icon
التغطية الحية

آخرهم العقال.. لماذا اختار زعماء تنظيم الدولة شمال غربي سوريا مقراً لهم؟

2022.07.15 | 08:34 دمشق

استهداف ماهر العقال
موقع استهداف زعيم "تنظيم الدولة" في سوريا ماهر العقال - AFP
+A
حجم الخط
-A

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية منتصف الأسبوع الحالي القضاء على أحد زعماء "تنظيم الدولة" (داعش) المدعو ماهر العقال، نتيجة استهدافه برفقة شخص آخر بواسطة طائرة مسيرة، بالقرب من ناحية جنديرس في عفرين شمالي حلب، الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري.

لم تكن عملية اغتيال "العقال" الوحيدة التي تطول زعماء وقادة "تنظيم الدولة" في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، وخلال ثلاثة أعوام تمكنت القوات الأميركية من القضاء على زعيم التنظيم "أبي بكر البغدادي" في إدلب (2019)، وخليفته "عبد الله قرداش" في إدلب (2022)، والمتحدث باسم التنظيم" أبي حسن المهاجر" قرب جرابلس شرقي حلب (2019).

وتطرح العمليات الأميركية المتكررة ضد "تنظيم الدولة" في شمال غربي سوريا أسئلة عن سبب لجوء قادة التنظيم إلى هذه المنطقة بالتحديد، وفيما إذا كانت مناطق سيطرة المعارضة السورية قد أصبحت ملاذاً آمناً لزعماء "داعش"، ودور الفاعلين المحليين في تلك العمليات التي غالباً ما تنفذها قوات أميركية خاصة.

"العقال" آخر المستهدفين

في 12 من تموز الجاري، أعلن الدفاع المدني السوري عن مقتل شخصين يستقلان دراجة نارية في قرية خالطان التابعة لناحية جنديرس، إثر استهدافهما من قبل طائرة مسيرة، لتعلن القيادة المركزية الأميركية بعد ساعات أن الطائرة استهدفت اثنين من كبار المسؤولين في "تنظيم الدولة"، أحدهما "ماهر العقال"، المسؤول عن تطوير شبكات التنظيم خارج سوريا والعراق.

ومنتصف شهر حزيران الماضي، أعلنت قوات التحالف الدولي عن اعتقال قيادي بارز في "داعش" يعمل في صناعة القنابل يدعى هاني أحمد الكردي، بعملية إنزال جوي بين قريتي "قرقوي العرب" و"الأحمير" قرب بلدة الغندورة بريف جرابلس، في حين أكدت مصادر محلية متطابقة أن اثنين من المستهدفين في تلك العملية تمكنا من الهروب، ويرجح أن "العقال" كان أحدهما.

وكانت وزارة الداخلية التركية، قد قالت في 12 من كانون الثاني 2021 إنها قبضت على قيادي من "تنظيم الدولة" يدعى "عزو خلف سليمان العقال"، وقالت إن المذكور متورط برفقة "ماهر العقال أبي البراء" بتفجير وقع في ميدان السلطان أحمد بإسطنبول في 12 من كانون الثاني 2016 (راح ضحيته 10 ألمان)، ومتورط بتفجير في قضاء سروج بولاية شانلي أورفا بتاريخ 20 من تموز 2015 (راح ضحيته 33 شخصاً).

وأفاد الخبير في الجماعات الإسلامية ورئيس قسم الدراسات الأمنية في مركز العراق للدراسات الاستشرافية رائد الحامد، في لقاء مع "تلفزيون سوريا"، بأن ماهر العقال هو شقيق فايز العقال المكنى (بأبي سعد الشمالي)، والمعروف باسم "والي الرقة" في تنظيم "الدولة" الذي قتل قرب مدينة الباب في حزيران 2020، مضيفاً أن العقال نفسه هو المتحدث الرسمي الجديد باسم (تنظيم الدولة)، ويكنى بـ (أبي عمر المهاجر)، والذي نجا من إنزال سابق نفذه التحالف الدولي قرب جرابلس بريف حلب الشرقي.

