ورطة بوتين والمستنقع الأوكراني

2022.09.23 | 06:06 دمشق

ا
+A
حجم الخط
-A

أعلن الرئيس الروسي بوتين استدعاء الاحتياط ربما للمرة الأولى منذ بدء الحرب في أوكرانيا التي يطلق عليها "العملية العسكرية الخاصة" والتي امتدت الآن إلى ما يزيد  على سبعة أشهر، حيث تتعمق فيها أزمة روسيا فيما يتعلق بالسيطرة على الأراضي حيث غالبا ما قوبلت برد عسكري شرس من قبل أوكرانيا، وفيما يتعلق أيضا بإمدادت قواته التي انكشفت منذ اللحظة الأولى، حيث انهار الدعم اللوجستي واحتاجت إلى تغيير خططها العسكرية.

وأخيرا فقدان الموارد البشرية الضرورية للسيطرة على هذه الأراضي حيث ظهر الفيديو الأخير لزعيم مجموعة فاغنر الروسية التي تجند المرتزقة للقتال في الخارج ظهر من داخل أحد السجون الروسية واعدا السجناء بالحرية مقابل القتال في أوكرانيا، فيما اعتبر علامة واضحة على الأزمة التي يعانيها بوتين فيما يتعلق بالإمدادات البشرية لقواته.

على الجبهة الدولية عاد بوتين من مؤتمر منظمة شانغهاي للتعاون حيث يفترض أن يجتمع مع الحلفاء عاد خائبا وهو يتلقى الانتقادات من الرئيس الصيني ومن رئيس وزراء الهند مودي كلاهما كان بوتين يعتمد عليهما في سد العجز لتصدير الغاز من أوروبا إلى الهند والصين، لكن الانتقادات العلنية التي وجهوها لبوتين كانت أشبه بالصفعة على وجهه وهو لا يدرك أين ستنتهي به الأمور في أوكرانيا، وكعادة كل ديكتاتور عاد بوتين من الاجتماع ليتخذ قرارا ممعنا في حربه عبر استدعاء الاحتياط وتهديد الغرب باستخدام الأسلحة النووية وأكثر من ذلك بوضع لائمة الحرب على الغرب الذي يريد تدمير روسيا رغم أن عدوان بوتين على أوكرانيا كدولة ذات سيادة لا يجادل فيه أحد.

على الجبهة الدولية عاد بوتين من مؤتمر منظمة شانغهاي للتعاون حيث يفترض أن يجتمع مع الحلفاء عاد خائبا وهو يتلقى الانتقادات من الرئيس الصيني ومن رئيس وزراء الهند مودي

كل هذه العوامل العسكرية الداخلية والضغوطات الخارجية تعمق أزمة بوتين لدرجة تدفعه ربما إلى الزاوية وبدل التفكير في مخرج لهذه الأزمة فإنه يقوم بتعميقها عبر مزيد من إرسال القوات وتكرار المسرحيات الهزلية عبر إجراء الاستفتاء في هذه المناطق الأوكرانية من أجل الانضمام إلى روسيا، نفس السيناريو السابق الذي جرى في القرم وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها بالقوة العسكرية ثم تفرض نظام الحكم الخاص بها على هذه المناطق.

الآن، هناك سيناريوهان يمكن أن يحدثا بالاعتماد على طريقة تفكير بوتين وردة فعله خلال السنوات الماضية، الأول وهو المتوقع إصرار بوتين على الحرب وتجنيد المزيد من القوات والدخول في حرب مفتوحة كاملة مع أوكرانيا والغرب على الأرض الأوكرانية وبالتالي بدء عمليات القصف العشوائي على كل المدن الأوكرانية وهو ما سيدفع أوكرانيا لاستخدام الأسلحة بعيدة المدى التي حصلت عليها من الولايات المتحدة بما يهدد بتوسيع نطاق الحرب إلى روسيا ذاتها، ونقل أرض المعركة إلى الأرض الروسية.

أو وهذا هو السيناريو الثاني أن يدخل بوتين في مفاوضات من أجل إنهاء الحرب عبر شروط تمكنه فيها من إبقاء بعض القوات داخل الأراضي الأوكرانية وهو خيار من الصعب أن تقبل به القيادة الأوكرانية في ظل الزخم الذي حصلت عليه في الفترة الأخيرة وتحرير مناطق شاسعة من أراضيها من احتلال القوات الروسية في منطقة خاركيف وخلال فترة قياسية، ولذلك يبدو السيناريو الثاني مستبعدا وصعبا في ظل الميزات الشخصية التي أظهرها بوتين خلال السنوات الماضية ومن خلال دراسة الدور الروسي في سوريا.

يمكن القول إن الغرق الروسي في أوكرانيا سيتعمق ويصبح بوتين أكثر عزلة دوليا وهو ما يجعله كالقط الجريح المحشور في الزاوية دون أن يدرك أو يعقل طريقة للخروج من مأزقه سوى المزيد من القتال، بكل الأحوال ضعف روسيا في أوكرانيا هو إضعاف لروسيا في سوريا وربما يفتح فرصة للحل في سوريا إذا ما أدرك بوتين أن إمبراطورية القوة التي بناها بدأت بالانهيار.