الحرب في أوكرانيا تهز تحالفات الشرق الأوسط

2022.04.28 | 05:37 دمشق

2022-04-26t215821z_598752955_rc2krt9rg3f4_rtrmadp_3_ukraine-crisis-usa-poll.jpg
+A
حجم الخط
-A

تستمر المسارات السياسية الدولية والإقليمية بالدوران. سلسلة من الوقائع والأحداث يمكن قراءتها ورسم ملامحها. بداية، تجدد الحوار السعودي الإيراني في بغداد، يشدد الطرفان على ضخ أجواء إيجابية عن نتائجه، علماً أن هذا الاجتماع طرحت فيه ملفات المنطقة بمجملها إلى جانب البحث في إعادة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات. على أن تنتقل جولات الحوار إلى سلطنة عمان بدلاً من العاصمة العراقية في المرحلة المقبلة.

يفترض لهذه المفاوضات أن تتضمن برنامجا بأولويات متعددة، تبدأ في اليمن ومن ثم العراق فسوريا ولبنان. عراقياً يحرز الأتراك تقدماً من خلال عملياتهم الأمنية ومن خلال تعزيز العلاقات مع أربيل ومع حكومة الكاظمي. كذلك تعزز تركيا وضعيتها الإقليمية والدولية، أولاً من خلال السعي إلى تحسين العلاقات مع السعودية وزيارة أردوغان إلى هناك، بالإضافة إلى لعب دور متقدم في عمليات تأمين الغاز إلى أوروبا في ضوء الحرب الروسية على أوكرانيا. 

دولياً، حصل تطور دولي برعاية أميركية واضحة من خلال تعيين تيري وولف كمشرف على تحالف دولي لتنسيق مواجهة روسيا في أوكرانيا وهو الذي كان رئيس العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش، وهو الذي أشرف على إنشاء التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي كان يضم نحو 60 دولة، في حين إعادة تسليمه ملف التنسيق حول دعم أوكرانيا سيكون مسؤولاً عن مجابهة روسيا على رأس 40 دولة. ومعلوم أن وولف أكثر من يخبر منطقة الشرق الأوسط ولا سيما سوريا والعراق والأردن، وبالتالي هل ستكون هذه المواجهة ضد روسيا مقتصرة على أوكرانيا، إنما قد تطول مناطق النفوذ الروسي، وهذا قد ينعكس على سوريا مثلاً. يوحي ذلك بأن أمد الحرب سيكون طويلاً. وهذا يعني أن هناك إمكانية كبيرة لعودة سياقات الحرب الباردة في المنطقة، خصوصاً أن روسيا تسعى إلى إعادة وصل العلاقات التاريخية مع حلفاء الاتحاد السوفييتي في المنطقة. 

هناك من يعتبر أن التطورات العسكرية في أوكرانيا ستنعكس على منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً على لبنان وسوريا. كل الإشارات في سوريا تشير إلى أن التوترات ستتزايد

كل المؤشرات تفيد بأن الحرب طويلة، بينما في المقابل يستمر البحث عن توفير بدائل عن الغاز المسال. وفي حين تسعى تركيا إلى تعزيز وضعيتها على المسرح الدولي من بوابة الغاز انطلاقاً من خلال تحسين العلاقات مع إسرائيل، والبحث مع كردستان العراق حول تعزيز عملية نقل الغاز إلى أوروبا وكذلك عبر أذربيجان ما يعني أن أنقرة تسعى إلى الاستفادة بشتى المجالات، تستعيد تركيا دوراً أساسياً ينضوي في إطار حلف الناتو، وهذا يتجلى في ما نقل عن لسان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حول إغلاق المجال الجوي التركي أمام الطائرات الروسية التي تنقل قوات من روسيا إلى سوريا. وهذا القرار يؤشر إلى التداعيات الكبيرة على منطقة الشرق الأوسط، وهو ما تؤكده نظرية امتداد الصراع إلى مختلف المناطق ذات النفوذ الروسي. هذا لا يمكن فصله عن وقف كل محاولات إعادة تحسين العلاقات العربية السورية كما كان يتوهم البعض، أو يستعجل حصولها لإعلان الانتصار النهائي للنظام السوري، وهو أمر أصبح من سابع المستحيلات أن يحصل في ظل هذه الظروف والتطورات، وفي ظل الارتكاز على وقائع لتحقيق نقاط من قبل النظام السوري تشير إلى أنه حاجة عربية، وهو أمر سقط حالياً، مع تأكيدات أن أي حل في سوريا وتطبيع للعلاقات يجب أن يمر من خلال الدخول في مرحلة انتقال سياسي.

هناك من يعتبر أن التطورات العسكرية في أوكرانيا ستنعكس على منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً على لبنان وسوريا. كل الإشارات في سوريا تشير إلى أن التوترات ستتزايد، من الجنوب السوري إلى حمص، والشرق والشمال، فالمشكلات بين الأكراد والنظام السوري تتزايد، في حين الأتراك يستمرون بعمليات أمنية واضحة.

يجري ذلك على وقع البحث في إمكانية فتح خط نفط كركوك بانياس من قبل الروس، في نوع من محاولة دعم النظام السوري مالياً خصوصاً في ظل انعدام القدرة الروسية والإيرانية على توفير الدعم للنظام، فيتم السعي للبحث له عن بدائل. علماً أن هذا الخطّ مقفل منذ عشرات السنين، ولو لم تندلع حرب أوكرانيا ونجحت إيران في توقيع الاتفاق النووي لما كانت هناك أي حاجة للتفكير في إعادة فتحه وتشغيله. في المقابل لا يبدي الأميركيون أي نية للاستعجال في إبرام الاتفاق مع إيران، وهو لن يوقع قبل الانتخابات النصفية في نوفمبر المقبل. ما سيؤدي إلى تعقيد الوقائع السياسية في المنطقة بالمرحلة المقبلة.