أردوغان يبحث عن منافس على مقاس كليتشدار أوغلو

2022.06.14 | 07:01 دمشق

ardwghan-yd-klyjdar-awghlw-fy-mwqf-mhrj-amam-alshb-altrky.jpg
+A
حجم الخط
-A

لم يكن إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان  ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة بشكل رسميّ أمراً مفاجئاً، بقدر ما كان أمراً مفروغاً منه أكده سابقاً حليفه زعيم حزب الحركة القومية دولت باهجلي.

ومع ذلك كان لخطاب أردوغان صدى واسع، لا سيما أنه جاء من مدينة إزمير القلعة الحصينة لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة.

كان إيذاناً بأن العمل للانتخابات قد بدأ، فليس أمامها سوى عام فقط، ولذلك سنجد أردوغان يُكثر من جولاته ولقاءاته مع الجمهور.

لم يكتف أردوغان بإعلان الترشح للانتخابات الرئاسية، بل دعا زعيمَ الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، إلى أن يكون شجاعاً ويعلن عن الترشح للانتخابات، حتى يكون منافساً أمام أردوغان بشكل مباشر هذه المرة.

لماذا كليتشدار أوغلو؟

هناك ميرال أكشنار مثلاً زعيمة حزب الجيد الحليف لحزب الشعب الجمهوري ضمن تحالف "الأمة" المعارض، فضلاً عن أسماء أخرى محتملة يجري الحديث عنها بكثرة بشأن الترشح للانتخابات الرئاسية.

يعلم أردوغان حالة الفرقة التي تضرب أحزاب المعارضة الكثيرة للغاية، ليس في موضوع المرشح الرئاسي المشترك فحسب، بل في العديد من القضايا وأبرزها تقاسم السلطات من الآن على فرضية الفوز بالحكم، ولذا فهو يريد استغلال هذه النقطة بالذات.

إلى جانب ذلك، يدرك أردوغان أن كليتشدار أوغلو اسم غير مرغوب به لدى عامة أحزاب المعارضة، في الوقت الذي يسعى فيه الرجل لتنصيب نفسه مرشحاً مشتركاً عن المعارضة، وهو الذي خسر كل الجولات الرئاسية والبرلمانية والمحلية أمام أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، سوى ما طرأ في الانتخابات المحلية الأخيرة (آذار 2019) حيث تمكن حزبه "الشعب الجمهوري" من اقتناص بلديتي إسطنبول وأنقرة من العدالة والتنمية، لكن ليس بفضل كليتشدار أوغلو بقدر ما كان بسبب انزعاج الحاضنة الشعبية من سياسات الحزب الحاكم من جهة، وبروز أسماء جديدة مثل أكرم إمام أوغلو ومنصور ياواش اللذين فازا بإسطنبول وأنقرة على التوالي من جهة أخرى.

هذان الاسمان على وجه الخصوص أي إمام أوغلو ومنصور ياواش، يجري الحديث عن فرضية ترشحهما للانتخابات الرئاسية بشكل علني ومركّز، وبينما يبدو رئيس بلدية إسطنبول متحمساً لهذه الفرصة، فإن رئيس بلدية أنقرة "ياواش" يبدو غير مكترث لذلك على الإطلاق، مع أن استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت تقدمه على كليتشدار أوغلو وإمام أوغلو على حد سواء.

مسألة المرشح الرئاسي المشترك تستنزف المعارضة التركية بلا شك، وناهيك عن تعدد هذه الأحزاب فهي كثيرة، إلا أن هناك ما بات يعرف بالطاولة السداسية التي تجمع 6 أحزاب معارضة، وحتى هذه فهي إلى الآن لم تحسم أمرها في هذه القضية.

بينما يصر كليتشدار أوغلو إلى الآن على ضرورة أن يكون هو المرشح دون أن يعلن ذلك صراحة، فإن حليفته زعيمة حزب الجيد "أكشنار" تميل إلى إمام أوغلو الذي سطع نجمه بفوزه ببلدية إسطنبول، أما الأحزاب الأربعة الأخرى على الطاولة السداسية فهي أحزاب صغيرة لا يبدو أن لها رأياً واضحاً في ذلك، لكن الكواليس تقول إنهم لا يميلون إلى كليتشدار أوغلو.

