icon
التغطية الحية

آراء السياسيين المعارضين.. هل نجح الروس في إنقاذ نظام الأسد؟

2019.09.30 | 19:10 دمشق

بوتين في حميميم.jpg
تلفزيون سوريا - خاص
+A
حجم الخط
-A

أجرى تلفزيون سوريا مقابلات مع السياسيين السوريين المعارضين، الأستاذ ميشيل كيلو، والأستاذ جورج صبرا، والناشط الإعلامي الموجود في الشمال السوري ماجد عبد النور، لاستطلاع آرائهم في الذكرى الرابعة للتدخل الروسي في سوريا، حول مستقبل الوجود الروسي، وهل نجحوا فعلاً في تثبيت أركان النظام في سوريا؟

 

في الذكرى الرابعة ماذا حقق الروس على الأرض؟ وهل نجحوا في تثبيت أركان النظام؟

ميشيل كيلو:

سأتحدث بداية عن أهمية سوريا بالنسبة للروس، فسوريا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي مرّت بفترة عصيبة كان فيها 23 حرباً بين 23 منطقة، وخرجت منها دون أن يكون لها أي موقع أو وجود أو حضور دولي خارجي.

في الستينات أو السبعينات كان يُقال أن 75% من العرب كانوا يعيشون بنظم لا رأسمالية صديقة للاتحاد السوفييتي.. أين هم الآن؟ وفي أميركا اللاتينية لا يوجد لديهم أحد بعد أن تركوا كوبا، لديهم فنزويلا وهي عبء فظيع وتعاني من تضخم بنسبة مليون بالمئة. أما في آسيا فلا يمكن أن نقول إن إيران تابعة لروسيا، فطهران لديها مشروع إقليمي، والصين أكبر من روسيا بكثير. وبذلك فإن سوريا تمثل المكان الوحيد لموسكو في العالم الخارجي فإذا ما وضعوا أيديهم عليها لن يكون هنالك أحد يخرجهم منها.

والأمريكان قالوا إنه يجب على كل القوى الأجنبية أن تنسحب من سوريا باستثناء الروس، وذلك لوجود علاقة تاريخية بين الروس وسوريا وخاصة مؤسسات الدولة مثل الجيش والأمن. وقال بوتين لجنرالاته قبل الدخول إلى سوريا "أنتم ذاهبون لإنقاذ بشار الأسد"، ثم صرّح أن سوريا ستكون نقطة ينطلق منها الروس باتجاه استعادة نفوذ الاتحاد السوفييتي. وأرسلت روسيا جنرالين زاروا العراق والأردن بمهمة إنشاء نظام أمن إقليمي موازي للتحالف الدولي ضد داعش الذي أسسته واشنطن. ثم زار رئيس أركان الجيش الأمريكي البلدين نفسهما وقال من العراق "لن يكون هنالك نظام أمن إقليمي في المنطقة".

يعتبر الروس أن سوريا نقطة قفز ولا يقبلوا بأن ينافسهم عليها أحد، لا إيران ولا غيرها، وسيأتي يوم إما تنضم إيران تحت نفوذ الروس في سوريا وتأخد حصتها، أو ستقوم روسيا بإخراج الإيرانيين من سوريا. ولن تقوم بذلك من أجل الأمريكيين، وإنما لمصلحتها هي.

ثبّت الروس أنفسهم في سوريا بموافقة أمريكية بعد أن أعطاهم أوباما تفويضاً من خلال اجتماعات جون كيري ولافروف، وأوعز لهم بتدبير عملية الحل العسكري للصراع في سوريا ومن ثم نتفاهم على الحل السياسي. اليوم تقريبا أنجز الروس الحل العسكري وبقيت إدلب التي أرى أنها ليست بعيدة عن ذلك.

ويريد الروس حلاً سياسياً بعيداً عن الأميركان، لكن كيف ذلك والولايات المتحدة تحتل 28 بالمئة من سوريا، وقوتهم في سوريا أكبر من قوة الروس!.. وهكذا فإن كان الروس قد أنجزوا الحل العسكري، فالحل السياسي هو محل تجاذب بينهم وبين الأميركان.

اعترفت الولايات المتحدة على لسان مبعوثها الخاص إلى سوريا جيمس جيفري بموافقتها على بقاء الروس في سوريا.. هل يعني هذا توطيد الوضع الروسي في سوريا؟ هل الأسد أصبح شخصاً لا يمكن تجاوزه؟ لا لا يعني ذلك أبداً، فالروس ومن موقعهم القوي سيعيدون ترتيب سوريا وقدموا مسودة دستور تتحدث عن سوريا فيها جمعية أقاليم وبرلمان، يعني تقريباً فدرالية ولا مركزية، وفيها تقييد شديد لصلاحيات رئيس الجمهورية وفيه حديث عن حريات وإعادة هيكلة الأمن والجيش. وهكذا سيحاول الروس من موقفهم القوي ترتيب النظام بشكل يمنع أن ينافسهم أحد على سوريا.