ويعتقد الحامد أن "العقال هو من كان المستهدف من ذلك الإنزال في جرابلس، ولكنه أفلت منه هو وشخص آخر يدعى (أبا إبراهيم السفراني) والذي كان مسؤولاً عن الاغتيالات في الشمال السوري، وغادرا بعدئذ منطقة جرابلس".

ويوم أمس الخميس، أعلنت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) مقتل منهل العقال، أحد قيادات تنظيم الدولة في سوريا، موضحة أن "العقال" الذي يعد ضمن أهم 5 قيادات "داعش" في سوريا، كان قد أصيب يوم 12 من تموز الجاري، خلال غارة استهدفت زعيم تنظيم "داعش" في سوريا "ماهر العقال".

ما تفسير وجود زعماء "داعش" شمال غربي سوريا؟

زعيما تنظيم الدولة "أبو بكر البغدادي" وخليفته "عبد الله قرداش"، قُتلا في وقت سابق بعمليتي إنزال جوي للولايات المتحدة، في كل من باريشا، وأطمة شمالي إدلب، الخاضعتين لسيطرة "هيئة تحرير الشام".

وبعد أيام من مقتل قرداش، قالت هيئة تحرير الشام إنها لم تكن تعلم بعملية الإنزال الجوي التي أسفرت عن مقتله، وإنها تجهل هوية الأشخاص الذين كانوا ضمن المنزل المستهدف، مضيفة أنها ترفض العملية، وأنها لن تسمح باستخدم "تنظيم الدولة" لمناطق سيطرتها.

وعن اغتيال "البغدادي"، قال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر جليك، إن الطائرات الأميركية التي نفذت عملية قتله انطلقت من شمالي حلب (درع الفرات)، مبينًا أن القوات المسلحة التركية وفرت التنسيق والدعم اللازم من لحظة إبلاغها بالمعلومات.

ويعتقد الخبير في الجماعات الإسلامية رائد الحامد، أن لجوء قادة التنظيم إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية، يعود إلى خسارة "داعش" مناطق نفوذه مع هزيمته في معركة الباغوز بدير الزور عام 2019، موضحاً أن هؤلاء القادة اضطروا للعيش في مناطق سيطرة الفصائل سواء مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام، أو نفوذ الجيش الوطني "متنكرين" يحملون بطاقات تعريف بأسماء مستعارة ومعلومات غير حقيقية.

وهناك أربعة أسباب تجعل هذه المناطق مفضلة لقادة تنظيم داعش للتخفي، وفقاً للباحث في شؤون الجماعات الجهادية، عبد الرحمن الحاج، وهي:

  • هذه المناطق تعاني من عدم وجود سلطة مركزية، وهو ما يجعل إمكانية التخفي والتنقل والنشاط أكبر من أي منطقة أخرى.
  • في هذه المنطقة بقايا تنظيم القاعدة والشبكة الجهادية التي فكك معظمها أبو محمد الجولاني وهي تمثل أيضاً سبباً آخر لكي يجد التنظيم أنصاراً وأعواناً يمكنه الاعتماد عليهم، لكن للمفارقة هذه الشبكة ذاتها ستلعب الدور الرئيسي في الإمساك بهم أو التعرف عليهم واغتيالهم.
  • معظم قادة التنظيم نزحوا إلى إدلب بعد سقوط "دولة داعش"، وبالتالي معظم من اعتقل منهم أو اغتيل جاء في تلك الفترة التي كانت فيها الشبكة الجهادية للتنظيم موجودة في إدلب سواء أكانت في شكل جند الأقصى أو لواء داوود سابقاً أو في شكل عناصر من التنظيم من سكان المنطقة أو في شكل عناصر سبق وجاؤوا متخفين إلى المنطقة بهدف تأمين ملاذات آمنة لقادة التنظيم وشبكتهم الجهادية الهاربة من شرق الفرات.
  • ربما كان لهيئة تحرير الشام عبر الصلات القديمة التي تربطها بالشبكة الجهادية دور في استدراجها إلى المنطقة كمصيدة، كجزء من الدور الذي يريده أبو محمد الجولاني لتصفية وجود المقاتلين الأجانب من جهة وتفكيك الشبكات الجهادية، وهي بالطبع تمثل هدايا ثمينة للإدارة الأميركية، وفي الوقت نفسه تخلصه من ألد خصومة.