لكل ما سبق، يدرك أردوغان وهو رجل محنّك صاحب تجربة طويلة بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي؛ أن كليتشدار أوغلو هو الحلقة الأضعف في ضوء المنافسة على الرئاسيات المقبلة، ولذا فهو يرجح أن يكون كليتشدار أوغلو تحديداً منافسه القادم، فهو صاحب سجل حافل بالهزائم، لا يتمتع بثقة كبيرة لدى معظم الناخبين.

لماذا يراهن كليتشدار أوغلو على ترشيح نفسه للانتخابات؟

كليتشدار أوغلو تسلم حزب الشعب الجمهوري منذ 2010، بمؤامرة على الرئيس السابق دينيز بايكال -كما يقال-، ورفض التنحي عن رئاسة الحزب على مدار 12 عاماً رغم الهزائم المتوالية أمام منافسه العدالة والتنمية، لدرجة أنه ورّط منافسه داخل الحزب محرم إنجة كي يترشح للرئاسة في انتخابات 2018 أمام أردوغان، وهو يدرك أنها مقامرة خاسرة، لأجل إبعاد إنجة عن حلمه بقيادة الشعب الجمهوري فحسب.

الذي تغير الآن هو أن كليتشدار أوغلو يراهن على أمر يبدو متيقناً منه حق اليقين، ألا وهو خسارة أردوغان والعدالة والتنمية، مستنداً لاستطلاعات الرأي التي تُظهر التراجع الملحوظ من جهة، والسخط الشعبي من الحكومة بسبب الأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة والبطالة والتضخم من جهة أخرى، وكما تقول بعض الصور المتهكمة عبر تويتر أنه لو تنافس الجماد أمام أردوغان في الانتخابات فإن الجماد هو من سيكسب هذه المرة!

ربما كان كليتشدار أوغلو محقاً في مراهنته فهناك تراجع واضح بالفعل في شعبية أردوغان والعدالة والتنمية، لكن هذا لا يعني أن غالبية الشعب تثق بالمعارضة، وبالأخص بشخص كليتشدار أوغلو نفسه.

خلافات كليتشدار أوغلو الداخلية والخارجية

ومن جانب آخر، لن يكون بمقدور كليتشدار أوغلو أن يرغم تكتل المعارضة المتشرذم على الاقتناع به والتصويت له، خاصة أننا نتحدث عن تكتل يغيب عنه حزب الشعوب الديمقراطي المعارض الذي دأب على ترشيح رئيسه السابق صلاح الدين دميرتاش القابع في السجن منذ 2016، ونتحدث هنا عن حزب يتمتع بـ 11.7% من مجمل الأصوات، حسب الانتخابات البرلمانية منتصف 2018 (صحيفة صباح التركية).

ولو استثنينا كل ذلك، فإن كليجدار أوغلو أمام عائق داخلي بالأصل متمثل في أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول، الذي يتصرف وكأنه مرشح رئاسي بالفعل حيث يتنقل بين الولايات التركية من فترة لأخرى ويقحم نفسه في السياسة علماً أن عمله الرئيسي هو الخدمة العامة في إطار البلدية لأكبر مدينة في تركيا وهي إسطنبول.

بعبارة أخرى يمكن أن تلخص ما سبق؛ هناك سخط شعبي على الحكومة نعم، وتراجع ملحوظ في الأصوات الداعمة لأردوغان وحزبه نعم، لكن المعارضة لا تزال متفرقة وغير متفقة على تسمية مرشح، حتى ولو تظاهرت بعض أوساطها بحكاية أن "المرشح الرئاسي المشترك موجود، لكن الإعلان عنه لن يتم إلا حين موعد الانتخابات كي لا يتعرض لحملات التشويه من قبل أردوغان والإعلام الداعم له"؛ فإن هذه الحكاية غير مقنعة، وتعطي انطباعاً على مدى هشاشة هذا المرشح الذي يخاف من الكشف عن نفسه مبكراً.

ما يمكن قوله ورؤيته هو أن المعارضة حتى الآن لم تتفق على مرشح رئاسي مشترك يمكن أن ينافس أردوغان في الانتخابات المقبلة، وهذه حالة يستغلها أردوغان للضغط على المعارضة وحزب الشعب الجمهوري بشكل خاص، وإذا كان كليتشدار أوغلو ربما هو الأقل حظاً للتغلب على أردوغان بعد حكم متواصل منذ 20 عاماً، فمن هو أو هم الأكثر حظاً وقوة إذاً؟ لا شك أنه سؤال يحتاج إلى إجابة مطولة ومدروسة تستحق أن تكون موضوعاً منفصلاً وحده، ربما يكون موضوع مقالنا القادم.