل وقدرة حقيقية على انتقال وبناء "حكم رشيد"، تلك الكلمة التي يسمعها السوريون في الخطابات بشكل مستمر ولم يجربوها أو يعرفوا معناها العملي في التجربة التي أتيحت لهم، أو سنكرر سلوك الاستبداد كما نعيشه اليوم بظل الفوضى.

في ظل المخاض الأخير الذي عشناه في الشمال السوري وسط مخاطر كثيرة محدقة بقوى الثورة والمعارضة نتيجة أسلوب إدارة بات كارثياً، والرغبة الشعبية بتغيير واقع هذا الحال من القوى السياسية والعسكرية لعلها تكون نقلة إلى الأفضل فقد وصلنا القاع، فهذه الحال الذي نعيشها لن تخلق فضاءً مختلفاً عن الواقع الذي نعيش فهو يجسّد بحق ذاك العقل المشتت، فمهما كان الجسم قوياً فسيضعفه عقل مشتت وهذا واقعنا باختصار فالقوة الشعبية الهادرة الصابرة لم يستطع ذلك العقل استثمارها استثماراً أمثل، وما لم نخرج بتفكير جريء وخطوات عملية جادة مما نحن فيه ستبقى الحال كما هي وسيبقى اللطم والنقد لهذا الواقع على أريكة مستريحة أو منبر إعلامي ما.

فالتقاسم للمهام والأدوار بين أفراد لا تتمتع بالخبرة والقدرة هو تضييع للهدف العام والعمل العام على حسابات مصالح فئوية عصبوية ضيقة ومقيتة، ليتكرر المكرر الذي ليته كان متميزاً بالأداء والمنتج والاستثمار الصحيح لتلك القوى الهادرة الصابرة.

ينبغي أن يرن جرس الإنذار للعقول النبيهة الحذرة، ليس لتشكو ما يجري، بل تفعل الذي ينبغي فعله

نحن أمام واقع ومحطة زمنية تحتاج إلى تفكير مختلف وإرادة مختلفة التي ستؤدي لعمل مختلف ومنتج مختلف وبالتأكيد لن تقوم به نفس تلك الأدوات، خاصة وقد بدأ كثير يسمعون عن رغبة ست دول أوروبية بإعادة العلاقة مع النظام وكذلك الجدل الذي حصل في دعوة النظام لاجتماع الجامعة العربية الأخير ثم حسم الموقف بعض الدول العربية ومنها الشقيقة المملكة العربية السعودية وقطر.

وهذا ينبغي أن يرن جرس الإنذار للعقول النبيهة الحذرة، ليس لتشكو ما يجري، بل تفعل الذي ينبغي فعله والذي ينبغي فعله الكثير الكثير...

فالتباطؤ والوقوف بزمن متسارع الأحداث هو تراجع للوراء.