هل يملك سيدك إمكانية الغضب أيها "النايب"؟

2020.05.22 | 00:01 دمشق

khald_bwd.png
+A
حجم الخط
-A

في الأسابيع الماضية، خرج علينا "النايب" العتيد المعروف لدى السوريين بصاحب "نظرية" الدوائر والمربعات، بمقالة يتساءل فيها ويجيب أيضاً عن ماذا لو غضب "سيده" الأسد من بوتين. وبالطبع جاء سؤاله هذا وأجوبته أيضاً رداً على الحملة الإعلامية التي تنشرها بعض المنافذ الإعلامية الروسية المقربة من دوائر الحكم عن الفساد المتأصل في تركيبة النظام السوري وإعاقته لأي تقدم ينشده الروس بعد أن دمروا مع الأسد ونظام إيران نصف البلاد، وهجروا كذلك نصف سكانه، وأيضاً استطلاعات الرأي التي بينت أن جمهور الأسد لا يتجاوز ثلث السوريين (32 في المئة)، فضلاً عن تسريب أخبار عن احتمال البحث عن بديل للأسد. ولم يكتفِ "النايب" بالتساؤل فقط، بل هدد قيصر الكرملين بأن جبال الساحل ستشتعل تحت قدميه وبين قواعده.

رغم إدراك "النايب"، أن سيده هو من طلب من بوتين في آب 2015 -بتشجيع من النظام الإيراني بشخصية القاتل سليماني- التدخل من دون شروط من طرفه إلا الحفاظ على كرسيه بأي ثمن كان، ووافق على كامل الشروط الروسية من استئجار أراضي لآجال طويلة وإقامة قواعد عليها، إلا أنه يدعي بأن الروس تدخلوا لمصلحتهم ولاستعادة دورهم ضمن خريطة الصراع الدولي. ويهدد بصيغة تساؤل آخر ماذا لو أعلنت سوريا على منبر الأمم المتحدة أن روسيا دولة احتلال...

اليوم، بعد ما يروج الطغاة من أنهم "انتصروا"، الذي يعني أن لم يتبق لهم ما يدمروه ولا من يقتلوهم بفعل عوامل دولية وإقليمية، فصار من حق "الحلفاء" الطغاة مطالبة سيدك بتقديم الثمن، وكما هو واضح للعلن أيها "النايب"، فسيدك أذعن، وقدّم كل ما طُلب منه. فقد رهن البلاد بمرافئها ونفطها وغازها وحتى ترابها للحلفاء، لكن كل ما قدّمه ليس كافياً بالنسبة لهم، فضلاً عن خلافهم على تقاسم البلاد أمام أعين سيدك وبمعيته وتواقيعه الشكلية، وهو أمر طبيعي بين حلفائكم الطغاة، ومن الطبيعي أن تتناسب الحصص والتطلعات لكل منهما مع القوة ومقدار الاستثمار. وأخيراً وضمن هذا السياق يأتي التصارع الذي تشهده الدائرة الداخلية (النواة الصلبة) للنظام اليوم، وأيضاً الاصطفافات، التي عبرّت بمقالتك "التهديدية" من أن الحليف الرئيس لنظامك هم إيران وحزب الله وليس روسيا التي تدخلت دفاعاً عن مصلحتها.

الأمر المهم الذي لا يدركه "النايب"، أن من يمكنه أن يغضب، هو شخص أو جهة تمتلك الإرادة والشجاعة، وهو الأمر المنفي تماماً عن سيدك، ولربما سفره الأول إلى موسكو في طائرة الشحن عام 2017، وزيارة بوتين الأولى لسورية في نهاية عام 2017- قاعدة حميميم، والمعاملة التي لاقاها سيدك من ضابط روسي، والزيارة الأخيرة في كانون الثاني 2020 لدمشق، وكيفية جلب سيدك لمقابلة "الضيف/ صاحب الدار"، تكشف بشكل قطعي دور ومكانة سيدك لدى بوتين ورجال جيشه، وكان من الأولى فيه إن كان يمتلك بقايا إرادة وكرامة أن يغضب وقتها، وأن تكتب أنت عن إمكانية إشعال جبال الساحل تحت أقدام بوتين، لكن الواضح أن الإرادة والكرامة أصبحتا أموراً سائلة جداً لدى نظامك، ولديك. كل هذا إذا استثنينا الرحلات "السياحية" للطيران الإسرائيلي فوق كل سوريا...

عندما أيقن أن أسلحته وكراهيته وعدوانيته لن تثني السوريين وأن كرسيه بدأ بالاهتزاز قرر استجلاب هؤلاء الطغاة الذين تسمونهم بالحلفاء

لكن المؤكد، أيها "النايب"، أن ما يملكه سيدك بدلاً عن الغضب، هو الحقد والعدوانية تجاه السوريين، فرداً على مطالبهم بالعيش في بلدهم بكرامة، في بلدٍ خال من الفساد والمحسوبية واللصوصية، حشد تجاههم كل الأسلحة التي يملكها من اعتقال وحصار وتجويع ورصاص وبراميل وصواريخ وكيمياوي وتهجير، وعندما أيقن أن أسلحته وكراهيته وعدوانيته لن تثني السوريين، وأن كرسيه بدأ بالاهتزاز، قرر استجلاب هؤلاء الطغاة، الذين تسمونهم بالحلفاء، لاستكمال مسيرته الإجرامية، فكانوا أكثر وحشية منه، إذ يتفاخر الكرملين بأنه أعاد لروسيا مكانتها وروّج جيداً لآلات القتل الروسية التي اُختبرَت في أجساد السوريين وفي بيوتهم، لكن كل ما يهم سيدك، ودعاته أنه "انتصر" وبقي في كرسيه، من دون أن ننسَ دور نظام إيران والميليشيات الطائفية التي استجلبوها من كل أصقاع الأرض في حربهم ضد السوريين التي لا يليق بها إلا أنها حرب إبادة حقيقية.

واليوم، صار واضحاً للجميع، وحتى لحلفائكم، أن سيدك وحيتان المال هم من يعيق عملية استثمار تدميره وتدميرهم للبلاد، وبالتالي تماشياً مع مصالحهم أولاً، يطرحون مصيره على البازار، ويحاولون تصفية كبار الحيتان لمصلحة نخبة تتوافق أكثر مع رؤية روسيا لما بعد الدمار، وحالما يجدون الثمن سيكون مصيره مثل مصير كثير من الطغاة قبله، الذين ضحى بهم أسيادهم. وما تشهده اليوم من صراع بين لصوص البلد وسيدك، إضافة للتسريبات الإعلامية ما هي إلا المرحلة التي تسبق اقتلاعه. ولتحمد الله أيها "النايب" للظروف الحالية حيث ينشغل العالم في التعامل مع فيروس كورونا، التي تؤخر مصير سيدك ومصيرك إلى حين، لكن تأكد أنه زائل، وسننتظر إن كنت حينها ستغضب أم أن تلك المشاعر لم يعد لها وجوداً لديك ولدى أمثالك من المبررين.