وبتقديري إذا طلبوا من السوريين العودة إلى الأسد بعد أن قاوم الشعب السوري 9 سنوات وقدم مليون شهيد، فإن مساعيهم في ترتيب النظام ستفشل.

 

جورج صبرا:

جاء الروس بمهمة واضحة ومحددة وهي وقف انهيار النظام السوري وقد فعلوا ذلك ودعموا سلطة الأسد المنهارة لكن قاموا بكل أعمال التدمير والقتل والتهجير من أجل ذلك من جنوب سوريا إلى شمالها، وغطوا سلوكات النظام باستخدامه الأسلحة المحرمة دولياً كالكيماوي والبراميل المتفجرة والأسلحة الخارقة والحارقة.

كما قدمت روسيا الحماية للنظام في المؤسسات الدولية وخاصة مجلس الأمن وحالوا 14 مرة دون مجرد الإدانة لهذا النظام لكن رغم كل ما فعله الروسي بقي عاجزا من تفعيل العملية السياسية.

وأكثر شيء مخزٍ للروس هو عندما استغلوا المعلومات والإحداثيات التي أخذتها من الأمم المتحدة من أجل حماية المشافي والمراكز الطبية والمحتل الروسي قام باستخدامها لتصفية هذه المراكز وإخراجها من الخدمة.

 

ماجد عبد النور:

هناك 4 محطات بارزة في تاريخ الثورة السورية المسلحة، ففي عام 2012 انتهى جيش الأسد، وفي عام 2013 انتهى حزب الله، وفي عام 2014 انتهت داعش، وفي عام 2015 بدأت الثورة السورية تأخذ منحى آخر بعد التدخل الروسي.

كان للتدخل الروسي التأثير الأكبر، خاصة وأنها جاءت بعد أن كان الجيش الحر قد خاض معارك عنيفة على مدار 5 سنوات، استنزف فيها وهو يقاوم كل الميليشيات.

وظهرت أولى نتائج التدخل الروسي في حلب، التي كانت مدينتها خاضعة لسيطرة المعارضة بنسبة 70 بالمئة، وريفها بنسبة 95 بالمئة. واستطاعت روسيا السيطرة على منطقة تل رفعت وقطعت الطريق بين ريفي حلب الشمالي والغربي، ومن ثم سيطرت على معظم الريف الجنوبي، لحين السيطرة على مدينة حلب.

 

ما مستقبل الوجود الروسي على الصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي؟

ميشيل كيلو:

استأثرت روسيا بسوريا بحكم موقعها كدولة معترف بوجودها في سوريا دولياً ووقعت اتفاقات وصفقات لـ 49 عاماً.

بصريح العبارة، تقريباً كل وفود المعارضة التي ذهبت إلى موسكو قالت للروس ابقوا قدر ما تشاؤون في سوريا بشرط أن تزيحوا الأسد عن السلطة، وقرروا أنتم ما إذا كان النفط والغاز المتجه من الخليج إلى أوروبا، سيمر من سوريا.

أعتقد أن الروس سيبقون فترة طويلة في سوريا، لكن كيف سيكون ذلك؟ هل ستكون قوة احتلال كما هي اليوم؟ أم سيكون وجودهم باعتبارهم دولة كبرى لها نفوذها وتتعامل مع سوريا كدولة مستقلة؟

لم يفت الزمن الذي يجب علينا فيه أن نتفاهم مع الروس ومع العالم، ونستخدم كل الدول للضغط كي يتعاملوا مع سوريا كدولة مستقلة. كان في سوريا ألف خبير للروس وكانت دولة مستقلة لا يحتلونها، الآن يوجد للروس قواعد عسكرية ومطارات وقاعدة بحرية وكل ذلك بموافقة واشنطن.

جورج صبرا:

ليس هناك أي مستقبل للاحتلال الروسي في بلدنا لأنه سيبقى في ذاكرة السوريين للأبد أن روسيا تساوي آلة تدمير عمياء كانت إلى جانب مغتصبي السلطة وحق الشعب السوري. لقد وضعت روسيا نفسها في موقع العداء للشعب السوري ولا يمكن أن يمر ذلك مرور الكرام.