هل باتت المنطقة ملاذاً آمناً للتنظيم؟

فسّر مراقبون لجوء زعماء تنظيم الدولة لمناطق شمال غربي سوريا وتنفيذ الولايات المتحدة عمليات أمنية ضدهم، على أن المنطقة باتت ملاذاً آمناً للتنظيم، في حين يرى آخرون أن القياس بهذا الشكل خاطئ، كون الأجهزة الأمنية سواء في هيئة تحرير الشام أو الجيش الوطني ألقت القبض على عشرات الخلايا التابعة لـ "داعش"، فضلاً عن أن عمليات التحالف ضد التنظيم لا تقتصر على مناطق المعارضة السورية، وتشمل مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

ويرجع الخبير في مجال الحركات الإسلامية، حسن أبو هنية، تفضيل زعماء "داعش" الوجود شمال غربي سوريا، على مناطق سيطرة "قسد" شمال شرقي سوريا، إلى أن الأخيرة مدعومة من التحالف الدولي وتحصل على دعم مادي كبير لمكافحة التنظيم، ومع ذلك هناك عجز لدى "قسد" بهذا المجال.

وفي شمال غربي سوريا، يقول "أبو هنية" في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، إن العجز بهذه المنطقة أوضح، إذ إن القوات هناك سواء التابعة للهيئة أو الجيش الوطني لا تمتلك جهازاً أمنياً هيكلياً إدارياً.

ووصف "أبو هنية" الوضع الأمني في المنطقة بـ "الهش"، بسبب قلة الدعم المقدم من الجانب التركي الذي لا يرقى لإنشاء أجهزة أمنية متينة ذات قيادة مركزية، لذا تجد خلايا "داعش" فرصة للتحرك، من خلال بطاقات شخصية مزورة، أو عبر استغلال الروابط الشخصية مع بعض القادة.

في السياق نفسه، قال الباحث رائد الحامد، في حديث مع موقع "تلفزيون سوريا": "استغل قادة وعناصر التنظيم بعد خسارتهم مناطق "التمكين" تدفق ملايين النازحين إلى الشمال السوري للعيش في أوساطهم وفي مناطق محددة في العادة، يغلب عليها طابع الكثافة العددية للنازحين على أعداد السكان الأصليين".

ويستبعد الحامد أن تكون هذه المناطق قد أصبحت ملاذاً آمناً لداعش، كون خلايا التنظيم معرضة لحملات أمنية من جهاز الأمن العام التابع لهيئة تحرير الشام، والأجهزة الأمنية في الجيش الوطني، وإن كان بمستوى وأداء أقل.

ونتج عن عملية أمنية نُفذت في المنطقة عام 2019، إلقاء القبض على شقيقة "أبي بكر البغدادي" مع زوجها في مدينة اعزاز شمالي سوريا في عملية أمنية، بحسب ما أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو.

وقال مسؤول تركي لوكالة رويترز حينذاك: إن رسمية عواد، أخت البغدادي البالغة من العمر 65 عاماً، اعتقلت في مداهمة قرب مدينة اعزاز القريبة من الحدود والتي تسيطر عليها تركيا، وكان بصحبتها أيضاً عند اعتقالها خمسة أطفال.

الجيش الوطني كان على دراية بـ"ماهر العقال"

اتهم "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، فصيل "أحرار الشرقية" العامل ضمن حركة التحرير والبناء في الجيش الوطني، بتسهيل دخول ماهر العقال من منطقة شرق الفرات إلى عفرين عام 2020، وبأنه يحمل هوية مزورة صادرة عن المجلس المحلي في عفرين، تحمل اسم شخص آخر.

ونفت حركة التحرير والبناء في بيان ما وجِه لها من اتهامات، مؤكدة أن الشخصية الإرهابية (المستهدفة) معروفة لدى البعض وتتابع بعض الجهات الأمنية خيوط حركتها للقضاء عليها".

وفي حديث مع موقع "تلفزيون سوريا"، ذكر عضو الجناح السياسي في حركة التحرير والبناء، زياد الخلف، أن "ماهر العقال" كان متابَعاً من بعض المكاتب الأمنية للجيش الوطني السوري، دون مزيد من التفاصيل حول هذه الجزئية.