لذلك وقف الروس الآن بعد ما فعلوه، عاجزين عن أي ولوج حقيقي للعملية السياسية، فباستطاعتهم أن يدمروا، لكن لا يمكنهم أخذ ثقة السوريين والمشاركة في عملية سياسية حقيقية.

هناك تناقضات بارزة في محور أستانا بين الروس والإيرانيين من جهة والروس والأتراك من جهة ثانية، فهذا الاصطفاف غير مؤهل لأن يستمر ولا يمكن أن يكون لروسيا أي دور فعال في إقامة السلام الحقيقي في سوريا وإيجاد الحل الذي ينتظره السوريون والذي رسمت أبعاده الأمم المتحدة في قراراتها.

 

روسيا كسبت صفقات سياسية واقتصادية ضخمة، كيف يمكن أن تُلغى هذه الاتفاقيات في المستقبل؟

جورج صبرا:

دون شك روسيا أوجدت مرتكزات لها لأن عصابة الحكم في دمشق باعت سوريا ومقدراتها وثرواتها لكل من إيران وروسيا. والروس والإيرانيون يقتسمون هذه الموارد. لكن لاحظنا أن كل ذلك لم يعد يكفي الثمن الذي تريده روسيا ما اضطرهم مؤخرا لأن يوقعوا بين أطراف العصابة وسمع الجميع عما جرى لرامي مخلوف في مواجهة بشار الأسد لأن الفاتورة التي يقدمها الروسي للنظام هي فاتورة كبيرة وسيكون لها ثقل كبير على مستقبل الحياة العامة في سوريا.

 

تواجه إدلب مصيراً غامضاً.. ما قراءتكم للوضع؟

ميشيل كيلو:

قراءة غير متفائلة. بالمؤتمر الصحفي في لقاء روحاني وبوتين وأردوغان في 16 من الشهر الجاري قال بوتين بالحرف الواحد "اتفقنا على أن نستمر بالمعركة ضد الإرهاب في إدلب وروسيا على استعداد لمساعدة الجيش السوري على تحقيق هذا الهدف". وهنالك حديث بأن ملف إدلب من الممكن أن يُحل على مرحلتين، وتكون المرحلة الأولى هي مرحلة الطرق والدوريات المشتركة والمنطقة العازلة الجديدة وبعض الجهود ضد الإرهابيين وسيبدؤون بضرب حراس الدين.

من الأكيد أن روسيا نجحت بفصل تركيا عن المعارضة السورية وأيضاً أن يفصلوا مصالحهم الاستراتيجية مع تركيا عن سياساتهم في سوريا، فعلى المستوى الاستراتيجي ليس هنالك مشكلة بين الروس والأتراك، لكن هنالك خلافات واضحة في إدلب وغيرها على مستوى المصالح.

أعتقد أنه الروس سيتمكنون في الأخير من السيطرة على إدلب، وبتصوري فإن الإعلان عن اللجنة الدستورية في نفس الوقت الذي تم فيه إعلان استكمال المعركة، هو للقول بأنه لدينا فرصة استثنائية لأن نفرض ما نريد من حل سياسي في حال لم يعد هناك لا في إدلب ولا في غيرها جهة تستند عليها هيئة التفاوض، وبذلك تأتي المعارضة السياسية كمجموعة أشخاص بدون أن يكون وراءها قوى على الأرض.

والآن إذا ما اهتم الأمريكان أكثر في موضوع الخليج وركزوا أنظارهم هناك، فستكون سوريا أهمية ثانوية بالنسبة لهم، وهذا ما سيحدث.

 

جورج صبرا:

هو مصير غامض ومؤشراته السلبية واضحة جدا وتأتي من مسار أستانا الذي استمر كل هذه الفترة في اجتماعات متكررة لكن دون جدوى وآخرها الاجتماع الأخير في تركيا وبقي كل طرف يتحدث بلغته. فالروسي يعتبر كل بندقية في وجه الأسد إرهابية وفي عرفه كل أطراف المعارضة هي إرهابية ويجب استئصالها.

ويوم أمس في مجلس الأمن منع الروس صدور قرار في وقف إطلاق النار، هم لا يريدون مجرد وقف إطلاق النار. النوايا الروسية على أهلنا في إدلب واضحة.

النظام يختبئ وراء القرارات الروسية والوضع الروسي المأزوم مشابه لبقية أطراف هذا المحور، يعاني من أزماته الداخلية مع شعبه وكذلك الأمر بالنسبة لإيران وتركيا. لا يمكن أن يتوقع المرء نتائج إيجابية لمجريات الأمور في إدلب وهذا مؤسف ومؤلم.

كلمات مفتاحية