وأشار الخلف، إلى أن حركة التحرير والبناء تنفي "الادعاءات الكاذبة التي لا تمت للواقع بصلة وغير مبنية على حقائق أو حتى معطيات منطقية"، حول عمل "ماهر العقال" في "أحرار الشرقية"، إحدى مكونات الحركة.

وأضاف أن جميع الفصائل العسكرية المنضوية تحت حركة التحرير والبناء كانت سباقة لقتال تنظيم "داعش"، وما زالت كحركة تتابع هذا النهج حتى القضاء على آخر عنصر في التنظيم.

وأردف: "المناطق المحررة في الشمال السوري هي أكثر الأماكن في سوريا ذات كثافة سكانية مرتفعة نسبياً، والسبب في ذلك موجات النزوح من جميع المحافظات السورية، لذلك تعمل المؤسسات الثورية سواء الجيش الوطني والحكومة المؤقتة وغيرها على تأمين هذه المنطقة التي تتعرض لضغط كبير من الأعداء سواء نظام الأسد وروسيا والميليشيات الإيرانية وقوات سوريا الديمقراطية، الذين يسهلون وصول العناصر والقيادات من التنظيم الإرهابي لهذه المنطقة".

واعتبر أن "الولايات المتحدة الأميركية تشرعن عملياتها العسكرية في سوريا تحت مسمى قتال الإرهاب، لذلك تسعى لتتبع قيادات التنظيم واستهدافهم، ضمن سياق التبريرات لبقاء وجودها العسكري سواء في سوريا أو العراق".

"اتهامات كيدية من جهة معادية"

ذكر مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني السوري، حسن الدغيم، أن اتهام الجيش الوطني بالتستر على "ماهر العقال" لا شك أنه اتهام سياسي كيدي كونه يأتي من "جهة معادية" وهي "قسد"، والغاية من ذلك - بحسب قوله - إرسال رسالة اعتماد بأن "قسد" هي من تقاتل الإرهاب وما "الجيش الوطني إلا نسخة إرهابية مكررة عن داعش والدليل مقتل قادتهم في مناطق الجيش الوطني أو إدلب".

وأضاف الدغيم لموقع "تلفزيون سوريا"، أن "هناك حرباً أمنية واشتباكاً مستمراً مع التنظيم، حيث قام الجيش الوطني ومؤسساته الأمنية بالكثير من العمليات الاستخبارية لتفكيك خلايا التنظيم والإيقاع بفلوله والاشتباك معهم وفق قواعد الاشتباك التي تمليها المسؤولية الوطنية وبحدود القانون الدولي الإنساني".

ولفت إلى أن وجود قادة أو أشخاص ينتمون لـ"داعش" في "المناطق المحررة"، يتم عن طريق التهريب، متهماً قسد "بإطلاق سراح بعض التكفيريين مقابل رُشاً مالية ضخمة، ثم إرسالهم للمناطق المحررة لإرباك المشهد وإرهاب الناس والاستفادة من ذلك إعلامياً وسياسياً".

وأردف أن "التنظيم الإرهابي داعش عنده قدرة على التجنيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويمكن أن يجند بعض الأشخاص ويعرض عليهم المناصب ويغدق لهم الأموال وهم بالأساس من الأشخاص العاديين تم تجنيدهم تغريراً أو تربحاً وارتزاقاً"، مضيفاً أنه "لا أمان لقادة داعش في المناطق المحررة، وهم بين قتيل وأسير وملاحق لأنهم أعداء للشعب وثورته".

ما تعليق هيئة تحرير الشام؟

قال المكتب الإعلامي التابع لهيئة تحرير الشام، في إفادة لموقع "تلفزيون سوريا"، إن منطقة شمال غربي سوريا وبالتحديد إدلب تعتبر من أفضل المناطق في محاربة تهديد "داعش"، ويشعر السكان في هذه المناطق بالأمن في منازلهم وأماكن عملهم.

وأشار المكتب إلى العديد من العمليات المميزة التي تم تحقيقها في الفترات الماضية ضد "داعش"، إلا أن السؤال يجب أن يكون كيف وصل كل من عناصر وقيادات "داعش" إلى هذه المناطق الثورية مروراً بمناطق "قسد" البعيدة المدعومة من الولايات المتحدة، وباقي المناطق، وذلك ما تعتبره الهيئة "عملاً متعمداً لبث الفوضى في المناطق المحررة الثورية".

وأضاف: "مع ذلك، فإن اختباء شخص ما في مكان أو منزل حيث لا يتحرك أو يخرج منه، ربما يمنحه فرصة للمكوث لفترة أطول، وبالتأكيد لا نقبل أو نسمح لأي شخصية تتبع لتنظيم داعش استخدام مناطقنا المحررة منطلقا لعملياته أو مكانا آمنا، وسنستمر بملاحقتهم".

وبالمقابل هناك نشاط واسع للتنظيم في مناطق سيطرة "قسد"، وآخرها العملية العسكرية على سجن غويران، وعمليات الإنزال المستمرة ضد "داعش" هناك، والتي تثبت وجودهم في منطقة شمال شرقي سوريا، بحسب المكتب الإعلامي للهيئة.

انعكاس الضربات الأميركية على أداء التنظيم

أكد الباحث عبد الرحمن الحاج، أن الضربات الأميركية تضعف التنظيم، وخصوصاً إذا كان المستهدف قادة الصف الأول كما هو الحال في الاغتيال الأخير، فاغتيال المسؤول الأمني الأهم في التنظيم سيؤثر بلا شك في حركة "داعش".

وثمة عدة رسائل في استهداف هؤلاء الزعماء، منها أن التنظيم بات مكشوفاً ولم يعد له ملاذ آمن، واستهدافهم مستمر، مما يضعف قدرة التنظيم على التجنيد ويقلل من إمكانية قيامه بعمليات عسكرية.

وأوضح أن قائد هيئة تحرير الشام أبا محمد الجولاني يقوم بمهمة، وكذلك الأتراك يقومون بمهمة مكافحة الإرهاب ومساعدة الولايات المتحدة في القضاء على التنظيم، فالشخصيات التي قُتلت من التنظيم كانت بمثابة هدايا من الجولاني، الذي كان يمكن له أن يقوم بعمليات اغتيالهم بسهولة ودون أن يستطيع أحد كشفها، لكنه فضّل أن يهديها للأميركيين للتقرب منهم والاعتراف به كقوة محلية يمكن الاعتماد عليها.

وفي الوضع الحالي، يعاني التنظيم من تآكل في قيادته، وفقدان الملاذ الآمن، وتآكل شبكة التجنيد، ونضوب الموارد المالية، ولم يعد أمام التنظيم سوى المناطق الصحراوية في جنوبي سوريا وقرب الحدود العراقية، وبحسب الباحث، يحتاج التنظيم بعض الوقت ليستعيد بعض قوته وينظم صفوفه، لكن استمرار استهداف قيادات الصف الأول والثاني سيعيق التنظيم لفترة طويلة وقد يجعل عودته مستحيلة إذا ما اتسع وتسارع استهداف قادته الأساسيين.

هجرة التنظيم إلى أفريقيا

يعتقد الخبير رائد الحامد أن قدرات التنظيم القتالية والمالية تراجعت كثيراً ولم يعد يمتلك ما يكفي من الإمكانيات ليشكل تهديداً جدياً لأمن واستقرار العراق وسوريا أو منطقة الشرق الأوسط والعالم الغربي.

واستدرك بأن هذا لا يعني نهاية خطر التنظيم الذي أصبح يتجه لتشكيل ولايات وفرض السيطرة على مناطق ومدن استراتيجية في ولايتي غرب ووسط أفريقيا ويدعو أتباعه للهجرة إلى هناك.

ويرى أن هجرة التنظيم إلى أفريقيا ليست الغاية، إنما هي حالة اضطرارية للبقاء بعيداً عن الملاحقات وإعادة ترتيب أوضاعه وبناء قدراته تمهيداً للعودة إلى المنطقة، وهذا قد لا يتحقق في المدى المنظور بل هناك حاجة لسنوات قد تصل إلى عقد كامل لمثل هذا الإعداد والتهيئة لاستعادة العمل على استراتيجياته بإقامة ما يسميها "دولة الخلافة الإسلامية" في دولة ما، أو أكثر من دولة بالمنطقة.